العدد 2574 - الأربعاء 23 سبتمبر 2009م الموافق 04 شوال 1430هـ

لنغتم هذه الفرصة

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن خير الهدي هدي محمد (ص)، وقد كان يستعيذ بالله من الهم والحزن، يعجبه الفأل، دائم البشر، كثير التبسم.

إن مناسبة العيد هي الأقرب للتفكير بواقع المسلمين، بكل ما يعنيه ذلك من معرفة بطبيعة العصر، ومشكلات البشر، والقوى الفاعلة والمؤثرة من جمعيات دعوية وخيرية وسياسية (الظاهرة والخفية)، لتكون هذه المعرفة مساعدة في رعاية المواطن ومصالحة، وفي دفع المفاسد والأخطار، فإذا كان معني فرحة العيد في الإسلام من ضمنها النظر بعين المسئولية فيكون الوعي لزاما لكل ما تقدم، حيث إننا بحاجة إلى أن نجعل من هذا العيد فرصة لدفق الأمل في قلوب أحبطها اليأس، وأحبطها القنوط، وتبدت مظاهر اليأس في صور شتى، منها سرعة تصديق كواذب الأخبار، وقتل الأوقات في رواية الإشاعات، التي هي أمان تروى على شكل أخبار من مصادر موهومة تسمى موثوقة.

وهكذا في سلسلة من الإشكالات التي تدل على التخبط. وعلى المسلم أن يقر بأن عمر الإسلام أطول من أعمارنا، وآفاق الإسلام أوسع من أوطاننا، حيث للعيد فرحة ظاهرة وهي مظاهر الفرح التي نبديها في هذا اليوم العظيم الذي أمرنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نلبس أفضل الثياب ونتطيب بأفضل الطيب. كما أننا نتبادل التهاني وزيارة الأقارب والأحبة مزينة بفرحة أطفالنا في هذا اليوم.

ما أود هنا أن أشير إليه هو الابتعاد عن الممارسات السلبية التي قد تتسبب في تعكير فرحة العيد، وهي تصديق الإشاعات وعدم تجاوز الخلافات الأسرية أو الشخصية في هذا اليوم العظيم، الذي نستقبله بفرح وسرور خاصة بعد فرحتنا المعنوية وهي الفرحة الروحانية التي يجنيها المسلم عندما يجتهد في عمل الطاعات في شهر رمضان الفضيل، من صيام وقيام وبذل الصدقات ليفوز بجائزة الطاعة والقبول من رب كريم.

أقول هذا لأن كثيرا من الناس يفرح في يوم العيد وهو لم يحدد السبب لهذا الفرح، ومنهم من يفرح لأسباب ليست باعثة للفرح، والحقيقة أن يوم العيد يوم فرح وسرور شرعا وعرفا، لما حصل لنا فيه من خير عظيم وزال عنا فيه من شر كثير، حيث سبقه شهر رمضان، تلك المرحلة الزمنية الفاضلة المباركة الذي جعلها الله تعالى فرصة عظيمة واسعة للمسلمين للتخلص من أوزارهم وآثامهم ومضاعفة أجرهم، ولهذا قد قيل ما فرح أحد بغير الله إلا لغفلة عن الله، فهناك من يفرح بلهوه وهواه والمؤمن يفرح بقربه من مولاه. ولهذا على المسلم أن يعرف المعنى الصحيح لمعنى فرحة العيد ولتكن مظهرا من مظاهر العبادة والعمل بشكر الله جل علاه، والثناء عليه واللهج بذكره، هذا ما يتعلق بالمسلم المسئول عن أهل بيته فقط، أما من يتحمل مسئولية شئون المسلم فأقول: إن غياب الوعي بواقع ما يفرح المسلمين يعني اضطراب وتعثر في الإحساس بهموم الناس، وهي حالة شبيهة بحالة فقدان الوزن وانعدام الرؤية، ونتيجته تفاقم وتعاظم الحاجة بينهم وحولهم. وبالتالي ضعفهم وتعطل دورهم كأمة ظاهرة بين الأمم، آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر، شاهدة على الناس.

وكي لا يتسم المسئول بالقصور البالغ، فيرى الفساد ولا يعرف سببه، ويقرأ التاريخ ولا يكتشف عبره، ويقال له إن لنا ماضيا عزيزا فلا يعرف سر هذه العزة، أو يقال له انهزمنا في عصر كذا فلا يدرك سبب الكبوة، لهذا فهذه مناسبة ليغتنم هذه الفرصة لمعرفة الواقع، ويرصد جوانب القوى المؤثرة فيه، ولا بد من رصده للأحداث وتحليلها واستكشاف خلفياتها وأبعادها، ولا بد من معرفة مشاريع الآخرين والتجارب التغييرية المختلفة، لاستكشاف أسباب نجاحها إن نجحت، أو فشلها إن فشلت، لنتمم فرحة المسلم في يوم العيد بإحساسنا بما يتحمل من أعباء اقتصادية مستقبلية خاصة والمدارس على الأبواب ناهيك عن تأخر الراتب المقبل، فجلّ ما يطمح له المسلم هو العيش الكريم والمتمثل في المقام الأول رعاية أسرته ماديا بعز وكرامة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2574 - الأربعاء 23 سبتمبر 2009م الموافق 04 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً