العدد 2311 - الجمعة 02 يناير 2009م الموافق 05 محرم 1430هـ

مسرحيات مقابلات التوظيف!(منوعات)

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

لكل شخص منا هواية اختارها من بين الهوايات فهو يحبها كثيرا، ويفرح عندما يحصل على شيء جديد يخصها ليضيفه إلى مجموعته، كأولئك الذين يجمعون العملات أو الطوابع، ونظرائهم ممن يحبون جمع الأعمال التراثية... إلا أنه، وفي مقابل ذلك، هناك أشخاص أجبرهم الزمن على اتباع هوايتهم على رغم أن الجديد منها يحزنهم، وذلك وفقا لمبدأ «مجبر أخاك لا بطل»... أتعلمون من هم أولئك الأشخاص أصحاب هذه الهواية الغريبة؟!... هم أولئك العاطلون عن العمل الذي أرسلوا أوراقهم الشخصية إلى غالبية الشركات والمؤسسات والوزارت «طمعا» في الحصول على شاغر ما هنا أو هناك، أما هوايتهم فهي جمع «رسائل الاعتذار» التي ترسلها إليهم تلك الشركات بعد المقابلة الشخصية التي يحضرها ذلك العاطل على أنها «باب الفرج»، ولكنه يفاجأ بعد أسبوع برسالة من جهة الشاغر الذي تقدم إليه، كُتب فيها ما معناه «نأسف إذ لم تتمكن من الحصول على الشاغر الفلاني في الوزارة أو المؤسسة أو الشركة، وشكرا لتقديمك الطلب».

أعرف شابين بحرينيين أحدهما عاطل والآخر يشغل وظيفة لا تتناسب مع مؤهلاته العلمية، والاثنان من محبي جمع ليس الطوابع طبعا (وإنما هم من منفقي الطوابع، إذ في الأسبوع الواحد يرسلون 5 أو ست رسائل تطمح إلى عرض الشواغر في الشركات أو المؤسسات، وذلك عبر البريد، وهذا ما قد يكلفهم طابعا بريديا)، هوايتهما التي اتفقا عليها هي المنافسة في جمع «رسائل الاعتذار الوظيفية»، فالعاطل لديه ما يقارب 24 رسالة، هذا بخلاف المؤسسات أو الشركات أو الهيئات أو الوزارات التي لا تكلف نفسها عناء إرسال «رسائل اعتذار» لمقدمي الطلبات. أما الشاب الآخر الذي يشغل وظيفة ما، فهو يملك حتى الآن خمس عشرة رسالة فقط، وكما يقول: «... والبقية تأتي».

سألت الشابين يوما: متى ستتركان هذه الهواية التي أجبرتكما الحياة على اتخاذها هواية؟!، فأجاباني: سنتركها في حالتين، الأولى إذا حصلنا على وظيفة تتناسب مع طموحاتنا ومؤهلاتنا، أما الثانية فسنتركها إذ صحا ضمير أولئك المعنيين بالتوظيف (لا نقصد الجميع طبعا)، وإنما أولئك الذين يحيكون السيناريوهات المسرحية التي يجبروننا على التمثيل فيها، مستغلين في ذلك حاجتنا الوظيفية.

سألتهما: وما تلك المسرحيات؟!، فردوا بابتسامة، تخفي من ورائها أحزانا وعبرات: هي موضة جديدة دخلت على خط التوظيف، فبعد ن تتدخل «الواو» في توظيف شخص ما، تأتي دور مسرحيات التوظيف التي عادت ما يكون الغرض منها التمويه، وحتى لا يقال إن الشركة أو الإدارة الفلانية أو الوزارة أو الهيئة لم تقم بالمقابلات وأخذت فلانا بـ «الواسطة»، يتصل بعدد مختار ممن تقدموا بأوراقهم، وذلك ليقوموا بأداء دورهم في مسرحية هم يجهلون أنهم «أبطالها المنتخبون»، ولكننا من خبرتنا عرفنا طعم المسرحيات... وأنت في المقابلة تُسأل أربعة أسئلة حفظنا إجاباتها وهي: حدثنا عن نفسك؟!، هل تجيد استخدام الكمبيوتر؟! وسؤالان آخران الأول مرتبط بالمرتب الشهري والآخر مرتبط بالتوظيف، وهو عادة ما يكون ماذا ستفعل لو شغلت هذه الوظيفة؟!... علما أن مدة المقابلة عشر دقائق فقط.

لم أجرب يوما «مرارة طعم رسائل الاعتذار» وهذا ما أحمد الله عليه، ومع هذا أستطيع تجرع مرارتها من تلك الوجوه التي أوشكت أن تسود من مرارة الرسالة والزمن، وعليه فإنني أعتقد أن أفضل حل لمثل هذه الرسائل، هو أن نرفع أيدينا وندعو الله أن يجنبنا مرارة «رسائل الاعتذار» وأن يرسل إلى من يحب من عباده رسائل التطمين والتوظيف.

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 2311 - الجمعة 02 يناير 2009م الموافق 05 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً