ما زال المشرف الإداري في مدارسنا يعيش ازداوجية في عمله، ولا يدري هل هو ينتمي إلى الهيئة الإدارية أم الهيئة التعليمية، تارة يحاسب بأنه إداري، ويطلب منه أن يقوم بمتابعة الطالب سلوكيا وتربويا وتعليميا وانضباطيا، وعليه أن يتواصل مع المعلمين والطلبة وأولياء الأمور بمختلف الوسائل المتاحة لديه، وعليه وضع الحلول لكل المشكلات التربوية التي تعيق العملية التربوية والتعليمية في مفاصلها المختلفة، وتارة أخرى يحاسب بأنه معلم عليه ما على المعلم من التزامات صفية وغير صفية، من دخول حصص وتحضير وشرح الدروس ورصد الدرجات وإعداد وإجراء وتصحيح الامتحانات والتواصل مع أولياء الأمور، ووضع برنامج للارتقاء بمستويات الطلبة في جانبيها التربوي والتعليمي، وإعداد الوسائل التعليمية المختلفة، على الرغم من بحث مصير هذه الفئة من جهات تربوية مختلفة منذ زمن ليس بالقريب، إلا أنها لم تجد حلا لمشكلتها، في كثير من الأوقات يعيش المشرف الإداري الاضطراب النفسي، وخصوصا إذا ما حدثت مشكلة تربوية في وقت يقترب من وقت زمن الحصة التي كلف بالتدريس فيها، لا يدري، أيترك المشكلة معلقة ويذهب إلى حصته، أم يبقى لحلها ولا يذهب إلى حصته، كلاهما أمر من الآخر، ليس في الصالح التربوي أن يترك المشكلة معلقة من دون حل في وقت تحتاج فيه المشكلة إلى متابعة حثيثة، وليس من الأصلح أن يضحي بحصته التي لها أهمية قصوى بالنسبة للطالب، فالبعض منهم يرجح أنه يتابع في حل المشكلة حتى ولو كان ذلك يؤثر على مستوى الطلبة في الجانبين التربوي والتعليمي، والبعض يفضل دخول الحصة على البقاء لحل هذه المشكلة أو تلك، فالأول والثاني لهما سلبيات كثيرة، هذا اللغز المحير أقصد وضع المشرف الإداري يحتاج إلى حل تربوي ناجع، يعرف من خلاله المشرف الإداري، هل هو من ضمن الهيكل الإداري أم أنه من ضمن الهيئة التعليمية؟ إذا قيل له أنك من الإداريين، يعني ذلك أنه لا يتحمل مسئولية التعليم حتى في أدنى مستوياته، وإذا قيل له أنك معلم، فإنه لا يحمل مسئولية ما يحدث في الجانب الإداري في صورها المختلفة، ولا يتحمل رفع تقريرعن حضورالمعلمين أوعدمه إلى حصصهم، ولا يتحمل رصد غياب وحضور الطلبة طوال اليوم الدراسي، ولا يتحمل ما يحدث من مشكلات تربوية أثناء وجوده في حصته، إذا ما حدث هذا الأمر، بالتأكيد لن يستقيم الانضباط الطلابي كما يجب، نقول لا بد من وصف وظيفي واضح لهذه الفئة التربوية، وإلا ستستمر هذه الازدواجية التربوية التي بالتأكيد تؤثر سلبا على العمليتين التربوية والتعليمية، شئنا ذلك أم أبينا، من الضروري حسم هذه المسألة تربويا، ووضع النقاط على الحروف كما يقولون، هذا إذا ما أردنا الفائدة إلى العمليتين التربوية والتعليمية، بقاء حال هذه الفئة كما هو عليه الآن، لا يتناسب مع ما تنشده وزارة التربية والتعليم من تطوير ونماء للتعليم، فلهذا لا بد من وضع معايير لهذه المهنة، ولا بد أن يكون تعيين المشرف الإداري يأتي من إدارات التعليم رسميا، في حال تعيين المعلم مشرفا إداريا، تربويا يعد ترقية لذلك المعلم، وليس كما هو الحال الآن، لا يتغير ولا يتبدل وضعه المهني، لا ماديا ولا معنويا، لسنا في مجال التحدث عن الخطوات التربوية التي من المفترض أن تطبق في هذه الزاوية، فالأمر متروك إلى ذوي الاختصاص تحديد ما يلزم لهذه المسألة.
سلمان سالم
العدد 2312 - السبت 03 يناير 2009م الموافق 06 محرم 1430هـ