العدد 312 - الإثنين 14 يوليو 2003م الموافق 14 جمادى الأولى 1424هـ

يطاردون الإرهاب في أفغانستان والعراق... والإرهاب يعشش في أرضهم!

سلمان عبدالحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب

هل تذكرون «تيموثي ماكفاي»؟ إنه الإرهابي الأميركي الذي فجر مقرا يتبع الحكومة الأميركية في ولاية أوكلاهوما وأودى بحياة العشرات من الأبرياء في التسعينات. لم يكن ماكفاي هذا تابعا لتنظيم القاعدة! بل منتميا إلى إحدى الميليشيات المسلحة ذات الآراء المتطرفة، والتي تشكل جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع الأميركي!

وهل تذكرون حوادث القتل الجماعي في داخل أميركا، والتي ترتكب من حين لآخر بأيد أميركية، لأسباب تافهة، من قبيل الفشل في علاقة عاطفية! أو سوء تفاهم مع المدرس في المدرسة أو الجامعة!

وهل تتابعون البرامج والأفلام الوثائقية التي تعرض حوادث وقصص الإجرام العجيبة في المجتمع الأميركي، والتي يبلغ عدد ضحاياها سنويا أضعاف ضحايا 11 سبتمبر/أيلول!

بالرجوع إلى الدراسات والاحصاءات الأكاديمية والرسمية التي تنشر من حين لآخر، ومنها ما أقر به البروفيسور «كاليفانو»، أحد رجال البحث العلمي المعاصرين والمطّلعين في أميركا، تستوقفنا هذه الأرقام والحقائق المفزعة:

- عن جرائم العنف والقتل في أميركا، فيكفي أن نعلم - وباختصار- أنه يقتل في هذا البلد يوميا حوالي (65) شخصا بسبب العنف وجرائمه، ويجرح للسبب نفسه أكثر من ستة آلاف شخص أميركي. أي حوالي (24 ألف) قتيل في السنة، وأكثر من (مليوني) جريح!

- بالنسبة لجرائم الاغتصاب، فتؤكد بعض الدراسات أن ممارسة هذه الجريمة قد شاعت لدرجة أن حوالي (22 في المئة) من النساء في أميركا يذهبن ضحايا لها.

- يموت في هذا البلد قرابة (مئة ألف) إنسان سنويا بسبب تعاطي الكحول، وأن (40 في المئة) من مصائب وويلات حوادث السير المروعة، تعود إلى معاقرة هذه المادة السامة.

- في هذا البلد الديمقراطي الحر (!) تشيع ظاهرة إهانة الكبار والصغار لدرجة أنه سجل في العام 1982 لوحده حوالي (5,2 مليون) حال إهانة في أوساط الكبار دون سواهم، أما عن ظاهرة إهانة الصغار والاعتداء عليهم بدنيا وعاطفيا ولفظيا وجنسيا فحدث ولا حرج.

أما التقرير الذي نشرته وزارة العدل الأميركية في يونيو/حزيران العام 1994 عن معدلات الجرائم في المجتمع الأميركي، فهو تقرير مخيف أشار إلى أن عدد الفتيات اللائي اغتصبن وهن دون الثامنة عشرة في مدينة واشنطن (عاصمة مكافحة الإرهاب!) وإحدى عشر ولاية أخرى خلال العام 1992 قد بلغ (عشرة آلاف) فتاة، وأن (3800) منهن كن دون الثانية عشرة. والحقيقة الأكثر رعبا أن (20 في المئة) من هؤلاء الفتيات قد اغتصبن من قبل آبائهن، و (26 في المئة) قد اغتصبن من قبل أقارب لهن!

أما بالنسبة لعالم الجريمة في الولايات المتحدة، فإن جرائم القتل تشكل رعبا مخيفا، وإرهابا عظيما يجعل سكان كثير من المدن الأميركية يعيشون حال من حظر التجوال التلقائي تبدأ من غروب الشمس وحتى شروقها.

ومن الحقائق التي ينقلها أحمد منصور في كتابه «سقوط الحضارة الغربية، رؤية من الداخل» أن صحيفة «Today USA» أكبر الصحف الأميركية انتشارا، وبالاشتراك مع معهد (جالوب) ومحطة «CNN» الإخبارية قد ذكرت أن نسبة الجريمة في الولايات المتحدة تعتبر هي الأعلى بين بلدان نصف الكرة الغربي، ففي الوقت الذي بلغت فيه النسبة بين كل مئة ألف شخص (37 في المئة) في الولايات المتحدة، لم تتعد النسبة حوالي (4 في المئة) في إيطاليا، وأقل من (2 في المئة) في السويد، و(9 في المئة) في فرنسا، و(9 في المئة) في كندا، و(6 في المئة) في بريطانيا.

وتلعب الجرائم ذات الطابع العنصري، والإرهاب العنصري دورا كبيرا في ازدياد مساحة عالم الجريمة في هذه الدولة التي تريد محاربة الإرهاب في ديار المسلمين! فمن خلال تقرير نشرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية في 20/6/1994 تبين ما يلي:

- عدد الأميركيين الذين قتلوا في مدينة نيو أورليانز وحدها خلال الخمس سنوات الماضية (لنشر التقرير) قد بلغ (1500) أميركي، بينهم (38) من البيض فقط، وهناك نسبة مشابهة أيضا في واشنطن.

- أما عدد القتلى من السود في أميركا العام 1992 فقد بلغ أكثر من (11000) قتيل، بينما لم يتعد عدد البيض (10600) قتيل على رغم من أن نسبة السود في الولايات المتحدة لا تزيد عن (12 في المئة) من عدد السكان .

ويذكر أحمد منصور (المصدر السابق) أن الكونجرس الأميركي في منتصف مايو/أيار 1994 قام بالتصويت على حظر محدود لاستخدام السلاح، إلا أن لوبي الأسلحة الذي يمثل ثقلا كبيرا في المجتمع الأميركي ويضم حوالي ثلاثة ملايين تاجر سلاح! وله إمكانات مادية ضخمة تؤثر في صناعة القرار كان للكونجرس بالمرصاد.

أما البروفيسور جاك ليفين، وهو أستاذ في جامعة (نورث أليسترن) بولاية ماساتشوستس فقد علق على الأرقام التي أعلنتها وزارة العدل الأميركية قائلا: «إن هذه الأرقام تمثل الهدوء الذي يسبق العاصفة التي ستواجهنا في العقد المقبل».

العقد المقبل الذي عناه البروفيسور هو العقد الحالي الذي نعيشه، ولا يزالون مصرين على مطاردة الإرهاب في بقاع الأرض القاصية، مع أن... فاقد الشيء لا يعطيه

إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"

العدد 312 - الإثنين 14 يوليو 2003م الموافق 14 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً