العدد 317 - السبت 19 يوليو 2003م الموافق 19 جمادى الأولى 1424هـ

حين يشعر الأبناء بالظلم

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

يبذل الآباء والأمهات قصارى جهدهم في ألا يفضل أحد من الأبناء على الآخر ولا يتميز بمعاملة خاصة مهما يكن وضعه الصحي أو النفسي أو الترتيبي بينهم. ولكن قد تميل شعرة الميزان ويفضل على إخوته ولو بطريقة لا شعورية الأمر الذي يزعزع الأمن والاستقرار في الأسرة، ويشعل نار الغيرة بين الإخوان فتيل الحرب الباردة فيكره كل منهما الآخر ويحاول النيل منه بصورة أو بأخرى وغالبا ما يكون الابن المفضل هو الاقوى، اذ يضمن السلطة الى جانبه... فاذا نشبت الحرب ولم يحاول الطرف الذي يشعر بالظلم وعدم المساواة الدفاع عن نفسه وتوضيح الأمورلوالديه وفضل الصمت على الكلام فالمصيبة أكبر؛ اذ تتزايد معاناته يوما بعد يوم. وفي هذه الحال أمامه طريقان، الاول الاستسلام والسلبية والضعف فيكبر بشخصية مهزوزة غير واثقة بخطواتها. والثاني ان يتحول الى شيطان متمرد متسلط لا يحترم نفسه ولا الآخرين، يأخذ كل ما يريد بالقوة والبطش ويكبر كارها أخاه الذي استحوذ على رعاية وحب والديه وحرمانه من أبسط حقوقه في الحب والعدل والمساواة. وفي الحقيقة أصبح العالم كله يطالب بالعدل والمساواة وفي جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى في علاقاتنا العامة والخاصة لأنهما ركيزة الأمان والاطمئنان والمحبة والاخاء. وفي اعتقادي ان الآباء والأمهات أكثر الناس حرصا على هذا الجانب الانساني بين ابنائهم وبناتهم لانهم يدركون نتائج الاحساس بالظلم بين الابناء وما يتولد عنه من مرارة وتعاسة قد ترافقهم مدى الحياة، أو ربما تقودهم الى الانحراف والاجرام، أو ان يرتكب الابن حماقات في حق والديه تهز الاعماق وتدمر الوجدان وذلك تحت وطأة احساسه بأن ظلما قد وقع عليه، ولا اعتقد ان ظلم الآباء أمر متعمد حتى وان كان هناك ميل واضح لاحد من الأولاد ويميز على إخوته فقد يميل احد الوالدين أو كلاهما بعاطفته للابن البكر كونه بشارة السعادة والتجربة التربوية الأولى. ولكنه شعور ممتزج بالشقاء لانه غير ارادي وربما يولد لديهما احساسا بالذنب وفي الوقت نفسه هو حب لا تراجع فيه ولكن الواجب الأبوي يحتم عليهما توزيع الحب والرعاية بعدالة بالغة بين الابناء حتى في كلمات المدح والثناء البسيطة. وفيما يتعلق بحب الابن الاصغر المتعلق بأمه من أجل الأمن وبحكم الجاذبية الحسية والروحية التي تحكم علاقتهما الحميمة. وهناك بعض الآباء يميلون بعاطفتهم الى الأبناء الذكور دون الاناث لانهم امتداد للنسل والأصل والاسم، ولانهم الاقوى ويجب ان يتمتعوا بحقوق أوفر ليخرجوا الى معركة المسئولية الحياتية وهم متمكنون من ادارة شئونهم. أما الفتاة فإنها تركن إلى الجلوس في البيت بلا حول ولا قوة بهدوء واستقرار واعتماد كلي على والديها. وهذا يتعارض مع أبناء هذا القرن؛ فقد تساوى الجنسان في المسئوليات وأعباء الحياة ويجب ان يتساويا في الحقوق ايضا.

كما قلت إن هناك احساسا لا شعوريا قد ينتاب الآباء يدفعهم الى تفضيل ابن على الآخر ولكن لوقت محدد أو لموقف معين يزول بزواله... قد يكون لاجتهاده أو تفوقه أو حسن تصرفه في موقف ما.. الخ. فيا بني (فادي) إن احساسك بظلم والدك قد يكون خاطئا لانكم جميعا فلذات كبده. أما قولك إن اسطورة الأخ الاصغر لن تنتهي فكلما كبر مازال والداك يعتبرانه الاصغر وتبقى انت تنتظر الفائض من حبه لتسد به رمق تعطشك لمحبة وعطف وحنان والديك... فلوالديك أقول: رفقا بابنكما الاوسط انه يتألم يتعذب ويصمت. لم يرتكب جرما لانه الاوسط. إن الحب الأبوي تفانٍ صادق وينبغي ان يوزع على أولادكما بالعدل؛ لكل منهم نصيب لا يقل ولا يزيد عن نصيب اخته أو أخيه فإنهم ابناؤكم والى الأبد

العدد 317 - السبت 19 يوليو 2003م الموافق 19 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً