مع هبوب النسيم البارد في باحة جامعة ولاية انديانا الأميركية، هبت معركة دينية بين الطالبة البحرينية بتول العلوي (سنة ثانية بكالوريوس تكنولوجيا المختبر الطبي) والمُبشر المسيحي جيد سموك ، وانتهت المعركة الحوارية بخيبة حقيقية لمن أعطى لنفسه حق مُصادرة الفكر الآخر والتلذذ بقمعه وإلغائه.
اعتاد المبشر سموك على أن يجوب أرجاء الجامعة وأن يعتدي على الدين الاسلامي بألفاظ وألقاب نابية، واعتاد على أن يصمت عنه الجميع ويتركوه وشأنه، أخذ يسرح ويمرح في باحة الجامعة حاملا الإنجيل في يد والقرآن في يد أخرى، وكان يتلو من كلاهما ما قد يسيء إلى الإسلام بحسب تفكيره، ويبدو أنه تعب من الحراك فاعتلى المنصة وأخذ يخطب في الطلبة المتناثرين في باحة الجامعة، يستقر ثم يقول:«كل المسلمين سيذهبون إلى الجحيم... إن الله إله مزيف»!!.
ما هي إلا دقائق حتى تحلق الطلبة حوله، سمعه احد المسلمين العرب فاتصل إلى العلوي التي وعدته بالمجيء فورا، وتقدمت بخطوات واثقة لتفهمه ما كان غائبا عن ذهنه، اقتربت نحوه لتمارس (حقها) في الرد عليه تجاه ما يمارسه نحو ديانتها من (إقصاء متعمد).
وقتئذ قالت العلوي بصوت حاولت أن يبدو متزنا: «ليس لديك الحق في إهانة المعتقدات الأخرى إن لم تتفق مع معتقدك».
وأخذ المبشر الآخر فولكنر في الصراخ المستفز... وتقدمت العلوي برفقة زميليها إليه، فاستهزأ متهكما: «كيف تسمحون لامرأة أن تتكلم بلسانكم...؟ إنكم كلاب تقودها امرأة». تمالكت العلوي أعصابها وأردفت: «لقد كرم الله المرأة وأعطاها حقوقها كاملة، وارتقى بها وبرأيها لذلك لا فرق لدينا في أن تحاورك امرأة أو يحاورك رجل».
وردا على ذلك قال فولكنر: لا يجب علي الاستماع إليها لكونها ليست زوجته!.
وضاعف سموك من حدة الحوار واصفا المسلمين «بأطفال الشيطان». ثارت ثائرة العلوي وحمى وطيس النقاش بينها وبين المبشر إلى أن فضَّت شرطة الجامعة النقاش وطلبت من المبشرَين سموك وفولكنر أن يتركا الحرم الجامعي، إذ علا صوت الملازم ايرل دوستون وهو يحاول الفصل بين سموك والعلوي: «كفى... انتهت المسالة».
قال سموك (مجددا) رافعا القرآن: «انتم المسلمون ستذهبون الى النار والجحيم».
وحينما صرخ أحد الطلبة في وجه فولكنر: «لقد رفعت قبضتك في وجه مسلم»، فرد عليه: «لقد أُثرت من قبل مسلم قبيح».
بعد أن ابتعد المبشران أخذت تشرح العلوي للحشد معنى اسمها وقالت: «اسم بتول يعني أحد أسماء السيدة مريم العذراء، ما يدل على أن الإسلام يقبل الديانة المسيحية ولا يرفضها.
وبكل عنفوان: «أنا أدافع عن ديانتي، أنا فخورة بأن أكون مسلمة كما أنتم فخورون لأنكم مسيحيون. وقد أثارت حادثة (المعركة الدينية) الرأي العام في أوساط الجامعة وعقدت ندوتان فيها تتحدثان عن حقوق الإنسان في الإسلام.
وفي اتصال هاتفي مع «الوسط» قالت العلوي: «لقد اتهموا الإسلام بأنه عدو ولا يحق لهم أن يهاجموا الأديان الأخرى والدين الإسلامي».
وأضافت: «تاريخنا الاسلامي الزاهر سطر لنا مواقف التعاطي مع الآخر ... كثيرون قد أسلموا نتيجة الدخول معهم في سجالات معرفية وفكرية، وخير مثال على ذلك عصر الامام جعفر الصادق (ع) الذي يُعد عصرا ذهبيا في تجسيد حق الآخر في الاستماع اليه والتحاور معه، وبلورة حرية الفكر بكل ما تحمل من معان».
من الواجب احترام حرية الدين والمعتقد واعتناق الآراء دون فضاضة تُذكر كما نصت على ذلك الشرعة الدولية لحقوق الإنسان... الغريب أن المُبشر ينتمي الى بلد لا تنقصه القوانين في احترام هذه الحقوق الإنسانية الاساسية
العدد 378 - الخميس 18 سبتمبر 2003م الموافق 22 رجب 1424هـ