كواحدة من ملايين البشر الذين تابعوا مراسيم تسلّم الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الاميركية باراك حسين أوباما، فإن الشعور بالتفاؤل وبأن عصرا جديدا ربما قد بدأ أمام أعيننا، وكنت أنتظر لأسمع إذا كان أوباما سيذكر اسمه الآخر، وهو حسين، وبالفعل فإنه لم يخجل من اسمه وأقسم لخدمة شعبه وأعطى العالم صورة أخرى يمكن تحقيقها عندما تسود مبادئ الديمقراطية.

أوباما وجّه في خطابه نداء للعالم الإسلامي، وهي التفاتة جميلة، وإشارة إلى أن امتلاك القوة لايعطي الحق لأية جهة أن تفعل ما تشاء، وإنما الاحترام المتبادل ورعاية المصالح المشتركة وإفساح المجال للسياسة القائمة على مبادئ إنسانية لتأخذ مجراها.

ربما إن هذه المبادئ السامية لا تلتزم بها أميركا في بلداننا لأسباب تطرقت إليها الأدبيات خلال العقود الماضية ووسائل الإعلام، ولكن مع كل ذلك فإن رئاسة باراك أوباما هي الإنجاز الأكبر لحركة الحقوق المدنية التي طالبت قبل خمسة عقود بالمساواة أمام القانون ومكافحة سياسات الاستهجان بالناس والتمييز بينهم.

هذا الشعور بالإيجابي تحدث عنه استطلاع نشرته البي بي سي أمس أشار إلى انتشار أجواء التفاؤل «حيال إمكانية أن يساهم وجود الرئيس الأميركي باراك أوباما في منصبه الجديد في تحسين علاقات الولايات المتحدة بباقي دول العالم»، كما توقعت الأكثرية التي استطلعت آراؤها بأن تتصدر الأزمة الاقتصادية وسبل معالجتها أبرز أولويات الرئيس المنتخب، يليها موضوع انسحاب الجيش الأميركي من العراق وأزمة التغير المناخي بالإضافة إلى المساهمة في إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط.

وقال الاستطلاع إن أكثر من 75 في المئة من الذين سئلوا في مصر اعتبروا أن أولوية أوباما يجب أن تكون عملية السلام الإسرائيلية الفلسطيني، كما تحدث كثير عن آمالهم بسياسة أفضل بالنسبة للعراق وأفغانستان، بينما رأى 75 في المئة من الأميركان بأن الأولوية يجب أن تتوجه لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية. مهما كانت الآمال أو التطلعات، ومهما يتحق منها خلال الفترة المقبلة، فإن يوم أمس كان تاريخيا بمعنى الكلمة، وأملنا أن نرى أن مثل هذا التغيير الإيجابي يتواصل نحو عالم تسوده الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية لجميع شعوب العالم.