العدد 345 - السبت 16 أغسطس 2003م الموافق 17 جمادى الآخرة 1424هـ

توجه لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لـ «الأوقاف»

«علماء» يرفضون فكرة الانتخابات

تدافع أكثر من طرف لمعرفة حقيقة ادعاءات مدير الأوقاف الجعفرية السابق علي الحداد بخصوص ملف الفساد في الأوقاف، إذ اجتمع يوم أمس النائب الأول لمجلس النواب عبدالهادي مرهون، ومجموعة من النواب مع الحداد للاطلاع على ما لديه من وثائق وإثباتات يزعم أنها تقف إلى جانب ما يدعيه من فساد في «الأوقاف»، واعتبر مرهون ما وجده من وثائق «كافيا لتشكيل لجنة تحقيق ثالثة»، في حين دعا عدد من العلماء - على لسان الشيخ محمد صنقور - إلى إجراء تحقيق مستقل يشرفون عليه هم، ويضع «الأوقاف» تحت إشرافهم.

وفي الوقت الذي دعا فيه مرهون إلى إجراء انتخابات في الأوقاف لمجموعة الواقفين من أعضاء المآتم ومن لهم صلة بالأوقاف، لتفعيل الرقابة الشعبية عليها، شدّد «العلماء» على عدم القبول بهذه الفكرة، «خوفا من وصول غير الأكفاء إلى هذه الدائرة، وكون الوقف يختص بالجانب الشرعي الذي يجب الرجوع فيه إلى العلماء بصفتهم أهل اختصاص».


تدافع قوي لمعرفة حقيقة ادعاءات الحداد

نواب يدعون إلى انتخابات في الأوقاف والعلماء يرفضون

الوسط - سلمان عبدالحسين

تدافعت أكثر من جهة للتعاطي المباشر مع ادعاءات مدير الأوقاف الجعفرية السابق علي الحداد بخصوص ملفات الفساد في هذه الإدارة. ففي الوقت الذي اجتمع فيه العلماء لإيجاد آلية «شرعية» للتعامل مع هذا الملف، والتي تركزت ضمن تصور أولي - كما يقول الشيخ محمد صنقور - على إشراف العلماء على تعيين أعضاء مجلس إدارة هذه الدائرة، ورفض مبدأ الانتخاب لأنه قد يفضي في النهاية إلى وجود غير الأكفاء، تداعى بعض النواب للاجتماع مع الحداد، وقد أسفر اللقاء عن الوعد بـ «لجنة ثالثة» للتحقيق في ملف الفساد في الأوقاف.

وتمت مخاطبة النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة من خلال رسالة تقدم بها النائب الأول لمجلس النواب عبدالهادي مرهون بضرورة إجراء تحقيق فيما ادعاه الحداد بحسب كلام الحداد نفسه، إضافة إلى إرسال النائب نفسه رسالة إلى ديوان الرقابة المالية والإدارية في الموضوع ذاته.

يذكر أن الأقاويل عن فساد في دائرة الأوقاف كانت تدور منذ زمن بعيد عن محسوبية في التعيينات في هذه الدائرة، وتجاوزات مالية وإدارية في تأجير الأراضي، فضلا عن ضياع أراض وقفية كثيرة، ووجود 600 أرض تابعة للأوقاف الجعفرية غير مسجلة إلى الآن، لممانعة الرسمي من ذلك، وقد طالبت جمعية «الشفافية» بوجود لجنة تحقيق في هذا المجال، كما دعا نواب ومهتمون بشأن الأوقاف إلى وجود انتخابات لتفعيل الرقابة الشعبية في هذا المجال.

إلى ذلك قال مرهون «انه جلس مع الحداد يوم أمس»، مؤكدا أن الرجل «يحوز على الكثير من الإثباتات التي تجعلني مطمئنا للدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل وشامل فيما يجري في الأوقاف من عمليات قد لا يقرها القانون، والعمل على كل ما من شأنه الحيلولة دون استمرار تلك الانتهاكات وإهدار المسائل الوقفية، وذلك لن يتحقق من غير لجنة تبحث وتدقق في هذه الأمور».

وأضاف: سألت الرجل ما الإثباتات التي لديك؟ وفيما يبدو فإن الرجل صادق فيما يدعيه، ويستطيع إثبات أقواله، وأجدها شجاعة من رجل مسئول مثله، يسعى إلى كشف الغطاء عن ممارسات مالية سيئة، تتعلق بالفساد مثل قضايا المناقصات وعمليات الصيانة للمنشآت الوقفية الإيجارات وغيرها.

وتوقع مرهون وجود لجنة تحقيق برلمانية «إذا استمرت الأمور من دون حل من الآن حتى بدء دور الانعقاد الثاني في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل»، داعيا في هذا المجال إلى وجود لجنة تحقيق متخصصة يكون فيها ذوي الاختصاص، لتوصلنا إلى كشف حقيقة ما يحدث، وتضع للأوقاف مقترحات وحلول لتصحيح التجاوزات ووضع الأوقاف، معتبرا أن أية مبادرة هذا وقتها، فإذا بدأ دور الانعقاد الثاني، فستكون من أولى الأولويات لدى النواب تشكيل لجنة تحقيق.

وبخصوص مقترحه بضرورة وجود الانتخاب بدل التعيين في الأوقاف، قال «أنا أدعو إلى ان تتشكل جمعية عمومية من الواقفين من أصحاب المآتم ومن لهم مصلحة في إدارة الوقف، أو من يمكن أن يسهم في اختيار أعضاء مجلس الإدارة، ويمكن أن تكون الأوقاف تكون تحت إشراف متخصصين تتوافر فيهم شروط النزاهة والاستقامة، وما أكثرهم في هذه البلاد».

من جهته، قال الشيخ محمد صنقور، وهو أحد المشايخ الذين اجتمعوا لمناقشة موضوع الأوقاف: إن العلماء لم يصدروا أي قرار إلى الآن بخصوص الأوقاف، ولكن تم اقتراح أن يكون هناك إشراف علمائي على مجلس إدارة الأوقاف، ومعنى الإشراف - بحسب صنقور - أن يرشح العلماء أشخاصا عرفوا بالنزاهة والكفاءة بغرض إدارة شئون الأوقاف، ومتابعتهم فيما يقررونه من أمور الأوقاف، مؤكدا أن هذا التصور ليس كلاما أخيرا، وإنما هناك سعي إلى بلورة شكل أفضل بإيجاد آليات أخرى تكون مناسبة.

وشدد صنقور على أن الانتخابات أمر غير وارد، لأن الواقفين ليسوا كلهم موجودين في الإدارة، والمنشأ الأساسي لعدم ربط الأوقاف بعملية الانتخاب، هو أن المسائل الشرعية المتعلقة بالأوقاف تحتاج إلى وعي فقهي، ولا يحدد ذلك إلا العلماء المتخصصين، إلا أنه لم يستبعد أن تكون دائرة الانتخاب واردة بترشيح العلماء لمجموعة من الكفوئين والنزيهين يتم انتخاب بعضهم لمجلس الإدارة على رغم إشارته إلى عدم مناقشة ذلك مع العلماء.

وأوضح صنقور أن فكرة فصل دائرة الأوقاف الجعفرية واستقلالها تماما عن وزارة الشئون الإسلامية عرضت من قبل بعض المشايخ، إلا أنها بقيت مجرد طموح لم يتم تبنيه، مؤكدا في الوقت نفسه أن أي وقف أو مبلغ انحرف عن طريقه الشرعي يجب استرجاعه، وسنطالب به ما أمكن حتى لو كان الطرف المتورط فيها بعض المتنفذين.

وفي السياق نفسه، أشار السيدمحمد الغريفي إلى أن الأوقاف مسألة شرعية، وقبل طرح حلحلة سريعة لها لابد من النظر إلى المشكلة الواقعة، وهي دعوى وجود خطأ في عمل الأوقاف، مبينا أنها دعوى ليست وليدة اليوم، إذ يوجد في الإدارة الحالية موظفون حديثو العهد بالأوقاف وآخرون قدامى، وهذا يستوجب مساءلة المسئولين في الدورات الماضية عن كل مجريات الأوقاف بكل تفاصيلها.

ودعا الغريفي إلى تشكيل لجنة حيادية للإشراف والمتابعة على موضع الخلل، والرجوع في المسألة إلى أهل التخصص وهم علماء الدين لأنهم المعنيون بذلك موضحا أن إجراء انتخابات في الأوقاف - كما طرحه أحد النواب - حالة غير مدروسة مع العلماء، قد يستوجب الرجوع إلى هذه الآلية الوقوع في الخطأ نفسه، لأن الانتخابات قد توصل شخصيات غير مؤهلة فقهيا ولا تحمل مؤهلات روحية وإيمانية، لأن بعض إدارات المآتم مازالت تعيش الصراع للوصول إلى هذه المناصب، وهي لا تصلح لإدارة الأوقاف.

والحل بحسب الغريفي تشكيل هيئة علمائية مستقلة غير تابعة لجهاز رسمي، فهي الأنفع والأصلح لمعرفة حقيقة الأمر، مؤكدا استعداد العلماء لهذه المهمة، إلا أنه أشار إلى وجود رغبة لإقصاء علماء الدين عن متابعة شأن الأوقاف، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بدائرة الأوقاف لأنها دائرة تابعة إلى وزارة الشئون الإسلامية، والمطلوب من وزارة الشئون الإسلامية فتح مجال لمعرفة الحقيقة فيما يجري في هذه الدائرة.

وعاتب الغريفي مدير إدارة الأوقاف السابق علي الحداد على مناشدته للعلماء بالتدخل، «في حين أنه لم يتقدم إلى العلماء بالأدلة والإثباتات التي يدعيها ليقف العلماء على حقيقة التجاوزات، مؤكدا في هذا المجال أن الفقيه هو أبصر بكيفية إدارة هذه المؤسسة، وهو القادر على الوقوف على التجاوزات، ثم المطالبة بمحاسبة من أساءوا وإرجاع المبالغ المسروقة».

إلا أن الحداد في حديث له مع «الوسط» أكد أنه مستعد للذهاب إلى العلماء إذا تلقى اتصالا منهم في هذا الصدد، إلا أنه - كما قال - لم يتلق أي اتصال من قبل العلماء أو أية جهة تابعة لهم، وهو على استعداد للحديث عن الفساد الدائر في الأوقاف، وتقديم الأوراق التي تثبت صحة كلامه إذا رأى العلماء ضرورة إبراز هذه الأوراق، إلا أنه أشار إلى عدم رغبته في كشف أوراقه كلها، وإنما إخراجها وقت الحاجة إليها.

وبخصوص لقائه مع النائب مرهون ومجموعة النواب الأخرى، ذكر الحداد أن النواب اطلعوا على الأدلة الموجودة لدي، وكانت فوق توقع النواب كما قال، موضحا أن مرهون أطلعه على الخطاب الذي رفعه لديوان الرقابة المالية في هذا الشأن وأعطاه نسخة منه، كما رفع خطابا ثاني للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة يطالبه فيها بإجراء تحقيق.

وأوضح الحداد أن النواب قادرين على عمل شيء في هذا الملف، فهم قادرون على طرح الثقة عن مجلس إدارة الأوقاف الحالي إذا ثبتت صحة أقوالي عن تورطه في أمور الفساد، وتعاوني مع النواب يصب في الجوانب القانونية، أما عن العلماء، فيمكن أن أتعاون معهم في الكشف عن الأوراق التي بحوزتي.

من جهته، قال مرتضى الحلواجي، وهو عضو في مأتم بن زبر «ان رجال دين من أمثال السيدعبدالله الغريفي - الذي كان رئيسا للأوقاف الجعفرية في دولة الإمارات - قادرون على أن يمسكوا بزمام الأمور في الأوقاف، وبدل الانتقاد كان المفترض أن يأخذ العلماء دورهم في هذا المجال للحديث عن مثل هذه التصورات في زمن الشفافية.

وأكد الحلواجي عدم قبول فكرة التعيين، داعيا إلى جمعية عمومية ممثلة بجميع المآتم، يتم من خلالها إجراء انتخابات للأوقاف بالتعاون مع العلماء.

وذكر الحلواجي أن بعض المآتم - كمأتمنا مثلا - يقيم فعاليات على طوال السنة، ومع ذلك فوقف بعض المآتم أكثر من مأتمنا، وهذا يتطلب وجود عدالة بين المآتم، وإذا أشرف العلماء على الوقف يمكن تحقيق العدالة بين المآتم، موضحا أن أصحاب المآتم لم يبادروا لطرح مقترحات في هذا الشأن، لكونهم ينتظرون المبادرة تأتي من العلماء، فالوقف مسألة فقهية قبل أن تكون إدارية.

وتمنى الحلواجي أن تفصل الأوقاف عن وزارة الشئون الإسلامية، وتجعل مستقلة وتحت إشراف العلماء، لضمان عدم تدخل أصحاب النفوذ في الوقوف، وعدم وصولهم إلى الأموال الضخمة التي بحوزة الأوقاف

العدد 345 - السبت 16 أغسطس 2003م الموافق 17 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً