العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ

تعزيز التنمية في المملكة والدفاع عن لقمة المواطن

في ظل ظروف محمومة في الجوار

عبدالهادي مرهون comments [at] alwasatnews.com

كثيرة هي الآمال التي يتطلع إليها المواطن اليوم في تطوير الممارسة الديمقراطية في المملكة، وعريضة - هي كذلك - الطموحات التي يحملها النواب الوطنيون المدعومون من التيارات الديمقراطية والتقدمية وفئات متزايدة من جموع الشعب، ولو حانت منا التفاتة إلى الوراء، فسندرك أن البحرين اليوم هي ليست كما كانت بالأمس القريب، فقانون أمن الدولة لم يعد يشل حركتنا، وغاب عن المشهد منفذه وراعيه، وإن مازال هناك من بقاياه إلا أن ذلك لا يعني أننا في المربع الأول.

قطعنا شوطا صعبا وفتحنا للنور نوافذ لابد أن إشعاعها سيغمر كل الوطن، فهناك السجون بيضت، وحرية التعبير نعتز بها ونعمل لكي تتسع وتتطور، وانطلاقة واثقة وأمل كبير تجدد في نفس الانسان البحريني نجزم بأنه سيرتقي بالممارسة والعمل الجاد والنضال المطلبي الشاق لتأمين لقمة العيش الشريف والاسهام في تحقيق عزة الانسان على هذه الأرض وصون كرامته وحفظ حقوقه. وعلينا أن نتفهم أن طبيعة الصراع اشتدت وطأتها كثيرا على الجبهة الاجتماعية والاقتصادية مع اتضاح أبعاد العمل الوطني والمطالب الشعبية بعد أن تكشفت تماما طبيعة الصراع وشخوصه، وقلّت وطأة الماضي وظلاميته، إلا أن علينا أن نشخص بدقة أين نقف الآن ومع من؟ وعلى رغم كل العقبات والمحبطات فإن لدينا كل الحق في التشبث بالكثير من الآمال المبشرة.

وتؤكد التجارب السياسية من حولنا أن أهم أسس نجاح التنمية والمشاركة والاصلاح السياسي تقوم على متانة الاقتصاد وتماسكه اللذين يؤمنان انطلاقة نمو شاملة وحياة كريمة للمواطنين، ويحميان البلاد من أغلال التبعية للرأسمال المضارب المتوحش ذي المخالب المسمومة.

وفي ظل ظروف سياسية محمومة في المحيط والجوار، نتيجة اشتداد الهجمة الاستعمارية على دول المنطقة، وما يشكله ذلك من تهديد متواصل واستمرار الاحتلال الأميركي للعراق فقد تحول الخليج ودول المنطقة إلى ثكنة، ما شكل خطرا داهما على سيادة بلدان المنطقة واستقرارها فيما يجد العدو الصهيوني - العنصري أرضا خصبة في هذه الأجواء المحتدمة، فيمعن في ارتكاب جرائمه الوحشية، ويقوم بتنفيذ أبشع المجازر والانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني الأعزل: من هدم البيوت وحرق الأرض، وقتل الأطفال والنساء والإمعان في اغتيال المناضلين الفلسطينيين. وعلى رغم استمرار ارتكابه هذه الجرائم التي لم ترَ لها البشرية مثيلا، تستمر الانتفاضة الباسلة في مقاومة وحشية العدو الصهيوني، وتسجل في كل يوم صفحات رائعة من البطولة والتضحيات.

إن ما يجري في فلسطين ويبيّت لاستمرار احتلال العراق هي معارك ضمن المخطط الاستراتيجي الاستعماري الشامل الذي يرمي في نهاية المطاف إلى السيطرة التامة على مقدرات المنطقة والتحكم في ثرواتها، وتفتيت الدول العربية، وأخذها فرادى: دولة وراء أخرى.

تلك هي تضاريس المشهد السياسي الاقليمي الذي يحيط بالمنطقة ودول الجوار. ويحتم علينا كنواب وطنيين مدعومين من قطاعات شعبية واسعة وقوى ديمقراطية حية، وضع «خريطة طريق» تؤمن سلما لمهمات عاجلة وآجلة، تشكل محاور نسعى - بدعم من القوى الديمقراطية - لتصبح برنامجا طموحا لنضالات داخل مجلس النواب (البرلمان) وخارجه لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي بما يتناسب وتعزيز القدرات الاقتصادية للبحرين وتحسين سبل الارتقاء بمستوى الحياة المعاشية للفئات الشعبية من خلال عمل نضالي فعال وصبور.

ذلك هو الوضع الاقليمي المرتبط بالحال السياسية الدولية المعقدة، غير أن الوضع في داخل بلادنا يحتاج الى التفاتة أكبر وتحليل أعمق، وخصوصا مع اشتداد الضغوط الاقتصادية على قطاعات جماهيرية واسعة، ما يهدد بتفاقم الوضع الاجتماعي. ومما لاشك فيه أنه جرت في العامين الأخيرين زيادة في الدخل الوطني للمملكة ولكن هذا النمو لم ينعكس أبدا على تحسين المستوى المعاشي للمواطنين، بل انخفض عموما هذا المستوى. ومن الواضح أنه إذا كان الدخل الوطني يزداد، في حين تتراجع أحوال الناس فهذا يؤشر إلى أن هناك قلة قليلة تغتني بشكل غير معقول. كما بدأنا نلمس مظاهر سلبية تتطلب معالجة، أهمها: زيادة تمركز الثروات بين أيدي فئة قليلة ما يفاقم من حدة التفاوت الاجتماعي، ويقلص حجم السوق الداخلية ما قد يؤدي إلى تراجع محتمل في المستويات المعيشية لأعداد أكبر من المواطنين نتيجة تفشي البطالة وعدم توافر مجالات لكسب الرزق. وذلك يدعونا إلى تبني محاور لبرنامج اقتصادي واجتماعي يكون سبيلا لتحقيق تنمية متوازنة ويأخذ في الاعتبار مصالح الفئات الشعبية ويتكون من عدد من البرامج والخطط تهدف إلى:

1- ربط الأجور بالأسعار ورفع الحد الأدنى للأجر ليصبح معادلا للحد الأدنى لتكاليف المعيشة وايجاد سلم علمي لتحديد هذه التكاليف ليطبق عمليا في ربط الأجور بالأسعار.

2- الدفاع عن النتاج الوطني في فروع وقطاعات الاقتصاد كافة وخصوصا العمود الفقري له، كقطاعات الصناعة والخدمات في القطاع العام وتلبية مطالب العاملين فيه المعاشية والاجتماعية.

3- السعي لذلك النوع من الاصلاح الاقتصادي الذي يؤمن حماية الانتاج الوطني وتطويره المستمر المترافق مع تحسين المستوى المعاشي لغالبية جماهير المواطنين من العمال وصغار الكسبة والموظفين.

4- مكافحة الفساد المالي والاداري الذي تؤشر إليه المنظمات الدولية كالبنك الدولي في اعتباره من أكبر العوامل المعطلة للتنمية وتعزيز عوامل الحكم الجيد كما حددتها المنظمات الدولية، وإن السبيل الأساسي في هذا المجال هو توسيع الحريات الديمقراطية للمواطنين وللصحافة بحيث لا يكون أحد فوق رقابة الشعب والقانون.

5- العمل من أجل الحفاظ على المنجزات المهمة التي تحققت في مجالات اجتماعية متعددة، ومن أهمها مجالا التعليم والصحة، وحمايتها مما يسمى بقوانين السوق. فصحة المواطن وتعليمه ليسا سلعا ليضارب بها من قبل الأثرياء الجدد ومحدثي النعمة.

6- النضال الثابت المستمر والصبور، من أجل صون الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية للمواطنين كافة، وتطويرها الدائم باتجاه العدالة، ومن أهمها: توسيع الحريات الديمقراطية لجماهير المواطنين وقواها الوطنية والفئات السياسية والمجتمع المدني.

7- العمل الدائم لتحديث القوانين والتشريعات بما يلبي حقوق المرأة والطفل وقطاعات الشباب والناشئة.

8- الحفاظ على الثقافة الوطنية وتراثنا الثقافي الغني وتنشئة الجيل الشاب عليهما، وحماية هذا الجيل من الأخلاق العدمية ومن الأفكار البالية.

9- السعي إلى تحقيق مطالب الشباب والشابات، وخصوصا في المجال الاجتماعي، وازالة العقبات الجدية التي تقف أمامهم في تحقيق حياة أسرية كريمة.

وكما نرى فإن هناك اجراءات ملحة لا بد من القيام بها من أجل تعزيز الوضع الاقتصادي وتحسين الوضع المعاشي لجماهير المواطنين، من أهمها:

1- زيادة وتيرة استثمارات القطاع العام لتحديثه وتجديده وتوفير فرص عمل جديدة. وهذا هو الاتجاه العام لمكافحة الكساد الاقتصادي والبطالة.

2- تعديل قانون الخدمة المدنية وانتهاج سبل تفعيل المبدأ الدستوري الخاص بالمساواة في التعيينات وتكافؤ الفرص أمام المواطنين وفتح سقوف الرواتب ودفع التعويضات والتأمينات الاجتماعية للراغبين في التقاعد على أساس الأجر الحالي وتوفير مزايا عادلة لموظفي وشغيلة المؤسسات التي ستدرج في برامج التخصيص.

3- تأمين الاعتمادات الكافية لمخصصات الطبابة وخدمات الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي.

4- الحفاظ على القطاع العام الصحي والتعليم والاسكان وتطويرها وتخصيص الاعتمادات الكافية لتلك القطاعات لتستمر في تقديم خدمات عالية الجودة إلى المواطنين.

5- تطوير الجامعات والمعاهد الحكومية، المتنفس التعليمي الوحيد لأبناء المواطنين ذوي الدخل المحدود والحفاظ على مجانية التعليم والتدريب.

6- الحفاظ على موقع ومكان العمل وعلى مكتسبات العمال والموظفين حين اقرار الدمج أو النقل أو إعادة توزيع العاملين في مختلف جهات القطاع العام والخاص.

هذه هي أهم الأهداف العامة والخطوات الملموسة التي سنعمل من أجلها، الى جانب الدفاع عن الوطن ولقمة المواطن

العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً