العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ

ملك... ومسيرة

هو صاحب الجلالة حمد بن عيسى بن سلمان بن حمد بن عيسى بن علي بن خليفة بن سلمان بن أحمد الفاتح بن محمد بن خليفة آل خليفة ملك مملكة البحرين أيده الله وسدده وأرشده وأسعد قول القائل فيه: (أعط القوس باريها) فلقد:

بلغ السيادة في ابتداء شبابه

إن الشباب مطية للسؤدد

والآن وبعد أن استقامت المملكة. فمن طبيعتها الدعة والسكون والرجوع إلى تحصيل ثمراتها بالعمران والصناعات والإنتاج. ثم تمتع الرعية بخيرات البلاد. ومن علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة: كفعل الخير، والكرم، والعفو عن الزلات، والوفاء بالعهد، وبذل المال في صون الأخلاق، وتعظيم شريعة الله، وإجلال العلماء العاملين بعلمهم وتوقيرهم، والتواضع للناس، والانقياد للحق، فإن العدل أساس الملك. هذه الخصال الحميدة والفضائل المجيدة وأمثالها، وتلك لعمري ممن اتصف بها الملك القائد حمد، وهي من خلق السادة الذين يريدون دوام ملكهم.

- تاريخ ولادته: 28 يناير/ كانون الثاني 1950م

- ولاية العهد: 27 يونيو/ حزيران 1964م

- توليه الحكم أميرا: 6 مارس/ آذار 1999م

- وملكا: 14 فبراير/ شباط 2002م

ومن شروط صاحب الملك على ما اتفق عليه في (الأحكام السلطانية) هو: العلم، والعدالة، والكفاية، وسلامة الحواس والأعضاء. مما يؤثر في الرأي والعمل. فقد اشترط (الفارابي) في كتابه (آراء في أهل المدينة الفاضلة): ضرورة التعاون. فكل واحد محتاج للآخرين. فلا ينال الكمال الا باجتماعات جماعة كثيرة متعاونين. شأن أعضاء الإنسان متعاونة رغم تفاوتها في الأهمية. فقمة الجماعة (الرئيس) فهو بمثابة القلب في البدن. فإذا توقف عمل القلب توقفت حياة الإنسان. وكذلك حياة المدينة بوجود الرئيس المميز. كأن يكون عالما، حكيما، عادلا، سليم الأعضاء والحواس، تسمو نفسه على الماديات إلى المعنويات، شجاعا. وملكنا ضرب في الشجاعة السهم الأوفر.

ويرى ابن خلدون أن الحضارة يقصد بها المُلْك - بضم الميم - أو السيادة. والملك في رأيه ضرورة لازدهار العمران لأي نظام واستقراره كي تنمو الحضارة وتزدهر وتتطور.

وصاحب الجلالة الملك حمد هو أكبر أنجال صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين المفدى وولي عهده.

ولد جلالته في مدينة (الرفاع) بدولة البحرين وذلك في 8 ربيع الآخر 1369هـ الموافق في 28 يناير 1950م.

وقد التحق بالدراسة الابتدائية في البحرين بعد السادسة من عمره. وكان يواكب دراسته هذه مواظبته على تلاوة القرآن الكريم ومبادئ الدين واللغة على يد مختصين في الدراسات الإسلامية. مما كان له كبير الأثر في تقدم لغته وأسلوبه وتذوقه للشعر العربي والنبطي.

كما كان حريصا على حضور مجالس والده ليسمع الكثير من القصص والروايات التي تحكي تاريخ الأبطال والأمم والوقائع وذكر عوامل النصر والهزيمة.

واهتم بتعلم السباحة والرماية والفروسية وتعلمها على أيدي مدربين ماهرين. ولذلك فقد كانت هذه البذور الأولى لاهتمام جلالته بالرياضة ورعايته للرياضيين.

وبعد أن أكمل الدراسة الابتدائية بتفوق سنة 1962م، أعلن رسميا بتوليه ولاية العهد وذلك في 27 يونيو 1964م.

وقد التحق بالدراسة الثانوية وكان يواصل دراسته لتعلم وإتقان اللغة الانجليزية في مدرسة عامة في انجلترا حيث أتم الدراسة في مدرسة (ليز) بمدينة كمبردج. وعاد إلى البحرين في صيف العام 1967م.

ولما كانت العسكرية مدرسة تصقل الرجال وتسود فيها القيم والمثل العليا فقد التحق صاحب الجلالة حمد بدورة في كلية (مونز) الحربية للضباط في مدينة (درشوت همبشاير) حيث تخرج منها في 16 فبراير 1968م.

وعلى اثر عودته إلى البحرين قام بوضع خطة لإنشاء قوة دفاع البحرين التي تم تعزيزها ببراءة أميرية في مستهل شهر أغسطس سنة 1968م. وظل متبوِّئا منصب القائد العام لقوة دفاع البحرين منذ الشروع في تأسيسها وحتى العام 1999م.

وفي التاسع من شهر أكتوبر 1968م تزوج جلالته فرزق بسلمان في 21 أكتوبر 1969م ثم عبدالله في 30 يونيو 1975م ثم خليفة في 4 يونيو 1977م والابنة نجلاء في 20 مايو 1981م.

وقد تولى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد القائد العام لقوة دفاع البحرين آنذاك منصب رئيس دائرة الدفاع وأصبح عضوا في مجلس الدولة الذي أسس في التاسع عشر من يناير 1970م. ثم أصبح وزيرا للدفاع حين تشكل مجلس الوزراء في 15 أغسطس 1971م.

وفي 21 يونيو 1971م التحق جلالته بكلية القيادة والأركان في فورت ليفنويرث (كنساس) بالولايات المتحدة الأميركية وكان أثناء أوقات فراغه في ليفنويرث يتلقى مقررا في المراسلات الخارجية في الكلية الصناعية للقوات المسلحة في واشنطن، حيث نال شهادة الدبلوم الوطنية في الإدارة العسكرية. وذلك في 31 مايو 1972م، وفي التاسع من شهر يونيو من العام التالي تخرج بدرجة شرف في القيادة ورئاسة الأركان.

كما حصل في 26 يونيو 1972م على شهادة الشرف العسكرية من الولايات المتحدة الأميركية وذلك تقديرا لما أنجزه في الشئون العسكرية منذ العام 1968م، ونتيجة ذلك تم وضع اسمه من ضمن الأسماء المدرجة في لوحة الشرف للضباط في الجامعة.

وبعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية انهمك بشكل جاد في العمل على دفع عجلة التطور والتوسع في بلاده بصورة عامة وفي قوة دفاع البحرين بصورة خاصة سواء في الأمور العسكرية المتعددة النشطات أو الميادين الثقافية المتطورة وفي العلوم الطبية والتكنولوجيا المتقدمة وفي المنافسات الرياضية والترفيهية. هذا وبالإضافة إلى مهامه العسكرية قام بمسئولياته على أحسن وجه في كلا الحقلين الخاص والعام. وقد تم تعيين جلالته نائبا لرئيس مجلس العائلة الخليفية حينما شكل بأمر أميري من صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين في 26 يونيو 1974م.

وفي يناير من العام 1978م أمر جلالته بتأسيس (مركز الوثائق التاريخية)، ونظرا لاهتمامه بتاريخ البحرين والمنطقة، فقد احتضن ديوانه العامر (الزاهر) هذا المركز ورعاه مما كان له كبير الأثر في تقدمه ونشاطه. وعهد للدكتور علي أبا حسين بإدارة المركز فأخذ المركز في جمع الوثائق التاريخية والمخطوطات والخرائط والصور القديمة تلك التي تلقي الضوء على تاريخ البحرين وخاصة في الفترة التاريخية التي دخلها العتوب فاتحين ومحررين، حيث عادت البحرين إلى الصف العربي. وقد جمعت الوثائق من بلدان كثيرة ذات العلاقات التاريخية مع البحرين عبر العصور. وكشفت تلك الوثائق والمخطوطات عن حوادث ووقائع هامة بدأ المركز ينشرها تباعا في مجلة “الوثيقة” التي يصدرها المركز بالإضافة إلى نشر بعض الكتب التاريخية الأخرى.

وإيمانا من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بدور الشباب في خدمة الوطن والمجتمع فقد اهتم بالرياضة والشباب من خلال مفهوم تربوي وتثقيفي يعمل على تدعيم قدرات الشباب البدنية والذهنية. وقد صدر مرسوم أميري رقم 2 بتاريخ 1975م بتعيين جلالته رئيسا للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، كما ان جلالته يحرص على ممارسة مختلف أنواع الرياضة هذا بالإضافة إلى اهتمامه الشديد برياضة الفروسية فإن اهتمامه ينصب أيضا على الأصول التاريخية لسلالات الخيل في البحرين، حيث عرفت بأنها من أنقى وأحسن السلالات العربية. وللحفاظ على ذلك أنشأ صاحب الجلالة اسطبل الخيل الأميري في البحرين خلال شهر يونيو 1977م. وأدى هذا الى الموافقة التامة لتسجيل اسطبل الخيل في البحرين ضمن منظمة الخيول العربية العالمية (واهو) في سبتمبر1978م.

وحرصا من جلالته على ضرورة تعزيز البحوث العلمية والتكنولوجية وتنسيق نشاطاتها لخدمة البحرين ومجتمع الخليج العربي والعالم العربي، فقد عمل جلالته على إنشاء (مركز البحرين للدراسات والبحوث) لتعزيز القاعدة العلمية للبلاد ولتنمية مقدرة المواطن والمجتمع على الاستفادة من التقنية الحديثة ومعطياتها في تطوير الإمكانات البشرية والاقتصادية. وقد رعى جلالته الخطوات الأولى لإنشاء هذا المركز إلى أن تم إنشاؤه بصفة رسمية بمرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1981م الصادر من صاحب السمو أمير دولة البحرين بالنيابة. وقد شغل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة منصب رئيس المركز حسب المرسوم الأميري رقم (6) لسنة 1981م وحرص جلالته على المشاركة والحضور في جميع الندوات التي ينظمها المركز.

وبما أن جلالته قد وهب استعداده الطبيعي للطيران والإحاطة الشاملة للقوى المؤثرة في الأجسام المتحركة عبر الهواء. فقد بدأ تدريبه النظري والعلمي على طائرات الهليكوبتر، وتخرج جلالته في 14 يناير 1978م كطيار يتمتع بكفاءة عالية في قيادة طائرة الهليكوبتر، ومنذ ذلك الحين سار قدما في تأسيس سلاح الدفاع الجوي لقوة دفاع البحرين، وأصبح مطلعا على إجراءات السلامة المتقدمة للطيران في مضمار عمليات الدفاع التكتيكية.

وفي 30 يناير 1979م أدرج اسم جلالته كعضو شرف دائم لنادي الهليكوبتر في بريطانيا وذلك اعترافا بكفاءته كقائد لطائرة الهليكوبتر، لامتيازه في شتى مساهماته العامة في ميدان الطيران في الشرق الأوسط منذ العام 1977م.

هذا وفي مقدمة اهتمامات جلالته العديدة حفظ التراث وتيسير الانتفاع منه. وهو يواصل هواياته الكثيرة ونشاطاته المتعددة ومن بينها السباحة وركوب الخيل ورياضة الصيد بالصقور والرماية وكرة القدم والجولف والتنس. غير أنّ اهتمامه الأول منصبّ على قوة دفاع البحرين، حيث وهبها جل اهتمامه.

وقد أعلن صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل في العام 1968م بأن قوة دفاع البحرين ستشكل تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ولي العهد الأمين آنذاك. وسرعان ما بدأ التجنيد وبنهاية العام 1969م تجسدت قوة الدفاع كقوة مقاتلة متدربة بضباط وضباط صف وأفراد من كفاءات عالية بتمركز مقرها في الرفاع الغربي ومراكز تدريبها في الرفاع الشرقي. وتلقى الضباط وضباط الصف تدريبهم الأساسي في الأردن والأماكن الأخرى. كما ألحق عدد من الضباط والفنيين الأردنيين بكوادر التدريب في البحرين.

(المصدر: الجزء الثالث من كتاب “ملك ومسيرة”، تأليف الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، والدكتور علي أبا حسين، 2005)

العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً