العدد 425 - الثلثاء 04 نوفمبر 2003م الموافق 09 رمضان 1424هـ

الصحف العبرية: بوش والصقور وراء اللاسامية الأوروبية

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

رأى مسئولون ومعلقون إسرائيليون ان استطلاع الرأي الذي أجرته المفوضية الأوروبية والذي أظهر ان غالبية الأوروبيين تعتبر «إسرائيل» البلد الأكثر تهديدا للسلام العالمي، هو تأكيد لانتشار معاداة السامية في أوروبا. ونشرت «البايس» (الإسبانية) نتائج الاستطلاع الذي أفاد ان 59 في المئة من الأوروبيين قالوا ان «إسرائيل»، بين لائحة دول تشمل الولايات المتحدة والعراق وإيران وأفغانستان وكوريا الشمالية، هي البلد الأكثر تهديدا للسلام العالمي. وصرح وزير العلاقات مع الشتات ناتان تشارانسكي ان معاداة السامية هي وراء الانتقادات الموجهة إلى «إسرائيل».

وقال ان الاتحاد الأوروبي الذي «أظهر حساسية حيال قضايا تتعلق بحقوق الإنسان يجب أن يوقف عملية غسل الدماغ التي تستهدف تشويه صورة «إسرائيل» قبل أن تسقط أوروبا مجددا في المراحل المظلمة من تاريخها». وعلق السفير الإسرائيلي السابق لدى روما وباريس والناطق باسم الحكومة آفي بازنر بان الاستطلاع يفتقر إلى الصدقية وقال ان الصورة السلبية لدى الأوروبيين عن «إسرائيل» ناجمة عن التغطية الإعلامية السلبية خلال ثلاث سنوات من الانتفاضة. وأبدى الحاخام مارفن هاير من مركز سيمون فيزنتال في لوس أنجليس أسفه «للنتيجة - الصدمة - التي تظهر «إسرائيل» أكبر تهديد للسلام العالمي أكثر من كوريا الشمالية وإيران، وتشكل تحديا للمنطق». لكن بعض المعلقين حمل الصهيونية التي دفعت بوش لغزو العراق، مسئولية الأجواء العالمية المناهضة لـ «إسرائيل». وقال عكيفا إلدار في «هآرتس»، انه عندما تصبح الحكومة الإسرائيلية جدية في مسألة وضع حد للاحتلال فإن معاداة السامية ستتضاءل في أوروبا وحتى في الدول الإسلامية وسيحل محلها دعم للدولة العبرية.

وتناول عكيفا إلدار في «هآرتس» ردود الفعل الإسرائيلية على استطلاع الرأي الذي أجراه الإتحاد الأوروبي حديثا وأظهر ان 59 في المئة من سكان أوروبا يعتبرون ان «إسرائيل»، تشكل التهديد الأول للسلام العالمي. وأول ما لفت إليه إلدار، ان ردة الفعل الإسرائيلية على الاستطلاع ووصفه بالمعادي للسامية كانت متوقعة لاسيما تصريح وزير شئون المغتربين الإسرائيلي ناتان تشارانسكي، الذي هاجم الأوروبيين بسبب تحميل اليهود مسئولية المشكلات في العالم. ولفت إلدار، في هذا السياق، إلى ان الحرب التي تشنها الدولة العبرية في الأراضي الفلسطينية والحربين اللتين تشنهما الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، تعتبر في نظر غالبية المسلمين في العالم حروبا يهودية - مسيحية تهدف إلى تدمير الإسلام. وأوضح ان الدعم الكبير الذي يظهره الأميركيون تجاه الحرب التي تشنها «إسرائيل» ضد الفلسطينيين المسلمين تعزز وجهة النظر تلك وبالتالي تعزيز الرأي القائل ان إدارة الرئيس بوش عدوة للإسلام. وتابع موضحا، ان إخلاص بعض مخططي الحرب على العراق، لـ «إسرائيل» هو ببساطة برهان على ان الصهيونية دفعت بوش لغزو العراق. واستدرك إلدار، بأن رجال السياسة الذين يحولّون صراعا محليا وطنيا إلى صراع دولي ديني هم من يتحمل مسئولية أمن اليهود في العالم. وان ثمة تصريحات لمسئولين في «إسرائيل»، تحوّل الصراع المحلي الوطني إلى صراع دولي ديني وهم أيضا مسئولون عن أمن اليهود داخل «إسرائيل» وفي العالم كله. وذكّر في هذا السياق بأن الوزير تشارانسكي، هو نفسه قد اعتبر في إحدى مقالاته ان جبل الهيكل أهم من السلام حتى ان بعض الوزراء الإسرائيليين لم يتوانَ عن إخفاء اعتقاده بأن الإسرائيليين موجودون في الأراضي الفلسطينية مدفوعين بإيمان بأن أرض «إسرائيل»، يملكها شعب «إسرائيل» من دون غيرهم.

ورأى سيفي هاندلر في «معاريف» ان الاستطلاع الذي أجرته المفوضية الأوروبية والذي أظهر ان غالبية الأوروبيين تعتبر «إسرائيل» البلد الأكثر تهديدا للسلام العالمي، قد كشف حقيقة ان «إسرائيل» غدت في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر دولة منبوذة في العالم وتهدد استقراره، ما يحتم على أركان الحكومة تحديد علاقتهم بأوروبا التي تجعل من نفسها جزءا من المشكلة بدلا من أن تكون شريكة في حلها. ولاحظت يديعوت أحرونوت ان صورة «إسرائيل» في عيون الأوروبيين انزلقت نحو حضيض غير مسبوق. ونقلت عن مسئولين في الخارجية الإسرائيلية ان الأسئلة في الاستطلاع الأوروبي الذي يظهر ان غالبية الأوروبيين يعتبرون ان «إسرائيل» هي البلد الأكثر تهديدا للسلام العالمي، كانت موجهة، وان تسريب نتائجه ابتغى تسويد سمعة «إسرائيل». واستصرحت الصحيفة العبرية، الوزير الإسرائيلي ناتان تشادانسكي، الذي قال انه لابد من أن يعمل الاتحاد الأوروبي على وقف غسيل الدماغ وشيطنة «إسرائيل» قبل أن تتدهور أوروبا من جديد إلى فترات ظلامية في تاريخها. بينما قال مسئول الإعلام في وزارة الخارجية جدعون مئير، ان ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية يقفون وراء تشويه صورة «إسرائيل» في أوروبا من خلال تغطيتهم المنحازة للفلسطينيين، مضيفا إلى ان العلاقات بين «إسرائيل» والحكومات الأوروبية أفضل بكثير مما جاء به الاستطلاع. ونصح المدير السابق لوزارة الخارجية ألون ليئل، أركان الحكومة بالكف عن الربط بين نتائج الاستطلاع وتنامي معاداة السامية. وقال ان الاستطلاع يشهر بطاقة صفراء تحذيرية ومقلقة، ليست الأولى في العام الأخير بل يمكن اعتباره إنذارا ينبغي عدم تجاهله. وتابع ان استلال السلاح الدائم للدفاع عن النفس، سلاح معاداة السامية ليس صحيحا في هذه الحال. لكن «يديعوت أحرونوت»، وقفت إلى جانب مقولة ان موقف الأوروبيين يعود إلى اللاسامية، مشيرة إلى تصريحات النائب في البرلمان الألماني مارتن هومان، التي ندد فيها بدور اليهود في الثورة البلشفية، واتهم أمّة من المجرمين والقتلة.

ورأى يوئيل إستيرون (مدير تحرير «هآرتس») في «واشنطن بوست»، ان النصر الأميركي في العراق، قد سمح للإسرائيليين بالتخلص من مخاوفهم من الصواريخ العراقية، لكنه لم يبدد مخاوفهم بشكل كامل. وإذ لفت إلى ان الشعب الإسرائيلي بات معتادا على «الإرهاب» وهم يتعاملون مع أي اعتداء «إرهابي» كما لو انه حادث سير يتخطونه بعد فترة وجيزة لمعاودة حياتهم الروتينية إلاّ انه أكد ان الخوف مازال في داخل قلوب الإسرائيليين. فهم يشعرون بالأسى لأنهم يفكرون انه من الممكن أن يكون مكتوبا لهم أن يعيشوا في هذا الصراع الدامي مع الفلسطينيين إلى الأبد. وإذ شكر الولايات المتحدة، على كونها صديقة مقربة من «إسرائيل»، أكد ان هذه الصداقة الأميركية تعطي تل أبيب، الأمل والإيمان، للمضي قدما. غير انه استدرك فقال انه لدى التدقيق في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، يمكن التنبه إلى أن الأوضاع أكثر تعقيدا. موضحا، ان دعم إدارة بوش، لحكومة شارون، تساهم في جعل هذه الحكومة تترك الأمور تخرج من بين يديها من دون القيام بأي شيء للتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ولاحظ انه بعد أن عملت واشنطن، على وضع «خريطة الطريق» فقدت رغبتها في دفع «إسرائيل» للالتزام بهذه الخريطة. ورأى إستيرون، ان هناك نسختين لـ «إسرائيل». النسخة الأولى تريد أن تمتد أرضها من الأردن وحتى البحر، وهي مصممة على بناء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومصممة على عدم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الشرعية. أما النسخة الثانية من «إسرائيل»، فهي مكتفية بقيام دولة يهودية داخل الخط الأخضر ومستعدة للعيش بسلام مع دولة فلسطينية في الضفة والقطاع.

وتساءل الكاتب الإسرائيلي، أية دولة تدعمها أميركا؟ ومن دون أن يعطي أية إجابة على هذا السؤال، رأى إستيرون، انه من أجل تخليص منطقة الشرق الأوسط من الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، أرسل بوش، ما يزيد عن مئات الألوف من الجنود. وتابع انه حتى يتم وضع حد لجنون الانتحاريين لابد للإسرائيليين من أن يفكروا مليا وليس أن يلجأوا إلى الأعمال العسكرية. ومن هنا ختم إستيرون بعد أن عرض على ما يبدو معضلتين متسائلا عما إذا كان الرئيس الأميركي بوش قادرا على وضع سياسة من شأنها دفع السلام إلى المنطقة من دون إلحاق الأذى بالصداقة الأميركية لـ «إسرائيل»؟

العدد 425 - الثلثاء 04 نوفمبر 2003م الموافق 09 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً