العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ

الإجارة وأحكامها

تعريف الإجارة:

لغة: هي بيع المنفعة «والمنفعة شيء غير ملموس لذلك جوز خلافا للعادة».

اصطلاحا: عقد على منفعة مقصودة ومعلومة مباحة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم.

- مشروعية الإجارة:

الإجارة مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب فلقوله تعالى: «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ»(الطلاق: 6).

وقال تعالى حكاية عن إحدى ابنتي شعيب (ع): «قَالَتْ إحْدَاهما يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأمينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدى ابْنَتَيَّ هَاتَينِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ، فإن أَتْمَمْتَ عَشْرا فَمِنْ عِنْدِك»(القصص: 26). وأما السنة فلقوله (ص) «أَعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».

وروي عن سعد بن المسيب عن سعد رضي الله عنه قال: «كنا نكري الأرض على السواقي من الزرع فنهى الرسول (ص) عن ذلك وأمرنا أن نكريها بذهب أو ورق».

أركان الإجارة:

أركان الإجارة أربعة وهي:

1- العاقدان (مؤجر ومستأجر) ويشترط فيهما أهلية التعاقد وذلك ليترتب على تصرفهما آثار العقد أما إذا وجد نقص من عقل أو بلوغ فذلك ينفي التصرف وبالتالي لن يكون للعقد وجه شرعي.

2- الصيغة (الإيجاب والقبول) وهي التي تدل على التراضي بين الطرفين وتكون الصيغة بلفظ الإجارة والاستئجار والاكتراء والإكراء.

3- الأجرة. وأما الأجرة فلابد أن تنتفي عنها الجهالة والغرر.

4- المنفعة. أما المنفعة فلابد أن تكون مقصودة ومعلومة وألا تكون محرمة كما سيأتي بيانه في الشروط.

حكم الإجارة:

الإجارة إذا كانت صحيحة ثبت ملك المنفعة للمستأجر ويثبت ملك الأجرة للمؤجر، والإجارة عقد لازم لا ينفسخ إلا بما تنفسخ به العقود اللازمة من وجود عيب أو ذهاب محل استيفاء المنفعة لقوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»(المائدة: 1)، وإذا مات أحد المتعاقدين فلا ينفسخ عقد الإجارة لأنه عقد لازم وعقد معاوضة.

أقسام عمليات الإجارة:

1- إجارة المنافع:

وهي التي تعقد على الأعيان، بأن يتم دفع عين مملوكة لمن يستخدمها لقاء عوض معلوم. ويمكن أن تتم هذه الإجارة على نوعين من الأعيان:

إجارة الأعيان المنقولة: كالثياب والحلي والأواني وغيرها.

إجارة الأعيان الثابتة: كالدور والمنازل والأراضي وغيرها.

2- إجارة الأعمال:

هي التي تعقد على أداء عمل معلوم لقاء أجر معلوم. وله صورتان بحسب نوعية الأجير:

أ- الأجير الخاص: الذي يعمل لشخص واحد مدة معلومة ولا يجوز له العمل لغير المستأجر.

ب- الأجير المشترك: الذي يعمل لعامة الناس ولا يجوز لمن استأجره أن يمنعه عن العمل لغيره.

وتنقسم الإجارة إلى نوعين:

- الإجارة التشغيلية.

- الإجارة التمليكية.

- أولا: الإجارة التشغيلية

والإجارة التشغيلية تنقسم إلى قسمين:

1- إجارة معينة:

وهي الإجارة التي يكون محلها عقارا أو عينا معينة بالإشارة إليها أو نحو ذلك مما يميزها عن غيرها.

2- إجارة موصوفة في الذمة:

وهي الإجارة الواردة على منفعة موصوفة بصفات يتفق عليها مع التزامها في الذمة، كالسيارة أو السفينة أو عقار غير معين لكنه موصوف وصفا دقيقا يمنع التنازع.

ثانيا: الإجارة التمليكية:

وهي إجارة يقترن بها الوعد بتمليك العين المؤجرة للمستأجر في نهاية مدة الإجارة أو في أثنائها، ويتم التمليك بإحدى الطرق:

أ- وعد بالبيع بثمن رمزي، أو بثمن حقيقي، أو بتعجيل أجرة المدة الباقية أو بسعر السوق.

ب- وعد بالهبة.

ج- عقد هبة معلق على شرط سداد الأقساط.

- شروط وأحكام الإجارة:

1- يشترط أن يكون المعقود عليه (وهو المنفعة) معلوما علما يمنع من المنازعة.

2- يشترط في العين المؤجرة أن تكون مما يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها.

3- يشترط أن يكون المعقود عليه مقدور الاستيفاء حقيقة وشرعا.

4- يشترط أن يتبع المستأجر في استعمال العين المأجرة ما أعدت له مع التقيد بما شرط في العقد أو بما هو متعارف إذا لم يوجد شرط.

5- يجوز العقد على المنافع المباحة، أما المنافع المحرمة فلا يجوز الإجارة عليها.

6- يلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمعقود عليه.

7- يشترط بيان المدة في إجارة المنافع.

8- يشترط أن تكون الأجرة مالا منقوصا معلوما ولا تستحق الأجرة فيه بالعقد بل بالتمكين من محل الأجرة.

9- يجوز في كل من الإجارة المعينة والإجارة الموصوفة في الذمة تعجيل الأجرة أو تأجيلها أو تقسيطها (بحسب الاتفاق).

10- يجوز أن تكون الأجرة منفعة عن جنس المعقود عليه أو من غير جنسه كإجارة دار بسكن دار أخرى.

11- يجوز اتفاق الطرفين أثناء فترة الإجارة على إعادة النظر في كل من مدة الإجارة أو القيمة الايجارية الكاملة أو المقسطة وذلك لأن عقد الإجارة يقع على فترات زمنية في المستقبل.

12- العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر فلو هلكت من دون اعتداء منه أو مخالفة أو تقصير في الحفظ فلا ضمان عليه.

13- يشترط أن يتحمل المؤجر مسئولية المالك عند تأجيره العين ومن ذلك تبعة هلاك العين ودفع كلفة التأمين والقيام بالصيانة الأساسية الواجبة على المالك، ولا مانع من توكيل المستأجر بالقيام بالإجراءات المذكورة لكن على حساب المالك المؤجر.

14- يجوز لمن اشترى عينا وامتلكها ملكا تاما شرعيا أو استأجرها أن يقوم بتأجيرها إلى من اشتراها منه بشروط الإجارة المعتبرة شرعا.

15- يجوز إيجار المستأجر إلى جهة ثالثة (غير المؤجر) الشيء الذي استأجره بما لا يزيد على مدة العقد.

16- يجوز شراء عين محملة بعقد إيجار ويستمر عقد الإيجار مادام من آلت إليه هذه العين قد وافق على استمرار واستكمال مدة الايجار.

17- يشترط سلامة العين المؤجرة من حدوث عيب يخل بالانتفاع بها ويكون المستأجر بالخيار بين الإبقاء أو الفسخ في حال حدوث عيب يخل بالانتفاع بالعين.

18- بمجرد انقضاء الإجارة يلزم المستأجر رفع يده عن العين المستأجرة لتعود إلى المؤجر.

19- الأصل في عقد الإجارة اللزوم، فلا يملك احد المتعاقدين الانفراد بفسخ العقد إلا لمقتض تنفسخ به العقود اللازمة من ظهور العيب أو فوات المعقود عليه كانهدام الدار وهلاك العين.

20- إذا تلف محل الإجارة، في الإجارة الموصوفة بالذمة، لم يسقط عقد الإجارة إذا قدم المؤجر عينا أخرى تتوافر فيها الصفات المتفق عليها في عقد الإجارة.

21- للمستأجر بطريقة الإجارة الموصوفة بالذمة أن يؤجر لغيره إجارة موصوفة بالذمة أيضا بشكل متوافق مع صفات الإجارة الأولى من دون ربط بين العقدين.

إصلاح العين وصيانتها:

لا شك أن العين المؤجرة تحتاج إلى صيانة وإصلاحات وغير ذلك، فمن هو الملزم بصيانتها وإصلاحها؟

أ- قرر الفقهاء أن العين إذا لحقها عطب يعوق الانتفاع بها فالإصلاح يكون على المؤجر لأنه هو المالك للعين، ويثبت للمستأجر الخيار في فسخ العقد في حال امتناع المؤجر من إصلاح هذا العيب لأنه يفوت على المستأجر الانتفاع والذي هو محل الإجارة فإن كانت المنفعة معدومة فتكون الأجرة بلا مقابل.

ب- أما إذا وقع العيب بتعد وتقصير من المستأجر فقد وجب على المستأجر إصلاح ما أفسده بتعديه.

ج- أما إذا وقع العيب مع الاستخدام العادي والطبيعي وتلفت العين كأن يخر السقف أو جدرانه فالإصلاح هنا يكون على مالك العين وهو المؤجر.

د- أما بالنسبة إلى الصيانة الدورية والتشغيلية فهي تجب على المستأجر، هذا في حال ما يستغل عادة بالاستخدام.

انتهاء عقد الإجارة:

ذكرنا سابقا أن الإجارة لا تنتهي بموت أحد المتعاقدين على رأي الجمهور خلافا للحنفية الذين يرون أن عقد الإجارة ينتهي بموت أحد المتعاقدين. كما ينتهي عقد الإجارة بهلاك العين المؤجرة لفوات المنفعة، وكذلك ينتهي عقد الإجارة بانقضاء مدة الإجارة إلا لعذر.

مشرف إدارة الرقابة الشرعية الداخلية - بنك البحرين الإسلامي

العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً