العدد 473 - الإثنين 22 ديسمبر 2003م الموافق 27 شوال 1424هـ

الحجاج المفترى عليه (2-2)

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

وماذا فعل صدام بالعراق؟... دمر مقومات الدولة وضرب العراقيين في الصميم، شمال تركي وجنوب شيعي ووسط سني. أعطى عرفات مالا وغير عرفات، وبدد الباقي على الحروب وفي الداخل بنى قصورا وتماثيل. وشرد شعبا بكامله؛ فالبياتي مات غريبا، والجواهري مات وهو يحلم بدجلة الخير ويناديها «يادجلة الخير يا أم البساتين»، ومظفر يصارع المرض، وعقول نووية ذبحت في الغربة وأفواج من المهاجرين ابتلعهم المحيط وهم يقتربون من استراليا أملا في الوصول الى ملجأ. مخطئ من يعتقد أن الأميركان جاءوا لدمقرطة العراق، ذلك وهم، إنما جاءوا لأمركة المنطقة ولعبرنة الوطن العربي والخليج لتكون «إسرائيل» هي المركز، والصور التي بثتها عند أسر صدام لم تكن عفوية هي رسالة للجميع، ولكن هل نستفيد من الدرس؟ نعم سقطت الأسطورة إذ لم يكن صدام متمنطقا بحزام ناسف، ولم يطلق رصاصة ولم يحاول ابتلاع كبسولة سيانيد للانتحار. وعلى رغم ذلك مازلنا مصرين على بقاء الصورة، متشبثين بالوهم، ابنة الرئيس رغد تصر أنه كان مخدرا وبعض مثقفينا نسج معركة عبر قناة «الجزيرة» ادعى فيها أن هناك كانت مقاومة، وموتى وقتلى و... قبل أسر صدام الخ.

أما الجماهير فهي جماهير خرافة يسقط صنم من شمع فتبني لها أصناما من تمر، تأكلها حينا اذا غضبت عليها وإذا أحبتها حولت من تمرها ذهبا. كان بإمكان صدام أن يحول العراق إلى يابان العرب ولكنها النرجسية وعبادة الذات، كان طفلا يتيما، تحول الى رئيس حزب ثم أصبح رئيس دولة ثم أراد أن يكون رئيس العروبة وإذا به يريد أن يكون العروبة ذاتها الى أن أجبر علماء الأنساب أن يزوروا الشجرة العائلية ليكون جده الرسول (ص). أعطي أغنى دولة وإذا به يريد ايران ومن ثم الكويت وبعدها كل الخليج وهكذا كما يقول سمير عطا الله «كان من الصعب اقناعه أن للأشياء منطقا وللطموح حدودا وللزعامات شروطا».

لقد فعلت الدكتاتورية فعلها وكانت النهاية موت شعب وقتلا طال حتى عائلة الرئيس، فصدام في الأسر وقصي وعدي، ومصطفى ابن قصي قتلوا، وصدام كامل، وحسين كامل قتلا، وحلا مختفية، ورغد ورنا في الأردن، وزوجة صدام (ساجدة)، ربما توجد في سورية، والزوجة الثانية سميرة الشهبندر في لبنان! فماذا بقى؟ الدكتاتورية أسقطت العراق في يد المحتل الأميركي وخطر الحرب الطائفية يهدد العراق والصدمة النفسية لسقوط بغداد عاودت جرح نكسة 67 من احتلال «اسرائيل» للدول العربية. ولكن مازال معقودا في وحدة وطنية للعراق ونتمنى من النظام العربي أن يستفيد من الدرس ويطبق الديمقراطية.

كان الأولى على بعض محامينا البحرينيين الترافع عن زهور بحرينية ذُبحت على أطراف دجلة. كل المبررات التي تُساق للدفاع عن حجاج العصر مبررات واهية ضعيفة، فهي أعذار أقبح من ذنب. وهذه الطرزانية من الترافع كان من الأولى توظيفها للدفاع عن كل بيت بحريني مكلوم، فإحدى أمهات الشهداء البحرينيين الذين قُتلوا في العراق ماتت كمدا بعد أن تيقنت قتل ابنها في العراق. فعلا أسخف المثقف عندما يكون ديناصورا بعقل ذبابة أو بضمير لا يستيقظ إلا عندما يتوجع الذئاب!

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 473 - الإثنين 22 ديسمبر 2003م الموافق 27 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً