العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ

في أوساط الشباب...صرعة الأرقام وموجة التقليد

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

منذ الطفرة ونحن نحاول التعايش مع بيئتنا القديمة ذات الطابع الجاف، والبيئة المعاصرة ذات الطابع الحضاري. فنشأ عن ذلك جيل واع مثقف مدرك، وجيل أحس بضياع بين البيئتين. فهو مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فحاول تكوين نفسه. وتلك خطوة إيجابية تستحق التقدير. لكن هل التكوين الشخصي يستدعي ضرورة أن يقوم بتقليد الآخر؟ فما هي إلا 20 سنة مضت حتى غزت أسواقنا صرعات شبابية فعلا تثير الانزعاج. لسنا ضد التنويع، لكن ضد تلك الصرعات التي أذابت معنى الرجولة في النفوس. وغير ذلك نلاحظ المنافسة الحادة بين شبابنا بأرقام هواتفهم النقالة أو (الجوال)، كلنا يذكر الجوال قبل 7 سنوات حينما أصبح متوافرا، لم يكن أحد يفكر برقم ما أو (مميز) على حد قولهم. بل كل ما يفكر فيه هو الحصول على هذه الأداة المفيدة. لكن حينما هبط سعره بحدة، اشتدت المنافسة، وبات الطفل الذي لم يبلغ بعد يود لو أن له هاتفا نقالا، بل ويطالب برقم مميز!

أضف إلى ذلك التنافس على لوحات السيارات! فإن أصحاب اللوحات السهلة الحفظ، لهم مكانة خاصة في نفوس الشباب! والسيارة - مهما كانت فخامتها - لا تكتمل من دون لوحة مميزة! هذه أمور فعلا تشهد على مدى أن الشباب بلا قضية تشغل بالهم، وكيف أن لهم مطلق الحرية التي باتت تسيء وتزعج الآخر...

أصبحت السيارة هي الرجل... متى كانت فاخرة كان هو الآخر شخصا مرموقا ومن طبقة عليا. وأصبحت السيارة هي الإخلاص... متى كانت فاخرة كان هو الآخر طيب القلب... وإذا نظرنا إلى أصل الأمور، نكتشف أنها مجرد أمور اخترعها الإنسان لخدمته، لا أن تسيطر على مزاجه وشخصيته!

وإذا سألنا أحدهم عن سبب ارتكابهم لهذه الحماقات، سيخبرك أنه لا يريد أن يكون أقل من غيره... أي لو قام هؤلاء باختراع فكرة النوم في النار قد ينجر إليها بعض الشباب من دون تردد ينسون بذلك أن المفاخرة لا تكون بما يملكونه من الخارج، بل بما يملكونه من الداخل...

قيل في الأمثال الإنجليزية: «You are what you know» أي أنت ما تعرف، أو بمعنى أوضح: قلي بما تفكر أخبرك من أنت...

بقليل من التدبير والتفكير يمكننا حل تلك القضايا البسيطة، خصوصا في زمن العولمة والتطور التقني، يتطلب ذلك وجود شباب صامد قادر على التكيف مع العولمة، وقادر على إبقاء روح العروبة بدمه.

والحمد لله، أن تلك الفئة الطائشة قليلة، ويمكنها أن تعالج وضعها لو نظرت إلى من حرم من نعمة ما، نعمة الوالدين، نعمة السمع أو البصر... ويبقى الإنسان هو دليل نفسه، فإن لم يتوصل إلى قناعة داخلية بتفاهة تلك الأمور، فبالتأكيد لن يصل إلى حل وسط..

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً