العدد 2689 - الجمعة 15 يناير 2010م الموافق 29 محرم 1431هـ

مَنْ ظَلَمَكَ يا سيد خاتمي عندما كُنتَ رئيسا؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بتاريخ 22 أغسطس/ أب من العام 1999 خَطَبَ المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي في صلاة الجمعة وقال «إنني أؤيد سياسات ومواقف رئيس جمهوريتنا المحترم (محمد خاتمي) مائة بالمائة» (راجع نص الخطبة).

وكان قبلها خاتمي الذي جاء إلى السلطة في 02 أغسطس من العام 1997 يتعرّض لانتقادات لاذعة من المؤسسة الدينية والسياسية المحافظة، تطوّرت لأن يقوم أربعة وعشرون جنرالا في الحرس الثوري بإنذاره لدواعٍ قالوا إنها تتعلّق بالوضع الثقافي في إيران.

وبتاريخ 19 يونيو/ حزيران من العام 2009 خَطَبَ المرشد الأعلى مرة أخرى في صلاة الجمعة فقال «إن بينه (أي رفسنجاني) وبين رئيس الجمهورية (أحمدي نجاد) اختلاف في الآراء، ورأي رئيس الجمهورية أقرب إلى رأيي». (راجع نص الخطبة).

وكان قبلها الرئيس أحمدي نجاد الذي جاء إلى السلطة في 02 أغسطس من العام 2005 يتعرّض لموجة نقد قاسية لبرامجه الاقتصادية ولسياساته الداخلية والخارجية من قِبَل الأحزاب وأطراف مهمّة في النظام وكذلك الصحافة التي نشرت أكثر من 300 ألف مقال وتحليل ضد الرئيس.

في التأييد الأول من المُرشد الأعلى لمحمد خاتمي كان الترحيب عارما من قِبَل الإصلاحيين بشتّى أطيافهم بل وحتى من الليبراليين (راجع مقابلة قناة الجزيرة مع إبراهيم يزدي رئيس حركة الحرية بتاريخ 28 أغسطس 1999). وفي التأييد الثاني من المُرشد كان التنديد أيضا صارخا من قِبَلِهم! وهي المعادلة المعقوفة التي لا يُرى منها سوى احتكار «اللازم والصواب» لدى هؤلاء دون سواهم.

لم يَقُل المحافظون حينها إن تأييد خامنئي لخاتمي جعل من الأول طرفا في الصراع. ولم يقولوا إن تصريحه في صلاة الجمعة سيكون تزكية للتيار الإصلاحي الذي كان يستعد لخوض انتخابات البرلمان السادس في فبراير/ شباط من العام 2000 (أي بعد ستة أشهر فقط من الخطبة) والذي فازَ فيها الإصلاحيون (لاحقا) بشكل كاسح.

لكن الإصلاحيين قالوها جهارا هذه المرة بُعيد الخطبة المُرشديّة التي تلت الانتخابات الرئاسية الأخيرة. واعتبروا موقف المرشد المُؤيّد لأحمدي نجاد ضربة لهم وإسنادا للرئيس في قِبال خصومه!. السؤال هنا: كيف يصبح الرجل طرفا في يوم ولا يُصبح كذلك في يوم آخر رغم أن الموضوع والمصداق واحد؟!.

إنها ازدواجية غير عادلة. هم يُدركون أن دعم رئيس الجمهورية هو دعم لدستورية هذا المنصب. ومثلما بادر المرشد لدعم أحمدي نجاد وسط موجة غير عادية من الخصوم، فقد دَعَمَ سَلَفه في السابق وسط الحجم ذاته (نسبيا) من الخصومة.

يُخطئ الإصلاحيون حينما يقولون اليوم إنهم لم يكونوا يمتلكون صلاحيات حقيقية. قالها لي السيد محمد خاتمي في لقاءٍ صحافي معه (منشور في صحيفة «الوسط» بتاريخ 06 إبريل/ نيسان 2006). لكن ذلك لم يكن صحيحا على الإطلاق، وفي ذلك شواهِد.

تخيّل أن الإصلاحيين كانوا مُهيمنين على السلطتين التنفيذية والتشريعية (الحكومة والبرلمان) وعلى المجالس البلدية. ورغم ذلك زادَ آية الله خامنئي من دعمه لهم حين لَجَمَ المتشددين في التيار المحافظ وفي قوى الأمن والبسيج والباسدران وانتصر للإصلاحيين في قِبال هؤلاء.

وحتى في التغييرات الهيكيلية التي جرت داخل السلطة القضائية بعد مجيء آية الله هاشمي شاهرودي في أغسطس من العام 1999 فقد قام المرشد بدعم تعيين أحد القريبين من خاتمي وهو آية الله هادي مروي نائبا أول لرئيس السلطة القضائية الجديد لتدعيم مكانة خاتمي والإصلاحيين في النظام.

بل إن المُرشد قام بعزل قائد شرطة طهران الجنرال فرهاد نظري في 25 أغسطس من العام 1999 (وهو من أقوى العناصر المحافظة) بعدما اعتُبِر مذنبا وحُمِّلَ مسئولية اقتحام عناصر من الشرطة مساكن الطلاب في جامعة طهران في 08 يوليو/ تموز 1999 وأحيل ومعه عشرون مسئولا من الشرطة إلى المحكمة العسكرية.

لقد ساعَد النظام محمد خاتمي والإصلاحيين لكي يُمرّر مشاريعهم. وسَمَحَ لهم أن يُغيّروا وجه إيران الثقافي رأسا على عقب، ويُطلقوا شعار الحريات الذي فَتَقَ القشرة الصلبة لنَزَعات الفتوّة الإيرانية إلى أبعد الحدود في مجتمع محافظ تقوده الحوزة الدينية.

لقد دَعَم النظام خاتمي والإصلاحيين وأجازَ لتيارهم الذي كان يُهيمن على البرلمان سبعين في المائة من المشاريع المُختلف عليها بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور. ولم يعترض النظام على الرئيس الإصلاحي حينما قام بتغيير 5000 من كبار موظفي الدولة، وأزاح المحافظين عن مناصب حسّاسة حتى في وزارة المخابرات والسلك الدبلوماسي.

ذَهَب الدعم إلى أكثر من ذلك، حينما كان يأتي في أدقّ الأمور. فقد أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي (الذي يُهيمن عليه المحافظون) في 31 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1999 إلغاء التظاهرة التي كانت مُقرّرة أمام المقر السابق للسفارة الأميركية في طهران، ناقلا عن وزير التعليم العالي في حكومة خاتمي حينها مصطفى معين أن القرار اتُخذ لأن «السلطات لا ترغب في إحراق أعلام أميركية».

وخلال ملف الاغتيالات التي طالت خمسة من المثقفين الليبراليين مَنَحَ المرشد الأعلى الرئيس خاتمي صلاحيات «تامّة» لمتابعة الملف بالتعاون مع رئيس السلطة القضائية، مُصرحا (المرشد) بأنه يجب «اجتثاث جراثيم وأسنان فاسدة» من جسم الوزارة. (راجع خبر لقاء خاتمي بوزير الاستخبارات على يونسي وكبار مسؤولي الوزارة بتاريخ 23 ديسمبر/ كانون الأول 1999).

من غير المعقول أن يأتي الإصلاحيون اليوم ليقولوا عكس ذلك. فإذا كانوا قد فشلوا في برامجهم السياسية والاقتصادية طيلة ثمانية أعوام فمن الخطأ تحميل ذلك للآخرين. وإذا كانوا يكتمون مشروعا سياسيا للدولة غير الذي هو قائم في إيران فعليهم أن يقولوه صراحة، لكي يعلم الجميع حدّه وحدوده.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2689 - الجمعة 15 يناير 2010م الموافق 29 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 7:34 ص

      زائر 24 انت الذي حاول مره اخرى

      زائر 24 انت الذي حاول مره اخرى وانصحك انر تراجع الدستور الايراني افضل من مصدر الجزيرة
      بدل النقل واللصق ياعبقري

    • زائر 25 | 4:25 م

      زائر 22 مجلس خبراء القيادة حاول مرة أخرى

      تناط بأعضاء مجلس صيانة الدستور مهمة مزدوجة هي: مرة عند الترشيح لعضوية المجالس التشريعية‏,، ومرة عند إصدار المجالس للقوانين واللوائح‏، فهو يشرف على جميع الاستفتاءات التي تجرى بدولة إيران، سواء تعلقت بالبلديات أم التشريعيات أم الرئاسيات أم اختيار أعضاء مجلس الخبراء، فلمجلس صيانة الدستور تقييم المرشحين وإعلان رأيه بشأن أهليتهم للترشح.\\ يعني في الأول و الأخير الكلمة لخامنئي\\. المصدر الجزيرة نت.

    • زائر 24 | 1:09 م

      لنستمع

      لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني.

    • زائر 23 | 12:06 م

      مجلس خبراء القيادة

      يعتبر مجلس خبراء القيادة الإيرانية الهيئة الأساسية في النظام الإيراني الذي عهد إليه الدستور مهمة تعيين وعزل قائد الثورة الإسلامية في إيران، ويتألف هذا المجلس حالياً من 86 عضواً يتم انتخابهم عن طريق اقتراع شعبي مباشر لدورة واحدة مدتها ثماني سنوات، بحيث تمثل كل محافظة بعضو واحد داخل هذا المجلس طالما كان عدد سكانها نصف مليون نسمة، وكلما زادت الكثافة عن ذلك، كلما زاد معها تمثيلها بعدد الأعضاء.

    • زائر 22 | 11:43 ص

      ما عليك اخى محمد

      ما عليك اخى محمد موضوعك جميل ورائع وبه من الحيادية لكن تبقى موضعاتك تزعج الاخرين وخصوصا الحاقدين فترى من يزج البحرين في الموضوع والثاني يقارن بين ديمقراطية العرب وايران واعتقد

    • زائر 21 | 11:37 ص

      زائر 7 الجنوساني

      الا كُنت ممن يقول انت في ايران اذا لا ظالم ومظلوم فيها) ايعقل لا يوجد ظلم الظلم موجود في كل مكان لكن ماذا اخي الكريم عن الظلم الموجود في الانظمة العربية هل تقبلها او تلمعها مثل وسائل الاعلام العربية

    • زائر 20 | 10:52 ص

      من هو رأس الفساد؟

      الأيرانيون نفسهم يقولون افضل عهد في عهد خاتمي و ما قدر يستمر في الأصلاح بسبب خامني كل شيء بيدة و هذه الأنتخابات شكلية خامني هو رأس الفساد

    • زائر 19 | 10:30 ص

      كاتب

      هذا ماعنده الا مواضيع ايران وكيف تزوجوا وكيف جلسوا مع بعض وكيف تزاعلوا

    • زائر 18 | 10:26 ص

      من وجهه ما يطمئن

      كاتب يريد يقدح على طريقة مدح ............ حق البسطاء في القراءة والثقافة يصدقون انه محايد ......

    • زائر 17 | 10:23 ص

      رد الى زائر 14

      حتى لو بطبل للنظام الايراني خل عندك منطق يعتد به تقول يوم جاء خاتمي الى الحكم زادت المشاكل ,, يعني الحين في زمن نجاد ام المشاكل حدثت وثانيا خمنائ يقول لك خاتمي في فترة حكمه كان كويس ,, تهريج همج رعاع ينعقون مع كل ناهق

    • زائر 16 | 9:22 ص

      ألى جميع المغترين "بديمقراطية" ايران

      مثل ما قال زائر 5 (ايران و العرب)، ديقراطية ايران عبارة عن مؤسسات ديقراطية (تخضع) للولي الفقيه (خامنئ)، يعني ديمقراطية صورية لا أكثر، برلمان و انتخابات رئاسية و غيره و لكن في الأخير الكلمة لخامنئي! لا يقصون عليكم الكتاب المأجورين.

    • زائر 15 | 8:46 ص

      منذ مجيء خاتمي الى الحكم زادت مشاكل ايران

      منذ مجيء خاتمي الى الحكم زادت مشاكل ايران وخلافات سياسييها . حكمه كان خطأ في خطأ . نقطة

    • زائر 14 | 7:34 ص

      first time

      سلام
      صراحه اول مره في حياتي أكتب لجريده أو مجله. لكن مقالاتك وااااجد تلفت الإنتباه لدقتها و الحياديه إللي تستخدمها في مقالاتك.
      الله يعطيك العافيه وإن شاء الله للأمام.

    • زائر 13 | 7:13 ص

      الى رقم 3

      باقيه بإذن الله تعالى

    • زائر 12 | 7:09 ص

      عجبني

      باختصار.. مقالك جدا لطيف اليوم وموضوعي لأبعد حد.

    • زائر 11 | 7:06 ص

      دولة الاسلام الجديد

      مشاكلها مي قادرة تحلها وتبي تحل مشاكل الدول

    • زائر 10 | 6:49 ص

      شكر وتقدير

      خالص الشكر والتقدير
      و جزيل الثناء و لاطراء لقلمك الاكثر من رائع في تحليل الوضع السياسي الايراني تحليلا دقيقا يفند اشاعات المغرضين و ارجاف المرجفين ضد هذا البلد المسلم الصديق
      هل تسقط نظرية ولاية الفقيه؟
      الجواب بكل بساطة لا لانها نظرية علمية لها ادلتها وبراهينها القوية والمثبتة و حتى لو سقط النظام الايراني كما يتمنى السائل لا اعطاه الله مراده لايعني سقوط النظرية لان كثيرا من النبياء وكثيرا من المخلصين لم يستطيعوا اتمام مشاريعهم الناهضة فهل سقطت نظرياتهم !و هل سقطت حقيقة النبوة بموت النبي؟

    • زائر 9 | 6:49 ص

      من افضل إلى الأفضل

      دعائي لك بالتوفيق يا أستاذنا الكريم

    • زائر 8 | 6:16 ص

      إبراهيم الجنوساني

      ولنفترض جدلا ان السيد خاتمي لم يُظلم وهو يُصرح عكس ذلك,, الم تُظلم قائمة من مراجع الدين وقوائم من صفوة صفوة المجتمع ونُخبه ,, الم يظلم الخامنئي المرشحين في الانتخابات عندماا نحاز لنجاد وزكاه (دعاية تروجية مجانية ) وسبق نتائج الانتخابات ,, الم تُقمع الاحتجاجات الشعبية على نتأئج الانتخابات بصورة رهيبة ,... الم يظلم القادة الايرانيون عندما يقولون بأن البحرين لهم وتابعة محافظاتهم وكم وكم ظلم وقع وانت تقول هناك شخص لم يُظلم ,,الا كُنت ممن يقول انت في ايران اذا لا ظالم ومظلوم فيها

    • زائر 7 | 6:14 ص

      القلم النزيه والمتألق

      تتألق يوم بعد يوم يا كاتبنا الكبير، أشهد بأن لا مثيل لك على وجه هذا الأرض، أنني متأكد بأن السيد القائد مطلع على مقالاتك لا شك في ذلك وأنني على يقين بأنك ستلاقيه وجها لوجه ليصاحفك كما صافح الكاتب الصغير في الإمارات، ولكن الفارق بأنك كاتب نزيه.

    • زائر 6 | 6:02 ص

      العرب وايران

      ديمقراطية ايران لا تفرق بينها وبين الديمقراطيات العربية الا في القشريات والشكليات وفي النهاية الصلاحيات والقرارات السياسية في يد شخص ولي الفقيه نسمع رايكم ولاكن كلمتي هي الا تمشيء . حركات مو اكثر

    • زائر 5 | 5:59 ص

      خامنئي الزمان

      خامنئي زكى احمدي نجاد قبل ما تزكيه صناديق الاقتراع وبعدين يقولون النظام محايد وصناديق لقتراع هي الحكم , هل يوجد ضحك على الذقون اكبر من هذا .......... دمتم سالمين

    • زائر 4 | 5:01 ص

      هل تسقط نظرية ولاية الفقيه؟

      العلم عند الله.

    • زائر 2 | 11:53 م

      اخاف من الاصلاحيين

      لو كنت ايرانيا لخفت من الاصلاحيين.. لانهم ببساطة لايحترمون شئ اسمه صندوق الاقتراع الذي اوصل السيد خاتمي نفسه واوصل نوابهم الى السلطة فترة طويلة.. فاذا لم يفوزوا فان الانتخابات مزورة الشئ الذي لم يقله المحافظون بل احترموا الصندوق وارجع منظروهم خسارتهم الى برامجهم التي لم يقنعوا بها الناخب الايراني, وكوني عربيا فان خوفي يصبح اشد , لانهم ببساطة قالوها لا غزة ولا لبنان في توجة قومي شوفيني صريح وصارخ ضدنا نحن العرب بل ان بعضهم قالها بصراحة مالنا والعرب ودعا للتحالف مع اسرائيل.شكرا لكاتبناالقدير

    • زائر 1 | 11:10 م

      شكرا

      شكرا على الموضوع الاكثر من رائع

    • الغدير | 7:03 م

      بوش ونجاد

      الإصلاحيين في إيران ما عندهم سالفة أصلاً وفيهم من تعلب به أمريكا لتحريك الناس ضد الحكومة.. الأمر العجيب أنهم يعترضون على فوز نجاد بالانتخابات ويدّعون أن الكثير كان معارضاً له ولكن رغم ذلك تم ترشيحه مرة ثانية كيف؟ .. ولم يفكروا قط أن هذه هي الحصيلة الحقيقة للانتخابات ولا يمكن لأحد أن يعترض عليها ما دام لا يوجد لديهم دليل على بطلانها .. كما أنه الكثير كان معترضاً لسياسة بوش ورغم ذلك تم انتخابه مرتين متتاليتين .. هناك دافع واحد يدفع الإصلاحيين للاعتراض على الحكومة هو أمريكا وأهداف أمريكا

اقرأ ايضاً