العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ

ليست «أزمة رمل» وإنما «أزمة قرار حكومي»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

«أزمة الرمل» التي تمر بها البحرين ليست أزمة حقيقية لو بادرت الحكومة وأعلنت موقفها وماذا تريد أن تعمل، فالأزمة الفعلية هي عدم اصدار تصريح من أي مسئول حكومي لحد الآن وبعد مرور فترة ليست قصيرة على استمرار شح الرمل.

بادئ ذي بدء فإن جميع مواد البناء صعدت أسعارها وذلك قابل للفهم، ما عدا مسألة الرمل. فبسبب النمو الهائل للصين (نمو مستمر بمعدل عشرة في المئة سنويا) فإن معظم مواد البناء من حديد وخشب وإسمنت وحصى (كنكري) قد ازدادت اسعارها بسبب ازدياد الطلب الصيني عليها. فالإسمنت زاد بنسبة 15 إلى 20 في المئة والحديد ربما بزيادة 50 في المئة، وهكذا بقية المواد التي تتجه عالميا إلى الصين. ولكن الرمل ليس من السلع التي تنتقل حول العالم مثل الحديد والخشب والإسمنت، ومع ذلك فإن البحرين تعاني من «شح الرمل»، ونتج عن ذلك ظهور «سوق سوداء» يعلم بوجودها الجميع تستفيد من هذا الشح مع زيادة في الأسعار تتراوح بين 10 و25 في المئة.

البحرين تستورد كل مواد البناء من الخارج، وتستورد الرمل من المملكة العربية السعودية. السعودية لديها ملاحظات ولذا منعت تصدير نوعين من الرمل. فوزارة النفط السعودية ترى أن نوعا من أنواع الرمل السعودي الممتاز يمكن الاستفادة منه في صناعة الزجاج السعودي بدلا من تصديره إلى البحرين من أجل الردم والدفان والاستخدام الذي لا يتناسب مع جودة الرمل. أما النوع الآخر فهو ممنوع لأن الجهات الرسمية السعودية تقول إن الحفر انتشرت في أراضيها بسبب فتح المجال لجرف الرمل بصورة غير منظمة. وفي الحالين فإن السعودية لها الحق في أن تتخذ قرارات بشأن ما يمكن تصديره وطريقة تصديره.

المشكلة هي في الجانب البحريني الذي لم يعلن أي شيء، ما يترك المقاولين في حيرة من أمرهم. فلو أن الحكومة البحرينية قالت إن الرمل السعودي لن يصدر إلى البحرين وإن المنع سيستمر، فبإمكان المقاولين حل المشكلة عبر استخدام رمل البحر. واستخدام رمل البحر يحتاج إلى مصنع لمعالجته يكلف حوالي 150 ألف دينار، ويحتاج لأربعة أشهر لشرائه وتركيبه. كما أن المقاولين سيحتاجون إلى مركب أو مراكب يكلف الواحد منهم ملايين الدنانير لجلب الرمل البحري. والتجار بإمكانهم التعاون لحل هذا الأمر عبر تأسيس شركات وشراء معدات ومراكب، ولكن ماذا لو باشروا العمل في هذا الأمر الذي يكلف المال والوقت والجهد الجهيد وإذا بالرمل السعودي ينهال مرة أخرى على البحرين؟ فهل ستعوضهم الحكومة عن ذلك؟ ماذا لو اشترى المقاولون مركبا يتطلب صنعه وإرساله إلى البحرين ثمانية أشهر ويكلف عدة ملايين من الدنانير، ولكن قبل أن يصل المركب يكون الرمل السعودي وصل عبر الجسر؟

مشكلة أخرى تتعلق بأصحاب الشاحنات المخصصة لنقل الرمل من السعودية وعددهم غير قليل. فجميع هذه الشاحنات مصنوعة من الألمنيوم بالنسبة إلى الحاوية التي تحمل الرمل، وهذا يعني أنه لا يمكن استخدامها لنقل مواد أخرى غير الرمل، لأن المواد الأخرى ستحدث أضرارا بالألمنيوم. وهؤلاء محتارون، هل ان أزمة الرمل مستمرة وبعيدة المدى وبالتالي فإن عليهم أن يغيروا معدن الحاوية من الألمنيوم إلى الحديد؟ ماذا لو بدأوا بذلك (وهو يكلف كثيرا) وإذا بالرمل السعودي يسمح به مرة أخرى؟

أسئلة كثيرة لا يمكن الجواب عنها، إلا إذا قررت الحكومة أن تتحمل مسئولياتها وأن تصرح ولو تصريحا واحدا يحل الإشكالات كلها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً