أرستقراطية بكل ما للكلمة من معنى، متجددة بشكل دائم وشبابية على رغم عمرها الطويل الذي تخطى قرنا ونصف القرن، اعتُبرت مرادفا للثراء والفخامة والسلطة ورمزا للأناقة والإبداع ومزيجا بين التقليد الاجتماعي القديم والابتكار والعصرنة الحديثة، تجسد قيما ثقافية توقد الحلم وتشعل الخيال، بكل بساطة «لويس فيتون» هي العلامة التجارية الأكثر ثراء لصناعة الجلود الفاخرة والأزياء والتصاميم الراقية التي تبعها الكثيرون من الأثرياء قبل أن تصل بلادهم.
ليس مستغربا أن يعشقها العرب وأبناء الخليج ويقبلون على اقتناء منتجاتها، وهي التي منذ بداياتها، عرفها وعشقها كبار العرب أمثال والي مصر إسماعيل باشا الذي في عهده حفرت قناة السويس. وهي تواصل مسيرتها التي بدأت منذ أكثر من 150 عاما وهي تستعد للاحتفال بعيدها الـ 451، محققة نجاحات كبيرة ومبيعات تخطت 61 مليار يورو من تجارتها المتمحورة حول الحقائب الجلدية الفاخرة، والأحذية والملابس الراقية والعطور ومستحضرات التجميل والإكسسوارات والمجوهرات. فما قصة العلامة التي عمل مطلقها في قصور الأثرياء في القرن التاسع عشر ليتربع اسمه بعدها وساما على صدورهم يتباهون به؟
«لويس فيتون» اسم «دار باريسية» لصناعة الحقائب الجلدية الفاخرة والأزياء الراقية التي عرفت بالجمع بين الجودة والابتكار لتلبي احتياجات عملائها من الطبقة الأرستقراطية. انطلقت في العام 1845على يد شاب فرنسي يدعى لويس فيتون كان يعمل في صناعة صناديق السفر وتغليف أمتعة وأغراض المسافرين الأثرياء. قبل أن يقرر تأسيس أعمال خاصة به لصناعة أمتعة مترفة ذات جودة عالية تحمل اسمه، وفتح متجرا له في شارع نوف دي كابوسين في باريس قريبا من ساحة فندوم في الشانزليزيه. أعمال لويس فيتون كانت عبارة عن صناديق لحفظ الأمتعة مصنوعة من الخشب ومغلفة بطبقة من الجلد الفاخر، ليحفظ محتوياتها من التلف خلال السفر.
وكان معظم زبائنه من الطبقة الأرستقراطية في المجتمع الفرنسي، نظرا إلى الثقة التي اكتسبها من خلال فترة عمل طويلة معهم، وكانت ابتكاراته تلقى اهتماما كبيرا من قبلهم، ما أعطاه شهرة وسمعة المعلم في صناعة الأمتعة طيبة في الأوساط الراقية في العالم. وهذه الشهرة جعلته يتوسع خارج نطاقه الجغرافي مع زبائن من أمثال ملك إسبانيا الفونسو الثاني عشر، وقيصر روسيا نيكولاس الثاني، ووالي مصر إسماعيل باشا أيام حفر قناة السويس. عمل لويس فيتون على تطوير صناعته من الحقائب لتتلاءم مع متطلبات السفر الجديدة التي برزت بمفاهيم جديدة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، فأدخل تحسينات جوهرية على الحقائب تتعلق بالحجم والوزن والمظهر الخارجي، مستخدما أفضل وأغلى أنواع الجلود والأقمشة التي كان يطلبها زبائنه.
في العام 1885 افتتح أول متجر للويس فيتون في لندن، وأوكلت مهمة إدارته إلى ابنه جورج الذي أخذ بتطوير صنعة أبيه، مطلقا ابتكارات جديدة من الحقائب الصغيرة والآمنة التي لا تتأثر بالعوامل الطبيعية أثناء السفر، والمزودة بحماية ضد السرقة. كما طور حقائب اليد الصغيرة والبسيطة للنساء، وأطلق في العام 1892 مجموعة حقائب مطرز عليها أول حرفين من اسم لويس فيتون على خلفية رسومات نجوم وأزهار. ومنذ ذلك الحين اعتمد هذا التطريز رمزا للعلامة التجارية التي اعتمدت شعار فن التمتع بالحياة.
وابتداء من العام 1893 بدأت «لويس فيتون» تشارك في المعارض العالمية لتصاميم الأزياء، الأمر الذي ساهم في نشر اسمها وصورتها في أذهان جمهور عريض من المشاهير والأثرياء في العالم. وانتشرت بفضل ذلك محلات «لويس فيتون» في أنحاء واسعة من أوروبا وأميركا في أرقى المتاجر في نيويورك وفيلادلفيا وبيونس أيرس ونيس وبروكسل ومونتريال ولندن والإسكندرية.
بحلول العام 1914، كانت «لويس فيتون» قد أصبحت إحدى العلامات الأكثر فخامة وشهرة في المجتمع الأرستقراطي في العالم. وكانت بدايات التسلح قبل الحرب العالمية الأولى فرصة لـ «لويس فيتون» لتصميم الحقائب الجلدية وأغطية الأسلحة المصنوعة من الجلد الفاخر خصيصا لكبار الضباط، لكنها على رغم ذلك واجهت صعوبة كبيرة خلال الحرب، شأنها شأن جميع العلامات التي انخفضت نسب مبيعاتها وتعرضت لنقص في المواد الأولية التي تدخل في عمليات الإنتاج، لكنها عادت بقوة بعد الحرب واستعادت زبائنها الأرستقراطيين، حيث ازدادت الطلبات المميزة لأشخاص مميزين مثل «كوكو شانيل وآغا خان وماري بيكفورد» كما قدمت «لويس فيتون» خدمات تغليف الأمتعة للزبائن الذين كانوا يأتون من الخارج ويقصدون دور الأزياء العريقة في فرنسا مثل «إيف سان لوران وكريستيان ديور وشانيل» خلال الثلاثينيات. اشتهرت «لويس فيتون» باستخدامها جلود الحيوانات في تصاميمها للحقائب والشنط، حيث كانت تستخدم جلود الأفاعي والتماسيح والسلاحف في تصاميم مبتكرة ذات جودة عالية، وأطلقت «لويس فيتون» مجموعة من أغطية الآلات الطابعة والكتب والبنادق وأجهزة اللاسلكي وزجاجات النبيذ الفاخر، وعاشت فترة ذهبية مكنتها من تحقيق شهرة كبيرة وارتفاع للطلب على منتجاتها.
لأن لكل مأساة تأثيرا كبيرا وسلبيا، فقد عانت «لويس فيتون» خلال الحرب العالمية الثانية بعد تدمير متاجرها الراقية المنتشرة في العالم، ولكن ذلك لم يثن القيمين عليها من الاستمرار والنهوض من جديد لاستعادة ما أفسدته الحرب. واحتفلت «لويس فيتون» بمئويتها الأولى مؤكدة من جديد أنها فن التمتع بالحياة الفخمة والراقية، متماشية مع العصر والموضة السائدة، من خلال ابتكاراتها التي بقيت متربعة على عرش الثراء والأرستقراطية.
واعتمدت خلال فترة الخمسينيات والستينيات على مبدأ إشراك الفنانين الفرنسيين في عملية تصميم مجموعة مطلقة من أروع تصاميم الحقائب والأمتعة والإكسسوارات بمعدل 25 نموذجا وتصميما في كل سنة، محققة بذلك أوسع انتشار وأكبر مبيعات، مما دفع شركات يابانية إلى تقليدها وطرح منتجات مزيفة تحمل اسمها، الأمر الذي اعتبرته «لويس فيتون» حربا ضدها، فخاضت منذ نهاية الستينيات حربا شرسة ضد عمليات التزييف والتقليد.
تحولت «لويس فيتون» في نهاية السبعينيات إلى شركة متعددة الجنسيات، ودخلت أسهمها في بورصة باريس بعد أن انتشر اسمها بشكل كبير وتوسعت في القارة الآسيوية وأصبحت ترعى الأحداث الرياضية، ولاسيما كأس أميركا في سباق اليخوت، وافتتحت «دار لويس فيتون» للأوبرا والموسيقى، واستحوذت على أسماء كبيرة مثل «كورتييه جيفنشي»، لكن في العام 1978، شكل منعطفا كبيرا بالغ الأهمية في تاريخ الدار، وفي العام 1989 نال الملياردير الفرنسي برنارد أرنو نسبة 24 في المئة من الشركة، مما مكنه من السيطرة وأصبح هو المدير التنفيذي للشركة، وقام بإضافة خطوط جديدة على علامة «لويس فيتون» شملت الملابس الجاهزة والأحذية والساعات والإكسسوارات وحقائب اليد النسائية الرفيعة ومحافظ النقود الجلدية للرجال.
كيف يمكن للترف أن يفقد لمعانه؟ سؤال أجابت عنه «لويس فيتون» بعد أن تعرضت لحملة تزوير طالت منتجاتها خلال حقبة التسعينيات، فقد مرت العلامة بمراحل هبوط وصعود أصابت بنيتها الداخلية ومنتجاتها، مما أدى إلى تراجع الثقة فيها كعلامة للطبقة الغنية، أظهره انخفاض مبيعاتها وحصتها السوقية.
لكن تاريخا طويلا من الفخامة لا يمكن أن يندثر، وانطلاقا من هذا الشعار انطلقت «لويس فيتون» خلال التسعينيات في محاربة أعمال سرقة حقوق الملكية الفكرية، فحققت مبيعات تخطت 10 مليارات دولار في أواخر التسعينيات بعد أن استعادت زبائنها الأثرياء،.
وكذلك بعد افتتاح خط الأزياء والملابس الجاهزة من «لويس فيتون» على يد المصمم العالمي مارك جاكوبز، الذي أطلق مجموعة من الأفكار الجديدة والتصاميم العصرية لحقائب اليد النسائية من خلال مجموعة «غرافيتي ومونوغرام ميني وداميه سوفاج». وأطلقت في العام 2001 خط المجوهرات الفخمة وخط النظارات الشمسية.
وبرزت خلال التسعينيات أحذية «لويس فيتون» الفخمة المصنوعة من الجلد الأصلي التي تعد من أكثر الأحذية ثراء في العالم، ونالت هذه الأحذية شهرة واسعة وكبيرة في أوساط الأغنياء، لكن سرعان ما جرى تقليدها من قبل مصانع أحذية أخرى وطرحت في السوق على أساس أنها «لويس فيتون».
وعلى رغم النتائج السلبية لهذا التقليد على «لويس فيتون»، فإنها أظهرت مدى تعلق الناس وشغفهم وحبهم لهذه العلامة التجارية. وكان الأشخاص الذين ينتعلون الأحذية المقلدة يتباهون بأحذيتهم فقط لأنها تحمل الاسم. شأنها شأن جميع علامات الموضة والأزياء، اهتمت «لويس فيتون» بأن يكون لديها مجموعة من الكماليات إلى جانب منتجها الأساسي، فأطلقت منذ التسعينيات بعد اندماجها مع «مويه هينسي» مجموعة من العطور المميزة ومستحضرات التجميل التي حملت اسمها. كما أطلقت إكسسوارات للرجال والنساء منها الخواتم وحامل المفاتيح والأقلام الفاخرة ومجموعة من الساعات السويسرية الفخمة، إلى مجموعة النظارات الشمسية التي تتراوح أسعارها بين ألف وثلاثة آلاف دولار، وبالإضافة إلى تلك المنتجات، طرحت «لويس فيتون» هاتف «لويس فيتون» الأنيق والفخم والغالي الذي يتمتع بمواصفات كبيرة، منها كاميرا رقمية عالية الدقة وجهاز راديو وتقنيات البلوتوث وغيرها من المواصفات التي تتوافر في أحدث أجهزة الهاتف.
طرحت «لويس فيتون» في العام الماضي أغلى حقيبة يد في العالم أطلقت عليها اسم «حقيبة لويس فيتون الفخرية». ويصل سعر هذه الحقيبة إلى 45 ألف دولار، وقد ظهرت للمرة الأولى خلال عروض أسبوع الموضة في باريس، وهذه الحقيبة هي عبارة عن تصميم يدمج نحو 15 من أشهر تصاميم حقائب «لويس فيتون» القديمة في حقيبة واحدة، وتستخدم فيها أفخر أنواع الجلود، وقد أطلق عليها النقاد اسم «وحش فرانكشتاين»، وعلى رغم ثمنها الباهظ وعددها المحدود فإنه تم رصد رغبة عدد كبير من النساء الثريات اللواتي يبحثن عن التميز باقتنائها.
لطالما نشأت «لويس فيتون» في بيئة المشاهير من أهل السلطة والمال في العالم أمثال ملوك إسبانيا وقياصرة روسيا ووالي مصر، إضافة إلى مشاهير عالم الفن التي اعتمدت عليهم «لويس فيتون» في حملاتها الترويجية مثل فون لورين وآشلي جيلبيرتسون وجورج كونواي ونعومي كامبل.
وفي أغسطس/ آب الماضي، أعلنت «لويس فيتون» أن الرئيس الروسي السابق ميخائيل غورباتشوف سيظهر في حملة ترويجية للعلامة مع الممثلة ستيفي غراف ولاعب كرة المضرب أندريه آغاسي والممثلة كاترين دونوف، وهذه الحملة ستأتي لتؤكد فيها «لويس فيتون» للجيل الجديد أنها علامة المشاهير والأغنياء وأصحاب السلطة.
العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ
تتتت
مششششششششششششششكورين
ماآآآركة راقية جدا
موضوع رائع شكرا لطرحكم واكتسبت معلومات جديدة ,, لويس فيتون من افضل الماركات العالمية,,