العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ

تقرير اللجنة البرلمانية غير منصف

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تضمن تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في الأوضاع المالية لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للمؤمنين من القطاع الخاص والهيئة العامة لصندوقي التقاعد لموظفي القطاع العام بشقيه المدني والعسكري بعض التجاوزات فيما يخص الاقتصاد البحريني. وبصفتي مراقبا للشأن الاقتصادي أرى من الضرورة الإشارة إلى بعضها ومناقشتها.

أولا: أشار تقرير لجنة التحقيق البرلمانية إلى الدراسة الإكتوارية بخصوص الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ويبدو أن الأعضاء تبنوا أو على أقل تقدير لم يدحضوا بعض الأفكار السيئة للخبير الإكتواري. على سبيل المثال أوصت الدراسة زيادة الاشتراكات إلى 21 في المئة ثم إلى 25 في المئة. هذا الاقتراح سيئ وفي حال تبنيه سيضيف عبئا إلى كاهل المواطن البحريني المهموم أصلا بالديون. وكانت الحكومة قد قررت في العام 1986 تخفيض الاشتراكات من 18 إلى 12 من راتب المشترك الشهري. قرار تقليل نسبة تخفيض الاشتراكات كان صحيحيا إذ ساهم في تخفيض الأعباء المالية للمواطنين. من جهة أخرى ساهمت مصروفات المواطنين في النشاط الاقتصادي في البلاد وفي الناتج المحلي الإجمالي. بالمقابل فإن زيادة الاشتراكات تضيف لايرادات الهيئتين ما يعني ضخ المزيد من الأموال لأغراض الاستثمار. والمعروف أن تقرير لجنة التحقيق البرلمانية أدان السياسة الاستثمارية للهيئتين بشكل عام والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بصورة خاصة وأورد بعض الأمثلة لدعم موقفه. أعتقد أن وجود الأموال في أيدي الناس ربما يكون الخيار الأفضل بدلا من إعطائها للهيئتين المتهمتين أصلا بتبذير الأموال.

ثانيا: لم يرفض تقرير لجنة التحقيق البرلمانية دعوة الدراسة الإكتوارية إلى رفع سن التقاعد المبكر للمرأة إلى 45 سنة وللرجل إلى 50 سنة. هذا الاقتراح أيضا يجب رفضه لأنه خطأ استراتيجي. توفر خاصية التقاعد المبكر فرصا للداخلين الجدد لسوق العمل والمسلحين بأحدث ما وصل إليه العلم الحديث وهي إحدى الفرص المتاحة للمساهمة في القضاء على ظاهرة البطالة التي تعاني منها البلاد. فقد أظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي للاستشارات العالمية أن على الاقتصاد البحريني توفير 100,000 وظيفة للفترة 2003 إلى 2013 وخلصت إلى احتمال عدم حصول أكثر من نصف هؤلاء على وظائف بمعنى تفاقم المعضلة في السنوات المقبلة. بحسب دراسة ماكينزي بلغ عدد العاطلين في العام 2002 ما بين 16,000 و20,000 مواطن. فالتقاعد المبكر يساهم في القضاء على ظاهرة البطالة وتوفير عمالة جديدة متعلمة وربما بأقل كلفة.

ثالثا: أغفل تقرير لجنة التحقيق البرلمانية عن فوائد إنقاذ بنك البحرين والكويت. وكانت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أو الحكومة قد ساهمت بقيمة 13 مليون دينار في رأس مال بنك البحرين والكويت في العام 1986 ضمن خطوة لانقاذ البنك والذي كان قد تعرض لانتكاسة مالية بسبب القروض الصعبة. انتقاد التقرير البرلماني ليس في محله لأن الهيئة تسلمت أرباحا تقارب مبلغ الاستثمار وفي الوقت نفسه ارتفعت القيمة السوقية للأسهم إلى 40 مليون دينار. والأهم من هذا وذاك هو أن الخطوة ساهمت في الاحتفاظ بعشرات الوظائف للمواطنين وهذه مسألة حيوية للبحرين بسبب البطالة. ويقف المصرف اليوم على قدميه إذ حقق ربحا صافيا قدر بنحو 15مليون دينار في التسعة الشهور الأولى للعام 2003 ويساهم بشكل فعال في نشر ثقافة بطاقات الائتمان في البحرين.

يؤاخذ على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية السلبية الزائدة وتبنيه نظرية المؤامرة في مختلف أنشطة الهيئتين.

يبدو أن الاخوة الأعضاء في اللجنة آثروا الانتقاد لغرض الانتقاد وبالغوا في استخدام عبارات مثل الإفلاس الإكتواري والإفلاس الدفتري من دون تقديم شرح وافِ للجمهور عن هذه المصطلحات وعمدوا إلى تهويل المسألة والعمل على تخويف العاملين والايحاء لهم بأن مستقبلهم التقاعدي في خطر. ختاما أعتقد أن عمل اللجنة البرلمانية يبقى ناقصا فيما لو بقي من تسببوا في الأزمة المالية للهيئتين في مناصبهم.

جاسم حسين

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً