العدد 499 - السبت 17 يناير 2004م الموافق 24 ذي القعدة 1424هـ

هكذا يكون الشرفاء

حسين الحليبي comments [at] alwasatnews.com

-

هكذا يكون الشرفاء من الرجال وهكذا يفرض هذا النوع من الرجال احترامهم عليك حتى لو اختلفت معهم فكريا، وأيديولوجيا لأن الشرفاء يبقون شرفاء حتى في صراعهم معك.

أذكر من هذا النوع من الشرفاء الذين التقيتهم من أصحاب الايديولوجيا الذين اختلف معهم لكن أكن لهم كل الاحترام والتقدير ويظلون محفورين في ذاكرتي كصحافي ذلك الرجل الذي مازلت اعتبره عملاقا لممارساته ومواقفه وهو وزير التربية والتعليم السابق في الإمارات سعيد سلمان فحين اختلف مع قيادته في قضية وجدها تخالف القانون ورأى فيها لعبة غير نظيفة لم يجامل ولم يخف على فقدانه الوزارة وقام بتقديم استقالته من منصبه.

وحين سألته: لماذا؟ قال: أشرف لي بكثير أن اكون خارج الوزارة من أن أخالف ضميري وأخالف قناعاتي، ليذهب المنصب إلى الجحيم مادام يجعل مني مجرد أداة لتنفيذ سياسة أراها مخالفة للمنطق، ثم افتتح جامعة خاصة بالتكنولوجيا تعتبر أنجح وأبرك ألف مرة من وزارة يكون فيها عبدا مسيرا.

نعم أختلف معه «أيديولوجيا» لكني أنحني أمامه تقديرا لمواقفه التي تفرض احترامها حتى على أعدائه. وهذا هو الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة أنموذج مشرف مثله، عرفه الشارع البحريني منذ أن تولى أكثر من وزارة كان خلالها بعيدا عن الحس الطائفي والعنصري ولم يمس فلسا من أموال الدولة، ولهذا يظل محل اعتزاز الجميع، وفعل ما فعله سعيد سلمان إذ لم يرضخ للمقاسات التي تريدها الحكومة منه ورفض أن يخالف ضميره أو قناعاته، وفضل أن يفتح مكتبا للمحاماة ويعمل براحة ضمير ومن خلال قناعاته بدل أن يكون وزيرا مسيرا.

إن ما قاله الشيخ عيسى كمحام يحمل أمانة مهنته بشرف وكرئيس لجمعية الإصلاح خلال لقائه في ندوة «جمعية المحامين» هو أن تلعب الحكومة بنظافة مع النواب فتقبل النقد حتى لو كان جارحا وتتعوّد المساءلة من البرلمان وتكون وثيقة الصلة به. ورأى أن التجربة الإصلاحية لن تتقدم ما لم يتغير الفكر وتتغير العادات والسلوك.

وما دعوته إلى ضرورة تغيير الوجوه الحكومية وضخ دماء جديدة تقبل بالوضع الإصلاحي الجديد إلا تأكيدا لأن يظل الشرفاء شرفاء، نعم فقد أصاب كبد الحقيقة ووضع يده على الجرح، وكأنه بهذه الكلمات أرسل رسالة واضحة لكل الحكام في الخليج وكل القيادات العربية وكأنه يقول لهم «إن أراد هؤلاء الحكام وهذه القيادات أن يستمروا في الحكم فعليهم أن يرضخوا للواقع الجديد». هكذا يكون الشرفاء من الرجال ممن يفرضون احترامهم عليك مهما اختلفت معهم

العدد 499 - السبت 17 يناير 2004م الموافق 24 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً