العدد 529 - الإثنين 16 فبراير 2004م الموافق 24 ذي الحجة 1424هـ

ما يهدد بسقوط «إسرائيل» هو العمى السياسي عند زعمائها

متابعات في الصحف الأميركية والبريطانية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

هناك مقالان واحد أميركي وآخر بريطاني يتناولان التطورات على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي انطلاقا من الملف الفلسطيني. تحملان مواقف من سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون مع الفلسطينيين وخطته الأحادية في الانسحاب من معظم المستوطنات في قطاع غزة ونقل أخرى في الضفة الغربية. كما تسجل اعتراضات على الجدار العنصري الذي تبنيه الدولة العبرية على أراضي الضفة الغربية... وانتقادات لعدم اكتراث واشنطن ولندن باستئناف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لانشغالهما بالأزمة العراقية، ولاسيما أن الأميركيين والبريطانيين يعتبرون ان الطريق إلى القدس يمر من بغداد، بحسب ما قال منزيز كامبل (نائب عن الحزب الليبرالي الديمقراطي والناطق باسم الخارجية البريطانية) في «الغارديان» (البريطانية). لكن هنري سيغمن (عضو مجلس العلاقات الخارجية الأميركي) الذي أكد ان العمليات «الإرهابية» الفلسطينية هي نتاج سلوك اليهود تجاه الفلسطينيين منذ العام 1948، يرى أن على واشنطن، أن تؤكد للفلسطينيين أنها ملتزمة بإقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود الرابع من يونيو/ حزيران من خلال اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

فقد كتب سيغمن في موقع «نيويورك ريفيو أوف بوكس» على الانترنت مقالا مسهبا حاول خلاله تأكيد أن موضوع الأرض لايزال الموضوع الأساسي في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتأكيد أن الخطر الأبرز الذي يتهدد «إسرائيل»، ليس الفلسطينيين فحسب بل القيادة الإسرائيلية أيضا. واستهل سيغمن، مقاله بالإشارة إلى ان الإدارة الأميركية تروج لفكرة مفادها ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، هو العقبة الأساسية في وجه السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدا ان هذه الفكرة مصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، وليست نتيجة حسابات أو مصالح البيت الأبيض. غير انه لفت إلى ان مسألة الأرض لاتزال تتصدر أولويات الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. مضيفا أن ما قوض كل مبادرات السلام منذ اتفاق أوسلو وصولا إلى «خريطة الطريق»، هو الصراع على الأرض. وأشار سيغمن، في هذا السياق إلى ان حديث شارون، عن فك الارتباط مع الفلسطينيين والانسحاب وتفكيك المستوطنات إنما هو دليل واضح على ان الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لايزال محركه الأساسي هو الأرض. وانتقد سيغمن سياسة ارييل شارون، فاعتبر ان تمدد «إسرائيل»، إلى داخل الضفة الغربية بواسطة المستوطنات والجدار الفاصل يهدد بتقويض حل الدولتين، والحؤول دون إقامة الدولة الفلسطينية. وإذ اعتبر ان من حق «إسرائيل» حماية نفسها إلاّ انه رأى انه لا يحق لها بناء الجدار الفاصل على أرض من المفترض أن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية المقبلة. واعتبر ان حماية «إسرائيل» يمكن أن تتحقق من خلال بناء جدار على حدود الرابع من يونيو 1967 بدلا من الالتواء كالأفعى حول المستوطنات الإسرائيلية الموجودة على الأرض الفلسطينية. وبعد أن سجل سيغمن بالأرقام المساحات التي يبتلعها الجدار العنصري، أورد برهانا آخر على ان الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين صراع على الأرض، وهو تصريح الزعيم الروحي لحركة «حماس» الشيخ أحمد ياسين، من ان المنظمات الفلسطينية مستعدة لوقف عملياتها العسكرية مقابل انسحاب «إسرائيل» إلى خط الرابع من يونيو. وأضاف انه بغض النظر عن التحليلات التي صدرت بعد تصريح ياسين، فإن الأهم ان مضمونه يدل بشكل لا يحتمل التأويل على أهمية الأرض بالنسبة إلى الفلسطينيين. من هنا رأى سيغمن، انه في حال أرادت الولايات المتحدة، أن تقنع الفلسطينيين باتخاذ إجراءات صارمة لوضع حد «للإرهاب» وتنفيذ الإصلاحات السياسية داخل السلطة، فسيكون على واشنطن، أن تؤكد لهم أنها ملتزمة بإقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود الرابع من يونيو من خلال اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. وفي السياق عينه، لفت سيغمن، إلى ان البعض يعتبر ان عمليات القتل والتدمير التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني لا تبرر «الإرهاب» الفلسطيني، غير ان سيغمن، أكد ان العمليات «الإرهابية» الفلسطينية هي نتاج سلوك اليهود تجاه الفلسطينيين منذ العام 1948. وفيما يتعلق، بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والاتهامات التي وجهتها إليه الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية بأنه وراء فشل رئيس الحكومة الفلسطينية السابق محمود عباس (أبومازن)، رأى سيغمن، ان الحقيقة هي أن نجاح عباس، كان مرهونا بسياسة رئيس الحكومة الإسرائيلي الذي كان باستطاعته تعزيز صدقية عباس، من خلال إجراء تغيير في سياسته (أي شارون) تجاه الفلسطينيين. إلى ذلك، أكد سيغمن ان ما يهدد بسقوط «إسرائيل» ليس الفلسطينيين بل العمى السياسي الذي يعاني منه الزعماء الإسرائيليون، مشيرا إلى ان إلغاء حل الدولتين، يعني ان العرب سيصبحون أكثرية في «إسرائيل الكبرى» ما سيهدد الطابع اليهودي للدولة العبرية، وهو أمر سيكون بمثابة مصيبة تاريخية تقع فيها المؤسسة الصهيونية والشعب اليهودي.

وتناول منزيز كامبل (نائب عن الحزب الليبرالي الديمقراطي والناطق باسم الخارجية البريطانية) في «الغارديان» (البريطانية) عملية السلام العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واعتبر ان حال الركود التي تمر بها هذه العملية ناتجة بشكل خاص عن عدم اكتراث واشنطن ولندن باستئناف المفاوضات بين الطرفين لانشغالهما بالأزمة العراقية ولاسيما ان الأميركيين والبريطانيين يعتبرون ان الطريق إلى القدس يمر من بغداد. وأضاف ان أقصى اهتمامات بريطانيا والولايات المتحدة، اليوم على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي، هي كيفية منع محكمة العدل الدولية من إصدار حكم بعدم قانونية الجدار الفاصل الذي تبنيه «إسرائيل» في الضفة الغربية. غير ان كامبل، رأى من جهته ان بناء الجدار يجب أن يتوقف لأنه يتم على أرض فلسطينية ستكون جزءا من الدولة المقبلة. واعتبر كامبل، التحرك الإسرائيلي نحو تنفيذ انسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، أمرا مثيرا للسخرية لأن القرار بشأن هذا التحرك اتخذ بعد إجراء حسابات سياسية إسرائيلية داخلية وليس نتيجة للضغط الخارجي. من هنا رأى النائب البريطاني ان عدم تحرك الأوروبيين والأميركيين نحو إيجاد حل للمسألة الفلسطينية إلى جانب استمرار «إسرائيل»، في بناء الجدار الفاصل وتدمير الاقتصاد الفلسطيني، كلها عناصر من شأنها أن تجعل حل الدولتين مستحيلا. واعتبر كامبل، ان الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين في غاية الخطورة ويستدعي تحركا فاعلا من جانب الأوروبيين من خلال توفير الدعم للسلطة الفلسطينية المشروط ببذلها جهودا من أجل وضع حد للفساد وتفكيك البنى التحتية للمنظمات الفلسطينية. غير انه لفت إلى ان مطالبة «إسرائيل» للفلسطينيين باتخاذ إجراءات بحق منظمات «الإرهاب» الفلسطينية يجب أن يقابلها على الجانب الإسرائيلي إنهاء للاحتلال. وخلص إلى ان «الإرهاب» وبناء المستوطنات والجدار الفاصل تعد انتهاكا للقانون الدولي ويجب أن تتوقف. واقترح كامبل، في ختام مقالته على الأوروبيين أن يستخدموا وسائل الضغط المتوافرة لديهم لحث الفلسطينيين على تنفيذ الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية ووضع حد «للإرهاب» من جهة، ودفع الإسرائيليين إلى تفكيك المستوطنات ووقف بناء الجدار الفاصل من جهة أخرى، موضحا انه بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يستخدم المساعدات الأوروبية للفلسطينيين كوسيلة للضغط عليهم، وأن يجمد الصفقات التجارية مع «إسرائيل»، إلى حين يبدي رئيس الوزراء الإسرائيلي استعداده للتسوية مع الفلسطينيين

العدد 529 - الإثنين 16 فبراير 2004م الموافق 24 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً