كشف سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة أنه أجرى مع جلالة الملك مساجلات شعرية أو ما يعرف بـ «الرديات» أثناء دراسة سموه بأكاديمية «ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية»، وأنه يحتفظ بأولى هذه «الرديات» في برواز من ذهب.
وذكر سموه خلال حديث أجرته معه صحيفة «الوطن» الكويتية بمناسبة إحيائه أمسية شعرية يوم الأحد المقبل 15 فبراير/ شباط الجاري في الكويت، إلى أن جلالته أول من اكتشف موهبته الشعرية من خلال كتابته لقصائد «الطواريق، مشيرا إلى أنه حريص على قراءة قصائد أبوالطيب المتنبي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي، فضلا عن أنه يقرأ قصائد لكبار شعراء النبط بينهم الأمير خالد الفيصل، الأمر الذي أثرى تجربته الشعرية كثيرا.
وأفصح سموه عن أن الإلهام الشعري يأتي بغتة، وأن قصائد كثيرة أتت فكرتها أثناء امتطائه صهوة الخيل، مشيرا إلى أن الرابط بين الشعر والفروسية هو الإلهام الذي يستبد بالشاعر لدى ركوبه الخيل.
وأكد سمو الشيخ ناصر أن البحرين مليئة بالشعراء الممتازين، مطالبا إياهم ببذل جهود مضاعفة والحرص على إقامة الأمسيات والمسابقات الشعرية.
وفيما يخص استعداده للأمسية الشعرية في الكويت، قال سموه: «ألبي دعوة إخواني في الكويت، حيث كان من المفروض في العام الماضي أن أكون موجودا ومشاركا، لولا ارتباطاتي المختلفة، ولذلك أصررت على أن أكون مشاركا في الحفل هذا العام، والوقت قصير والأيام تمشي بسرعة بين فبراير الماضي والجاري، وسوف نقيم الأمسية هذا الشهر والحمدلله على ذلك».
وأضاف: «أنا متحمس وحريص على حضور هذه الأمسية، حيث الإعلام في الكويت والتغطية الخاصة بالشعر وظهوره بالصورة الجيدة وخاصة في فبراير، وكذلك المستوى الشعري ووجود الجمهور... كل ذلك شجعني على الحضور والمشاركة».
وتطرق سموه إلى الأمسية الشعرية التي جمعته بالشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم في العام الماضي، ففال سموه ة إنه شارك إثر دعوة أخوية تلقاها من الأشقاء في دبي.
وعن كيفية التوفيق بين أعماله وكتابته للشعر، أكد سموه أن «الأوقات ضيقة بين العمل والخيل والمجلس والهوايات، وارتباطي مع والدي أطال الله في عمره، ولكن لابد أن تكون هناك فترة لكتابة الشعر، ولكن لا يوجد وقت مخصص للكتابة، فالقصيدة هي التي تأتي في أي وقت، على صهوة الفرس أو في الطائرة أو في السيارة أو في العمل أو في البيت، وإذا أتى الإلهام يجب أن تدونه بسرعة ولا تهمله». وفيما يلي أهم ما جاء في المقابلة:
الإلهام: الرابط بين الشعر والفروسية
من وجهة نظر سموكم، ما سبب ابتعاد الشاعر البحريني عن وسائل الإعلام والأمسيات والمسابقات في الخليج؟
- هناك جمعية الشعر الشعبي في البحرين، وهناك شعراء ممتازون وعليهم أن يضاعفوا الجهد للبروز بشكل أكبر، وتملك الجمعية والبحرين شعراء مستواهم الشعري عال ولهم تاريخ، ولكن يجب مضاعفة العمل لإقامة مناسبات وأمسيات ومسابقات شعرية.
كيف يوصف سمو الشيخ الشاعر ناصر بن حمد آل خليفة انتشار القنوات الفضائية المختصة بالشعر والأدب الشعبي؟
- بالإيجابي، أولا لإحياء التراث الشعبي، إذ التفتت الناس إلى المعاني الغزيرة والتراث القديم، ومع كثرة المصطلحات حافظت على الشعر وقيمته. والجانب السلبي الوحيد أن الشيء إذا كثر سمج. ولا نريد إلا سماع الشيء القيم والفارق والمتميز، ولكن الناس استفادت أمورا كثيرة وحفظت من الشعر من الفضائيات.
بصفتك أحد أبطال الفروسية المعروفين، ما الرابط من وجهة نظرك بين الشعر والفروسية؟
- الرابط غير التراث، الوقت الذي أقضيه بفكري فيأتيني الإلهام الشعري وأنا فوق الفرس، حيث إنني أركب الخيل ساعات طويلة والتفكير يشغلني، وهناك قصائد ألهمتني وأنا فوق الخيل في خطوتي، فأعتقد أن هذا هو الرابط من وجهة نظري.
مَنْ من الشعراء في دول الخليج العربي يحرص الشيخ والشاعر ناصر بن حمد آل خليفة على متابعة جديدهم؟
- الشعراء كثيرون وكلهم يؤدون الواجب وزيادة، فبعد ظهور البرامج بشكل كبير في دول الخليج أظهر كل شاعر إبداعه الخاص به، وهناك تنافس كبير يحمسنا لسماع جديد الشعراء، وأنا أسمع القصيدة قبل أن أعرف من شاعرها.
أقرأ للمتنبي وخالد الفيصل
مَنْ الشعراء الذين تأثرت بهم في بداية دخولك الشعر الشعبي ولهم تاريخهم؟
- أول قصيدة وأنا صغير في السن كانت من قصائد جدودي الأولين بداية من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه وغيره من أجدادي، وقد قرأت كتاب «روضة الشعر» واستهوتني كتابة القصيدة، وبعدها قرأت للشاعر الأمير خالد الفيصل وحصلت على خبرة وفائدة من تجربته، وفي الشعر الفصيح قرأت للمتنبي.
ما جديد سمو الشيخ الشاعر ناصر بن حمد آل خليفة الذي سيقدمه للجمهور قريبا؟
- جديدي بإذن الله أمسية في دولة الكويت في منتصف فبراير الجاري.
كيف يلمس الشيخ الشاعر ناصر بن حمد آل خليفة ردود فعل المتابعين بعد أي ظهور إعلامي له، كنشر قصائده أو ظهوره على شاشة التلفزيون؟
- في الأمسيات الشعرية التي شاركت بها أرى رد فعل الجمهور مباشرة، ويتهيض الشاعر بذلك ويتجاوب وينفعل الجمهور مع أبياته، ويجعلني أنا كوني شاعرا أتحمس وأتشجع لإقامة أمسية أخرى في أقرب وقت، والجمهور صعب أن تحصل على محبته، ورد الفعل الطيب دائما يحمسني لمواصلة هذه المسيرة.
جلالة الملك ناقد لقصائدي
العاهل المفدى جلالة الوالد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، هل يستمع إلى قصائدك قبل ظهورها إعلاميا؟
- لابد من ذلك، وكذلك أخذ توجيهاته فهو يسألني عن الجديد، وهناك قصائد خاصة لم يسمعها أحد سوى الوالد أطال الله في عمره، وهو يوجه في بعض القصائد ويقارنها بما سبقها بحكمته ووعيه وتوصياته، وأقوم وأكتب غيرها بناء على توجيهاته الغالية.
سمعنا أن هناك «رديات» ومساجلات شعرية بينك وبين والدك جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله؟
- نعم، هناك «رديات» حدثت بيننا وأعتز بها، وقد احتفظت بأول «ردية» في برواز من ذهب، وكان ذلك في بداية دخولي الكلية العسكرية، وكتبتها في أول أيام الحجز والدورة، ومنها هذا الشطر «لا ينشغل بالك ولو صار ما صار»، بما معناه نحن بخير حتى ولو لم يكن هناك اتصال في فترة الدورة والحجز، وهذه القصيدة كتبتها بخط يدي وقمت بإعطائها للقائد الإنجليزي ليقوم بإرسالها إلى والدي الملك أطال الله في عمره، وفي اليوم الثاني بعد إرسالها سلمني قائد السرية ورقة فيها قصيدة الرد من الوالد حفظه الله، وهذه تعتبر أول «ردية» وبعد ذلك توالت «الرديات».
من أشد المتابعين لك بين أشقائك أو من أبناء الأسرة الحاكمة في البحرين؟
- الحمد لله كل أبناء الأسرة في هذا المجال وغيره يحرصون على المتابعة بوقفاتهم الطيبة والمشهودة.
هواية «القنص» وحبك لهذه الهواية العربية الأصيلة... حدثنا عن رحلات «القنص» وما مدى حبك لها وهل هناك قصائد كتبت لـ «القنص»؟
- أول مَنْ علمنا «المقناص» الوالد أطال الله في عمره والشيخ زايد آل نهيان رحمه الله في العام 1995م والعام 1996م والعام 1997م... وآخرها العام 1998... تعلمت في هذه الرحلات كل دروس الدنيا والحياة عبر «المقناص» في تلك الأيام والجلوس والحديث... فقد حببانا في «المقناص» أزيد من اللازم وكنا صغارا آنذاك حيث الابتعاد عن البلد والأهل، وشفنا الجمعة الطيبة فأعطتنا الولع في «المقناص» بسبب هذه الرحلات الماضية، وهناك قصائد لي عن «المقناص».
ديوان صوتي متكامل
حدثنا عن ديوانك الصوتي الجديد الذي سيرى النور قريبا ويشمل قصائدك وسيقوم نخبة من فناني الخليج بغنائها؟
- ليس كل القصائد مغناة، ولكني قلت للملحن الذي تعاونت معه في هذا العمل خذ القصائد المناسبة للغناء حتى ولو كانت طويلة، فغالبية القصائد أبياتها طويلة وهو يريد أبياتا قليلة، وبعد ذلك بدأنا بالقصيرة ونجحت كل التجارب، وقمت بعد ذلك بإعداد ديوان صوتي كامل ومكتمل واختيار نخبة من الفنانين، فمن أراد سماع القصائد بصوتي أو مغناة فله الخيار.
كيف كانت تجربتك مع قصيدة «المثايل» التي تعاونت فيها مع راشد الماجد وأحمد الهرمي وراشد حنظل؟
- القصيدة من قصائد التاريخ والأفعال الماضية والعائلة الحاكمة، فشجعتني وتحمست لكتابة قصيدة «المثايل» وكان موعد العيد الوطني والقصيدة مناسبة، فأردتها أن تغنى على طريقة العرضة، وقمنا بتنفيذ الفكرة وتطوير مجال العرضة.
قمت بإعداد وتنظيم أمسيتين لشعراء برنامج «شاعر المليون» للنسخة الأولى والثانية... حدثنا عن هاتين الأمسيتين؟
- أولا، برنامج «شاعر المليون» تابعه الجميع فهو برنامج كامل ومكتمل والكمال لله سبحانه، وطرأت فكرة لإقامة مسابقة مشابهة أثناء عرضه في النسخة الأولى فقلت لا نريد عملا مسبوقا ونحن نريد أن نكمل فكرة «شاعر المليون» ونسنده ونواصل هذا النجاح... فاستأذنت من سمو الشيخ محمد بن زايد أطال الله في عمره وخبرته بعد إذنه أننا نريد استضافة الشعراء في أمسية كبرى في البحرين وتجمع الجمهور ويلتقي بهم الناس مباشرة، واستحسن الفكرة ورحب بها وقمنا بإعداد هذه الأمسيات وأدهشنا عدد الجمهور الكبير والهائل من مختلف دول الخليج، الذين لم يجدوا مقاعد.. ولكن هذا العام ستكون هناك ترتيبات أخرى أفضل.
من وجهة نظرك ما الاختلاف بين الأمسيتين؟
- الاختلاف في أسماء ووجوه الشعراء فقط، ولكن رغبة الجمهور وحرصهم على الحضور تطالب بالمزيد.
شاركت في مطلع أمسية شعرية كبرى جمعت نخبة من شعراء الخليج وهم فيصل اليامي ويوسف العصيمي ومحمد فهد العرجاني ومحمد جارالله السهلي وكانت من أنجح الأمسيات بمشاركة أيضا الشاعر سالم بن جخير... كيف ترى هذه الأمسية؟
- حدثني الشاعر سالم بن جخير أن هناك أمسية شعرية ستقام في البحرين وسمع مني قصيدة ونحن في «المقناص» في المغرب، عبارة عن رحلتي بالتفصيل وبالكامل وختمتها في الطائرة أثناء عودتنا، وقمت بإلقائها في الأمسية التي وصلت قبلها بليلة وكانت في وقتها.. وأقول للشاعر سالم بن جخير بهذه المناسبة: ما فيك حيلة!
العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ
