العدد 2722 - الأربعاء 17 فبراير 2010م الموافق 03 ربيع الاول 1431هـ

السودان يعيش تجربة الانتخابات التعددية مجددا

ابراهيم خالد ibrahim.khalid [at] alwasatnews.com

ما أشبه الليلة بالبارحة... هكذا يمكن أن نصف الأجواء التي يعيشها السودان هذه الأيام مقارنة مع أجواء الانتخابات الديمقراطية والتعددية التي جرت في العام 1986 عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري.

أوجه الشبه هو أن الانتخابات التعددية التي شهدها السودان جاءت عقب فترة حكم عسكري تجاوزت العشرة أعوام في الحالتين (الأولى 16 عاما والثانية 21 عاما)، لكن هناك فارق كبير بين الحالتين: ففي الأولى جرت الانتخابات عقب انتفاضة شعبية وتولي مجلس عسكري وحكومة انتقالية السلطة لمدة عام، وفي الحالة الثانية تنظم الانتخابات في ظل حكم شمولي (حكومة الإنقاذ) وصل لقناعة عقب تجربة مريرة أنه لن يستطيع أن يدير البلاد بمفرده، وعليه سيتم للمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث نقل السلطة بطريقة سلمية من حكم عسكري إلى حكم مدني عن طريق الاحتكام لصناديق الاقتراع!

عقب فترة من الشد والجذب بين الحكومة والقوى السياسية الأخرى، جعلت الناس تشكك في جدية الخرطوم في إجراء الانتخابات الرئاسية والعامة، بدأت الحملات الانتخابية بصورة مكثفة يوم 13 فبراير/ شباط الجاري وتستمر حتى يوم 9 أبريل/ نيسان المقبل أي قبل أيام من موعد الاقتراع، ويجدر بنا هنا أن نشيد بعمل مفوضية الانتخابات القومية ولجانها المتعددة التي منحت المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية ومنصب رئيس حكومة الجنوب والأحزاب فرصا متساوية لطرح برامجهم الانتخابية عبر الإذاعة والتلفزيون، على رغم سيطرة الحكومة على الجهازين القوميين، وهو أمر يشير لبداية صحيحة لمعركة انتخابية نريدها أن تكون نزيهة وشفافة.

الحكومات الديمقراطية لم تعمر طويلا في السودان مقارنة بالعسكرية، فبعد ثورة أكتوبر العام 1964 التي أطاحت بحكومة الرئيس الراحل إبراهيم عبود والانتفاضة المشار إليها أعلاه العام 1986 جاءت حكومة نميري (1969) ثم حكومة عمر البشير (1989) على التوالي الأمر الذي يؤكد وجود خلل يمكن أن نلخصه في عدم نجاح الحكومات الحزبية المنتخبة في تطبيق شعارات وأهداف الثورات الشعبية التي يحلو للسودانيين أن يصفوها بأنها «سرقت»، وعليه نتمنى أن تكون التجربة المتميزة في شهر أبريل المقبل، إذا جرت بالشكل المرجو، بداية لتصحيح المسار خاصة أن الأمور تسير على نار هادئة ولا يوجد ضغط شعبي كبير على من سيتولى مقاليد الحكم حسب نتائج فرز الأصوات. لكن هناك كلمة أخيرة أقولها لمن سيفوز بثقة الشعب كان من كان، أن يولى مسألة تحسين ظروف المعيشة الأولوية القصوى، وأن يعيد الاهتمام بحماية المنتجين خاصة المزارعين الذين اكتووا كثيرا بنار تجار حكومة الإنقاذ وأن تخفف من حجم الرسوم والضرائب التي تعيق التطور الاقتصادي المنشود.

إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"

العدد 2722 - الأربعاء 17 فبراير 2010م الموافق 03 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً