العدد 2356 - الإثنين 16 فبراير 2009م الموافق 20 صفر 1430هـ

يجب على أوباما أن يقوم بزيارة لتركيا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء حملته الانتخابية القيام برحلة إلى دولة مسلمة خلال الأيام المئة الأولى لإدارته، ليثبت أنه جاد فيما يتعلق بتخفيف حدّة التوتر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي. وإذا قرر الرئيس تحقيق وعده هذا، يتوجب عليه أن يفكر جدّيا بالقيام بتلك الزيارة إلى تركيا.

طالما كانت هناك بين الولايات المتحدة وتركيا شراكة طويلة ترتكز على المصالح المتبادلة في احتواء الشيوعية أثناء الحرب الباردة وفي تقوية الأمن الإقليمي والديمقراطية في حقبة ما بعد الحرب الباردة. إلا أن التوتر بدأ مؤخرا يشوب هذه العلاقة ويهدد تلك الشراكة على مستويات متعددة.

يصف فيليب غوردن وعمر تاسبينار، وهما عالِمان من معهد بروكنغز، في نشرة صدرت أخيرا، كيف أوجدت خلافات رئيسية في السياسة حول العراق وأرمينيا وقبرص و»إسرائيل»، معوقات خطيرة أمام العلاقات الأميركية التركية.

وساهمت هذه الخلافات في تشجيع عدم الثقة بالولايات المتحدة داخل تركيا، بحيث وصلت في السنوات الأخيرة إلى أدنى درجاتها في استطلاعات الرأي العام، مثل مشروع وجهات النظر العالمية لمؤسسة بيو، الذي يقيس الدعم العام الشعبي للدول بشكل منفرد تجاه الولايات المتحدة وسياساتها. كذلك ساهمت في ارتفاع معدلات الوطنية والانعزالية، إضافة إلى تشاؤم المؤسسات التي تعتبر عادة أنها مقرّبة من الولايات المتحدة، الأمر الذي ينتج عنه تداعيات غير مباشرة على الدعم الشعبي لعمليات الإصلاح التركية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وقد كانت الضغوطات الناتجة عن الحرب العراقية ضخمة، وخصوصا فيما يتعلق بالمنظور العام في تركيا للدعم الأميركي لحكومة إقليمية كردية مستقلة في شمال العراق، والتي أوجدت خوفا وكراهية بين الأتراك، لأن حزب العمال الكردي شن حركة انفصالية عنفية خلال العقود القليلة الماضية. وعلى رغم أن العلاقات تحسنت عندما وافقت إدارة الرئيس بوش على العمل مع تركيا لمحاربة الإرهاب الصادر عن حزب العمال الكردي داخل الحدود العراقية في أواخر العام 2007، إلا أن الرأي العام بقي ممتعضا من الولايات المتحدة فيما يتعلق بغزوها للعراق.

إضافة إلى ذلك فإن الضغط الداخلي في الولايات المتحدة لإصدار قرار في الكونغرس يدين تركيا لقتلها الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى قد ساهم بمزيد من العزل للأتراك، الذين يعترف معظمهم بعمليات القتل، إلا أنهم يناقشون أن العنف كان متبادلا كذلك. وهم يسعون لإنشاء هيئة دولية مستقلة لتقرير ما إذا كانت الأحداث وقتها تشكل قتلا جماعيا، وهو أمر يرفضه معظم الأتراك.

وبرز توتر شديد بين الدولتين أخيرا فيما يتعلق بالنزاع في غزة. فقد تحدث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي عمل جاهدا في السابق لبناء سمعة بكونه وسيطا صادقا في الشرق الأوسط من خلال الإشراف على المناقشات بين «إسرائيل» وسورية، تحدث وبشكل متكرر ضد الأعمال العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في غزة. وقد وصل الأمر حدود خروجه من حوار في المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير/ كانون الثاني، عندما شعر أردوغان أن منسّق الحوار لم يسمح له بالرد على تعليقات للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز.

تقع العلاقات التركية الإسرائيلية، التي كانت جيدة تاريخيا، تحت الاختبار، الأمر الذي يدق إسفينا آخر بين تركيا والولايات المتحدة، التي أصدر مجلس النواب فيها قرارا يدعم فيه «إسرائيل» أثناء النزاع الأخير.

ويتساءل البعض في تركيا فيما إذا كان يتوجب على الدولة أن تبقى ملتزمة بشراكتها مع الولايات المتحدة وأوروبا، بدلا من أن تفضّل علاقات أقرب مع لاعبين آخرين في المنطقة. وتوجد هذه المشاعر أحيانا بين هؤلاء الذين يشعرون بالغضب تجاه سياسات الولايات المتحدة الإقليمية ويرون انعدام الاحترام من قبل الغرب بشكل عام.

وعلى رغم هذه الخلافات الأخيرة، يتوجب على إدارة الرئيس أوباما أن تتذكر أن الديمقراطية في تركيا، على رغم عيوبها، قد أثبتت أنها من الأكثر نجاحا وبقاء في المنطقة. وإذا قام الرئيس أوباما بمخاطبة العالم الإسلامي من وسط التجمع الوطني التركي الكبير في أنقره بشكل مبكر، فسوف ترسل إدارة الرئيس أوباما إشارة على أن الولايات المتحدة ملتزمة بتشجيع الديمقراطية والتسوية في المنطقة.

ويحقق هذا الكثير باتجاه إعادة تنشيط الشراكة بين الولايات المتحدة وحليفتها المسلمة، منذ فترة طويلة. كذلك سيرسل هذا رسالة إيجابية إلى الديمقراطيات الناشئة في المنطقة مفادها أن الولايات المتحدة، والتي توصف أحيانا وحتى يومنا هذا على أنها «تجربة» في الحكم الديمقراطي، تدعم بشدة وثبات الانتخابات الحرّة والحكومة والحكم التمثيلي على أنه السبيل الأكثر شرعية نحو القانون.

يتوجب على أوباما أن يثبت أنه يقف وراء سعي تركيا لتحقيق ديمقراطية تمثيلية معمّقة ومستقرة، ملتزمة بالازدهار والحرية لجميع مواطنيها. إضافة إلى ذلك فإن مخاطبة بقية العالم المسلم من على هذا المنبر ستجسّد بداية تغيُّر إيجابي بين الولايات المتحدة والمنطقة.

* باحث مستقل في قضايا تتعلق بتركيا والمنطقة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2356 - الإثنين 16 فبراير 2009م الموافق 20 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً