العدد 2356 - الإثنين 16 فبراير 2009م الموافق 20 صفر 1430هـ

كلينتون تعتزم انتهاج دبلوماسية «القوة الذكية» في السياسة الخارجية

تنوي استثمار القوة العسكرية- المدنية المتكاملة في علاقات الشراكة والتبادل

دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى إحداث تغيير في الأساليب التي تتبعها الوزارة في تنفيذ مهام السياسة الخارجية وقالت إن من شأن هذا التغير أن يعزز دور التعاون العلمي في العلاقات الدولية.

وأشارت كلينتون في كلمة أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ التي كانت تبت في تثبيت تعيينها في المنصب إلى أن «زعامة الولايات المتحدة كانت دائما مطالبة، لكنها مطلوبة أيضا. وعلينا أن نسخر ما يسمى بالقوة الذكية وكل الأدوات التي تتوفر لنا - أي الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والقانونية والثقافية - ثم انتقاء الأداة المناسبة أو مجموعة من الأدوات التي تتناسب مع كل وضع. وباعتمادها على القوة الذكية ستصبح الدبلوماسية في طليعة أدوات السياسة الخارجية».

والقوة الذكية هي التوازن بين القوة العسكرية الشديدة البأس والقوة الناعمة للدبلوماسية والتنمية والتبادل الثقافي والتعليم والعلوم. ومن الأدوات الأكثر وعدا عند استخدامها في القوة الذكية دبلوماسية العلوم وممارسة دعم وتشجيع التبادل العلمي، والتعاون في مجال الأبحاث بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول - وأحيانا مع دول لا علاقات دبلوماسية لها مع الولايات المتحدة.

ومن خلال مكتب شئون المحيطات والبيئة والعلوم التابع لها تتواصل وزارة الخارجية الأميركية مع الحكومات والمؤسسات التجارية في القطاع الخاص والجامعات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية وأفراد من كل منطقة من مناطق العالم لغرض تشجيع التعاون العلمي والدعوة إلى التعليم.

وكان نائب مساعد وزير الخارجية لشئون العلوم والفضاء والصحة، جيف ميوتكي، أبلغ لجنة العلوم والتكنولوجيا بمجلس النواب في أبريل/ نيسان 2008: «لقد عقدنا أخيرا اتفاقيات تتعلق بالعلوم والتكنولوجيا مع الجزائر والمغرب وليبيا والأردن». كما استُكمل اتفاق مع السعودية في هذا المجال وتم التوقيع عليه في ديسمبر/ كانون الأول 2008.

وأضاف ميوتكي: «لقد رفعنا مستوى علاقتنا مع باكستان في مجال العلوم والتكنولوجيا إلى مستوى أعلى كما أنه بالنسبة لباكستان ومصر فإنهما الدولتان الوحيدتان اللتان ما زال يوجد لدينا تمويل خاص للتعاون مع حكومتيهما في مجال العلوم والتكنولوجيا».

توطيد العلاقات:

في يوليو/ تموز 2008 أعلنت الجمعية الأميركية لتقدم العلوم وهي منظمة علمية دولية غير ربحية تتخذ من واشنطن مقرا، عن تأسيس مركز دبلوماسية العلوم. ويعمل هذا المركز مع الجماعات المهتمة بالسياسة الخارجية والعلوم بهدف نشر الوعي بقيمة دبلوماسية العلوم، وتحديد مشاريع للتعاون يمكن أن تقوي العلاقات في المجتمع المدني بين دول العالم، لا سيما حينما تكون العلاقات الحكومية الرسمية متوترة أو غير موجودة. وقال فون توريكيان مدير المركز المذكور وكبير المسئولين الدوليين في الجمعية: «إنني أعتبر أن نشاطاتنا ذات شقين: أحدهما على المستوى العملي والآخر على مستوى الإلهام».

وتشمل النشاطات على المستوى العملي تشكيل وفود والعمل مع جهات دولية مستعدة للتعاون لزيارة بلدان أجنبية وتطوير نشاطات مع بلدان أخرى على المستوى الثنائي.

وعلى سبيل المثال، يعمل المركز مع المنظمة الإسرائيلية-الفلسطينية للعلوم، وهي جمعية غير ربحية وغير سياسية مقرها القدس المحتلة، لدعم مهمتها بالدعوة للتعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتشجيع الحوار والتفاعل بين العلماء والدارسين من الجانبين.

أما على المستوى الإلهامي، وهو ذو أهمية كبيرة كما أشار توريكيان، فهو يعمل «لجمع خبراء من بلدان مختلفة للتفكير في الفرص المتاحة وأساليب الاتصال التي قد تؤسس لوجود علاقات أو إرسائها على المدى البعيد».

بناء الجسور

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، نظم اتحاد الجامعات الأميركية جولة في إيران ضمت رؤساء ست جامعات مرموقة كجزء من مجهود يسعى للتعرف على سبل تعزيز الروابط العلمية والتعليمية بين الولايات المتحدة وإيران.

ويوم 22 يناير/ كانون الثاني، التقى علماء أميركيون وإيرانيون وأساتذة بارزون في مقر الاتحاد بواشنطن في أحدث سلسلة زيارات تبادل تزامنت مع إجراء مراجعة شاملة للسياسة الأميركية تجاه إيران.

ومثال آخر على دبلوماسية العلوم هو المكتبة العلمية الافتراضية العراقية على شبكة الإنترنت التي افتتحت في 2006 للمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية للتعليم والعلوم في العراق.

والمكتبة هي بوابة رقمية مفتوحة أمام 80 في المئة من الجامعات ومؤسسات الأبحاث العراقية التي ترغب بالإطلاع على ملايين المقالات وأكثر من 17 ألف مجلة علمية وهندسية، هذا بالإضافة إلى موارد تعليمية وفنية من خلال قاعدة للإنترنت طورتها شركة «صن مايكروسيستمز».

وبدأت مجموعة من العلماء في الجمعية الأميركية لتقدم العلوم هذا المشروع الذي أمسى مشروعا تعاونيا بين هيئات حكومية متعددة وتموله وكالة تقليص التهديدات الدفاعية، ووزارة الخارجية، والمؤسسة المدنية للأبحاث والتطوير، ومن هبات تقدمها دور نشر وتبرعات مالية من جمعيات مهنية وجامعات وشركات القطاع الخاص.

وأشارت كريستين لورد وهي زميلة أبحاث سياسة خارجية في مركز صبان للدراسات السياسية حول الشرق الأوسط، التابع لمعهد بروكينغز الأميركي، إلى أن الحكومة الأميركية لم تثمن بعد كامل قوة دبلوماسية العلوم». وقالت في حديث مع موقع أميركا دوت غوف: «لا يوجد قسم كبير في حكومتنا الذي كلف بالقيام بدبلوماسية العلوم. ففي وزارة الخارجية هناك أشخاص ملتزمون جدا دبلوماسية العلوم، لكن ثمة عددا قليلا منهم يقومون بذلك... كما أن الموازنة المعتمدة لذلك ضئيلة جدا».

أما توركيان فأوضح أن «التعاون العلمي لديه إمكانيات هائلة كسبيل لبناء جسور ولأنه قائم على الاحترام المتبادل والتفاهم. وهذا هو لب التواصل»

العدد 2356 - الإثنين 16 فبراير 2009م الموافق 20 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً