العدد 570 - الأحد 28 مارس 2004م الموافق 06 صفر 1425هـ

سورية الفلسطينية واستشهاد الشيخ ياسين

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

هل حرك موت زعيم حركة المقاومة الاسلامية «حماس» احمد ياسين فلسطينية سورية؟ كان السؤال المطروح مرافقا للمظاهر التي واكبت اعلان استشهاد الشيخ في عملية اسرائيلية، ربما تكون اخطر عمليات اغتيال الفلسطينيين التي نفذتها «اسرائيل» منذ قيامها في العام 1948، لان تأثيراتها على الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، يتجاوز مجرد عملية اغتيال لقائد فلسطيني الى تأثيرها على اجمالي مجريات الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين في المرحلة المقبلة.

لم يكن قد مضى سوى اقل من ساعة على الحادث، حتى أخذت الهواتف في دمشق ترن، يعلن المتصلون من خلالها استشهاد الشيخ ياسين، ذلك ان جمهور دمشق، عندما سمع آخر أخبار الليل، لم يكن الاسرائيليون ارتكبوا جريمتهم بعد. لم تكن الهواتف ذات طابع اخباري فقط، بل كانت دعوة تبادلها فلسطينيون وسوريون للمشاركة في مسيرات غضب على الجريمة الاسرائيلية، وتجديد معلن للوقوف الى جانب الفلسطينيين في صراعهم ضد الاحتلال الاسرائيلي وسعيهم من أجل الحرية والاستقلال، وهي مواقف اعتاد السوريون والفلسطينيون التعبير عنها سوية باستمرار وخصوصا في خلال الانشطة الاهلية، التي شهدتها دمشق وحلب خلال السنوات الاخيرة الماضية عبر تظاهرات واعتصامات تخص فلسطين، قبل ان تتحول في العام الماضي الى اعتصامات تخص فلسطين والعراق.

وطوال يوم كامل، كانت المخيمات الفلسطينية في سورية، وخصوصا مخيم اليرموك الواقع جنوب دمشق مسرح تظاهرات ومسيرات ومجالس عزاء، اكد فيها فلسطينيون وسوريون غضبهم على الجريمة الاسرائيلية، حاملين لافتات تؤكد مواصلة النضال حتى تحرير الارض واقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس. وبطبيعة الحال، فان غضب الجمهور، جزء من موقف عبرت عنه جماعات اهلية سورية وعربية في دمشق، كان من بينها الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي يتخذ من دمشق مقرا له، ويضم ملايين العمال المنتمين الى الاتحادات العمالية والمهنية في البلدان العربية، وصدرت بيانات مماثلة عن لجنة نصرة العراق والجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية، والعرب السوريين أبناء الجولان المحتل، استنكرت الجريمة الاسرائيلية، وعددت مناقب الرجل واهميته في مجرى الكفاح من الحقوق الفلسطينية، والبيانات مجرد امثلة عن اهتمام السوريين وفلسطين سورية بالحدث في خصوصيته.

ولم تكن الشخصيات الدينية في سورية بعيدة عن التفاعل مع الحدث، اذ اعتبر مفتي سورية الشيخ احمد كفتارو في بيان له «اغتيال اسرائيل لرموز الشعب الفلسطيني هو قتل لفرصة السلام»، وان «اسرائيل» أضافت بهذه الفعلة الشنيعة اثباتا جديدا للعالم أبعدها كل البعد عن السلام وسعيها إلى تأجيج النار والفتن والحروب، فيما «شعب فلسطين يواصل اثبات انه شعب يريد الحياة الكريمة الآمنة، وان المصائب تزيده ايمانا بعدالة قضيته وحقه في تقرير مصيره وانه لن يتنازل عن حقوقه»، فيما اشار محمود عكام احد كبار رجال الدين في حلب الى خصائل الشيخ الشهيد وموقعه في الحياة الفلسطينية المعاصرة، خالصا الى قول «الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين كان تَجرِبة حرة فأضحى قيمة نبيلة».

والاهتمام الرسمي باغتيال الشيخ ياسين، لم يكن اقل من الاهتمام الشعبي واهتمام الجماعات الاهلية، التي دعا بعضها الى اقامة جنازات رمزية لتشييع ياسين، وقد ادان الرئيس بشار الاسد جريمة اغتيال الشيخ، واعتبرها تصعيدا خطيرا للوضع في المنطقة، قائلا إنها تندرج في اطار سلسلة اعمال القتل والتدمير التي ترتكبها «اسرائيل»، ونقل عنه قوله ان «القتل المتعمد لقائد سياسي فلسطيني مقعد هو ذروة ما تمارسه «اسرائيل» باستمرار من ارهاب تستهدف به مدنيين فلسطينيين، وشعبا اعزل رازحا تحت الاحتلال الاسرائيلي بكل ما تملكه سلطة الاحتلال من قوة غاشمة تتحدى كل القوانين الدولية والشرائع السماوية». فيما عقبت وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان على العملية الاسرائيلية، انها «ستقود الى مزيد من القتل والعنف والدمار في المنطقة»، وقالت ان «سياسة الاغتيالات التي اتبعها ارييل شارون منذ اعوام بحق الشعب الفلسطيني هي جرائم حرب وهي جزء من حرب الابادة التي يتبعها وجزء من التطهير العرقي»، وان «الحل الوحيد الذي سيتم عاجلا ام آجلا حاملا الأمن والسلام للجميع يكمن في انهاء الاحتلال وإعادة الحقوق الى اصحابها الشرعيين».

سورية في تعاطيها مع عملية اغتيال الشيخ، تعيد ثانية ابراز فلسطينيتها، وخصوصية الموضوع الفلسطيني فيها الذي لا يكمن فقط في مستوى ومحتوى تعاطيها مع اغتيال الشيخ ياسين، ولافي استقبالها جثمان القائد الفلسطيني محمد عباس (ابوالعباس) الذي سيدفن في دمشق اثر وفاته في سجون الاحتلال الاميركي في العراق، بل ايضا في صلات سورية مع الجماعات الفلسطينية، التي تجعلها موضوع اتهام بـ «دعم الارهاب» وتلقى تهديدات اميركية - اسرائيلية بسبب تعاطيها مع «جماعات ارهابية»

العدد 570 - الأحد 28 مارس 2004م الموافق 06 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً