العدد 2750 - الأربعاء 17 مارس 2010م الموافق 01 ربيع الثاني 1431هـ

نظرة مختلفة لمخرجات صناعة الألمنيوم

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من مدينة دبي أعلن الرؤساء التنفيذيون لست من شركات الأعضاء المؤسسين، إطلاق «المجلس الخليجي للألمنيوم». وهي خطوة رائدة على مستوى بناء شكل من أشكال التجمع الصناعي الخليجي، في قطاع صناعة تحويلية إستراتيجية على المستوى الدولي مثل الألمنيوم. هذا على المستوى الخليجي، أما على المستوى البحريني فلا شك أن اختيار البحريني محمود الدليمي – من شركة ألبا – أمينا عاما للمجلس وتكليفه «بتطوير وتقديم خطة العمل، بتشكيل فريق لتولي مسؤولية الأنشطة المستقبلية للمجلس والتي تتضمن توسيع نطاق عضوية المجلس لتغطي مجمل الشركات العاملة بقطاع الألمنيوم في المنطقة»، هو بمثابة الاعتراف الضمني بكفاءة المهارات البشرية البحرينية في هذا المجال، الأمر الذي نأمل أن توليه الجهات المعنية بتطوير هذه الكفاءات، للمنافسة في أسواق العمل الإقليمية والعالمية، المزيد من الاهتمام والرعاية اللذين يحتاجهما.

ولربما يأتي تأسيس هذه المجلس، استجابة إيجابية لدعوة الدراسة التي قامت بها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) إلى «إيجاد نوع من التكامل في مجال صناعة الألمنيوم بأنواعه، وتعزيز وتطوير التجارب الناجحة القائمة في مجال المشروعات الخليجية المشتركة، وتحاشي المنافسة الضارة بين المصانع الخليجية، من خلال إيجاد مركز متخصص للأبحاث والتطوير، لمتابعة التطورات في هذه الصناعة والتعرف على التوجهات المستقبلية لها في العالم».

من جانب يثير تأسيس هذا التجمع الصناعي / السياسي الكثير من هموم المواطن الخليجي بشأن واقع ومستقبل هذه الصناعة، التي أصبحت تحتل اليوم المركز الثاني للدخل بعد النفط والغاز. إذ تشير الأرقام التي نشرها موقع صحيفة «الجزيرة» السعودية، أن دول المنطقة بدأت تقدم نفسها «كمحور رئيس في صناعة الألمنيوم من خلال ضخ استثمارات ضخمة كان آخرها ما أعلنته شركة التعدين العربية السعودية معادن عن ضخ أكثر من 40 مليار ريال سعودي (نحو 11 مليار دولار) لإنشاء مشروع للألمنيوم في رأس الزور».

ويسرد المقال مجموعة من الأرقام التي تلقي الضوء على التطورات التاريخية لهذه الصناعة وحجمها وآفاقها، «ففي العام 2000، بلغت حصة دول المجلس من الإنتاج العالمي للألمنيوم 1.8 مليون طن متري سنويا. وبحلول العام 2008، ارتفع الإنتاج إلى 2.2 مليون طن متري سنويا وهو ما يعادل 5.4 من الإنتاج العالمي، وما زالت التوقعات تشير إلى استمرار زيادة معدلات الإنتاج لتصل إلى 6 ملايين طن متري سنويا في العام 2015، و9 ملايين طن متري سنويا في العام 2020 وهو ما يعادل 13 في المئة من الإنتاج العالمي». الذي تقدره بعض التوقعات حينها نحو 60 مليون طن متري». وتقدر مصادر مطلعة «إجمالي المصانع العاملة في صناعة الألمنيوم بأنواعها المختلفة في دول الخليج نحو 886 في العام 2008، تشكل نحو 7.2 في المئة من المصانع العاملة في قطاع الصناعات التحويلية في دول المجلس».

وتستفيد صناعة الألمنيوم في الخليج من عنصريين يغذيان نمو هذه الصناعة وتطورها: الأول هو تراجع حمى المنافسة بفضل زيادة كلفة الإنتاج، سواء جراء ارتفاع أسعار الطاقة المستخدمة أو أثمان المواد الخام بسبب زيادة الطلب، وعلى وجه الخصوص بعد دخول الصين في السوق العالمية، مما أدى إلى إغلاق بعض المصانع المنافسة في الغرب وخصوصا في الولايات المتحدة. فبعد أن كان سعر طن المادة الخام (الألومينا ) 200 دولار في العام 2000، أصبحت اليوم تقارب من 530 دولارا للطن الواحد. الثاني هو رخص الطاقة المحلية المستخدمة في إنتاج الألمنيوم خليجيا، التي تستفيد من الإنتاج المحلي للغاز الطبيعي لتوليد الطاقة التي تحتاجها عمليات الصهر والإنتاج الأخرى. ولتقدير نسبة تأثير الفروقات في أسعار الطاقة، يكفي أن نعرف أن زيادة 10-15 دولارا في إنتاج ميغاوات / ساعة ترفع سعر طن الألمنيوم بين 150 – 225 دولارا إضافية.

بقيت قضية في غاية الأهمية، وهي أن من ينظر إلى مخرجات صناعة الألمنيوم الخليجية اليوم يجدها تخاطب قطاعا أساسيا واحدا هو قطاع البناء والإنشاءات، أو بالأحرى تستثني، بوعي أو بدون وعي قطاع صناعة تقنيات المعلومات، بما يشمل من جذاذات وأدوات ذكية مثل الهواتف أو المعدات الأخرى. مثل هذه الصناعة ترفع من سعر المنتج النهائي الذي استخدم الألمنيوم كمادة خام، بعد إضافة القيمة المضافة لها، آلاف الأضعاف. وتتحدث بعض الدراسات أن سعر طن من خام الألمنيوم المصدر من الخليج، والذي لا يتجاوز سعره في أفضل الأحوال – كمعدل – بين 1000- 1500 دولار أميركي، يعاد تصديره للمنطقة من دول مثل سنغافورة وماليزيا، دع عنك اليابان ودول الغرب الأخرى، بما يساوي 38 ألف دولار أميركي.

ربما هذا الفرق في الأسعار يذكرنا بالنهب الذي كانت تمارسه كارتيلات النفط التي كانت تستولي على النفط الخام بأسعار متدنية، ثم تعيد تصديره لنا مصنعا بأسعار خيالية، وبالتالي يدعو القائمين على صناعة الألمنيوم في بلادنا أن يعيدوا النظر في مخرجات الصناعة بشكل مباشر، أو من خلال تكاملها مع صناعات أخرى بشكل غير مباشر. ليست هذه دعوة لوقف تزويد صناعة الإنشاءات بما تحتاجه من مواد خام أو مصنعة، لكن لا ينبغي أن نحصر أنفسنا في ذلك القطاع وحده فقط، لأن محصلة ذلك هو أننا ندفع باليد اليسرى، في شكل بضائع مصنعة من الألمنيوم، زودت بالقيمة الفكرية المضافة، أضعاف ما نقبضه باليد اليمنى التي لم تنتج سوى مواد خام خالية من أية قيمة مضافة.

وعلى نحو موازٍ لهذا التوجه، لابد من الانتباه، وفي هذه المرحلة المبكرة، لضرورة الاهتمام بالكوادر البشرية المحلية الكفوءة القادرة على التحكم في هذه الصناعة، وتسيير دفتها لصالح دول المنطقة وليس الدول المستوردة، ليس في نطاق الإنتاج فحسب، وإنما أيضا في مجالات التسويق، ناهيك عن الربط مع الصناعات الأخرى التي أشرنا لها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2750 - الأربعاء 17 مارس 2010م الموافق 01 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:49 م

      الكفاءة النزاهة الأمانة الإخلاص الثقافة والمخزون المعرفي

      شكرا للأستاذ القدير عبيدلي على المقال الرائع ... هناك مصطلحات غير مكتملة لبعض الكوادر البشرية لتسيير بعض الدوائر وليس الغرض من صرف تكاليف باهظة لدورات قصيرة ولأيام معدودة ولكن مصطلحات هامة تفتقدها بعض الكوادر البشرية ولكم في حديثي النعمة بالوظيفة لعبرة ... مع تحيات (ندى أحمد)

اقرأ ايضاً