العدد 600 - الثلثاء 27 أبريل 2004م الموافق 07 ربيع الاول 1425هـ

مع كل مقال زعل ورضا

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

قصة الكاتب مع القراء قصة طويلة، متشابكة، لا يعرف طعمها إلا من يمسك القلم ويخاطب الناس. ولا أعلم إن كانت كتابة عمود يومي هي رحمة أم نقمة؟ فأصعب مهنة هي المهنة التي تعرض فيها نفسك يوميا على الناس وتطرح فيها قناعاتك وأفكارك. هناك من يزعل وهناك من يرضى، هناك من يفتتن بطرحك وهناك من يرى أن ما تكتبه استهلاك يومي ليست فيه فائدة وهذا حق يجب ان لا يصادر، فلولا الأذواق لبارت السلع.

فعلا ان مهنة الصحافة مهنة المتاعب. لست صحافيا بل مجرد كاتب، لكني - على رغم ذلك - أعيش ما يعيشه الصحافيون من مشاق. فأنت تمشي يوميا على حافة السكين، هناك من يرشقك بالحجارة وهناك من يرمي عليك الزهور مع القبلات الحارة، وهناك من يتبادل الدورين. وفي ظل كتاباتك أنت مطالب بإرضاء الجمهور والسلطة، وقلما تجد من يرضى بالتوازن، فإما أن تكون رسميا 100 في المئة وإلا فلا، أو تكون شعبويا 100 في المئة وإلا فلا! وهذه هي بعض أخطائنا إذ إننا لا نقبل بالتعددية وان حسبنا أنفسنا عليها.

بعض المسئولين يتهمك بدغدغة مشاعر الجمهور وبعض الجمهور يراك مغازلا للسلطة. أحيانا تكتب نقدا للوزراء فيأتي الرد من بعضهم: «إن هذه الكتابات تدعو للشحن، وتريد تشويه البلد، وانك تطرحها بمنطق شخصي عدائي» وأحيانا تكتب شيئا تخالف فيه الجمهور في بعض أطروحاته فتحسب على السلطة وانك تغازل السلطة وهنا تكثر الإشاعات! هكذا هي الحياة... ولكن ولله الحمد قناعتي الفكرية والشرعية هي أن العمل الاسلامي والوطني لا يكون إلا بتشجيع القضايا الصحيحة ونقد الخطأ من أيٍ كان. وهذه هي قناعتي عندما أرى انجازا صحيحا لدى أي مسئول، يجب أن نشجعه على المبادرة، وننتقده اذا ما بدر منه خطأ وكذلك الأمر بالنسبة إلى أداء القوى الاجتماعية.

منهجي الذي أؤمن به في الحياة هو تشجيع الايجابيات وإن كانت صغيرة مع العمل على تصحيح الأخطاء بلا مجاملة لتكون لصالح الجميع. وهذا المنهج منهج صعب في ظل شيوع حوار «الطرشان» وترسيخ الثقافة الأميركية التي لم تغدُ حكرا على أميركا «إما أن تكون معي 100 في المئة وإلا فأنت ضدي». وهذا المنهج(التوازن) هو ما طرحته عبر الكتابات طيلة هذه الأعوام. انتقد الخطأ... وإذا ما حدثت اضاءة هنا أو هناك سواء من الناس أو السلطة أحاول تشجيعها و تفعيلها لصالح الجميع وكسبنا جولات كثيرة في ذلك لصالح الناس.

كما وإني مؤمن بمصارحة الجمهور بالفكرة التي أؤمن بها أيا كانت وهذه هي التعددية؛ أن أطرح رأيي بكل شفافية خصوصا اذا كنت مقتنعا بشرعية وعدالة ما أطرح في أي ملف كان، وما أكثر الملفات التي تمر علينا يوميا. وكذلك مصارحة السلطة كما حدث في استجواب الوزراء.

لماذا أقول ذلك؟ سأجيب عن السؤال ولكن عبر طرائف عشتها مع القراء. هناك قارئ يتصل بي يوميا ويعطيني رأيه بكل بساطة وعفوية لكنه يضحكني في الحكم، فخلال اسبوع واحد حصلت على 4 نقاط مقابل 3 نقاط، يوما يصف المقال بأنه وطني ويوما يصفه بأنه رسمي. قارئ آخر يتصل بك وكله لطافة وذوق، ينتقد ولكن بإنصاف وتوازن، قارئ آخر يتصل «زعلان» على كلمة صغيرة أنت تقصد منها شيئا معينا لكن ذهنه لم يسعفه فأخذه الى معنى آخر. شخص يتصل متألما ويعاتبك لتلكؤ ملف التقاعد، وآخر يتصل يشد على يدك في ملف الأوقاف، هذا يعاتبك لأنك لم تتكلم عن وزارته وذاك يعاتبك على أنك «هوّست» على وزيره، البعض يراك منحازا الى حقوق المرأة على حساب الرجل. ومتصل آخر يقول لك: أنت تكثر نقد الحكومة أكثر من اللازم، وكل شخص يقيس مقالك بحسب فهمه وتصوره وبالمسطرة. يريدك أن تكون دقيقا كدقات ساعة «بيغ بن»، وما بين كل ذلك أرق وسهر وتعب، وما بينها تخرج شائعات وشائعات. فخلال أسبوع واحد أصبح كاتب هذا المقال رئيسا لعدة مؤسسات وعضوا في مؤسسة أخرى بالشائعة... لكن على رغم كل ذلك أقول: إن ذلك دليل على أن المجتمع البحريني دائما في حراك وهو حي ونابض. ختاما نقول: عندما تتعدد الآراء بموضوعية وتسامح فإن ذلك يدل على أننا في الاتجاه الصحيح

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 600 - الثلثاء 27 أبريل 2004م الموافق 07 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً