العدد 2766 - الجمعة 02 أبريل 2010م الموافق 17 ربيع الثاني 1431هـ

القمة العربية بين حوارين ... «مرفوض» و«مفروض»

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في فلسطين المحتلة وقطاع غزة يواصل العدوّ الصهيوني ممارساته الإرهابية بحق الشعب الفلسطيني، في الغارات التي طاولت القطاع، إلى عمليات الاعتقال المتواصلة في الضفة، إلى إغلاقه التام للضفة الغربية في «يوم الأرض»، لمنع الفلسطينيين من إحياء هذا اليوم، فيما يستمر حصاره للمسجد الأقصى، وتتواصل سياسته التهويدية الاستيطانية على جميع المستويات.

وقد بات واضحا أن العدوّ لا يعبأ بالملاحظات الأميركية الشكلية حول سياسته الاستيطانية الاحتلالية في فلسطين المحتلة، لأنها جزء من اللعبة المرسومة لاستكمال الخطة الأميركية الصهيونية في إحكام الطوق على الفلسطينيين، وصولا إلى إقامة الكيان اليهودي الخالص في فلسطين المحتلة، ولا يقيم وزنا للقمة العربية التي باتت خبرا عاديا لا يثير أحدا، ولا يحرّك ساكنا في طول البلاد العربية وعرضها، فضلا عن كونها سرابا لا يحسب له العدوّ ولا الغرب أيّ حساب.

وهكذا، تدير حكومة العدوّ اللعبة مع الأميركيين بخبث ودهاء، فيما يعود القادة العرب من قمتهم إلى عروشهم سالمين، ليطمئنوا إلى الكلمات المعسولة التي صيغت في بيانهم الختامي، وإلى ضغطهم المتواصل على شعوبهم، التي باتت أسيرة في السجن الكبير من المحيط إلى الخليج، في ظل شعارات حاكتها مخيّلة الحكّام الذين قرروا التنازل كليا عن حق إشهار السلاح بوجه عدوّهم، من دون أن يتنازلوا عن هذا الحق في مواجهة شعوبهم، في ظل قوانين الطوارئ، وأنظمة المخابرات، التي قررت أن تقمع كل من يعترض طريقها، وأن تصادر بقية المواقف الحرّة لحساب النظام الأمني الذي أطبق على كل شيء...

لقد قررت القمة العربية أن الحوار مع إيران مرفوض، فيما أوحت بأن الحوار مع كيان العدوّ مطلوب ومفروض... وتحت عنوان الأغلبية والأكثرية أرادت للمطلب الأميركي الأساس أن يتحقق في الانفتاح على العدوّ من تحت الطاولة أو فوقها، وإغلاق المنافذ الحوارية على الجمهورية الإسلامية في إيران لتكون الهدف الذي يرمي عليه الحكّام العرب، إلى جانب الرماة الآخرين من دول كبرى تجتمع لترفع سقف العقوبات ضدها، إلى كيان العدوّ نفسه الذي يتحدث مسئولوه بلغة التحالف مع بعض الأنظمة العربية ضد إيران، وضمن رؤية صهيونية حيال الموقف الإيراني الحاسم من الاحتلال الصهيوني، وموقف الكثير من الأنظمة العربية التي تعتبر أن إيران أحرجتها في الانتصار لقضية فلسطين، ودعم فصائل المقاومة على اختلاف أنواعها وألوانها.

إن على الشعوب العربية أن تعي أن القمم العربية عندما تثير الحديث عن رفض التطبيع، فهي تعطي الإذن بتطبيع من نوع آخر، حيث تُدعى أكثر الشخصيات المنفتحة مع العدوّ إلى المهرجانات الرئيسة في بعض البلدان العربية، كما عليها أن تعرف - وهي تعرف حقا - أن عرب الأنظمة لا يملكون سحب المبادرة العربية التي هددوا سابقا بأنها لن تبقى طويلا على الطاولة، لأن ذلك يحتاج إلى إذن خاص من الإدارة الأميركية التي أفهمتهم بأن عليهم ألا يقطعوا طرق التفاوض مع العدوّ، وأن يسدّوا كل منافذ الحوار مع جارهم الإسلامي إيران.

إننا نريد للشعوب العربية والإسلامية أن تصنع قمتها الخاصة، من وحي حركتها الميدانية، وعلى أساس التفاعل مع قضاياها الكبرى، ومن خلال اختزانها للآلام التي تسبب بها كل هؤلاء الذين كانوا عينا للاحتلال وأذنا، أو الذين جنّدتهم أميركا ليكونوا جزءا من مشروعها في المنطقة... كما نريد لهذه الشعوب أن تقول كلمتها الصارخة المدوّية في التفاعل الحيّ مع الشعب الفلسطيني، ولا تنتظر مساعدات الأنظمة العربية للمقدسيين، لأنها وعود تموت كما ماتت التعهدات السابقة، وتتساقط كما تتساقط أوراق الخريف السياسية التابعة لهذه الأنظمة من علٍ.

ونريد للشعب العراقي الذي استطاع أن يقطع محطة الانتخابات بنجاح كبير، أن يعمل لحفظ التوازن الداخلي، وأن ينطلق الجميع في ورشة بناء العراق الجديد، من دون استبعاد لأيّ مكوّن من مكوّنات هذا الشعب الذي يستحق الحياة بعيدا عن الفتنة التي يروّج لها المروّجون، وعن المجازر التي يصنعها التكفيريون لحساب الاحتلال، وحساب ذهنيتهم المعقّدة، والتي لم يكن التفجير قرب المرقد الحسيني الشريف في كربلاء آخر فصولها.

أما لبنان، فها هو يعود إلى نقطة البداية لتقضي الصفقات والتسويات على مشاريع الإصلاح الحقيقية، وليتم ترحيل مشروع بناء الدولة إلى مراحل بعيدة، ولتستمر لعبة توزيع الحصص مع اختلاف بسيط في العناوين والتسميات... ووسط ذلك كله، يُراد للبنانيين أن يتجرّعوا من كأس الفتنة مجددا، في ملفات أُعدّت من دوائر دولية وصهيونية، بعناوين قضائية دولية يُراد لها أن تعيد البلد إلى مربع الفتنة والتقاتل لحساب كيان العدوّ، وعلى اللبنانيين التنبّه لذلك، وإسقاط هذه المحاولات لحساب وحدتهم ومستقبل أجيالهم، وحتى لا يكونوا الحطب الملتهب على موائد الصهاينة الذين عجزوا عن إخضاع البلد بسيف الحرب، فعادوا بسلاح الفتنة.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2766 - الجمعة 02 أبريل 2010م الموافق 17 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:38 م

      تقى البتول

      الله يحفظك ياسليل الرسول الكريم ويسدد خطاك فالتكفيريين هم سبب المشاكل الله يدحرهم ويرد كيدهم في نحورهم امين رب العالمين

    • زائر 1 | 4:02 ص

      14 نور لا جامعه بدن جمهور

      لا جامعه بدون جمهور, نحن الشعوب العربية لا نعترف بالجامعه العربية فهي فقط مصاريف يوم واحد في السنة وإن كان هناك من يحاول أن يفعل شيء ولكنه يرى نفسه وحيداً بين ملوكٍ وأمراء ورئساء لا يعرفون إلا الأموال والأطيان و بالفعل فهو يكون العاجز الوحيد في قمة النقيض فالشعب يريد وقفة العروبة التي مضت و مضى عليها الزمان أن تعود ولكن هؤلاء الحكام يريدون التمتع في ممتلكات الفساد والسرقات من الشعوب والغريب في ذلك بأنهم لم يعودوا يتمتعون بحس الغضب أي الغضب و الحمية على مكانتهم فمكانتهم أصبحت تنسيهم أصلهم العربي

اقرأ ايضاً