العدد 626 - الأحد 23 مايو 2004م الموافق 03 ربيع الثاني 1425هـ

إلى القمة العربية المنعقدة في تونس

رسالة مفتوحة من حركة المقاومة الإسلامية - حماس

محمد بوفياض comments [at] alwasatnews.com

حصلت «الوسط» على رسالة مفتوحة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى القمة العربية المنعقدة في تونس، هذا نصها:

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الأمة العربية... المحترمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وخالص التمنيات والدعوات لكم بالتوفيق والنجاح في قمتكم الراهنة لما فيه صالح شعوبكم وأمتكم، وبعد، انطلاقا من:

خطورة المشروع الصهيوني العدواني الذي يهدد الأمة جميعا، ويهددكم كما يهددنا، ويهدد مستقبلنا كما يهدد حاضرنا.

جموح السياسة الأميركية وانحيازها المطلق للكيان الصهيوني، ودعمها المفتوح لكل جرائمه في فلسطين، فضلا عن الخطورة المباشرة المتزايدة لسياسات الإدارة الأميركية الراهنة، كما الحال في العراق والتهديد المتلاحق لأقطار عربية وإسلامية أخرى، ولاسيما أن الإدارة الأميركية باتت رهينة بأيدي اللوبي الصهيوني واليمين المحافظ المتصهين.

فشل مشروع التسوية للصراع العربي الصهيوني، وفشل كل المبادرات والمشاريع العربية والفلسطينية الرسمية التي جرى تقديمها بصورة متلاحقة في السنوات الماضية، وذلك في ظل مزيد من التطرف داخل الكيان الصهيوني وداخل الإدارة الأميركية على حد سواء، وفي ظل العجز العربي والاستسلام لمقولة انعدام الخيارات والإصرار على خيار وحيد وهو «السلام»، مما حوّل التسوية إلى عملية تجري تحت التهديد والوعيد من طرف واحد، وإلى عملية ابتزاز واجترار وإضاعة للوقت واستنزاف للمواقف العربية والحقوق الفلسطينية.

الواقع المؤلم الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني تحت الاحتلال، وخاصة في رفح ومخيماتها، حيث الهدم والتشريد والقتل للمدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ، في نكبة جديدة يعيشها شعبنا، وتنعقد قمتكم الموقرة في أجوائها القاتلة، فضلا عن سلسلة الاغتيالات التي لم تتوقف والتي استهدفت ولاتزال رموز شعبنا وقياداته الروحية والسياسية والنضالية، وفي مقدمتهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين والشهيد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي رحمهما الله.

انطلاقا من كل ما سبق، وخطورة ذلك على واقعنا ومستقبلنا معا، والتداعيات الناشئة عن استمرار السياسات والمواقف العربية الضعيفة الراهنة، فإننا ندعوكم إلى ما يلي:

أخذ مواقف جادة وحقيقية ضد الكيان الصهيوني، فلن يردعه عن عدوانه وجرائمه إلاّ مواقف وخطوات جادة، ومنها قطع الاتصالات واللقاءات والعلاقات معه على جميع الصعد. وإلاّ فما هي الرسالة التي سيفهمها العدو حين يرى أن اتصالاته وعلاقاته مع العرب لا تتأثر ولا تتغير مهما كان سقف جرائمه وتصعيده ضد شعبنا الفلسطيني؟!

مصارحة شعوبكم بأن مشروع التسوية لحل الصراع قد فشل فشلا ذريعا، رغم إخلاص العرب له وجهودهم المتواصلة لصالحه، وتحميل الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية المسئولية عن هذا الفشل، وهي حقيقة بات الكثيرون في العالم يدركونها، وفي مقدمتهم الأوروبيون، فلماذا لا تبادرون إلى هذه المصارحة، والحق معكم فيها، وبالتالي تعطون - أمام العالم - المزيد من الشرعية لخيار الصمود والمقاومة، ما دام هو الخيار الوحيد المتاح لشعبنا وأمتنا في ظل فشل الخيارات الأخرى؟!

دعم حقيقي لصمود شعبنا الفلسطيني ومقاومته، ومشاركته أعباء الدفاع عن نفسه وأمته في مواجهة جرائم شارون وممارساته الإرهابية المتصاعدة، والرد على تلك الجرائم بمزيد من الدعم والتأييد المادي والمعنوي والسياسي والجماهيري.

رسم سياسة عربية حقيقية ومستقلة تجاه قضية العراق، والوقوف إلى جانب حق الشعب العراقي الشقيق في التخلص من الاحتلال الأميركي، وتقرير مصيره بنفسه بعيدا عن أية وصاية أو هيمنة، خاصة بعد انكشاف فظائع الاحتلال الأميركي بحق الشعب العراقي، وبعد انكشاف الدوافع الأميركية لاحتلال العراق على حقيقتها، وسقوط كل المبررات والشعارات المزعومة!

صياغة استراتيجية عربية جديدة تأخذ بعين الاعتبار تقويم التجربة السابقة، وقراءة المرحلة الراهنة، وتقدير مخاطرها وتحدياتها، كما تأخذ بعين الاعتبار هموم الأمة وأولوياتها ومصالحها، والمسئوليات التاريخية المنوطة بقادتها وحكوماتها. آملين منكم المصالحة مع شعوبكم والاقتراب أكثر من نبضهم، وحشد كل عوامل القوة التي تملكها أمتنا، وهي عوامل حقيقية وليست وهمية، بشرط امتلاك الإرادة الحرة والقرار المستقل. وسوف تجدون حينها أن أمتنا تملك خيارات حقيقية أخرى غير خيارات الضعف والهوان الراهنة، وأن أعداء أمتنا سوف يضطرون - في ظل التغيير المأمول في استراتيجيتنا - إلى احترامنا والتسليم بحقوقنا، فالعالم لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يحترم إلا من يحترم نفسه ويعطيها قدرها الحقيقي. وهذا هو الطريق الوحيد والأقصر لنيل الحقوق وإنجاز المصالح، وتحقيق كل ما تتطلع إليه أمتنا من أمن واستقرار وتنمية وازدهار، مع الحفاظ على العزة والكرامة والهيبة والمكانة المحترمة بين أمم العالم.

نتمنى لكم النجاح والتوفيق، والله يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم لما فيه صالح أمتنا العربية والإسلامية وقضاياها المختلفة، وفي مقدمتها قضيتا فلسطين والعراق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حركة المقاومة الإسلامية

حماس - فلسطين

3 ربيع الثاني 1425هـ

22 أيار (مايو) 2004م

العدد 626 - الأحد 23 مايو 2004م الموافق 03 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً