العدد 630 - الخميس 27 مايو 2004م الموافق 07 ربيع الثاني 1425هـ

فئران أم ثعابين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ظهر يوم الجمعة من كل أسبوع، يهرع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إلى المساجد ليؤدوا صلاة الجمعة، وفيها يقرأ الأئمة سورتين هما، «الجمعة» و«المنافقون»، تذكيرا بوجود هذه الفئة «المندسّة» و«المخرّبة» في كل مجتمع... حكمةٌ بالغةٌ أرادت بها السماء أن تنبّه سكان الأرض إلى الديدان التي تسري بين أرجلهم. من يكونون؟ من هم هؤلاء؟ ما هو دورهم؟

المسلمون يسمعون أوصافهم كل جمعة عند تلاوة السورة المباركة في الصلاة. وهناك أوصاف أخرى لهذه الفئة الوضيعة، تصفهم بالأنعام بل هم أضلّ سبيلا. وهو وصفٌ مبثوثٌ في تضاعيف الخطاب القرآني الشريف، ما يعكس الدور المؤذي الذي لعبه هؤلاء الطفيليون في التشويش على التجربة الإنسانية الأولى أيام الرسول الأعظم (ص).

على أن الوصف الأشهر نحتته السماء لهؤلاء من واقع حجورهم الأرضية المنحطة، هو تصويرهم بالفئران، حتى غدا لقبا محصورا بهم كالعلامة التجارية المسجلة. قد يحتجّ القرّاء المواظبون على قراءة القرآن الكريم كلّ يوم، بعدم وجود كلمة «فأر» أو «فئران» في القرآن، ولكن أحيلهم على المفسرين، الذين يتحدثون عن أفعال الفئران، توضيحا لوصف هؤلاء بالمنافقين. فالنفاق هو صفة فأر الصحراء الذي يختطّ له مساراتٍ و«أنفاقا» تحت التراب، فعندما تحاصره وتريد الإمساك به في هذا النفق تراه يفلت من بين يديك ليهرب من «نفق» آخر. وربما وجد الكثيرون منكم ممن يؤمون البرّ في هذه الأيام بعض الخطوط الطينية المرتفعة الفارغة في الصحراء، فهذه طريقة المنافقين في الحياة.

صورة قرآنية فنية بديعة الوصف، رسمها القرآن عن «المنافقين»، سيعثر عشّاق الأدب العربي على صورةٍ أخرى رديفةٍ في «نهج البلاغة» رسمتها ريشة الإمام علي (ع) فجاءت بديعة بالألوان والظلال: «أعدّوا لكل بابٍ مفتاحا ولكل ليلٍ مصباحا». جاهزون دائما، ككتائب المرتزقة التي كانت تقاتل في جنوب إفريقيا، وفي موزمبيق، وفي روديسيا، وفي ناميبيا، وفي كل بلدٍ متورط بالعنصرية والتمييز. ادفع لهم الثمن، سيارة آخر موديل أو قطعة أرض 200 في 200، وتسلّم حزم «المقالات» و«الأعمدة» بالكيلوغرام!

وما دمنا نتتبع صور هؤلاء في التاريخ، فمن الأمانة التاريخية أن نسجل صورة ثالثة التقطها المسيح عيسى (ع) لهذه الفئة التي تتناسل كالسحالي الهرمة عبر الأحقاب، حين وصفهم بالأفاعي والثعابين.

إذا، إلى جانب صورة الفئران في الصحراء، سنجد صورتين كاريكاتوريتين تركتهما لنا ريشة علي وعيسى مرسومتين بالكلمات، في أصدق تعبيرٍ عن واقع هذه الفئة «المندسة» و«المخربة» في جسد كل شعب. وحين أراد الله في محكم كتابه أن يسلّي رسوله ويهوّن عليه من ألاعيبهم، خاطبه من فوق عرشه قائلا جلّ شأنه: «لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلاّ قليلا» (الأحزاب: 60). عندما تقرأ هذه الآية تشعر بأنهم مجرد ديدان تزحف فوق التراب، فتحاول أن ترفع طرف ثوبك لكيلا تلوّثك بأدرانها

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 630 - الخميس 27 مايو 2004م الموافق 07 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً