العدد 638 - الجمعة 04 يونيو 2004م الموافق 15 ربيع الثاني 1425هـ

رؤى إدارية

عبدالحسن الديري comments [at] alwasatnews.com

هل تستطيع أن تتحمل البحرين مديرين فاشلين؟

لا أقصد أبدا تجريح أي أحد ولا أرتضي ذلك أبدا، بل وأؤمن بأن كلا منا يسعى جاهدا بحسب قدراته الإدارية وخبراته التي تغذيها توجهاته والمنطلقات التي ينطلق منها إلى أن يكون إداريا ناجحا ومن الطراز الأول، ولكن ليس ضروريا أن تأتي الرياحُ بما تشتهي السفن.

لذلك أجده لزاما علينا إذا ما أردنا التطور والتطوير لأمتنا ووطننا العزيز أن نقف وقفة جادة نحاسب فيها أنفسنا ونشير فيها إلى مواطن الخلل سواء الحالية منها أو المحتملة، ليس القصد منها التجريح والإساءة ولكن لوضع الأصبع على الجرح محاولة في شفائه وعلاجه، فكما نمدح يجب أيضا أن ننتقد شريطة أن يكون الانتقاد فعّالا وبنّاء... والأهم هو أن يكون هادفا إلى التطوير وتصحيح المعوج. فحري بنا أن ننتقد أنفسنا (وخصوصا إذا ما كان التطوير غايتنا) قبل أن ينتقدنا الآخرون، وحري بنا أن نطور من أنفسنا قبل أن يتطور الآخرون من حولنا ويتركوننا في آخر الركب، ولاسيما في وقتنا الحاضر وهذه الفترة العصيبة من التاريخ التي تشهد منعطفات تاريخية مهمة ودقيقة، سواء أكانت على الجانب السياسي أم الاقتصادي على حد سواء. فهذه المتغيرات والمستجدات التي يمر بها العالم عموما والبحرين خصوصا ولاسيما أننا نمر بمرحلة إصلاحية دقيقة محفوفة بالكثير من المخاطر على الصعيدين الداخلي والخارجي، ما يجعل نتيجة الخطأ في حد ذاتها مضاعفة.

هذا على الصعيد الإداري والاقتصادي العام (leveL orcaM)، وأما على الصعيد الخاص بالمؤسسات (leveL orciM) فإن خطأ هذا المدير أو ذاك أو فشل هذا أو ذاك يتضاعف بعدد الإداريين والموظفين التابعين له، ما يعني أن النتيجة أو المحصلة النهائية ستكون مضاعفة عدة مرات، ومرهقة جدا (هذا على مستوى المؤسسة، وقس على ذلك مستوى الاقتصاد الوطني العام) ما يعني تدهورا اقتصاديا وتآكلا في البنى التحتية والمصادر المتاحة بشتى أنواعها وأقسامها سواء البشرية أو الطبيعية أو المالية.

إذا وبعد كل ما سلف وتقدم ذكره يجب علينا كأمم تنشد الإصلاح والتطوير بشقيه السياسي والاقتصادي (ولاسيما الإداري منه) أن نشحذ هممنا وعزائمنا في تصحيح المعوج وفق أسس إدارية بحته لا تشوبها أية شائبة من قبيل المحسوبية أو التمييز في التعيينات الوظيفية، ولاسيما الإدارية الحساسة منها وذلك لأن الضرر هنا مضاعف كما تم ذكره آنفا. وهنا أذكر بضعة أمور وخطوات يجب اتخاذها والالتزام بها وهي كما يأتي:

1- أولا نحن بحاجة إلى الاحتراف والانتقاء في تعيين الكفاءات وذلك بناء على الأصلح والأقدر في إدارة الأمور والمؤسسات وخصوصا الدقيقة منها - بحرفنة إدارية متمكنة تستطيع أن تعبر بهذه المؤسسة أو تلك إلى بر الأمان وبأقل الخسائر الممكنة، وإنه لمن الضرورة بمكان تعيين هذا الأصلح منذ البداية وليس بعد أن يعبث بهذه المؤسسة العابثون فتصبح عملية التطوير أو الانتشال أشبه ما تكون بعملية قيصرية صعبة وطويلة.

2- إن ذلك يقتضي الحيادية في الانتقاء والتعيين وتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الشخصية الضيقة التي أثبتت دوما قصر جدواها الاقتصادية، إضافة إلى ضررها البالغ على الأمة والوطن.

3- كما أنه من الضروري هنا أن تكون مدة التعيين محددة من 3 إلى 5 سنوات بحيث يستطيع هذا المدير أن يضع له خطة خمسية متكاملة يتم على أساسها تقدير مدى نجاحه في مهمته وبالتالي اعتبار ذلك أحد المعايير المهمة في عملية اتخاذ القرار بالنسبة إلى تمديد فترة عمله أو إنهائها.

إن هذا يعني أنه ليست هناك محاباة لهذا أو ذاك إلا على أساس العمل والجهد والتفاني والإخلاص، وفوق ذلك كله هو النتائج فالأمور بخواتيمها، والعدل أساس الحكم.

4- من أجل نجاح عملية التنمية الإدارية لابد أن يكون الإصلاح والتطوير شاملا فلا فائدة من تعيين هذا الكفء أو ذاك ما لم يصاحب ذلك توفير الأدوات الإدارية اللازمة من قبيل تسخير بيئة قابلة ومساعدة على التطوير والنمو بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فليس من العدل الحكم على هذا المدير بالفشل في حين لم تتح له الفرص ولم تسخر له الطاقات والأدوات اللازمة.

5- أخيرا وليس آخرا، ومن أجل إثراء وتقوية عملية التنمية الإدارية هذه ومن أجل خلق بيئة مساعدة فلابد من تأسيس وتطوير برامج ومعاهد إدارية مختصة بالمديرين ومتخصصة في العلوم والتنمية الإدارية على شاكلة برنامج الخليج للإدارة التنفيذية (PDEG) الذي يقوم بتنظيمه معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية (FBIB) بالتعاون مع كلية داردن بجامعة فيرجينيا الذي يهدف إلى تخريج كفاءات إدارية متخصصة، وقد استطاع البرنامج ومنذ البدء فيه العام 1995 بتخريج 166 من المديرين والتنفيذيين المختصين، إذ يقومون بتتويج دراساتهم ببحوث عملية عن شتى المشكلات الإدارية والاقتصادية التي تمر بها المملكة مع استعراض الحلول العملية لها.

ختاما، إذا ما أردنا لأمتنا ووطننا العزيز النهوض، فلابد من أخذ الحلول الناجحة والعمل بجد واجتهاد ومثابرة للعبور بنجاح في طرق وعرة محفوفة بالمخاطر، زادنا في ذلك توفيق الله سبحانه وتعالى ورضوانه

العدد 638 - الجمعة 04 يونيو 2004م الموافق 15 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً