استنفد المجلس النيابي أهم ملفاته التي قد تحقق له رصيدا سياسيا، ووضحت معالم كتله وتبايناتها، وكونها أدوات سياسية بيد السلطة التنفيذية وليست بيد الشعب، واستنكف مجلس الشورى للمرة الثانية من ملاقاته في غرفة واحدة بموافقته على «خفض الموازنة» التي أقرّها «النيابي» في جلسة الاثنين، فالحكومة لا تريد للغرفة المعينة الالتقاء مع المنتخبة، لأن الغالبية المنتخبة تحقّق لها أقصى ما تتمناه من دون استخدام حتى 5 في المئة من صلاحياتها في دستور 2002. والسؤال: ما أفق مجلس النواب مستقبلا؟ وكيف سيؤسس على إخفاقاته بعد أن انكشفت سجية كتله الفعلية في الممارسة السياسية؟ وهل سيؤسس إلى نجاحات مستقبلية مع محدودية أدواته الدستورية، وتواطؤ كتله الأساسية حين الدفاع عن مصالح الشعب؟ البعض يرى أن عدم دخول المعارضة التجربة سبب ضعف أداء مجلس النواب، وأنه وفق تشكيلته الحالية غير قادر على الإنجاز، لافتقاده الدعم الشعبي المطلوب، وأن دخول المعارضة التجربة سيحرك ملفاتها من الداخل بشكل أقوى، وهو فهم صحيح، لكنه جزئي ومحدود، لكونه يعتمد على شرعية المعارضة في الشارع، ويتناسى أن المعارضة قد تفقد شرعيتها نتيجة ضعف الصلاحيات. فهمٌ آخر يرى أن دخول المعارضة التجربة مع محدودية صلاحياتها، سيفرز درجة عالية من الشد السياسي، ويغيّر من تعاطي الحكومة مع التجربة، باستخدامها السقوف الدستورية والسياسية بشكل متدرج ومضمون لصالحها، وسيفرز مشهدا طائفيا مخيفا تجير الوسائل الإعلامية لإذكائه، نتيجة خلل توازنات القوى داخل المجلس النيابي وتباين المصالح، وهو ما تكشَّفَ بصورة محدودة في التجربة الحالية. لذلك، فهو يرفض مغامرة الدخول، وإذا ما انتهت التجربة الحالية إلى إخفاقات لن يكون الشارع طرفا فيها، فأية تجربة مستقبلية تخفق، ويكون الشارع طرفا فيها، فإن عواقبها سياسيا وأمنيا غير محمودة، وهذا أمر لا يتحمله من لا يريد الرجوع إلى المربع «رقم واحد»
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 643 - الأربعاء 09 يونيو 2004م الموافق 20 ربيع الثاني 1425هـ