العدد 653 - السبت 19 يونيو 2004م الموافق 01 جمادى الأولى 1425هـ

البرلمان والحراك السياسي

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

قبل فترة سُئلت من أحد الأصدقاء عن مدى تأثير مجلسي السلطة التشريعية (الشورى والنواب) على عملية الحراك السياسي في النظام. ومادام المجلس قد انفضت دورته الثانية فإنه من الأهمية بمكان طرح هذه القضية للنقاش، بعيدا على السلوك الإعلامي غير الموضوعي الذي يفضله معظم النواب ومزايداتهم.

بداية أعتقد أن وجود مجلسي السلطة التشريعية أحدث تغيرا في الحراك السياسي، ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة أسباب، منها أن خلفيات تشكيل وانتخاب أعضاء مجلس النواب وتعيين أعضاء مجلس الشورى لاحقا جاء بعد بروز إشكالية كبيرة في النظام السياسي تمثلت في ثنائية المقاطعة والمشاركة.

كما ان الوقت الراهن يشهد إشكالية ترتبط بالسبب السابق، وهي صعوبة تعامل جمعيات التحالف الرباعي مع المجلس الوطني كمؤسسة من جهة، والتعامل مع أعضاء مجلسي الشورى والنواب من جهة أخرى. وأدى هذا إلى تشتت القوى السياسية بين مجموعة تؤيد وتتفاعل مع قضايا البرلمان، وأخرى تجد نفسها مرغمة على التعاطي مع قضايا البرلمان، ولكنها من الناحية السياسية ليس بمقدورها التعامل معه لأنها لا تعترف بشرعيته، وقاطعت عملية المشاركة في تأسيسه من خلال انتخابات أكتوبر/ تشرين الاول 2002.

وعلى هذين السببين نجد بروز مجموعة من التفاعلات داخل النظام السياسي متباينة ومتضاربة في أحايين كثيرة. أي ترتب على تشتت القوى السياسية تشتت العمل السياسي، وهي عملية غاية في الصعوبة لخمس فئات بالتأكيد، تشمل: السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة، والسلطة التشريعية ممثلة في البرلمان، والسلطة القضائية، بالإضافة إلى الجمعيات والتنظيمات السياسية، وعموم المواطنين.

ويمكن ملاحظة تشتت العمل السياسي في عدة مظاهر، أهمها: الخلافات التي دارت حول المؤتمر الدستوري الذي عقد في فبراير الماضي، والخلافات التي دارت حول العريضة الدستورية، ثم انتقلت لتشمل الخلاف حول مسألة الحوار الوطني ومحاولات الإقصاء.

ووسط هذا الجدل لم تتحقق مطالب السلطة التنفيذية التي مازالت هي القوة السياسية الأعظم في النظام، وتحققت مطالب محدودة للسلطة التشريعية التي تعد المجال الأوسع للخلافات باعتبارها سبب الانقسام السياسي الموجود في النظام حاليا. أما الجمعيات والتنظيمات السياسية فهي مازالت في حال من الصراع مع بعضها بعضا حول المقاطعة والمشاركة، وكيفية معالجة المأزق الحالي.

ويبقى المتضرر الأكبر من هذا كله المواطنون الذين يعانون الآن حالا من الإحباط الشديد بسبب ضعف أداء البرلمان، وعدم كفاءة أعضائه الذين أعلنوا برامج لامست بشدة طموحات الشعب وتطلعاته، إلا أنهم ما أن دخلوا البرلمان حتى تناسوا برامجهم الانتخابية وانهمكوا في العمل من أجل مصالح كتلهم البرلمانية التي هي في الحقيقة منابر تعبر عن جمعيات سياسية، باستثناء كتلة النواب المستقلين التي تشكلت بالتوافق داخل البرلمان.

إلى ذلك يمكن القول إن البرلمان قد خلق تغيرا كبيرا وعميقا في الحراك السياسي. ولكن الأجمل في هذا كله إصرار معظم القوى السياسية على الحوار السياسي في التعامل مع القضايا كافة، وخصوصا مع المؤشرات التي نشاهدها حاليا عبر تعاطي التنظيمات السياسية مع التغيرات الضخمة التي تشهدها المؤسسة الأمنية الرئيسية

العدد 653 - السبت 19 يونيو 2004م الموافق 01 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً