لا يختلف اثنان في أن الحركة المسرحية البحرينية حركة غنية معطاء، وأن المسرحيين البحرينيين سواء منهم المخضرمون أو الشباب يحظون باهتمام ومتابعة من قبل المسرحيين في دول الخليج العربية وربما في الوطن العربي الكبير. فمنذ الانطلاقة الأولى التي بدأت من مدرسة الهداية الخليفية الثانوية العام 1919 على خشبة المسرح المدرسي الى ظهور الفرق المسرحية الأهلية كمسرح أوال في العام 1971 ومن بعده مسرح الجزيرة في العام 1973 وصولا الى مسرح الصواري. شكلت الحركة المسرحية منعطفا مهما في المسيرة الثقافية في البحرين.
وأمام هذه المسيرة المسرحية الطويلة لا يمكنك الابتعاد عن المقارنة بين الحركة المسرحية البحرينية ونظيراتها من الحركات الخليجية والعربية، ولا نقصد المقارنة هنا بحجم الانجازات ولكننا نعني الامكانات المادية المصاحبة لهذه الحركة والتي من دونها تصبح الحركة المسرحية ضربا من العبث والسباحة في وجه التيار. ذلك ان هذا الموضوع يشكل حجر الزاوية في هذا المنتدى الذي تفتحه صحيفة «الوسط» مع المسرحيين البحرينيين، فهو يشكل لدى المسرحيين الهاجس الأول الذي يشغل أذهانهم ويعطل الكثير من تطلعاتهم، وان كان الموضوع يتطرق الى زوايا أخرى، مثل تفريغ المسرحي البحريني واشكال بناء مسرح وطني، والعقبات الكبيرة التي تعترض المسرح الجامعي. وفي هذا المنتدى الذي يشارك فيه من مسرح أوال أحمد جاسم وعبدالله يوسف. ومن مسرح الصواري ابراهيم بحر، محمد الصفار، ومن مسرح الجامعة محمود الصفار ومنذر غريب. اطلالة على هذا الموضوع المهم.
الإشكال قائم حتى إشعار آخر
ورد في صحيفة «الوسط» تأكيد من قبل رئيس اللجنة الدائمة للفرق المسرحية الأهلية ابراهيم عبدالله غلوم أن الدورة التاسعة للمهرجان المسرحي الخليجي ستكون متزامنة مع الانتهاء من بناء المسرح الوطني قرب متحف البحرين الوطني. ألا يشكل هذا انفراجا لأزمة المسرح البحريني، أم أن هناك دوافع أخرى فرضت هذا البناء وليس اهتماما جديا بحل أزمة المسرح البحريني؟
- إبراهيم بحر: نحن نتكلم منذ زمن طويل عن أهمية وجود مسرح وطني، ولكن مع إقامة الدورة التاسعة لمهرجان الفرق المسرحية الخليجية في البحرين أصبح من الضرورة توافر هذا المسرح، وذهبت أنا مع رئيس اللجنة ابراهيم عبدالله غلوم ومحمد السماهيجي الى وكيل وزارة الإعلام محمود المحمود الذي أكد لنا أن مناقصة بناء المسرح رست على احدى الشركات وأن فترة بناء المسرح ستكون في حدود تسعة أشهر، ليكون متزامنا مع وجود المهرجان عندنا في البحرين في العام 2005. وأكد أيضا أن هناك مشروعات أخرى مثل صالات مسارح أخرى. ولكنني كنت أتمنى ألا يكون انشاء هذا المسرح فقط لوجود الدورة التاسعة في البحرين. فنحن الدولة الخليجية الوحيدة ان لم نكن العربية التي لا تمتلك خشبة مسرح. فكل العروض المسرحية تتم على مسارح مدارس أو أندية أو فنادق، وهذا أمر مخجل للمسرح البحريني وللبلد كافة. وأزمة المسرح البحريني ليست أمرا جديدا وانما هناك كلام كثير بشأنها وهي أزمة تتمثل في ثلاثة أطراف رئيسية، وهي: الفنان أو المنفذ أو الفني والمسرحي ومكان العرض. وحتى لو توافرت خشبة المسرح فنحن نحتاج الى اهتمام ودعم أكبر من قبل المسئولين في المملكة، إذ إن هناك اشكال يجب أن يعيه الجميع وهو أن العمل المسرحي منتج أو سلعة تقدم إلى المستهلك ويجب أن يكون هناك ترويج له ليقبل عليه المستهلك، فالحال أن هناك الكثير من الأعمال المسرحية التي وصفت بالجودة ولكن لم يقيض لها النجاح والسبب عدم وجود رواج لها. إذ يكون مصيرها الانتهاء من دون أن يعلم بها أحد.
- أحمد جاسم: سيبقى اشكال بناء مسرح بحريني اشكالا قائما طالما أنه لم يوجد حل. فنحن سمعنا الوعود نفسها على زمن المرحوم طارق المؤيد الذي كان وقتها وزيرا للاعلام، وكان هناك الكلام نفسه بشأن هذا المسرح منذ العام 1997، اذ قدمت توصيات بهذا الشأن الى ادارة الثقافة التي قامت بدورها بتقديمها الى مجلس الوزراء ولكن بقيت هذه التوصيات في أدراج المكاتب. وكان هناك تصريح من أكثر من مسئول بخصوص بناء مقر للمسرحيين، ولكن أحد هذه المقرات المقترحة تحول الى مطبعة لاحدى الصحف البحرينية، والمقر الثاني تحول الى صالة ثقافية ثم الى مقر لاحدى الجمعيات، فبقي المسرحيون من دون مأوى وكذلك الأمر مع جميع الفنانين والمهتمين بالشأن الثقاقي. حين يضطر المسرحيون الى طلب المسارح من المؤسسات الأخرى على أمل أن تكون من دون مقابل مادي. ولكن موجة الاصلاح التي شملت البلد والتي جاءت نتيجة المعاناة والتي استطاعت تغيير الكثير من الأمور تجعلنا نأمل في ايجاد حل لهذه المشكلة. ولكنني هنا أنا أنحي باللوم على الصحافيين الذين يكتبون من على مكاتبهم من دون أن تكون لهم زيارات ميدانية للتعرف على المسرحيين عن كثب وعن حجم معاناتهم. فمن دون هذه الزيارات الميدانية سيبقى هذا الكلام حبيس الأدراج ولن يساهم في حل الأزمة. فعلى الصحافيين والمثقفين ألا يخفوا أمثال هذه الموضوعات فإن في تغييبها تغييب لأي تحرك قد يفضي الى حل. واذا تكلمنا بشكل أكثر تحديدا عن معاناة الفنانين الشباب فإن هذه المعاناة لن تلمس الا من خلال الالتقاء بهم قي أوقات العمل. ولاشك في أن عدم وجود مقر لهم يعتبر أكبر عقبة تواجههم. إذ إنه ليس لديهم غير ثلاث خانات يمكنهم التحرك من خلالها وهي: النوادي والمدارس والفنادق. ومسارح هذه الخيارات مسارح غير معدة أساسا. والسؤال المهم هنا: هل ان المسرح الوطني المزمع انشاؤه خلال تسعة أشهر سيكون مفتوحا للفرق المسرحية الأهلية؟! لقد كانت هناك من قبل الصالة الثقافية ولكن كان المسرحيون يعانون الأمرين ولم تكن الصالة لتتاح لهم، لذلك اعتقد أن هذا المسرح المزمع انشاؤه سيكون لفعاليات البلد الرسمية فقط. وكذلك المسارح الأخرى التي ستقام في كل محافظة من المحافظات الخمس. ونحن لا نطلب أكثر من مسرح وطني واحد، بدلا من ذلك الكلام الكبير عن بناء دار أوبرا وكأن البحرين تمتلك مجموعة من الأصوات الأوبرالية! والحقيقة أننا عندما نجتمع مع إخواننا من دول مجلس التعاون نجد لديهم اعترافا بأن أهل البحرين هم السباقون في كل شيء. ولكن الغريب أنه ليست لدينا بنية تحتية قوية للثقافة والمسرح. وحتى مع توافر صالة للمسرح تبقى هناك متطلبات اخرى يجب الاعتناء بتوفيرها كالديكور والآلات المسموعة والمرئية وغيرها من الآلات والمعدات.
التفريغ دليل الحاجة إلى نقابة
وكيف ينظر الفنانون الشباب الى مسألة تفريغ الفنان، وما هي تطلعاتهم بشأنه؟
- محمد الصفار: مسألة تفريغ الفنانين ليست مسألة قائمة لوحدها. فهي تأتي ضمن دورة كاملة تشمل البعد الفني والثقافي بالنسبة إلى بلد ما. فأنت لن تستطيع تفريغ فنان اذا لم تجهز له جميع التجهيزات اللازمة لتفريغه. إذ انك بهذه الصورة تقوم بعمل عدة شوارع من دون الحاجة اليها. فالسؤال: كم عدد الأعمال التي يستطيع المسرح تقديمها في السنة، هل يستطيع تقديم أربعة أعمال في السنة، ان هذا شيء ايجابي. أما اذا استطاع تقديم ثمانية أعمال في السنة فهذا انتاج مثالي من المفترض أن تقوم به جميع المسارح. نحن لا نستطيع ترك أعمالنا والتفرغ الى المسرح، لماذا؟! لأنه لا يوجد لدى أصحاب الشأن اهتمام أو مخطط للاهتمام بهذه الفنون. إذ إن السؤال الذي يلح هنا، ما أهميتنا نحن كفنانين أو رياضيين أو منتجين؟! الصحافي مثلا ما أهميته؟ فأين المحصلة إذا؟! فامكان تفريع الفنانين مسألة صعبة، فأنت اذا أردت تفريغة لابد أن يكون لديك تخطيط عام يشمل جميع ما يتعلق به، يشمل راتبا حتى ينتهي من عمله وان يكون مطمئنا الى وظيفته ومعيشته واذا فرغ الفنانون فلابد ان تتوافر أشياء كثيرة في المسرح بنسب معينة لكي نصل الى مرحلة الكمال، وكل ذلك يحتاج إلى تخطيط عام والا فما هو جدوى الوزارة اذا كان لا يخرج منها سوى الكلام؟! فنحن لن نسطيع التوجه من دون وجود الدعم القوي والثابت. ولن تمشي عجلة المسرح. ثم ان انشاء المسرح من دون أن يكون هناك التزام بالوعد، بمعنى أنه لا توجد موازنة وجمعية عمومية تجعلان المسرح لا فائدة منه. وهناك نقطة مهمة تتمثل في السؤال الآتي: هل أخذ رأيي ورأي المسرحيين بشأن الصالة وهل سيتم بناؤها لنا نحن المسرحيين؟! إذ اننا نحن أعرف بالمسرح فنحن المشتغلون عليه، تماما كالشخص الذي يقول ان الشوارع زحمة ولكن المهندس هو الأعرف به، فنحن لنا رأي حتى في مسألة موقع بناء الصالة. وأعود وأكرر السؤال ذاته، هل أن المملكة تعطي أهمية لنا نحن كمسرحيين؟!.
- إبراهيم بحر: إن العيب فينا نحن كمسرحيين جراء عملنا بشكل انفرادي، فكل فنان يعمل لوحده، وكل تجربة لوحدها. اننا بأمس الحاجة الى وجود نقابة للفنانين، انهم يرفضون الكلام حتى على مستوى الرئيس الفخري، وحتى على مستوى المسئولين في المملكة لو سألتهم النهوض بالمسرح لرفضوا، لكنك عندما تقول نقابة فانت تعني جميع الفنانين، تعني المسارح الأربعة، فحين تكون لديك نقابة فهذا يعني أنه لك الحق في المطالبة بأمور كثيرة تخدم المسرحيين البحرينيين، ولكننا للأسف لم نتفق حتى على أبسط الأمور. ولكننا مطالبون بالنظر حوالينا، فالنظر مثلا الى الكويت أليس بها اتحاد للمسرحيين، الامارات مثلا أليس بها اتحاد وصالات!.
- أحمد جاسم: نحن نتكلم عن هذا البلد، فالى مدى سنظل نتكلم عن عدم وجود المادة والى متى ستظل البحرين تنتظر من الكويت بناء المدارس؟! الى متى نظل منتظرين المساعدات من الكويت والسعودية؟!.
- إبراهيم بحر: أنا أعرف أنه لا يوجد مسرح وأعرف حجم المشكلة ولكننا تكلمنا عنها كثيرا، ولكن المطلوب منا نحن المسرحيين أن نجلس ونتفق على العمل مع بعضنا، فالننظر مثلا الى الأزمة التي رافقت مسرح الجزيرة وكيف انها حلت، لقد حلت بوساطة من قبل رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني، فأنت على مستوى رئيس فخري يمكنك الوصول الى المسئولين الكبار، فتكون قادرا على حل اشكالاتك مع الاعلام ومع ادارة الثقافة ومع جهات أخرى.
المسرح الجامعي... الهموم ذاتها
وهل يعاني المسرح الجامعي من المشكلات ذاتها؟
- محمود الصفار: تقريبا هي المشكلات ذاتها. ولكنني سأتكلم عن مشاركاتنا خارج البحرين، اذ كانت لنا الكثير من المشاركات، فكانت لنا مشاركات في الكويت وفي مكة وفي لبنان، في أسابيع ثقافية يكون لها حضور مسرحي، ففي لبنان مثلا يسألوننا: كم عدد المسارح لديكم، فنكون خجولين للغاية من الاجابة، كذلك يسألني مخرج العرض الاماراتي أنت من أي معهد متخرج، فاجيبه أنني أدرس الكيمياء فيبدي استغرابه، وكذلك الأمر مع الكويت حين يسألني السؤال الاعتيادي أين إذا أنتم تعملون من دون مسرح. فنحن إذا بأمس الحاجة الى الصالة ومن المفترص من المسئولين تقديم الشكر الى المسرحيين على جهودهم على رغم كل هذه العقبات. كما أن هناك نقطة أخرى تتعلق بهذه المسألة وهي نظرة المجتمع الى المسرحيين، فالمسرحيون في الهامش، وأنت عندما تكون في الجامعة ستعكس الكثير من الآراء المتباينة، كذلك غياب طرق التقييم الجيد نقطة أخرى، اذ كيف أساوي بين أداء هذا الممثل أو تلك الممثلة بأداء ذلك الممثل وتلك الممثلة، أين هي المعايير الواضحة بخصوص ذلك؟! وأنا لست مع قول ابراهيم بحر بخصوص معايير التفريغ حتى لو كان من معاييره أن يفرع الفنان بعد 25 سنة، إذ اننا سنخلق مشكلة وقتها، اذ بعد أن نكون قد امتصينا جهد الفنان قمنا بتفريغه، والحال أننا مطالبون بتفريغه وهو شاب في قمة عطائه. ان الممثل البحريني ليس قليلا في الوطن العربي ولكنه قليل في بلده، ولن أبالغ ولكنني لا أظن أن الامارات أو الكويت أفضل منا.
- محمد الصفار: ان المشكلة نفسها حاضرة منذ أن كنا في الجامعة، فمنذ أن كنا طلابا ونحن نهوى المسرح وكنا نعاني كما يعاني الطلاب اليوم، إذ إنه كان هناك نشاط ولكن المسئولين لا ينظرون اليه نظرة محترمة.
- محمود الصفار: سأعطي مثالا واحدا على هذا التخبط من واقع العمل على المسرح في الجامعة، لقد تمت دعوتنا هذه السنة إلى المهرجان الجامعي وهو مهرجان عالمي يقام في بيروت. إذ إن لنا نحن المسرحيين تقدير كبير. ولكن على رغم هذه الدعوة الكريمة فوجئنا أن الجامعة غير موافقة على سفرنا ولم نكن نعرف السبب حتى سألناهم عن ذلك فقالوا انه من غير المهم ذهابنا، فاستغربنا من ذلك وذهبنا اليهم مرة أخرى ووجدناهم يقولون إنه لا توجد موازنة، فاذا استطعتم أن توجدوا لكم موازنة فلا مانع عندنا من ذهابكم.
- ابراهيم بحر: اذا كانت الحال هكذا فلماذا يقولون ان هناك مسرحا جامعيا وأن هناك مجموعة من الأعمال والنشاطات، لماذا يقولون ذلك ويضعون كل هذه العراقيل؟
- محمود الصفار: لا أظن أنها حال خاصة بالمسرح الجامعي فقط، فهي حال توجد في كل مكان في البحرين، وحتى التعليم نفسه لا يخلو من تلك الحال، فالنظام كما يبدو من الخارج بمنتهى الجمال، فأنت عندما تقول المسرح البحريني يتبادر الى ذهنك الانجازات الكبيرة مثلا عبدالله السعداوي وحصوله على جائزة الاخراج، ولكنك عندما تقترب من المسرح من الداخل تتغير الصورة اذ تجدنا متعبين مجهدين.
- محمد الصفار: لقد طرح بحر سؤالا مهما كنا نطرحه على أنفسنا كثيرا، فاذا كنتم تقولون بوجود المسرح الجامعي فلماذا لا تقدمون إليه التشجيع، لماذا لا تلتفتون الى أن هناك نشاطا؟!. لكن المزاج العام لا يروق له هذا النشاط، وقد يروق له بحسب مزاجه، فيصرف على المسارح، وقد يروق له فيصرف على الرياضه، وكذلك الأمر مع بقية الأنشطة الأخرى، فالمسألة راجعة الى مزاج الشخص المسئول، فما هو موجود في الجامعة أن الأكاديميين أنفسهم ليس لهم ذلك الاهتمام الجدي بالمسرح ولا يتناسب مع تفكيرهم.
- محمود الصفار: ان الجامعة بها صالة ولكن هناك تخبطا بشأنها، ونحن بالذات في هذا الفصل الدراسي الجامعي سمح لنا باستخدام الصالة في عروضنا من قبل أحد المسئولين في الجامعة. ولكن حينما وصلنا الى فترة النشاط المسرحي واستعدينا لها وجدنا المسئول الأرفع من هذا المسئول الذي سمح لنا باستخدام الصالة، فوجئنا به يبدي استغرابه ويمنعنا من استخدام الصالة، فأصبحنا في أزمة حقيقية، فمسألة السفر الى لبنان مثلا والمشاركة في المهرجان كنا مستعدين لها وكان عميد الأنشطة الطلابية موافقا وخصص لنا موازنة وان كانت موازنة بسيطة، ولكن المسئول الأعلى رفض ذهابنا وقام بتوفير الموازنة للنشاط الرياضي، فالمسألة اذا وقبل كل شيء راجعة الى نفسية المسئولين في كونهم يتقبلون النشاط المسرحي أم يرفضونه، ونحن منذ أن دخلنا المسرح الجامعي مر علينا ثلاثة رؤساء وكل رئيس له نفسيته ومزاجه إذ إن المسألة ترجع الى مزاج المسئول وليس النجاح الذي حققه المسرح.
حال الفنان الخليجي أفضل بكثير
نحن نسمع كثيرا عما يلقاه الفنان والمسرحي الخليجي من اهتمام وتشجيع من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، فهل هو كلام صحيح أم انها صورة مبالغ فيها كثيرا؟
- عبدالله يوسف: هذا موجود طبعا، لأن المسرح الخليجي والكويتي منه تحديدا كون الكويت لها الريادة الحديثة في المسرح، وان كانت البحرين سبقتها في ذلك، ولكن الكويت اهتمت مبكرا بالنشاط المسرحي فأصبح للمسرحي والفنان عموما تقديرا عندهم، وكذلك الأمر دولة الامارات العربية المتحدة في الشارقة ودبي التي بدأت تتجه في الاتجاه نفسه وكذلك دولة قطر وسلطنة عمان لولا أن الحركة المسرحية فيها قليلة وليست نشطة. واننا لو أخذنا الكويت انموذجا في منطقة الخليج نرى أن الدولة احتفت بالمسرح أساسا ووضعت له موازنة مناهج وشخصيات وكان له ممثلوه الكبار الذين يمارسون العملية المسرحية فكان هناك حمد الرجيب، عبدالعزيز حسين، وزير دولة يدعم المسرح والثقافة والفنون عموما، فوجود هؤلاء المسئولين الذين يمارسون العملية المسرحية من واقع المسئولية جعلهم يعطون كثيرا إذ إنهم لا يتعاطون أو يتعاملون اعلاميا فقط بل ان هناك دفعا ودعما حقيقيين، إذ يبدو أن الكويت قائمة بطيبعتها على دعم شتى أمور الابداع بدليل أن الكويت عملت محترف الفنانين التشكيليين في الستينات وفرغت فنانين تشكليين يمارسون عملهم في المحترفات، فالمرسم الحر لم نسمع به الا من دولة الكويت، وقد زرنا هذا المرسم لنتعرف عليه واقعا ونتعرف على الفنانين التشكيليين الذين فرغتهم الدولة له. فدولة الكويت وضعت المسرح جزءا من اعلامها وحققت الكثير وفتحت المجال في التلفزيون الى أبعد الحدود، الآن أصبحت تقننه بعد أن أصبح تقليدا راسخا في الانتاج الدرامي أو التلفزيوني العام او الانتاج المسرحي. فالكويت قامت بالتجربة ودعمتها دعما كاملا، فقامت ببناء المسارح وعلى رغم ذلك فإن المسرحيين يطالبون بالحصول على مسارح أفضل من المسارح الموجودة، فوعي مسئولو الكويت السياسيين بحكم اطلاعهم واختلاطهم بسياسات عربية أخرى وفنانين عرب كبار، وفتح المعهد العالي للمسرح الذي كان في وقت مبكر، كل هذا يدل على أن الحكومة كانت تهتم بهذا الجانب، فاذا كانت الحكومة تهتم بهذا الجانب فمن الطبيعي أن يهتم المسئولون بالمسرح ويدعمون الفنان المسرحي. ونحن اذا لم ننتبه الى وضعنا الحالي، فسنتأخر أكثر مما نحن عليه الآن، إذ إننا خسرنا الكثير منذ فترة المد الكامل التي بدأت من السبعينات الى أواخر التسعينات من العام 95 و96، فلم يتم استغلال هذه العناصر ولم يتم دعمها، إذ إنه لا يوجد مسرح في البحرين ولا يوجد حتى صالة لعرض الفنون التشكيلية، كذلك جمعية للفنانين غير موجودة. فنحن حتى الآن لم نسمع عن أحد من المسئولين أنه طلب المسرحيين ليتعرف على مشكلاتهم عن كثب وقام بحلها عمليا، أو كان له تأثير في القرار السياسي في السلطة التنفيذية الا على مستوى الأقوال والوعود.
الفنان البحريني أعطى بغير حدود
لكن أليس الفنان البحريني مسئولا نوعا ما، بمعنى أنه يطلب الكثير في مقابل ما يقدمه وان كان قليلا؟
- محمد الصفار: كل منا نحن المهتمين بالمسرح عمل ما يستطيع والكل بذل من جهده ووقته وتفكيره الكثير، ولكننا وصلنا الى مرحلة لا يمكن تقديم الكثير بخصوصها، وهذا جيلنا نحن جيل محمد الصفار فكيف بجيل ابراهيم بحر وعبدالله يوسف الذين قدموا أكثر منا بكثير.
- ابراهيم بحر: لقد تعرفت على المسرح بداية السبعينات لكن الحركة المسرحية وقتها كانت كبيرة جدا، وكان هناك مجموعة من الفنانين المسرحيين القادرين على تقديم الجيد. سواء من مسرح أوال أو مسرح الجزيرة، اذ كان هناك تنافس شديد بينهما ولكل منهما جمهوره، وكان الجمهور يقبل على المسرح بشكل غير طبيعي، وكانت وزارة الاعلام في بداية تأسيسها متزامنة مع تأسيس الدولة، فكانت جميع الامكانات مسخرة في خدمة المسرح، وهذا الوضع استمر حتى منتصف الثمانينات حين انتهى كل شيء، فنزعت وزارة الاعلام يدها من الديكور والاضاءة ومن أشياء كثيرة، فوصلنا إلى السؤال أين يعرض المسرحيون مسرحياتهم؟. ان اعـظم شيء يواجهه الممثل هو وقوفه على خشبة المسرح ثم لا يجد سوى أربعة أو خمسة متفرجين، لأنه لا يوجد أحد يعلم بأمر المسرحية، وبالتالي عملك المسرحي والجودة سينتهيان الى لا شيء، فمن الضرور ي بالنسبة إلى المسارح الأهلية التي ترعاها وزارة الاعلام أن تعطيهم ولو اعلانا تلفزيونيا، فالتلفزيون يعرض أحيانا أشياء تافهة، ولكن المسرح يعلن منتجا ثقافيا وقتيا، وهي محتاجة اليه لكي تقف على رجليها وتتمم الاحتياجات الأخرى. وأنت لا تقدم إلى أبسط الأمور وتطلب مني أن أقدم أعمالا مسرحية بشكل مختلف
العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ