العدد 682 - الأحد 18 يوليو 2004م الموافق 30 جمادى الأولى 1425هـ

كيانات «موقوفة» لخدمة السلطات المتخلفة

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

في الدول المتخلفة تحاول الدول استقطاب وشراء الولاءات بطرق مختلفة ومتخلفة وبصورة فاضحة، محاولة خلق كيانات (سياسية، دينية، تكتلات تجار... إلخ) وذلك لمنازعة الكيانات الشعبية ذات السطوة الجماهيرية الجامحة، تارة عن طريق المال، وأخرى من خلال تسخير النوافذ الإعلامية لها، والتي تسيطر عليها السلطات الرسمية في الدول المتخلفة، وتارة أخرى ببناء علاقات ونسج تحالفات لا تخرج عن عباءة وأهداف السلطة ذاتها، وذلك لتحقيق عدة أغراض في آن واحد.

وطبعا، فإن هذه الكيانات تحمل الولاء الخالص لأرباب الحكم والنفوذ، وبالتالي لا نتيجة مرجوة (شعبيا) من مثل تلك الكيانات، وإنها - أي تلك الكيانات - تخدم تركيز السطوة والنفوذ للقوى المتخلفة صاحبة السلطة في المجتمعات التي تنمو وتعشش فيها أسراب الغربان تلك... وفي الغالب الأعم لا تعدو رعاية السلطات، لتلك الكيانات المسخة، سوى دورة برلمانية واحدة، أو خدمة وقتية وتزول بعد ذلك الأسباب التي دعت السلطات لرعايتها، فتركنها في زاوية النسيان، فهذه الكيانات تشكل عبئا ماديا وأدبيا على السلطات.

وفي أوج مجدها وازدهار موازنتها المالية، وفسح المجال أمامها - إعلاميا - تتصور تلك الكيانات أن بقاءها سيستمر آلاف السنين، كالمومياء، بلا تزحزح أو ترنح، ولكنها تكتشف بعد برهة من الزمن أن مواردها نضبت ورصيدها الشعبي بدأ في التناقص والتآكل، وإن أهدافها التي روجت لها في سنين بعثتها الأولى بدأت تتناقض مع تطلعات وأماني القطاعات العريضة من أبناء مجتمعها، وحينها تُجبر - تلك الكيانات - على تقديم استقالتها من العمل السياسي أو الاجتماعي الذي اقحمت نفسها فيه.

هذه الكيانات ما كان لها أن تستمر في ظل أجواء ديمقراطية سليمة، وفي أجواء من المساواة السياسية بين أطراف العلاقة السياسية، في الدول الديمقراطية، وعلى العكس من ذلك، ففي الدول التي تخوض غمار التحول ناحية الديمقراطية (الفترات الانتقالية) تكون الولاءات متغيرة وسريعة ناحية ترسيخ جذور اجتماعية محددة، دينية متمذهبة، أو اقطاعية متغطرسة اجتماعيا، أو تلك الدكتاتورية المستبدة سياسيا، والأخيرة هي قابضة على زمام الأمور- أصلا - في الدولة، قبل التحولات الديمقراطية.

وتعاني المجتمعات العربية، ذات الصيغ المختلفة والمتخلفة في الحكم، من ارهاصات هذه الاساليب والوسائل في إدارة شئون الدولة، فهي واقعة في دائرة الاستبداد السياسي الوطني في الداخل، وارتهان مواردها الوطنية للاجنبي في الخارج.

وأنه أضحى من الأهمية بمكان على الدولة الوطنية - إن هي أرادت الاستقلال واكتمال السيادة الوطنية الحقيقية، والتقدم واللحاق بركب الدول الديمقراطية المتقدمة - الاعتماد على الطاقات الوطنية المخلصة؛ بدلا من إنشاء كيانات لا صلة جوهرية لها ولا هي فاعلة (أصلا) أو متفاعلة (عرضا) مع أهداف الشعوب وتطلعاتها، أما الاستمرار في سياسة خلق ورعاية مثل تلك الكيانات المسخة، إنما يعتبر من قبيل العلاجات الوقتية المبتذلة شعبيا، والمخلة بنظام وقانون الحياة الطبيعي ومبادئ الضمير الإنساني

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 682 - الأحد 18 يوليو 2004م الموافق 30 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً