العدد 693 - الخميس 29 يوليو 2004م الموافق 11 جمادى الآخرة 1425هـ

أمن المملكة والبلاغات الكاذبة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

يجب علينا أن نعيد صناعة الخطاب، أي بمعنى كيف نستطيع أن نربي أبناءنا على الفكر المعتدل، ألا يكون غاليا إلى درجة الافراط، التوازن في قراءة الأمور، الانصاف حال الاختلاف بدرجة لا تخرجنا عن دائرة الحق، وألا أمنح نفسي الأُلوهية من حيث لا أشعر... ليس هناك أحد فوق النقد وذلك كي نؤسس دولة الإنسان الذي يحترم القيم والمبادئ وكذلك يحترم إنسانيته.

البعض يسألني: هل تؤمن بالعنف الذي تمر به المنطقة العربية وبثقافة التخويف التي بدأت تنتج عبر اتصالات هاتفية كاذبة من أن مفجرة في المكان الفلاني أو العلاني. قلت له: لا، أبدا ويجب أن نتكاتف جميعا كمواطنين لمنع أية وسائل قد تهدد أمننا الداخلي. الأمن الوطني فوق كل شيء ونعمة الأمان التي نعيشها يجب أن نحافظ عليها وألا نسمح لأي متسلل يحاول العبث بذلك. هذه الاتصالات الكاذبة أساليب رخيصة لا تخدم أحدا. إن نعمة الأمن نعمة كبرى بدأت تعم كل المملكة وخصوصا بعد مرحلة الميثاق.

يجب أن نتعاون جميعا للحفاظ على أمن المملكة وأن نمنع أي قاطع طريق يعمل على العبث بهذه الأرض، وقد حبانا الله شعبا مسلما متسامحا ومتحضرا لا يقبل بأي عابثٍ يحاول التسلل إلى داخل الوطن يمارس مثل هذه الممارسات، أعني بذلك تلك الاتصالات المشبوهة. أما بالنسبة إلى الأجانب فهم ضيوف جاءوا تحت رحمة وذمة القانون لا يجوز المساس بهم أو تخويفهم سواء باتصال هاتفي أو غير هاتفي. كتب الإمام علي (ع) إلى أحد الولاة يوصيه بأهل الذمة قائلا: «إن هؤلاء لم يكونوا على دينك ولكنهم رعيتك، فأعطهم حقوقهم قبل مطالبتهم بها».

لاشك أن الأجانب في البحرين - مسيحيين وغيرهم - يعيشون في أمان. وبقي الشعب البحريني يعطي أفضل صورة في هذا الشأن لأن الشعب عرف أنه شعب إنساني لا يحمل عقدا استئصالية، ولكن هذا لا يعني ألا نغفل عن تعليم أبنائنا الأساليب الحضارية في التعاطي مع الآخر، قد نختلف معه أو عليه ولكن هذا لا يبرر لنا أبدا أن نلغي حق وجوده في الحياة. وهذا الحديث يدفعنا إلى نقد تلك التحذيرات التي تطلقها وزارة الخارجية الأميركية لرعاياها بين فترة وأخرى من الجلوس في المملكة أو غيرها. على الإنسان أن يحذر، ولكن لا أن يصل إلى درجة التخويف فيقع أسير المبالغة فيصاب بعقدة الفوبيا.

البحرين ستبقى دائما نقطة ارتكاز للأمن في المنطقة وصورة من صور التحضر، كلما ازدادت الحرية على هذه الأرض وكلما حاولنا أن نرسخ مبادئ حقوق الإنسان واحترام الحريات وقمنا بترسيخ ثقافة التسامح والاعتدال اقتربنا أكثر من تحقيق الدولة المدنية الحديثة التي تحترم التعدد المتوازن الذي لا يخرج عن أطر القيم والمبادئ التي رسخها دين الأكثرية وهو الإسلام.

هذه النقطة تدفعني إلى أن أعلن تحفظي على ما طرح أخيرا من محاولات لإنشاء هيئة للأمر بالمعروف... أقول: لسنا بحاجة إلى هيئات تدخلنا من دون أن نشعر إلى جدل بيزنطي أو مشكلات اجتهادية أو تسبب تكريم الصور الاحادية... من يريد الأمر بالمعروف فهناك عدة مؤسسات وقوانين ومساجد يستطيع من خلالها أن يمارس دوره، فنحن لا نريد وصاية من أحد علينا، ومن يريد الأمر بالمعروف فعليه أن يذهب للقطاع السياحي ولينظفه حتى عبر البرلمان بدلا من أن نعيد بعض أخطاء دول الجوار، فذلك مرفوض ويكفي ما حدث لطالبات احدى المدارس عندما وقع الحريق في المدرسة فاحترقن على إثره... لست مؤمنا بمثل هذه الهيئات ومن يريد أن يحاسب كان بإمكانه أن يأمر بالمعروف في ملف التقاعد والتجنيس والتقاعد الذهبي بدلا من هذه التقليعات الجديدة. لا نريد «شرطة عقائدية» تهجم على البيوت وبعد غدٍ تكفر الناس وهكذا. هي بداية ولكنها ستفتح لنا مصائب مستقبلية ولنتعلم من مآسي غيرنا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 693 - الخميس 29 يوليو 2004م الموافق 11 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً