العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ

الأوراق البحرينية في قمة المنامة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اليوم الأحد، الموافق 18 أبريل/ نيسان 2010، تستقبل المنامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في زيارة يرى فيها الطرفان السعودي والبحريني أهمية خاصة في نقل علاقة البلدين المتميزة إلى حالة أرقى. ومن الطبيعي أن تتسع طاولة المحادثات كي تشمل، بالإضافة إلى القضايا المحلية، موضوعات إقليمية ودولية أخرى. لكن بعيدا عن كل ذلك، ورغم أهمية الكثير من تلك القضايا، هناك بعض الموضوعات التي تمتلك البحرين أوراقا قوية من أجل إنجاح تلك القمة. وربما آن الأوان اليوم كي تفصح عنها المنامة، وتضعها، بصراحة ووضوح، على مائدة تلك المحادثات من أجل تعزيز دورها الإقليمي من جهة ولزيادة ثقلها في العلاقات الثنائية مع دولة من مستوى المملكة السعودية من جهة ثانية. وتتوزع تلك القضايا على أكثر من مستوى:

فعلى المستوى المحلي الداخلي، هناك الحديث السعودي المتزايد الباحث عن صيغة ملائمة لإجراء إصلاح سلمي تطويري في الأوضاع السعودية القائمة، ومما لاشك فيه أن مشروع الإصلاح البحريني الذي دشنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يشكل أرضية صلبة وتجربة غنية، رغم قصر عمرها الذي أطفأ شمعته العاشرة هذا العام، يمكن أن يبنى عليه أي مشروع إصلاحي في هذه المنطقة. ليس المطلوب هنا نقل صورة مستنسخة من هذا المشروع، نظرا لبعض خصوصيات الساحة السعودية التي تتميز بها عن ظروف شقيقتها البحرينية، لكن حبذا لو توقف الطرفان البحريني والسعودي، وبنظرة فاحصة ونقدية عند المشروع، وحاولا قراءة تطوراته، أو بالأحرى تعرجاته التي عرفتها مسيرته، وعلى وجه الخصوص على المستوى السياسي، فلربما وجدا الكثير من المنطلقات المشتركة التي تدفعهما نحو استفادة أي مشروع إصلاح سياسي سعودي من التجربة البحرينية. وبالقدر ذاته فإن مراوحة المشروع الإصلاحي البحريني عند حدود المنامة، قد يفقده نسبة من حقنة الزخم التي هو في أمس الحاجة اليوم، كي ينتقل، كما كان متوقعا له، من إطاره القطري الضيق، إلى أفقه الإقليمي الرحب. هذه الورقة البحرينية، لن تنعش المشروع الإصلاحي البحريني فحسب، لكن ستضاعف من ثقل البحرين السياسي، على الصعيدين المحلي والعالمي.

على مستوى مجلس التعاون، هناك موضوع التوتر في العلاقات السعودية – الإماراتية، بعد أزمتي مقر البنك المركزي، وخارطة الحدود على بطاقة الهوية الإماراتية من جهة، وهناك الجفوة بين الدوحة والرياض، والتي قلصت، دون ان تنهي بعض عناصرها الزيارات المتبادلة بين البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية. وليس هناك أفضل من مملكة البحرين، بما لديها من علاقات مميزة مع الدولتين: الإمارات وقطر، كل على حدة من جهة، ومع الرياض، بطبيعة الحال، من جهة ثانية. ولربما آن الأوان أن تبادر البحرين، رغم صغر حجمها سكانيا، ودخلها مقارنة بالدول الثلاث، مستفيدة مما تحت أيديها من أوراق تبيح لها ممارسة هذا الدور الريادي في إصلاح ذات البين بين تلك العواصم الثلاث، على طريق إزالة الألغام من طريق العمل الخليجي المشترك.

على المستوى الإقليمي، ليس هناك أكثر سخونة اليوم من الملف النووي الإيراني، وفي القلب منه العلاقات الفارسية – العربية، وبالتالي فمن المنطقي أن يحظى هذا الملف باهتمام العاصمتين، لما له من انعكاسات على مشروعات إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديدة. وبخلاف ما قد يتوقعه البعض، فالتنوع العرقي والطائفي البحريني، يمكن أن يتحول هنا إلى عنصر إيجابي، وورقة قوية تزيل الذيول السلبية التي يحاول البعض استغلالها عند الحديث عن هذه الفئة من شعب البحرين. هناك فرصة تاريخية، أمام البحرين، ومن خلال الجاليات الإيرانية الأصيلة ذات الولاء الراسخ للبحرين، أن تكون هذه الجالية البحرينية قناة الحوار، وجسر التواصل العربي – الفارسي. ينبغي أن نمتلك الشجاعة كي نعترف بوجود هذه الجالية الأصيلة التي يحاول البعض تشويه صورتها وولائها، كي تشعر بالاطمئنان وتمارس هذا الدور الإيجابي بين ضفتي الخليج، بعروبتها وفارسيتها. ولربما في وسع الوفد البحريني أن يبدي استعداده، استعانة بعلاقات هذه الفئة، في الوصول إلى حوار بناء مشترك بين ضفتي بحضارتيه العربية والفارسية.

تلك المستويات على تنوعها، تبقى في الميدان السياسي، لكن هناك ورقة قوية، وذات أهمية خاصة على المستوى الاقتصادي، وهي كون البحرين المركز الدولي للحركة المصرفية الإسلامية، التي أخذت الرياض على عاتقها دعمها وتعزيز حضورها على المستوى الدولي. ولربما أصبح الوقت مناسبا كي تتقدم البحرين، بمشروع إستراتيجي عالمي يرتكز أساسا على البنية التحتية التي تمتلكها البنوك الإسلامية في البحرين، والحضور الدولي الذي تتمتع به تلك الحركة. هذا المشروع، ينبغي كي يحظى بالاهتمام السعودي، أن يكون مجديا على الصعيدين المالي والاستثماري من جهة، وذا أفق عالمي من جهة ثانية. وقد يستدعي الأمر الاستفادة من تجارب سعودية، لم تحقق الأهداف المطلوبة منها، نفذت في بعض الدول الآسيوية، كي نقي المشروع من أي من سلبيات تلك التجارب.

ولكي لا تتحول القمة إلى مجرد هتافات تتلاشى أصواتها بعد مغادرة خادم الحرمين أراضي البحرين، أو ملصقات تفاوتت مساحاتها، وفي بعض الأماكن حجومها، تبهت قبل أن يجف حبر المحادثات، على الطرف البحريني، دون استثناء الطرف السعودي، ان يفحص هذه الأوراق البحرينية، ففي مراجعتها الكثير من الفائدة التي يمكن أن تعم الطرفين، وينعم بانعكاساتها الإيجابية شعبا المملكتين.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:43 م

      مقال ممتاز!

      مقال ممتاز جدا للكاتب عبيدلي العبيدلي ، وأنا ولو كنت لا اوافق الكاتب في كثير من آرئه إلا أنه وضح في هذا المقال آليات همة جدا لتصل البحرين للمرتبة التي تستحقها و اكثر على المستوى الأقليمي و الدولي .

اقرأ ايضاً