العدد 2785 - الأربعاء 21 أبريل 2010م الموافق 06 جمادى الأولى 1431هـ

إنْ صَحَّ التعبير!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إنْ صَحَّ التعبير. هي الكلمة المُفضّلة لدى السيد مقتدى الصَّدر زعيم التّيار الصّدري الواسع الانتشار في العراق. يقولها كيفما اتّفق، وبعذر لغوي أو بدونه. المهم أنه يقولها ليُكرّس ملازمتها إيّاه. وهو في كلّ الأحوال أَأَصَرَّ عليها أم على غيرها، فإن قولا مفهوما يصدر عنه لن يتحقّق إلاّ إذا وَلَجَ الجبل في سمّ الخياط.

في كثير من الأحيان، يخون اللسان صاحبه. فلا يستطيع التعبير بما يراه أو يعتقد به. وقد يقلب الهِرَّ برّا دون أن يُدرك. لكنه يُعوّض ذلك في تسطير ذلك على القرطاس. عديد من المُفكّرين والكتّاب على هذه الشاكلة. وقد يكون حال مقتدى الصّدر كذلك أيضا. لكن ذلك بالتأكيد لا يضمن خَفْرَ اللسان بصاحبه حين يتعثّر الكَلِم على أوتاره.

تيارٌ شعبي عريض كالتّيار الصّدري له سطوة حديدية على أتباعه ومُريديه يستحق إدارة سياسية وخطابيّة أفضل، قد تمنحه فرصا سياسية أكبر، وتَقِيه بلاءات الارتجال وخَبَبِ الحديث. التيار يعجّ بالكوادر النّاضجة لكنها (ولسوء الحظ) تتصاغر إلى حدّ الضّمور عندما تقترب من عباءة زعيمها الشّاب. استمع أحيانا لتصريحات عضو التّيار نصّار الربيعي فأجد أن حديثه وازنا وينمّ عن رجاحة عقل.

كما أنني استمع لنمنمات العضو الآخر بالتّيار قصي عبدالوهاب السهيل فأراه قويّ الحجّة واسع الاطلاع، لكنني أُبْهَت عندما أسمعه يقول بأن «التيار الصدري عَمِلَ منذ البدء وفقا لتوجيهات السيد القائد مقتدى الصدر (أعزه الله)! ولذلك كان لنا دور كبير في صياغة آليات الائتلاف وتحديثها». هنا قد لا أجِدُ في حديثه ما يُصَدَّق بإعطائه إطراء زائدا لزعيمه.

في بداية الشهر الجاري، قامت الهيئة السياسية بالتيار الصدري باستفتاء أتباع التّيار لاختيار رئيس الوزراء. طرحوا خمسة أسماء. حاز رئيس الوزراء الأسبق وزعيم تيار الإصلاح إبراهيم الجعفري على النسبة الأعلى من بين المُرشَحِيْن وهي 24 في المئة. إبراهيم الجعفري وبعيدا عن تقييم أداء حكومته التي استمرّت منذ 07 أبريل/ نيسان 2005 وحتى 20 مايو/ أيار 2006 قد يصلح لإنعاش التّيار الصّدري تنظيميا، ويمنحه خطابا أكثر جاذبيّة.

فإذا كان الجعفري يمتلك رصيدا أكثر من نجل الزعيم التاريخي للتّيار (جعفر محمد باقر الصّدر الذي حاز على 23 في المئة)، وعلى العضو البارز في التيار (قصي السهيل) الذي حاز على 17 في المئة، وهو اليوم (أي الجعفري) من يقود التفاوض ما بين الصدريين ودولة القانون بشأن «شروط الإهانة» التي وضعها التيار بوجه المالكي، فهذا يعني أن الرجل يحظى بقبول صدري يقترب من الكاريزما. ربما مردّه إلى العلاقة التي جمعت التيار بالجعفري خلال تسنّمه الحكومة، إلاّ أن النتيجة تُعضّد القصد فيما أقول.

مَن يعرفون الجعفري يُدركون قوّة تنظيره الحزبي، وقدرته على الحديث وتقديم العروض، والانسحاب متى ما أراد من المعركة. بل إنه من قَاد التحوّل الفكري لحزب الدعوة الإسلامية خلال عقد الثمانينيات، حين ميّل الحزب عن خطّ التماهي المُطلق مع مشروعات سياسية أخرى، وأصبح مريدا لمرجعيّة السيد محمد حسين فضل الله. وهي المرحلة الأصعب والأدق في تاريخ الحزب.

القضية تبادليّة. فالجعفري زعيم لتيار هو بالأساس أصغر منه بسنوات ضوئية. فتيار الإصلاح الذي يتزعمه الجعفري باق ببقاء الرجل. أما التّيار الصدري فهو تابع لزعيم لا يستطيع تغطيته لا سياسيا ولا تنظيميا ولا إعلاميا. هذه موازنة يُمكن أن تتحقّق إذا ما جرى الإعداد لها بشكل جيّد. فالهَوَس على التيار الصّدري (ومنه أيضا) بات أمرا لا مفرّ منه. وعلى السيد مقتدى الصّدر أن يعي ذلك سواء إن صحّ التعبير لديه أم لم يصُح.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2785 - الأربعاء 21 أبريل 2010م الموافق 06 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 12:54 م

      يصح التعبير كيفما كان

      كل الشكر والتقدير للكاتب القدير واتفق مع ماطرحه ابويوسف فأنك ياسيدي قارئ جيد لتاريخ وارجو ان توضح مايجري في البلاد من تخبط عجيب غريب من تجنيس و تفرقة وخلق اضطرابات لها اول ولا اخر لها أضافة الى حكومة الظل التي يعرف الجميع انها فاعل اكثر مما هي رسمية فارجو ان تلقوا الضوء على هذا الوضع المزري وماهو المأل للبلد السليب
      اني من المتابعين فأرجو ان توضعواالنقاط على الحروف إستنادا لتاريخ الامم السابق فنرجوا ان نرى ذلك عما قريب ولكم جزيل الشكر والتقدير

    • زائر 8 | 11:52 ص

      رد

      ما يبدو من مقال الكاتب انه يقترح من اجل حماية التيار الصدري وليس التهجم عليه وهو باعتقادي امر مطلوب من كل حريص وغيور على العراق

    • زائر 7 | 8:22 ص

      كويتاوي

      استاذي مع كامل احترامي ووافر شكري على ما تقدمه من تحليلات في صميم الواقع السياسي للمنطقة سواءا عن الجمهورية الاسلامية اوالعراق ومع اني من المتابعين الجيدين والدائمين لمقالاتك الرائعة لكني اراك متحاملا على السيدمقتدى اكثر من اللازم ؛الرجل له وعليه ولا يجوز تصويره بالطفل او الجاهل بتعبيرنا المحلي وان كان غير مبين في الكلام لكن يبقى رجل له رؤيته التي يحترمها كبار القوم ويحسب لها الف حساب في بلادالرافدين و الا لكان انفرط عقد التيار منذ زمن بعيد لو كان كما تصفه بالجهل والخبب وهي كلمات برأيي غيرلائقة

    • زائر 6 | 3:52 ص

      اتفق

      اتفق مع الكاتب محمد عبد الله و استغرب ما يحصل للتيار الصدري الكبير و الذي يقوده مقتدى الصدر في حين ان هناك من هم افضل من مقتدى مؤهلين لقيادة التيار و بشكل افضل

    • زائر 5 | 2:53 ص

      جدا لطيف

      أتفق جملة وتفصيلا، المدعو "مقتدى" غير قابل للاقتداء لا نظريا ولا عمليا ، وهذه حقيقة يجب أن يعيها الإخوان في هذا التيار العريق

    • زائر 4 | 2:26 ص

      أبو جالبوت

      بالرغم من غياب العقل الاكاديمي المنظم في تيار مقتدى الصدر ، و ارتجاله قرارات الحماسة ضد الاحتلال الامريكيين و ضد التكفيريين ، إلا أن موقفه الوطني لا يشكل عليه مقدار ذرة ، لأنه انطلق من واجبه الوطني للدفاع عن مقدرات العراق البشرية و التنموية فوفّق في الانتفاض و لم يوفق في الأسلوب . من جهة أخرى ، لا اعتقد أن ثمة خطأ نحوي أو صرفي أو بلاغي أو ( خطابي بشكل عام) يعد مشكلة في التيار الصدري ، المهم هو الموقف و إيصاله لعامة الشعب العراقي و لا اختلف معك إذ تذهب إلى أهمية الخطاب في الحراك السياسي بشكل عام

    • زائر 3 | 12:51 ص

      ابو فلان

      مقتدى الصدر عباءته اصغر من تضم هذا العدد الهائل من البشر وملاحظة للمتداخل الاول بان صحافتنا تعج بكتاب الشان البحريني فما المشكلة لو ان كاتب كتب على العراق او غيرها؟؟

    • زائر 2 | 12:01 ص

      نا كتبت

      الكاتب القدير محمد ابو عبدالله تحية لك وشكرا جزيلا على ما كتبت وتكتب وستكتب لانني من المتابعين لك باستمرار

    • زائر 1 | 11:19 م

      ابويوسف

      السيد الكاتب الصحفي ركز على البحرين أفضل من ايران: العراق يوجد قي البحرين وقع علينا من الظلم كثير جدا جدا ...

اقرأ ايضاً