عشرات الضحايا من الشباب يتساقطون يومياً بسبب تعاطي المخدرات، ومعظمهم يتحطم مستقبله، ولا نعلم حتى اليوم من يدخل المخدرات الى البحرين؟ ولماذا هي منتشرة الى هذا الحد بين الشباب البحريني؟ ومن هم هؤلاء المجرمون الذين يقومون بترويجها من أجل كسب الأموال الطائلة على حساب صحة وأرواح المواطنين في البحرين؟ هل يفتش رجال الجمارك أصحاب النفوذ المشكوك فيهم أو أبناءهم المتورطين في تجارة هذه المواد السامة عند دخولهم المطار أو الميناء أو عند جسر السعودية والبحرين؟ وإذا شك أحدهم في أحد أبناء ذوي السلطة منهم هل يجرؤ على فتح حقيبته؟
إن من واجب وزير الداخلية الجديد الشيخ راشد بن أحمد آل خليفة أن يأمر الأجهزة بألا ترحم أحدا ممن تشك في إدخاله المخدرات، حتى لو كان احد أبناء أصحاب النفوذ... لأننا بهذه الطريقة، لن نتخلص من مشكلة المخدرات الخطيرة التي تحطم في طريقها شباباً مثل الورد لا ذنب لهم سوى أنهم وقعوا ضحايا ذئاب بشرية، تنتظر أي شاب بائس أو عاطل لتغريه بهذا السم، الذي اذا تعود عليه احدهم مثل «الهيروين» فانه على استعداد إلى حتى أن يقتل والديه لكي يحصل عليه.
قد تكون كثرة الانجاب في ظل الظروف المادية الضعيفة السبب في انتشار المخدرات بين الشباب، لكن تدليل الأبناء ماديا في الأسر المرتفعة الدخل، مع عدم توعية الآباء لابنائهم بمخاطر الانحراف لهذه المواد السامة... يساهمان في استخدام الشباب لهذه السموم إلى جانب عدم وجود التوعية الإعلامية والتربوية الكافية للطلبة في المدارس للحد من أسباب انتشار المخدرات التي يقف على قائمتها الهيروين ويندرج تحته «الكوكايين» والحشيش وغيرهما من مواد يتعرض لها الشباب والكبار المحبطون اليائسون الذين يعاني معظمهم من الاكتئاب ولا يتوافر لهم الوعي بحقيقة أمراضهم النفسية وإمكان شفائهم بسهولة لو أنهم اتجهوا الى العلاج النفسي وتناول الأدوية المضادة للاكتئاب أو من ابتلى منهم بداء «المرح الاكتئابي»، ذلك المرض المؤلم القاسي الذي يصبح صاحبه بين شخصيتين احداهما مكتئبة جدا والأخرى مرحة جداً الى حد الاسراف المادي بلا شعور بالمسئولية مع ما ينتاب صاحبها عندما تزداد شدة مرحه من عنف وتخريب لا إرادي وعن غير وعي... وهنا تلعب المواد المخدرة دوراً خطيراً في هياج امثال هؤلاء المرضى ما يجعلهم خطرا على انفسهم وغيرهم... الأمر الذي يتطلب من الأطباء توعيتهم بألا يقوموا بتناولها أبداً.
لنتصور إذاً هؤلاء المرضى وهم يتناولون عن غير وعي هذه المواد المخدرة ويتعودون عليها... أي خراب لمستقبلهم... وأي عذاب يحتمله آباؤهم وهم يرون أبناءهم الذين انعم الله عليهم بالابداع والذكاء وهم يفسدون حياتهم بهذه المواد السامة عن غير وعي بمخاطرها... لأن أمثال هؤلاء المصابين بالاكتئاب وحده أو بالمرح الاكتئابي يتمتعون بطاقات فكرية وابداعية... ويعمل الكثير منهم في الحقول التي تتطلب ابداعاً وابتكاراً... سواء في الفن أو الصناعة أو الفكر أو غيرها.
ما أصعب شعور الوالدين عندما يرون ابناءهما الاذكياء وهم يتدهورون امامهم ويضيع مستقبلهم... اذا لم يقوموا بانقاذهم وتخليصهم من ذلك الادمان سواء على الحشيش أو الكوكايين أو الهيروين... وكم من طاقات رجالية وشبابية ونسائية عطلت أو ماتت وحرم منها احبابها ووطنها... ليكسب هؤلاء الأشرار الأموال الطائلة.
فأين أجهزة الدولة منهم وهم يمرحون في بلادنا التي لم تعرف هذه الحوادث من السرقات، ولم تشهد الاعتداءات الجنسية وجرائم القتل وحوادث الموت بسبب الهيروين بين الشباب التي نراها تزداد انتشاراً في مجتمعنا الذي كان نظيفا آمناً يوماً؟
وهل نأمل أن تراقب أجهزة الدولة الأمنية جميع الأفراد الداخلين الى البحرين مهما علا مركزهم لتنقذ مستقبل شبابنا من الهلاك؟
إن من المؤلم حقا أن نعلم أن أمثال هؤلاء الذئاب وموزعي المخدرات من الشباب الذين وقعوا ضحية لهذه المواد السامة من أجل الحصول على المال... يقفون بالمرصاد للطلبة من الجنسين عند أبواب مدارسهم وفي جميع المراحل الدراسية من الابتدائية حتى الجامعية... لجني المزيد من الارباح على حساب هذه النفوس البريئة... والنتيجة أن يتحطم مستقبل معظم شبابنا بدل أن يبنوا نهضة بلادهم.
فهل فكرنا في خطة وطنية من أجل نشر التوعية بين الشباب والمواطنين لمخاطر هذه المواد المخدرة...؟
وهل يقلل الآباء من الانجاب في ظروفهم الاقتصادية المحدودة لكي يتمكنوا من تربية وارشاد ابنائهم... وسط متطلبات الحياة الحاضرة العصرية؟
وهل يهتم الآباء الأغنياء باستخدام الحزم في التعامل مع المادة في علاقاتهم بأبنائهم ومراقبتهم وارشادهم لما يواجههم من مخاطر؟
وهل تفكر وزارة التربية والتعليم في إدخال العلاقات الأسرية الصحيحة التي ينادي بها الإسلام من مودة ورحمة كأساس للزواج في مناهج الطلبة من المرحلة الاعدادية... لتوضيح حقوق الازواج وواجباتهم. حتى تقل المشاجرات ومشكلات التفكك الاسري لحماية الأبناء من الآلام النفسية التي قد تدفعهم الى الضياع فيصبحوا لقمة سهلة لأمثال هؤلاء الآثمين لتناول هذه المواد السامة؟
وهل في إمكان محاكمنا الشرعية تقصير الوقت الذي تستغرقه قضايا الطلاق... لكي تحصل المرأة عليه اذا كان الحق معها... وحصول الأبناء على نفقتهم من الاب لكي لا يضيعوا مع البؤس والحرمان فيكونوا لقمة سائغة لأمثال هؤلاء الأشرار... بعذابهم وبؤسهم وحرمانهم من العاطفة والمال والارشاد؟
وماذا تنتظر وزارة الاعلام مادامت مسئولة عن الأجهزة الاعلامية لتبث البرامج التي تقوم بتوعية المواطنين والشباب خصوصا بمخاطر هذه السموم القاتلة من خلال برامج جذابة وحيوية... يقوم ببعضها الشباب أنفسهم؟
ولماذا تهمل وزارة الصحة الدور الثاني من مركز المؤيد لمكافحة الادمان والمخدرات لمدة سبع سنوات من بعد أن تم بناؤه وتجهيزه بعشرين سريراً أو أكثر... والسبب عدم وجود موازنة لتعيين ست ممرضات لتشغيل هذا الدور في المركز قامت ببنائه والتبرع به لوزارة الصحة عائلة بحرينية وطنية لانقاذ شباب البحرين من هذه المواد السامة... فيهمل من قبل المسئولين في وزارة الصحة بهذا الشكل المؤلم؟
هل من المعقول أن يظل قسم مهم كهذا القسم بسبب هذه الحجة التافهة التي لا يتقبلها عقل أي مواطن... وخصوصاً عندما يرى الناس المسئولين في وزارة الصحة ينفقون آلاف الدنانير سنويا لنشر إعلانات في الصحف لتبارك المسئولين عند زيارتهم وزارة الصحة وكأن ما يقومون به خارج إطار عملهم وليس من واجبهم؟
كما انني اتساءل: أي نوع من العلاج الذي يستفيد منه المدمنون في هذا المركز... اذا كان في الإمكان إدخال المواد المخدرة... ويتم تعاطيها من قبل المرضى بالسر... بسبب عدم وجود الرقابة الصارمة؟ معنى ذلك: عدم شفاء المدمنين... واهدار المال العام على علاجهم بلا فائدة.
إننا بحاجة الى حملة وطنية كبيرة من أجهزة الدولة الرسمية والخاصة لحماية شبابنا من المخدرات بانواعها وحمايتهم لمنع الحوادث الاجرامية التي لم يعرفها مجتمع البحرين إلا منذ سنوات قليلة... وأحد أسبابها الرئيسية انتشار المخدرات والبؤس والفقر والبطالة الناتجة عن عدم تعيين الكفاءات البحرينية مكان الاجانب أو في وظائف تخصصهم؟ فهل يحقق المسئولون ما أنادي به لانقاذ أبنائنا من الادمان حتى لا يخسر الوطن سواعده القوية التي سيقوم على أساسها بناء حاضر مملكة البحرين الحضاري ومستقبلها؟
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 730 - السبت 04 سبتمبر 2004م الموافق 19 رجب 1425هـ