العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ

الذين يعيشون في الظل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إنه مجتمعٌ قائمٌ بذاته، يعيش في الظل، بعيداً عن التغطية الإعلامية والأضواء إلا في المناسبات. وفي حمأة الاشتغال بالسياسة وهمومها التي لا تنتهي، ننسى تلك الفئات التي يسمونها «ذوي الاحتياجات الخاصة».

إنها تشكيلة من ذوي الإعاقة، السمعية والبصرية والحركية، والبعض يضم إليهم بعض الأمراض الوراثية الصعبة كالسكلر، لما يمثله من إعاقة وشلل في الحياة، بسبب قصور المعالجة والسياسات. وربما من باب التضامن الجماعي تراهم يحضرون لبعضهم في المناسبات الاحتفالية كيوم العصا البيضاء أو أسبوع الأصم، حيث تكون مناسبات للالتقاء والبوح والعناق.

ولكل فئة مجتمعها الخاص، المغلق غالباً على ذاته، بلغته الخاصة وأعرافه وتقاليده ومشاكله التي لا يعلمها إلا الله. موزّعون على كافة المناطق والأعمار، إلا أن واقع الإعاقة يجمعهم، في مدرسة أو ناد أو جمعية. وهؤلاء يشكّلون اليوم أكبر الأحزاب عدداً، وأخفضها صوتاً، وأقلها حضوراً وتأثيراً.

ربما أقدمهم تنظيماً أصحاب الإعاقة الحركية، الذين أسّسوا «الحراك الدولي» قبل أكثر من ربع قرن، ولهم مشاركاتهم الداخلية والخارجية، وخصوصاً في مجال الرياضة. لكن هذه المشاركات لا تخفي الواقع البائس لغالبيتهم، فكثير منهم تضيق فرص العمل أمامهم، وبعضهم يعمل في كابينات مواقف السيارات، والعمل شرفٌ لا عيب فيه على الإطلاق، إلا أن ظروف مثل هذا العمل لها كلفتها الصحية، بسبب البقاء في أماكنهم لساعات طويلة دون حركة، ومعروفٌ ما يجره ذلك من أمراض. ومن مطالبهم الملحة مراعاة الجانب الصحي في احتساب الراتب التقاعدي وتقليل سنوات الخدمة، على خلاف أصحاب الوظائف الأخرى الراغبين بمدّ العمل حتى ما بعد الستين.

أصحاب الإعاقة البصرية يتجمعون منذ عقدين في «أصدقاء المكفوفين»، في كل عام أو عامين «تتفضل» الصحافة أو التلفزيون الرسمي بإجراء مقابلة مع أحدهم. ومن أفضل مبادرات وزارة التنمية الاجتماعية قيامها قبل شهرين بتوزيع أجهزة حاسوب ناطقة على عدد منهم، تساعد على ربطهم بالعالم من خلال أحدث وسائل التقنية في استقلالية تامة، بينما كان يتعين على الكفيف حتى عهد قريب التعاطي مع النص، كتابة وقراءة، من خلال شخص بصير.

عندما تقترب من عالمهم، تكتشف وجود كفاءات بحرينية عديدة لم توقفهم الإعاقة البصرية عن مواصلة التعليم العالي، فأثبتوا ذواتهم، وقادهم طموحهم بعد التخرج إلى التدريس في الجامعة نفسها. وهي نماذج مشرّفة يجب أن يفكّر بها الخريجون الجدد، الذين يواجهون الكثير من الاحباطات والعراقيل والتطفيش.

المفارقة التي تستعصي على الفهم، أن جامعتنا التي فتحت أبوابها للكفيف (وهو أمرٌ مقدّرٌ ومشكور)، مازالت ترفض التحاق الأصم بدراساتها، وهو سؤالٌ يحتاج إلى تفسير مقنع من قبل إدارة الجامعة. كما أن وزارة التربية والتعليم مازالت مطالَبَة وبإلحاح، بمدّ مظلة تعليم الصم حتى نهاية المرحلة الثانوية بدل الإعدادية حالياً.

إلى جانب المسئولية الحكومية عن تغيير واقع هذه الفئات وهم بالآلاف، هناك المسئولية المجتمعية وما تحتاجه من تطور وتغيير في المواقف. فالملاحظ أن الزواجات الداخلية في كل فئة مازالت مستمرة، ما يهدّد بتوريث الإعاقة للأطفال. أحياناً بحكم العلاقات الطبيعية داخل كل فئة، وأحياناً بسبب رفض الفتاة أو أهلها للشاب المتقدم لخطبتها من بين هؤلاء، فالنظرة المتسرّعة تمنع من الارتباط بالشخص رغم تأهله العلمي والتزامه الأخلاقي واستقلاله المادي. أليست مواقفنا كمجتمع، بحاجة إلى بعض التطور والحراك؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:28 ص

      شكرا قاسم حسين

      الله مع الجميع وتعليقك يا 14 نور دائما في القمة بس افتقدناه في قسم محليات والوسط اون لين تحياتي لك ستراوية

    • زائر 3 | 4:47 ص

      14 نور :: حكومتنا يا سيدي من يعيش في الظل

      حكومتنا هي من تعيش بالظل يا سيدي لا نحن فنحن في وادٍ وحكومتنا في وادٍ آخر هم همهم أن يملئوا بطونهم بمال الحرام ونحن نملئ بطوننا جوع و مرار هم ينامون علىالحرير ونحن لا ننام فقضاء الديون أثقل كاهلنا وكسر ظهرنا فما لدينا وما في أيدينا للحكومة منه نصيب الأسد فأينما وليت وجهك تسلب منك ما لديك ضرائب الحكومة من تحت الغطاء ويقولون أن الوضع في تقدم ونحن من يراه في تدهور و يعيش المرضي عنهم في رخاء وتعيش الأغلبية في تعسٍ وشقاء فهل تبين الظل لك يا سيدي فإن أردنا حلحلت الظلال فالنبدأ بحلحلت حكومة الظلال.

    • زائر 2 | 4:06 ص

      اذا الصاحي المعافى مو قادر الاقي نفسة في هالبلد فما بالك بالموعوق

      وطن المحرومين

    • زائر 1 | 3:48 ص

      صح عليك

      اصلا للاسف المجتمع غير قادر على ادماج هذه الفئة في النشاط اليومي, و العتب يلقى على الجهات الحكومية الضعيفة في عملها و الى غياب العمل التطوعي و التوعية بالنسبة للمجتمع. و ما لجوء فاطمة الى دولة الكويت الا دليل على قلة الاهتمام التي تحظى به هذه الفئة

اقرأ ايضاً