العدد 711 - الإثنين 16 أغسطس 2004م الموافق 29 جمادى الآخرة 1425هـ

دروس للنواب عن الحرية العامة

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

يعيش غالبية نواب البرلمان الوطني في عالم بعيد عن واقعية المجتمع البحريني الذي يتميز بتعدده الثقافي والاثني والعقائدي وغير ذلك ما جعله على قائمة مجتمعات «الكوزمو بولتين» (أي المتعدد الثقافات) حتى وإن كانت البحرين صغيرة مقارنة بدول أخرى.

لكن على رغم هذه الأجواء (الكوزموبولتينية) فإنه - ومع الأسف - يوجد طرف يريد أن يرجع مجتمعنا إلى الوراء عبر تعزيز ثقافة وأيديولوجية عقائدية واحدة ظناً منه أن ذلك سيحل مشكلات الشارع البحريني، الذي نراه اليوم ومن بعد الانفتاح وقع فريسة للتطرف والتعصب في شتى نواحي حياته بدءاً بمظهره العام إلى طبيعة المطالب التي يدعو إليها وكيفية التعامل مع الطرف الآخر صاحب الرأي المختلف ونقيضه لكل ما يدعو إليه، معتقداً أن ذلك سيحافظ على تعزيز الهوية مع العادات والتقاليد.

يبدو أن ما استطاع ان يحققه البعض من النواب من انجازات خطيرة قد انصب على الصورة التي يجب أن يبدو عليها الرجل والمرأة إلى تطبيق أسلوب (الأمر)، وعلى سبيل المثال مقترح إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي نرى جيداً ما خلفته آثارها السلبية على بعض مجتمعات دول الجوار، إذ غدا كل ما يحدث من تفاصيل عندما تزور هذا البلد إلى محل اطلاق «النكات والاستهجان» بسبب التدخل في خصوصية الآخرين، وكيف ان هذا المجتمع الشقيق لايزال يعاني من داء العيش في مناخ لا يحتوي على أجواء صحية، كأن يتقبل كل واحد الآخر على سجيته من دون التدخل في شئونه الفكرية ولا الشكلية أو غير ذلك. أي مجتمع يحترم إنسانية كل واحد وحريته في ان يختار ما يراه مناسباً له لا مناسباً لرأي «الجماعة» أو تحت ستار العادات والتقاليد...

بعض النواب في البرلمان يتعايش مع مجتمعنا كما لو كان هذا المجتمع يعيش في حقبة عصور الظلام لا في حقبة الانترنت والانفتاح... لا ندري على أي أساس صوت الناس لهؤلاء النواب الذين يفاجئوننا كل يوم بمقترحات أسخف من سابقتها إذ إن كل ما يطالبون به نجده في دول الجوار في طريقه إلى الزوال عبر تركات رسمية وشعبية أيضاً وان كانت بصورة بطيئة.

لقد تأثرت تلك المجتمعات لدرجة أنه عندما يحط أندادها الرحال في أي بلد قريب أو بعيد فإنهم يطلقون العنان لأنفسهم في مظهرهم وتصرفاتهم التي تنتقد في أوقات كثيرة داخل مجتمعنا الصغير لأنهم ببساطة محاصرون بتلك القيود التي يطالب بعض نواب برلماننا بها والذين لا همّ لهم إلا الانشغال بالأمور الصغيرة تاركين العمل بملفات القضايا الكبرى.

فالقضايا الكبرى لاتزال عالقة من دون حلول تثلج صدور المواطنين... فأين هي ملفات البطالة والتجنيس والبيئة والآثار وغيرها من القضايا التي تشغل بال الكبير والصغير في هذا الوطن! أم أن ذلك لا يدخل في اختصاص هؤلاء النواب أو جزء من اهتماماتهم الشخصية التي يبدو أنها تزكر على المظهر العام للمواطن أكثر من تحسين أوضاعه المعيشية!

هناك الكثير والكثير يا نواب... فمتى تدركون حاجات وغايات المواطنين عموماً وتتركون الأمور الشكلية والمظهرية للحرية الشخصية... فالناس أحرار فيما يفعلون ولن يكون عمل النواب بـ «الوصاة» على أحد خصوصاً أنهم وصلوا إلى هذا المنصب في جو حر ومفتوح، ولولا هذه الأجواء لما كانوا على هذه الكراسي اليوم، فإن كانوا حقاً مع الحريات العامة التي يدعون بها على الدوام والتي كانت في الماضي ضمن شعاراتهم الانتخابية فعليهم أن يعوا ان ذلك لم يكن مجرد شعار انتخابي يستخدم لجمع الأصوات بالضرورة بل هو القناعة التامة والايمان الكامل باحترام إنسانية كل فرد في مجتمعنا سواء في الفكر أو في المعتقد أو في المظهر

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 711 - الإثنين 16 أغسطس 2004م الموافق 29 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً