العدد 712 - الثلثاء 17 أغسطس 2004م الموافق 01 رجب 1425هـ

جنوسان... حكاية واحدة من مسلسل طويل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

جنوسان، خليج توبلي، جزر البحرين، سواحل البحرين، الحزام الأخضر... مسلسل لا ينتهي. مسلسل يحكي لنا قصة انعدام العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات، وعدم وجود سياسة حكيمة للحفاظ على البيئة وثروات الوطن، وعدم وجود آليات لمن يعنيهم الأمر لكي يتخذوا الإجراءات اللازمة.

خليج توبلي انتهى إلى موقع للقمامة التي ستستخدم لردم ما تبقى منه على رغم أنف جميع القوانين المحلية والدولية، وعلى رغم أنف دعاة حماية البيئة وعلى رغم أنف المجلس البلدي والأهالي، وعلى مرأى ومسمع كل الناس. جنوسان، كانت جنة الإنسان لمن كان يسكنها، والآن هي جحيم لأهالي جنوسان وجنة لأي شخص متنفذ أو من خارج أهالي جنوسان. وهكذا الحال في كل زاوية من زوايا الوطن، فلم يعد لدينا مكان للسياحة البيئية او الطبيعية او السواحل العامة والنظيفة، ولم يبقى سوى بعض المجمعات التجارية، وهو ما يفسر الاختناق المروري عندما يقترب المرء من منطقة السيف.

أين «الإدارة العامة للبيئة والحياة الفطرية» من كل ما يحدث؟ أين مجموعات الضغط البيئية؟ أين المجالس البلدية والبرلمان؟ أين من يسمع ما تطرحه الصحافة بشكل يومي؟... لقد استخرجنا مقالات وموضوعات كُتبت عن هذه المشكلة قبل خمسين عاماً وقبل ثلاثين عاما، وكأن القدر كتب علينا أن نكتب ونصرخ، ولكن من دون مجيب...

التدمير البيئي المستمر، والاستحواذ على كل ما هو جميل، وحرمان المواطن الاعتيادي من الاقتراب من «الجنان» يهدد مستقبل أجيالنا. الجيل القادم سيدخل على الكمبيوتر لكي يتمكن من مشاهدة منظر جميل مما كانت عليه البحرين... فإذا كنا نرى نحن الآن - ومن مكان بعيد أو من خلف الجدران - نستطيع رؤية بعض الجنان (التي أصبحت ملكاً خاصاً) فإن أبناءنا لن يتمكنوا حتى من هذه الرؤية البعيدة لأن استمرار السياسة الحالية سيزيد الفجوة بين الذين يستحوذن على كل شيء وبين الذين يفقدون كل شيء.

جنوسان تحكي قصة المواطن الذي كان يعيش في أجمل بقعة في البحرين ليجد نفسه مُحاطاً الان من كل جانب بجدران مرتفعة حجبت الجنة عن الذين كانوا يعيشون وسط الأشجار والنخيل والثمار... فأهالي جنوسان يعيشون الآن على قرابة 10 في المئة من المساحة التي كان يعيش عليها آباؤهم... أحوالهم المادية تعيسة ... جنانهم الجميلة أصبحت ملكاً خاصاً لا يستطيعون الاقتراب منه. وعندما قررت الحكومة بناء وحدات سكنية قبل عدة سنوات، قام بعض المسئولين بتوزيعها على غير أهالي جنوسان.

العدالة الاجتماعية وحماية البيئة آخر ما يتم التفكير فيه، والصحافة رفعت الشكوى تلو الأخرى... ولكن من دون فائدة ومن دون استجابة. الأسوأ في الامر ان بعض الجهات الرسمية تقول إنه «ليس بيدها شيء»، وتعلن استسلامها. إذاً، ما فائدة وجود هيئات حكومية إذا كانت لا تستطيع إحقاق العدالة وحماية البيئة؟ ثم ان السؤال المطروح: ما الفلسفة التي توجه من يقوم بإهلاك البيئة والاستحواذ على كل جنة وُجدت في البحرين وتحويلها إلى ملك خاص لا يستطيع المواطن الاعتيادي الاقتراب منها أو التفكير في الاستمتاع ولو بشيء يسير منها؟ ما الحكمة من كل ذلك، في الوقت الذي تسعى فيه البلدان الأخرى - بما فيها دول الجوار - إلى تحويل الصحارى إلى أراضٍ خضراء وتوزيع الثروات على الناس بصورة أكثر عدلاً؟ أسئلة سنستمر في طرحها على رغم الاستمرار في الصمت

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 712 - الثلثاء 17 أغسطس 2004م الموافق 01 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً