العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ

الحكومة العراقية تبحر من دون مرساة

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شغلت الصحف الأميركية التطورات الأمنية لاسيما المواجهات الدائرة في النجف الأشرف وفي ظل حكومة عراقية «تبحر من دون مرساة» على حد قول أحد المعلقين الأميركيين، وهيمنة أميركية على قرارات الوزارة العراقية المؤقتة. واعتبرت التعليقات الأميركية أن لا جدوى من الوجود العسكري الأميركي في العراق كما أجمعت على ضرورة أن تنسحب قوات الاحتلال من هذا البلد فمن الحكمة أن تتخلى عن مغامراتها الخطرة في أقرب وقت ممكن مع نصيحة من أحد الباحثين بأن يتم الانسحاب بشكل مدروس وليس تحت «وابل رصاص» المشاعر الأميركية الرافضة للحرب والتي بدأت بوادرها تطل في الولايات المتحدة. لكن المثير في الآراء المطروحة في الصحف الأميركية هو دعوة أصحابها للأميركيين بأن «ينفذوا بجلدهم» وليتصارع «سنة» صدام و«شيعة» مقتدى كيفما يشاءون!... علماً أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أعلن في المؤتمر الوطني السنوي لقدامى المحاربين الأميركيين في الخارج، أن العمليات التي تتم في العراق وأفغانستان بمبادرة أميركية عززت الاستقرار ونشرت الديمقراطية في العالم. فقد تم تحرير 55 مليون شخص في أفغانستان والعراق! كما يقول باول.

ولاحظ جورج ويل في «واشنطن بوست» أن العراق لم يغرق تماماً في الفوضى غير أنه لا يشكل أرضاً خصبة لنمو الديمقراطية. وأوضح أن الحكومة العراقية التي تبحر من دون مرساة من شأنها أن تنتج خيارات متناقضة عدة لأهواء عراقية متعددة تؤدي في النهاية إلى اندلاع حرب أهلية أو ظهور تصدعات قومية أو انقسامات تنشأ عن نوع من «البونابرتية» أو غيرها من أشكال التوتاليتارية. ومن هنا أعاد ويل، مسألة الخلل إلى أن تسليم السلطة إلى العراقيين جاء مشوهاً. مذكراً أن الحرب الاستباقية التي شنتها أميركا على العراق كانت رسالة إلى أعدائها تفيد بأن السيادة الأميركية لا يمكن أن يشلها الرأي العام العالمي وعدم تعاون المؤسسات الدولية. وهكذا جاء أيضاً تسليم السلطة إلى العراقيين كوسيلة استخدمتها أميركا كي تثبت للعالم انها أحرزت تقدماً في العراق. ولفت ويل في الوقت عينه، إلى وجود اختلاف في وجهات النظر بين الحكومة العراقية والقادة الأميركيين.

وأعطى مثالاً على ذلك إقدام القادة الأميركيين على تحديد شروط العفو العام، الذي اقترحه رئيس الحكومة إياد علاوي، وذلك من خلال استثناء كل متمرد يشارك في عمليات ضد القوات الأميركية من قرار العفو. في الوقت الذي صرح ناطق باسم قوات «المارينز» أن العمليات العسكرية في النجف ستستمر طالما يرى رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي ذلك مناسباً. وهنا تساءل ويل، ما إذا كانت السيادة العراقية بين يدي رئيس الوزراء أو القادة الأميركيين الذين يعملون ضد رغبة رئيس الوزراء؟ واستنتج أن البيت المنقسم لا يمكن أن يصمد طويلاً. لافتاً بسخرية إلى أنه في حال كانت رغبات علاوي هي التي تحدد تحركات الأميركيين كما قال الناطق باسم «المارينز»، وكانت الحكومة الجديدة ومؤسساتها قادرة على التفاوض مع «الشيعة» فهذا يعني أن وجود الولايات المتحدة في العراق غير ضروري. غير ضروري، يكرر ويل، ساخراً في ختام مقالته، حتى قبل الانتخابات العراقية المقبلة التي ستجري في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وطالب عضو المركز الأميركي للدراسات الاستراتيجية والدولية إدوارد لوتواك في «نيويورك تايمز»، الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق، لأن ذلك سيكون أقل كلفة بكثير من وجودها هناك. وأوضح أنه في ظل الظروف الحالية لا يبدو أن الولايات المتحدة تستفيد من وجود قواتها في العراق. لذلك يجدر بها تبني سياسة واضحة لفك الارتباط مع هذا البلد من أجل وقف تعريض المصالح الأميركية للخطر ووضع حد للعداء الذي يشعر به عدد كبير من العراقيين تجاه الولايات المتحدة. وأوضح لوتواك، أنه بسبب التزام واشنطن في العراق يشعر «الشيعة» المناصرون للزعيم مقتدى الصدر بأنهم أحرار في مهاجمة القوات الأميركية نفسها التي تحارب «السنة» الراغبين في إعادة إحلال حكمهم الأتوقراطي السابق. غير أنه في حال اقتنع هؤلاء «الشيعة» بأن أميركا ستتخلى عنهم ليواجهوا بمفردهم أنصار صدام حسين، فمن المؤكد بحسب وجهة نظر الكاتب الأميركي، أنهم سيختارون سياسة التعاون مع قوات الاحتلال، هذا على صعيد المشهد الشيعي الداخلي. أما على المستوى الشيعي الخارجي، فلفت لوتواك، إلى أنه في الوقت الحاضر وفي ظل التزام الولايات المتحدة البقاء في العراق، سيواصل المتشددون في إيران البحث عن طريقة للانتقام من الأميركيين من خلال تشجيع المعارضة الشيعية ودعم ميليشيا الصدر وكذلك حث سورية على مساعدة «الإرهابيين» في تنفيذ هجماتهم داخل العراق.

أما الانسحاب الأميركي من العراق، فرجح لوتواك، أن يؤدي إلى القضاء على الآمال ببناء عراق يقوده «الشيعة» وهو الهدف الطويل الأمد الذي تحلم به الجمهورية الإسلامية في إيران. يرى الكاتب الأميركي، الذي يرجح أيضاً أن يقوض الخروج الأميركي من العراق، احتمالات عودة الحكم السني المطلق على العراق الذي هو أكثر ما تخشاه طهران. غير أن المعلق الأميركي شدد على ضرورة أن يتم الانسحاب بعد دراسة حقيقية للوضع الميداني وبعد تحضيرات عملية. وأضاف انه طالما ان الوضع في العراق لا يتحسن وبما أن الولايات المتحدة ستنسحب عاجلاً أم آجلاً من هذا البلد، فسيكون من الحكمة أن تتخلى عن مغامراتها الخطرة في أقرب وقت ممكن. وإذ لفت إلى أن الانسحاب قد يشكل ضربة للصدقية الأميركية. أكد أن ذلك سيكون أقل ضرراً على هذه الصدقية وخصوصاً إن تم الانسحاب بشكل مدروس وليس تحت «وابل رصاص» المشاعر الأميركية الرافضة للحرب والتي بدأت بوادرها تطل في الولايات المتحدة. وختم بأنه طالما أن أميركا متشبثة بسياسات الماضي الطموحة، فإنها ستواصل إطلاق المشروعات التافهة في العراق كما تواصل معركتها التافهة هناك أيضاً

العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً