العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ

كل شيء مؤقت في العراق عدا القتل

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

أخيراً، انعقد المؤتمر الوطني العراقي الموسع وختم أعماله بمشاركة ألف و300 عضو يمثلون 71 حزباً وشخصيات وطنية سياسية ودينية وعسكرية، في حين انسحب نحو مئة من المشاركين من الحركات «المقاطعة» (قومية ودينية) يبدو أنها رأت في هذا المؤتمر «تكريساً للاحتلال وحكومته العميلة !»، وفضلت الاحتكام للسلاح ولابتزاز الغوغاء وتخوين المشاركين بدل الدخول في العملية السياسية الكبيرة لرسم مستقبل العراق بلغة الحوار والإقناع بوجهات النظر واحترام القانون.

هناك من يعتقد، أن مستقبل العراق يتحقق بحمل السلاح وبتفجير مخافر الشرطة، وتخريب الاقتصاد، وملاحقة «الصليبيين والمندائيين الصابئين» واعتقال وجلد من يريدون جلده في الشارع وفي الجامعات وإنشاء «محاكم الشريعة» وضرب هيبة الدولة بالانفلات الأمني وإقصاء الآخرين والاعتداء على حرياتهم، في حين يرى جل العراقيين الذين تمثلوا في المؤتمر الموسع، أن كل من يحمل السلاح يعتبر خارج عن القانون، وأن الانفلات الأمني لا يحل بالإجراءات الأمنية وإنما بالحلول الوسط، والانخراط في العملية السياسية ودهاليزها، ومن يملك وجهة نظر مغايرة عليه إقناع الآخرين داخل المؤتمر، لا أن يتجه لعصابات القتل بزرع القنابل «المؤقتة» في عراق كل شيء فيه مؤقت عدا القتل بالهوية.

العراق يحتاج اليوم إلى نبذ الروح الانتقامية لا إلى جعجعة السلاح، وبحسب رأي دولي محايد قاله أشرف قاضي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تمنى فيه أن «يكون المؤتمر مجالا لتحقيق حوار ديمقراطي تعددي في بلد ديمقراطي يتعايش أبناؤه بسلام وتقدم ويحتل مكانه المرموق بين دول العالم».

وأضاف قاضي، إنهم (العراقيون) «يملكون أقدم القوانين الاجتماعية في العالم التي ستعينهم على بناء نظام سياسي مستقر يرفض العنف والاقتتال ويلام جراح الماضي مشددا على ضرورة العمل من اجل حوار متسامح مع اختلاف الآراء، وانه برسم ثقافة سياسية ديمقراطية لن يكون هناك خاسر بين العراقيين».

ما يلاحظ، أن المؤتمر انعقد في موعده يوم 15 من أغسطس/آب الجاري بغض النظر عن التطورات الحاصلة في العراق وذات الصلة بالوضع الأمني، وأن الأوراق التي تداولها المؤتمر أكدت على تفعيل الطاقات الكامنة في الاقتصاد والمجتمع والتوظيف السليم والمتوازن لموارد العراق ومعافاة الاقتصاد العراقي وتحقيق العدالة الاجتماعية.

إضافة إلى ذلك، وما يشكل خطوة في منتهى العقلانية والحضارية، تم التركيز والاهتمام بتعميم ثقافة حقوق الإنسان ونبذ استخدام العنف وإشاعة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر والإقرار بالتعددية والتداول السلمي للسلطة.

وعن العمل السياسي تمت الإشارة إلى أهمية العمل الجماعي في توفير الأمن والاستقرار ودحر قوى الإرهاب والتخريب وتظافر الجهود لإنجاز العملية السياسية وتعزيز هيبة ونفوذ المؤسسات الحكومية وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية.

ومن المؤتمر أيضاً خرجت تحركات ومبادرات عقلانية لتصويب عمل ميلشيات مقتدى الصدر بهدف انخراطها في العملية السياسية الجارية في العراق ووضع حد للابتزاز الغوغائي للمسلحين، وعدم إعطاء فرص للقوى الخارجة عن القانون والقوى الخارجية المتربصة، لاستثمارهم ضمن أجندة معروفة بنوايا سيئة للعراق الجديد، تارة «بشروط عشرة» للتفاوض، وتارة أخرى، بضجيج مفتعل يفسره الإرهابيون كما يشاءون عن «عجز الحكومة»، ولا ندري كيف اتفق «الصدريون وإرهابيو الزرقاوي والصداميون» مع أن لكل طرف منهم هدفه وحساباته، وعلي رغم من كره الواحد فيهم للآخر؟

ألم يسأل المنجرون وراء هذه «العنتريات» باسم «المقاومة»، إن كان الذين حضروا المؤتمر ممثلين لغالبية الأحزاب والأديان والمذاهب والعشائر والطوائف العراقية، كل هؤلاء «عملاء» والوطنيون فقط من قاطع المؤتمر، ومن تغلغلت في داخله شعارات ودعايات الغوغائية؟!

العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً