ذكر التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني أن المحللين لاحظوا أن ثمة اختلافاً بين موجة التفاؤل التي تشير إلى احتمالات نمو الاقتصاد الأميركي، وبين مستقبل لا يبدو وردياً بحسب التوقعات التي تتأسس على تقارير حكومية أميركية صدرت حديثاً ومعطيات الأسواق الأميركية، ولاسيما التقرير الذي أشار إلى ازدياد الفجوة بين العرض والطلب التي تجاوزت حاجز الـ 50 مليون دولار، فضلاً عن التصاعد الجنوني لأسعار النفط.
وعرض التقرير لأحوال الأسواق والاقتصاد في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو واليابان.
الولايات المتحدة: اتساع الفجوة بين العرض والطلب
لقد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي نسبة الفائدة إلى 25 نقطة الأسبوع الماضي بما ينسجم مع توقعات الأسواق، لكن البيانات المخيبة للآمال التي ظهرت خلال هذا الأسبوع تطرح السؤال عن احتمال رفع الفائدة مرة أخرى خلال السنة الجارية.
لقد ارتفعت «مبيعات التجزئة» خلال شهر يوليو/ تموز بنسبة 0,7 في المئة أقل من التوقعات البالغة 1,1 في المئة، بينما ارتفعت «مبيعات التجزئة من غير مبيعات السيارات» بنسبة 0,2 في المئة. لكن في المقابل تم تعديل بيانات «مبيعات التجزئة» و«مبيعات التجزئة من غير مبيعات السيارات» خلال شهر يونيو/ حزيران من -1,1 في المئة و0,2 في المئة إلى -0,5 في المئة و0,3 في المئة على التوالي.
وكذلك ارتفع «المعدل القياسي لأسعار المنتج» بنسبة 0,1 في المئة و«المعدل القياسي لأسعار المنتج عن غير قطاع الأغذية والطاقة» بنسبة 0,1 في المئة خلال شهر يوليو، مقابل تقديرات أجمعت على أن النسب ستكون 0,3 في المئة و0,1 في المئة على التوالي. هذا، ومن بداية السنة حتى اليوم ارتفع المعدل القياسي لأسعار المنتج بنسبة 1,7 في المئة، أي بحدود معدل الشهرين الأخيرين تقريباً. إن أسعار المنتج مازالت تنذر باحتمال حصول تضخم في المستقبل، إذ إن أحد أجزاء «المعدل القياسي لأسعار المنتج» والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً «بالمعدل القياسي لأسعار المستهلك» تتابع ارتفاعها ولو ببطء.
لقد انخفض مؤشر جامعة متشيغن الذي يقيس إحساس المستهلكين consumer sentiment من 95,7 في شهر يوليو إلى 95 خلال شهر أغسطس،/ آب. وعلى رغم أن تقييم الوضع الحالي يدل على وجود تحسن ملموس، فإن التوقعات انخفضت إلى أدنى معدل وصلت إليه خلال سنة، إذ يتخوف المستهلكون من انخفاض معدل خلق فرص الوظائف في المستقبل. وفي هذا الإطار، لاحظ المحللون - الذين يتوقعون تحسناً طفيفاً - وجود اختلاف بين موجة التفاؤل الحالية وبين مستقبل لا يبدو وردياً بحسب التوقعات.
إن التقرير التجاري الذي ظهر أكثر ما يكون لفتاً للانتباه، إذ يشير إلى ازدياد الفجوة بين العرض والطلب والتي تجاوزت حاجز 50 بليون دولار أميركي إلى 55,8 بليوناً أميركياً. وإذا استمر الوضع على حاله لسنة أخرى، فقد تصل تلك الفجوة إلى نسبة 5,7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لقد كان العجز أسوة بكثير من توقعات السوق، إذ بلغ 47 بليون دولار أميركي، وأيضاً أقل بكثير مما تم احتسابه في التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي عن الفصل الثاني من سنة 2004، ويعود ذلك إلى تراجع الصادرات من جهة وارتفاع الواردات من جهة أخرى. يعتقد المحللون أن اتساع الفجوة بشكل مفاجئ سيدفع الحكومة إلى خفض تقديراتها للنمو الاقتصادي المتوقع للفصل الثاني من السنة الجارية، وكانت نسبة النمو قدرت بـ 3 في المئة الشهر الماضي، بينما كان يعتقد الاقتصاديون حتى الأسبوع الماضي أنه سيتم رفع تقديرات الناتج المحلي. وعليه، يتخوف المحللون من أن الزيادة في العجز ستؤثر في الحساب الجاري الأميركي وفي قيمة الدولار.
لقد انخفض الدولار بشكل كبير بعد ظهور التقرير التجاري، بينما ارتفعت أسعار السندات بناء على فرضية أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيقوم برفع الفائدة بطريقة أبطأ في المستقبل، في ضوء قراءة البيانات الاقتصادية.
منطقة اليورو: معدلات النمو الاقتصادي
بعد أن ارتفع معدل الطلب خلال الربع الأول من سنة 2004 بنسبة 0,6 في المئة استمر في الصعود في الربع الثاني. وقد أشارت البيانات الأولية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي إلى أن معدل النمو الاقتصادي في الربع الثاني 0,5 في المئة مقارنة مع المتوقع ومتوسط 10 سنوات وهو أيضاً 0,5 في المئة، خلال هذا العام كان معدل النمو السنوي في الربع الثاني 0,2 في المئة سنوياً بعد أن كان 1,3 في المئة سنوياً في الربع الأول.
وعلى رغم أن معدل النمو في الربع الثاني يعتبر جيداً، فإن الاقتصاديين يرون أن استقراءات الاستهلاك والأعمال لا تشير إلى تسارع في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من هذا العام. وعليه، فإن مؤشر المجلس الأوروبي وضع تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي فيما بين 0,3 و0,7 في المئة في الربع الثالث والرابع من هذا العام.
وبالنسبة إلى الاقتصاد الألماني، فقد أخذ دفعة أخرى من التصدير، لكن الطلب المحلي استمر على مستواه من دون أية زيادة، وهذا ما توقعته الأسواق. كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0,5 في المئة في الربع الثاني مقارنة بـ 0,4 في المئة في الربع الأول.
بالنسبة إلى فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فقد ارتفع معدل فرص العمل غير الزراعية بنسبة طفيفة في الربع الثاني من هذا العام. إن ارتفاع نسبة فرص العمل بمعدل 0,1 في المئة وهي الزيادة الثانية خلال عام ونصف العام جاءت كما توقعت الأسواق. ولكن إذا قورنت هذه الزيادة بمتوسط 10 سنوات وهو 0,4 في المئة فإن هذا يدل على بعض الركود في سوق العمل بفرنسا. وهذا الركود في سوق العمل ليس في فرنسا وحدها، ولكن في معظم منطقة اليورو يشير إلى ضعف احتمالات تسارع الطلب في المستقبل القريب.
وعلى رغم ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي فإن هذا الارتفاع يعود بالأساس إلى التصدير، ما يجعله عرضة للصدمات وخصوصاً ما يحدث خارج نطاق الاتحاد الأوروبي. وإذ إنه لا يوجد ما يشير إلى أي نمو في الطلب المحلي وسوق العمل، فإنه من المرجح أن البنك المركزي الأوروبي سينتظر ليرى ما يحدث في المستقبل قبل أن يغيّر من سياساته.
المملكة المتحدة: توقع صحيح من الأسواق
لقد انتظرت الأسواق تقرير بنك انجلترا عن التضخم بفارغ الصبر، وذلك ليس فقط لأنه يوضح توجهات بنك انجلترا في الفترة المقبلة، ولكن أيضاً لأنه يركز في المقام الأول على أن توقعات التضخم لابد أن تكون في إطار ما تفترضه الأسواق.
لقد أشار التقرير إلى تركز اهتمام بنك انجلترا على توقعات التضخم التي تعتمد بشكل أساسي على ما تفترضه الأسواق بالنسبة إلى أسعار الفائدة، وبناء على ذلك فقد أعلن بنك انجلترا تقديرات التضخم للسنوات الثلاث المقبلة وليس فقط لسنتين كما كان في السابق. والرسالة هنا أن ما تأخذه الأسواق في حساباتها هو الذي يبقي التضخم ضمن حدود التوقعات. وبعبارة أخرى فإن بنك انجلترا راضٍ بما يمكن أن يقوم به من رفع سعر إعادة الشراء مرة وحتى مرتين إضافيتين خلال هذه الدورة.
لقد توقع تقرير بنك انجلترا الانخفاض الحالي للتضخم، وكذلك توقع أن ينخفض أكثر في المدى القريب، وأشار التقرير إلى أنه من المحتمل أن يعود التضخم للارتفاع تدريجياً إلى المعدل المستهدف خلال سنتين، والأسباب وراء ذلك هي الأسباب نفسها التي ذكرها تقرير شهر مايو/ أيار مثل ارتفاع كلفة وحدة العمل وعدم وجود طاقة إنتاجية إضافية. أما بالنسبة إلى الثالثة فمن المتوقع أن يستقر معدل التضخم عند مستوى أعلى بقليل من الحد المستهدف وهو 2 في المئة، مع وجود ضغوط محدودة على ارتفاع التضخم نتيجة التباطؤ في النمو الاقتصادي. كما أشار التقرير إلى أن المخاطر على التضخم والنمو محدودة جداً وذلك بسبب التوازن الموجود نتيجة اتجاه سوق الإسكان إلى الانخفاض، في الوقت الذي يتجه فيه سوق العمل إلى الارتفاع.
إذا سلّمنا جدلاً، فإن التقرير دليل على أن الأسواق توقعت ما جاء في التقرير قبل أن يصدر، وهو أن ارتفاعين آخرين في سعر إعادة الشراء سيكونان كافيين لبنك انجلترا لكي يستطيع أن يتحكم في التضخم بشأن الحد المستهدف خلال الفترة المقبلة. إن الأسابيع والشهور المقبلة وما تحمله من بيانات اقتصادية ستقرر ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا.
اليابان: مفاجأة تباطؤ النمو الاقتصادي
في تقرير الأسبوع الماضي ناقشنا دورة النمو الاقتصادي الإيجابية في اليابان، ولكن الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني جاء ضعيفاً، ما وضع مخاطر تباطؤ هذا النمو في دائرة الاهتمام.
إن بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من هذا العام والتي أعلنت الجمعة الماضي أشارت وبصورة مفاجأة إلى ضعف الاستثمار وكذلك تباطؤ النمو. كذلك، كان معدل الاستهلاك أقل من المتوقع، إلا أن الاقتصاديين أكثر اهتماماً بالاستثمارات، إذ إنها ومع الصادرات هما العاملان الرئيسيان لاستمرار النمو الاقتصادي.
هذه البيانات الضعيفة تعني أنه يجب أن يكون هناك نمو أقوى يصل إلى 0,5 في المئة على الأقل خلال الفترات الثلاث ربع السنوية المقبلة، حتى تستطيع الحكومة أن تصل إلى المعدل المستهدف من الناتج المحلي الإجمالي وهو 3,5 في المئة سنوياً، ويعتقد المحللون أن من الممكن حدوث ذلك.
ومع ذلك فإن مؤشر CAPEX الرئيسي وتقرير TANKEN لايزالان يشيران إلى نمو اقتصادي قوي، كما أن التصدير سيظل عنصراً حيوياً في النمو الاقتصادي في اليابان. ويرى المحللون أن عوامل التباطؤ الحالي في الاقتصاد الياباني ترجع بالأساس إلى ارتفاع أسعار النفط وتباطؤ معدل النمو في كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية.
هذا، وقد أثرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي سلباً على الأسواق، إذ انخفض مؤشر NIKKEI وكذلك الين أمام جميع العملات الرئيسية
العدد 714 - الخميس 19 أغسطس 2004م الموافق 03 رجب 1425هـ