العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ

السعودية تقلل من اعتمادها على النفط

سعيا وراء تنويع مصادر دخل المملكة بعيدا عن عائدات النفط، قامت الحكومة السعودية بتوقيع اتفاقات مع كبار المتحكمين بأسواق الطاقة في العالم لتطوير حقول الغاز الطبيعي في المملكة. ووسط الأرباح المتزايدة جراء الارتفاع العالمي لسعر النفط، تسعى المملكة العربية السعودية لتنويع اقتصادها. ويمثل قطاع النفط 80 في المئة من العائدات السنوية في موازنة المملكة، وينتج أرباحا هائلة وفقا لما كتبته صحيفة «أزفستيا» الاقتصادية الروسية. فعلى سبيل المثال تقول الصحيفة إن كلفة استخراج برميل من النفط من حقل «الشيبة» يكلف تقريباً دولاراً واحداً، وتتكلف المملكة لتصديره إلى الولايات المتحدة 4 دولارات. ويستخرج من الحقل نحو 600 ألف برميل يوميا ما يجعل المدخول السنوي من هذا الحقل بحدود 4 مليارات دولار تقريبا. ويتقاضى العامل المتخصص في الحقل راتبا شهريا يبلغ 15 ألف دولار.

ويثبت اتفاق غاز السعودية أنه سيكون مربحاً بالمقدار نفسه تقريباً. فلدى المملكة احتياط من الغاز الطبيعي يبلغ تقريبا نحو 92 تريليون يارد مكعب، الأمر الذي يضعها في المرتبة الرابعة عالميا في احتياطي الغاز بعد روسيا وإيران وقطر. وتبلغ القدرة الإنتاجية من الغاز الطبيعي في المملكة حالياً نحو 241 مليون يارد مكعب يوميا. وقسمت المملكة هذه السنة امتيازات الغاز الطبيعي على ثلاثة أقسام: أعطت القسم «أ» لشركة لوك أويل الروسية، والقسم «ب» لشركة سينوبيك الصينية، فيما حصل اتحاد الشركتين الأسبانية والإيطالية «إيني» و«ريبسول» على امتياز القسم «ج»، للتنقيب الجيولوجي وتطوير حقول الغاز في منطقة الربع الخالي من الصحراء السعودية.

ودرست المملكة إمكان إعطاء امتياز الغاز إلى الشركتين الأميركية والبريطانية «أكسون موبيل» و«بي. بي» اللتين تحكمان الإمساك بصناعة النفط السعودية. ولا تملك الشركات الثلاث خبرة توازي تلك التي يتمتع بها نظراؤها في أميركا وبريطانيا في تطوير مثل هذه المشروعات في الشرق الأوسط، غير أنها تحاول اختراق أسواق المنطقة. فـ «لوك أويل» مثلا لديها حالياً عقود في غرب العراق وإيران ومصر. وكانت هذه الشركات قد فازت في وقت سابق من العام الجاري بمناقصات تطوير حقول احتياطي الغاز الطبيعي في المملكة.

وقال رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو عبدالله جمعة: «أرامكو سعيدة لحصولها على فرصة جديدة لتطوير شراكتها مع شركات النفط العالمية». وأضاف: «نتطلع قدما نحو وضع أفضل جهودنا لاستثمار الموارد الطبيعية للمملكة، ونشعر بفخر كبير لرؤية أنفسنا مشاركين في هذا المسعى».

ووقع وزير النفط والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي ورئيس شركة «لوك أويل» فاجيت ألكبيروف عقد تأسيس شركة مشتركة لمدة 40 عاماً أطلق عليها اسم «لوكسار». وتملك «لوك أويل» بموجب العقد 80 في المئة من أسهم الشركة الجديدة و«أرامكو» 20 في المئة. وستستثمر الشركة مبلغ 215 مليون دولار في أعمال التنقيب في المملكة مع إمكان زيادة مبلغ الاستثمار إلى 3 مليارات دولار، إذا أثبتت نتائج التنقيب وجود كمية احتياطي غاز طبيعي كبيرة. وستقوم «لوك أويل» بحفر واستخراج الغاز الطبيعي في القسم «أ» الذي يغطي مساحة 18 ألفاً و641 ميلاً مربعاً. وبموجب المناقصة ستقوم الشركة الصينية بتطوير القسم «ب» الذي يغطي مساحة 24 ألفاً و109 أميال مربعة في منطقة الربع الخالي في جنوب المملكة. وتقدر الكلفة الأولية للمشروع بنحو 300 مليون دولار أميركي. أما الشركتان الأوروبيتان فستعملان على القسم «ج» الذي يغطي مساحة 32 ألفاً و311 ميلاً مربعاً. كما ينص العقد على أن الشركات المستثمرة ستدفع ما قيمته 30 في المئة من الأرباح للحكومة السعودية إلى حين بلوغ الأرباح الداخلية للمشروعات 8 في المئة.

وتقول صحيفة «أزفستيا» إن الحكومة السعودية تنوي مضاعفة إنتاجها من الغاز الطبيعي خلال العشرين سنة المقبلة. وسيستعمل الغاز المستخرج في السوق الداخلية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه وتطوير الصناعات البتروكيميائية وصناعة المعادن ومواد البناء. ولم يستبعد النعيمي إمكان تصدير جزء من الغاز المستخرج.

وتعتمد المملكة على عائدات النفط كليا. وإذا تم استخراج الغاز الطبيعي فسيستعمل في السوق الداخلية عوضا عن النفط، وتحول كميات النفط عندها إلى مخزون الاحتياطي ما يسمح للملكة بزيادة صادراتها النفطية عندما تدعو الحاجة. وتخطط المملكة لاستعمال الغاز كوسيلة للتخفيف من اعتمادها على النفط.

وقبل الاتفاق الذي وقع هذه السنة، كانت الحكومة السعودية قد منحت الشركة الهولندية «رويال داتش شل» والفرنسية «توتال» عقودا لتطوير احتياطي المملكة من الغاز.

وفي هذه الأثناء، لاتزال المملكة تستعمل النفط كوسيلة لتخفيف التوتر في المنطقة. فهي تزود العراق بـ 17 مليون برميل من النفط يوميا، واستنادا إلى عضو اتحاد غرف التجارة والصناعة السعودية هشام زايد القحطاني فإن وزيري النفط السعودي والعراقي اتفقا على أن تغطي المملكة السعودية جزءا من احتياجات السوق العراقية من النفط والمقدرة بنحو 168 مليون برميل من المشتقات النفطية يوميا. كما تساهم المملكة في تغطية حاجات الأردن، الشريك التجاري الرئيسي للعراق، نظرا لأن اقتصاد المملكة الهاشمية وحاجاتها من النفط يعتمدان بشكل أساسي على التجارة مع العراق.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأردنية أسمى خضر: «ان السعودية قررت منح الأردن هبات نفطية تغطي احتياجاته لمدة عام». وبعد الحرب الأميركية على العراق، بدأ الأردن بتسلم نصف حاجاته من النفط والمقدرة بـ 100 ألف برميل يوميا من السعودية، في حين يحصل على النصف الثاني من دولة الإمارات ودولة الكويت.

وعلى رغم عقود النفط والغاز المربحة جدا مع الشركات الأجنبية، فقد يلعب الإرهاب دورا أساسيا في الاستثمار الأجنبي.

لقد عانت المملكة من هجرة الاستثمارات الأجنبية ومغادرة عدد كبير من العاملين الأجانب فيها، بعد انتشار موجة من العنف اجتاحت جميع أنحاء البلاد في يونيو/ حزيران الماضي. فقبل حادثة قطع رأس الرهينة الأميركي بول جونسون في يونيو، قتل خمسة موظفين أجانب في مايو/ أيار الماضي، خلال هجوم على منشأة نفطية في ميناء ينبع على البحر الأحمر غربي البلاد. ووضعت الوحدات التي تحرس المنشآت الاقتصادية في المملكة في أعلى درجة من التأهب. وتقوم قوات من الحرس الوطني السعودي بحماية منشآت شركة «أرامكو» وفروعها. وقد ألغت شركة «بريتيش ايرويز» العديد من محطات التوقف التي كانت تقوم بها في المملكة، وتحولت باتجاه الكويت. وقامت شركة «لوفتهانزا» الألمانية بالشيء نفسه في مايو الماضي. وتقول وكالة الأنباء السعودية ان المملكة تواجه خطر رحيل الخبراء والعمال الأجانب عنها

العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً