العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ

الفساد والدجاج

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

كتاب «هاربون بمليارات مصر»، للصحافي عادل حمودة يختصر لك جزءاً من الحزن اليومي الذي تعيشه، وأنت تبحث عن لقمة عيش صادقة غير مغموسة في الكذب.

هذا الكتاب الجميل يصور لك ظاهرة الفساد في مصر، لكنه في الحقيقة يحكي عن واقع غالبية الدول العربية. يقول الكاتب في ص11: «كان أول الهاربين هو توفيق عبدالحي الذي تاجر في المواد الغذائية الفاسدة... وأطعم المصريين طعام القطط والكلاب المنتهي الصلاحية... وهرب من البلاد في 20 فبراير/ شباط 1982م. بعد ان استطاع خداع طابور طويل من البشر... ومن يومها لم يعد... وبقي في مكانه بعيداً عن العقاب... متمتعا بما جناه من مال حرام... نحو 35 مليون جنيه تاركاً وراءه (7 ملايين دجاجة عفنة لا تصلح للاستهلاك الآدمي)». حمودة راح يسرد قصة لص في ملف الإسكان يقول: «هرب بشرى توما إلى الولايات المتحدة الأميركية... انه صاحب أشهر قضية للإسكان في الثمانينات.. فقد اشترى مساحات من الأراضي في شبرا والهرم... وباع الشقة الواحدة لأكثر من شخص»، ثم يضيف حمودة بعض الحقائق قائلا: «كشفت التحقيقات التي تعرض لها 300 متهم حقيقة مؤسفة - على حد قول نائب مدير جهاز أمن الدولة اللواء فؤاد علام - من العام 1988 وهي: وجود شخصيات بارزة ومهمة لها ثقلها السياسي الكبير كانت تعمل خلف الستار لحساب زعماء هذه العصابة، منهم مسئول اقتصادي كبير ووزير آخر... كان هناك اتفاق ودي معهما على تسهيل اجراءات التهريب نظير اتعاب ضخمة».

أما عن رجال الأمن فيقول الكاتب: «ولا جدال، ان رجال الأمن السابقين يملكون من العلاقات ما يفيد في افساد رجال الأعمال وتسهيل تصرفاتهم غير المشروعة»، أما عن الحصانة البرلمانية فيقول: «وهناك الحصانة البرلمانية التي يسعى إليها رجال الأعمال بدخولهم مجلس الشعب... وهناك السهرات والحفلات والمجاملات الاجتماعية التي لا حدود لها... وهناك قوائم تشغيل الأبناء والأقارب».

كتاب حمودة كتاب قيّم، تعالوا نقرأ له ماذا يقول عن السوق وما وصلت اليه: «وهكذا تحول كل من هب ودب إلى رجل أعمال، تاجر السيارات، سمسار السيارات، المضارب على الأراضي والمباني... وكيل شركات البطاطس والصابون الأجنبية... بل إن احد ديناصورات الاقتصاد المصري بدأ حياته صاحباً لملهى ليلي كل خبرته بدأت باستيراد البيرة من أميركا اللاتينية... ثم انتقل الى مطعم للبيتزا... ثم وجدناه في ظل حكومة الجنزوري يدير مشروعات وشبكات من الأعمال نقلته إلى خانة المليارات...»، يختم كاتبنا بعبارة جميلة «الجريمة الاقتصادية لها صور كثيرة... والصورة الشهيرة الظاهرة في مصر هي الاعتداء على المال العام» ص21.

بعد كل هذا الكلام أحب ان أدخل الى وضعنا والشأن المحلي في البحرين. لماذا نجلس صامتين؟ ويكون جل همنا ان نتراشق في الصحافة على مأتم أو مسجد؟ أو ان نضيع وقتنا لنقل الكلام عن بعضنا كعجوز عادت ذاكرتها على كبر، فراحت تتحدث عما يقال وما لا يقال.

إذا كان النواب لم يقوموا بدورهم وراح بعضهم يرقص طربا أمام ظواهر الفساد، فلماذا نحن لا نبحث... لماذا لا نقوم بجمع المعلومات عن أي وزير انطلاقا من مبدأ الذمة المالية؟! عن نفسي انتهيت من ملف الأوقاف، ويأست من الخطابات الصارخة. كان بإمكاننا ان نقوم بآليات عملية كبرى لكني اكتشفت في نهاية المطاف ان قضايا البوسنة وجمع الأموال للعراق هي أهم من مؤسسة تقوم على خزينة كبرى مليئة بالملايين للإمام الحسين (ع).

أقول: محاصرة الفساد هو بجمع الوثائق ومازلت أقوم مع اخوة بهذا الأمر. وقبل ثلاثة أشهر اكتشفت وثيقة عن وزير حالي، فركت عيني وقلت: معقولة كل هذا.... لوزير، والناس ما عندها سكن تسكن فيه؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً