العدد 749 - الخميس 23 سبتمبر 2004م الموافق 08 شعبان 1425هـ

ولي العهد: نحن شركاء في صناعة مستقبل البحرين

بعد تدشينه الحوار الوطني عن «إصلاح سوق العمل»...

رأس سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ورشة العمل الكبرى عن «إصلاح سوق العمل» بحضور وزير العمل السعودي غازي القصيبي، ونحو 150 شخصية بحرينية من الوزراء والبرلمانيين وأصحاب الأعمال، وأعضاء النقابات، والجمعيات السياسية والأهلية، والمفكرين والصحافيين والمستشارين والخبراء الدوليين، الذين حضروا خصيصا لدعم «حزمة السياسات» المقترحة لحل أزمة البطالة.

وقال ولي العهد: «لم يتمتع أبداً المجتمع المدني وأجهزة الإعلام بمثل هذه القوة من قبل» مؤكدا ان ذلك يساهم في انجاز الاصلاح الاقتصادي الحقيقي. وقال: «نحن شركاء في وضع السياسات المستقبلية للبحرين... ولن تأتي الحلول الا من خلال الحوار المبني على الحقائق، وما أصبو اليه هو خطة وطنية شاملة». وقال «لا يرضيني ان أجد من بين كل ثمانية بحرينيين هناك شخصاً عاطلاً عن العمل» وأضاف « اني أشعر أيضاً بعدم الرضى بأن متوسط الاجور التي يتسلمها البحرينيون انخفض خلال السنوات العشر الاخيرة». وقال «يجب ان يكون مستقبل البحرين مختلفاً... ويجب أن يتم تنشيط الاقتصاد ويجب ان يكون للبحرينيين الأولوية، اذ يشعر الكثير انهم منسيون، وانني واثق من قدرات المواطن البحريني، وانه اذا عومل على نحو لائق فسيكون مخلصاً لعمله ووفياً له ومنتجاً».

ودعا سمو ولي العهد جميع الفعاليات الى المشاركة الفعالة في الحوار الذي سيشمل ثلاثة مشروعات، اولها: «اصلاح سوق العمل» ثم «الاصلاح الاقتصادي» الذي سيدشن بعد شهر رمضان المقبل، ومن ثم «اصلاح التعليم» والذي سيدشن في مطلع العام المقبل.


تحدي البطالة يفرض استحقاقات الإصلاح وينتظر إقرار الحكومة

هل يفوز البحرينيون في سوق موحدة للعمال؟

القضيبية - عباس بوصفوان، هناء بوحجي

في موقف يعبر عن إدراك بأن الحل لا يمكن أن يكون بـ «كبسة زر»، وأن أمامه صعوبات حقيقية، تنتجها الإدارات الحكومية «المترهلة»، والقطاع الخاص «القلق»، والمواطن «الذي فقد الثقة في الطرفين المذكورين»، قال ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، سأعتبر اجتماع مختلف الأطراف البحرينية في ورشة «إصلاحات سوق العمل في البحرين»، «ناجحاً إذا وفقنا في فهم أننا أمام مشكلة كبيرة تحتاج إلى حل».

وأضاف سموه في افتتاح الورشة أمس في قصر الشيخ حمد في القضيبية، والتي حضرها طيف واسع من البحرينيين، باستثناء العاطلين عن العمل، إن مشكلة البطالة «لا يمكن أن تحل إذا سرنا على نفس الطريق الذي نسير عليه». وتعد الورشة استكمالاً لورشة العمل الأولى التي عُقدت في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، تحت عنوان «التعرف على تحديات سوق العمل»، وهي الورشة التي تعد تقاريرها شركة «ماكينزي»، والتي تواصل جهودها في إعداد دراسة عن الإصلاح الاقتصادي، يفترض أن تتلوها دراسة أخرى تتعلق بإصلاح التعليم والتدريب، ذلك أن إصلاح سوق العمل «بداية مسيرة الإصلاح الذي يتزامن معه إصلاح الاقتصاد والتعليم والتدريب»، بحسب ما قال ولي العهد أمس.

وتحذر الدراسة التي عرضها عدد من خبراء شركة «ماكينزي»، من استمرارا الوضع الراهن الذي يؤدي إلى جعل ثلث البحرينيين عاطلين عن العمل.

وتقترح «حزمة من السياسات»، إذا طُبقت يمكن أن تجعل العامل البحريني، منافساً للعامل الأجنبي، الذي يستأثر بالسوق، ضمن نمط تفرزه أوضاعها، «لا بسبب الأفراد»، بحسب مدير فرع الشرق الأوسط لشركة «ماكينزي» كيتو ديبور، الذي قدم مداخلة دافع فيها عن البحرينيين، متهماً «النظام» بأنه يجعل البحرينيين، أقل إنتاجاً ورغبة في العمل.

وتستهدف الحزمة التي تقترحها «ماكينزي» في النهاية الوصول إلى سوق عمل «حرة»، يتنافس فيها البحرينيون والأجانب على السواء.

ولتحقيق ذلك تدعو «ماكينزي» إلى رفع كلفة العامل الأجنبي إلى 230 ديناراً، عبر إلزام صاحب عمله، دفع ضريبة شهرية مقدارها 75 ديناراً، ورسوم رخصة الاستقدام، تدفع كل سنتين، قدرها 600 دينار.

وتدعو الشركة إلى فترة انتقالية مدتها عام واحد (2005)، ليبدأ التنفيذ التدريجي في العام 2006، على أن تطبق الحزمة كاملاً في العام 2009، يكون عندها بدأ العمل في الإصلاح الاقتصادي، الذي يراها الكثيرون أولوية على إصلاح سوق العمل.

وانتقدت الدراسة نسب البحرنة، التي تفرضها وزراة العمل، قائلة إنها تنتج «سوقاً سوداء، وتوظيف على الورق». رافضة أن يكون لرفع الرسوم أية تأثير على الاستثمارات، واستشهدت بتجربة اليابان وكوريا التي تعد فيها معاشات العمال كبيرة، ولم يحل ذلك من دون استقطابها لرؤوس الأموال، والفلبين التي يأخذ عمالها رواتب قليلة، ولم يساعد ذلك على جلب الاستثمارات.

وتتضمن المقترحات إنشاء صندوق يدير الأموال المحصلة من الرسوم، تدار بطريقة شفافة، ولا تدخل في موازنة الحكومة.

إلى ذلك، حظي الفيلم التسجيلي الذي عُرض في الورشة، باعجاب الحضور، وقد يكون شكَّل «صدمة» لبعضهم، وخصوصاً حين عرض بيوتاً في قرى البحرين تبدو على وشك الانهيار، وعلق بعضهم لو علمت وزارة الإعلام «لمنعت عرضه، كما تحاول منع عرض فلم الفقر الذي أعده مركز حقوق الإنسان».

ولن ينجو المواطن من رفع تسعيرة العامل الأجنبي، ذلك أنها قد تشمل خدم البيوت، وكل القطاعات الأخرى، بما فيه قطاع الانشاءات الذي سيتضرر بنسبة 13 في المئة.

وتعتبر اقتراحات الشركة مجرد مقترحات، يُنتظر أن تقرها الحكومة، في ظل دعوات بـ «التريث» أطلقها مسئولون حكوميون وتجار في القطاع الخاص ونواب، فيما يرى مؤيدو المقترحات أنه لا يوجد أسوأ مما نحن عليه، ولا يجب التأخر أكثر، حتى مع وجود شواهد كثيرة على أن السلطات يمكن «بسهولة» ان تغير البرنامج إذا واجهت ضغوطاً، كما حدث في تطبيق قانون «النوخذة البحريني».

ملخص الدراسة

يتعين على البحرين أن تنتقي خياراً جذرياً بشأن كيفية معالجة هذه المشكلات.

إن المتاح أمام البحرين، يهدف تحديداً إلى كسر الحلقة المفرغة، بل وعكس اتجاهها وتحويلها إلى «دورة حميدة» تضع البحرين على طريق الازدهار الدائم. وهذا السبيل البديل يستدعي من البحرين التفكر في هدفين رئيسيين، من شأنهما أن يغيرا معاً آليات الاقتصاد البحريني ودينامياته:

- أولاً، يجب أن يصبح القطاع الخاص محرك النمو الاقتصادي. فإذا لم يعد القطاع العام قادراً على استيعاب العمالة الجديدة، يجب أن يكون البحرينيون قادرين على التوجه إلى القطاع الخاص للعثور على الوظائف. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب أن تتاح للقطاع الخاص الفرص والحوافز الضرورية لإيجاد نوعية الوظائف التي يرضى بها البحرينيون.

- ثانياً، يجب أن يصبح البحرينيون الخيار المفضّل لشغل وظائف القطاع الخاص. ففي حين يمكن للقطاع الخاص إيجاد وظائف جديدة، فإن البحرينيين، إذا عجزوا عن التنافس عليها بنجاح، لن يتمكنوا من الاستفادة من النمو المتحقق. وبمعنى آخر، يتعين على البحرينيين، أن يكونوا هم الخيار المفضل لنيل هذه الوظائف.

إصلاح سوق العمل هو الخطوة الأولى

إن الخطوة الأولى في تحقيق هدفي الإصلاح - وهما جعل البحرينيين الخيار المفضّل لشغل الوظائف، وجعل القطاع الخاص محرك النمو - تتجسد في إصلاح سوق العمل في البحرين. وينطبق ذلك بشكل خاص بالنسبة إلى البحرينيين ذوي مستوى المهارات المنخفضة، الذين كثيراً ما تحبط جهودهم بسبب هيكلية سوق العمل وآلياته. فمن ناحية، يتطلب تحويل البحرينيين إلى الخيار المفضّل لشغل الوظائف إعطاءهم القدرة على التنافس في ميدان متكافئ مع العمالة الوافدة. ومن الناحية الأخرى، يتطلب تحويل القطاع الخاص إلى محرك النمو إعطاءه المرونة اللازمة لإدارة العاملين فيه بالطرق التي تعزز مستويات الإنتاجية والأداء. ولكن سوق العمل الحالي في البحرين يقف عقبة في سبيل تحقيق هذين الهدفين.

البحرينيون ليسوا الخيار المفضّل

البحرينيون ليسوا حالياً الخيار المفضّل لشغل وظائف القطاع الخاص، وخصوصاً في مجال الوظائف منخفضة الراتب. لماذا لا يستطيع البحرينيون الحصول على هذه الوظائف؟ تكمن الإجابة في عنصرين من عناصر سوق العمل الحالية يمنعان البحرينيين من أن يكونوا الخيار المفضّل لشغل وظائف القطاع الخاص.

أولاً: هيكلية سوق العمل تمثل عقبة دائمة أمام البحرينيين ذوي الأجور المنخفضة الذين يتنافسون على الوظائف. فالعمالة الوافدة غير محدودة العدد من الناحية العملية، بما يبقي الأجور عند مستويات تقل بنسبة 100 في المئة عن الأجور البحرينية المقارنة. بالإضافة إلى ذلك، كثيراً ما يساء استغلال العمال المغتربين، إذ يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة، ويعانون من شروط عمل قاسية، وفي غالبية الأحيان لا يستطيعون الحصول على رواتبهم في موعدها. وتعود أسباب هذه المحنة جزئياً إلى أن المغتربين يمنعون عملياً من تغيير رب العمل بعد دخولهم البحرين. والمغتربون الذين تشتد حاجتهم إلى الوظيفة، ويواجهون احتمال عودتهم إلى ديارهم إذا اعترضوا، يقبلون الأجور المنخفضة والمعاملة السيئة. والنتيجة هي ان توظيف العمال المغتربين أرخص بنسبة 130 في المئة تقريباً لأرباب العمل من توظيف البحرينيين، بعد أن نأخذ في الحسبان كل الكلف المباشرة وغير المباشرة، والكلف المتعلقة بالإنتاجية.

ثانياً، الأنظمة التي تنظم سوق العمل تعطي البحرينيين حوافز ضعيفة، إذ لا تدفعهم إلى التحلي بروح العمل الجاد والأداء دائم التحسن، وهي مزايا هم قادرون عليها من ناحية، كما انها خلاصة ما يطلبه أرباب العمل من عامليهم، من ناحية أخرى.

- حاولت الحكومة خفض نسبة البطالة في صفوف البحرينيين بالاشتراط على أرباب العمل توظيف البحرينيين (من خلال أهداف البحرنة). هذا النظام كان ناجحاً في خفض البطالة بدرجة كبيرة، ولكن مع زيادة تحديات البطالة سيتطلب الأمر التدخل بشكل أشد وقعاً بكثير. علاوة على ذلك، فإن النظم التي ترمي إلى خلق الوظائف بقوة القانون بدلاً من ترك الأمر لخيارات السوق، تؤدي إلى إضعاف حوافز البحرينيين في التنافس على الوظائف. ويرى بعض البحرينيين، على ضوء حجز الوظائف له، أنه ليس مضطراً إلى تقديم الأداء الجيد للحصول على تلك الوظائف والحفاظ عليها.

- النظم المتصلبة الخاصة بإنهاء الخدمة تعني أن البحرينيين لا يشعرون بضغط كبير لتحسين الأداء لأن الأداء السيئ لا يترتب عليه إلا القليل جداً من النتائج السلبية. وفي غالبية الأحيان، يجب على أرباب العمل أن يحتفظوا ببعض العمال البحرينيين من ذوي الأداء السيئ، لأن كلف إنهاء الخدمة عالية جداً وكثيرة التقلب والتغيير. وهذا، بطبيعة الحال، يجعل أرباب العمل يترددون في توظيف البحرينيين في بادئ الأمر.

إن لوائح وقواعد سوق العمل الحالية، المتسمة بالتعقيد البالغ والتي يتعين على القطاع الخاص التعامل بها، تقلل قدرته على تولي دور محرك النمو في الاقتصاد، وذلك لثلاثة أسباب:

أولاً، الأهداف التي يفرضها نظام البحرنة الحالي يجبر أرباب العمل على توظيف أفراد لا يريدونهم أو لا يحتاجون إليهم. بذلك يختلق أرباب العمل الوظائف الجديدة على الورق فقط، وصاروا يعتبرون البحرنة مجرد كلفة إضافية للعمل التجاري في البحرين. وباختصار، فإن النموذج الحالي الخاص باشتراط توظيف البحرينيين يتطلب من الحكومة التدخل في قرارات أرباب العمل اليومية، والحال انه من الأفضل إيجاد إطار تنظيمي يمكن من خلاله لأرباب العمل والعاملين أن يتخذوا القرارات التي تحقق لهم أقصى استغلال للفرص المتاحة، من دون أن تقف الحكومة عائقاً في طريقهم بسبب محاولتها استباق القرارات الفردية.

ثانياً، جمود السياسة الخاصة بإنهاء الخدمة يعني أن أرباب العمل يواجهون مشكلة صعبة في حفز البحرينيين لتحسين الأداء.

وأخيراً، ولأنه من الصعب جداً على الموظفين المغتربين التنقل بين أرباب العمل، نجد أن القطاع الخاص مجبر على جلب المغتربين بأعداد أكبر بكثير مما هو ضروري لسد حاجات الاقتصاد. فالقطاع الخاص لا يستطيع اللجوء إلى سوق العمالة داخل البحرين للحصول على العمال المغتربين، وبالتالي يضطر إلى تحمل كلف ومخاطر توظيف وافدين جدد كل مرة يحتاج فيها إلى زيادة عدد العاملين.

مواجهة تحديات سوق العمل

تُعد إصلاحات سوق العمل مكوناً ضرورياً من مكونات الجهود الواسعة الرامية إلى تحقيق هدفين أساسيين: جعل البحرينيين الخيار المفضّل لشغل الوظائف، وجعل القطاع الخاص محرك النمو. ويمكن إقامة سوق العمل التي تدعم هذين الهدفين عن طريق تطبيق سياسات محددة.

- فجعل البحرينيين الخيار المفضل لشغل الوظائف يتطلب من سوق العمل أن تسمح للبحرينيين أن ينافسوا العمالة الوافدة بانصاف على الوظائف المتاحة. هذا يتطلب إزالة فروق الكلفة بين البحرينيين والوافدين في شريحة العاملين منخفضي الأجر. علاوة على ذلك، يجب أن يتمتع البحرينيون والوافدون بالحقوق وظروف العمل نفسها.

- لمساعدة القطاع الخاص على أن يصبح محرك النمو، ولإعطاء أصحاب الأعمال المرونة التي يحتاجون إليها لتحقيق النمو والنجاح، يجب أن تزال القواعد الجامدة التي تحكم سوق العمل. الرقابة الصارمة الحالية على سوق العمل الداخلية يجب أن تستبدل بزيادة حرية أصحاب الأعمال والعاملين.

التباين في الكلفة

لإزالة التباين في الكلفة بين البحرينيين والوافدين، تم تقديم مجموعة من السياسات المقترحة لتقليل كلفة توظيف بحرينيين وزيادة كلفة توظيف الوافدين. وبتطبيق هذه السياسات معاً، سيتمكن البحرينيون من التنافس بانصاف مع الوافدين.

1- فرض نظام لرسوم العمل ووضع سقف على العمالة الوافدة، من أجل تقييد عرض العمالة في الاقتصاد ككل. والهدف المقترح هو فرض قيود أفضل على إمكان دخول سوق العمل وذلك من خلال آليتين:

- رسوم العمل على الوافدين. وتنقسم الرسوم إلى عنصرين. أولاً، أصحاب الأعمال يدفعون رسم دخول للسوق يعادل نحو 600 دينار سنوياً لتصريح عمل يدوم سنتين، وستكون رسوم تجديده مماثلة. تدفع الرسوم عند إصدار تصريح العمل أول مرة، ثم عند كل تجديد لاحق. بالإضافة إلى ذلك، يدفع أصحاب الأعمال رسماً شهرياً قيمته نحو 75 ديناراً بحرينيا عن كل عامل وافد يعمل لديهم. رسوم الدخول والتجديد ستكون مرنة، إذ تعدل للسيطرة على تدفق العمالة الوافدة إلى البلاد ومنها. رسوم الدخول/ التجديد تزداد أو تنقص وفقاً لسلسلة من المؤشرات الاقتصادية، ومن ضمنها إجمالي الناتج المحلي، ومعدلات البطالة، ومستويات الأجور. يكون الرسم الشهري ثابتاً على الفترات الزمنية الأطول. يدفع أصحاب الأعمال عن الوافدين العاملين لديهم هذه الرسوم بالإضافة إلى تراخيص العمل السارية، ورسوم التدريب، وغيرها من الرسوم الأخرى.

تأثير هذه الرسوم سيكون المساواة في نظر أصحاب الأعمال بين الكلفة الكلية لاستخدام البحرينيين منخفضي المهارات والوافدين. عندما يتخذ أصحاب الأعمال قرار توظيف عمالة منخفضة المهارات، لن يكون لديهم الحافز لتوظيف الوافدين لمجرد أنهم أرخص بكثير من البحرينيين.

- وضع سقف على العمالة الوافدة. من المقترح تحديد العدد الإجمالي للوافدين الذين يسمح لهم بالعمل في البلاد في وقت واحد. ويسمح هذا السقف على أعداد الوافدين للبحرين بالسيطرة على اعتمادها العام على العمالة الوافدة.

2- دعم توظيف البحرينيين من خلال تقديم حوافز للتوظيف، وتوفير برامج الإعداد للعمل. والمقترح هو تطبيق سلسلة من برامج العمل والتوظيف لمساعدة البحرينيين في الحصول على وظائف في القطاع الخاص. تتضمن البرامج تقديم الدعم المالي للمساهمات التي يدفعها أصحاب الأعمال للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعة عن العمال البحرينيين منخفضي الأجور (تقدر حالياً بنسبة 10 في المئة من الأجور). كما تشمل إعانات إضافية لأجور الباحثين عن العمل الجدد أو العاطلين لمدد طويلة؛ والتدريب للإعداد للعمل لضمان أن البحرينيين يتمتعون بأخلاقيات وسلوكات العمل والمهارات التي تشكل أساس النجاح في وظائف القطاع الخاص؛ وتحسين جهود التوفيق لمساعدة أصحاب الأعمال من القطاع الخاص على العثور على العاملين البحرينيين المناسبين لهم، والعكس؛ وتقديم حوافز للبحرينيين للبقاء مع أصحاب الأعمال من القطاع الخاص لفترات أطول. وبتطبيق هذه البرامج مجتمعة، يمكن خفض كلفة توظيف البحرينيين، وتقليل التفاوت في الكلفة بين البحرينيين والوافدين.

3- زيادة حرية التنقل للوافدين بالسماح لحاملي تراخيص العمل السارية المفعول بتغيير وظائفهم وأصحاب الأعمال الذين يعملون لديهم. الأمر المقترح هو تحرير سوق العمل لكي يتمتع الوافدون بالحرية اللازمة للتنقل بين أصحاب الأعمال. حالياً، فإن الربط الفعلي بين الوافدين وأصحاب الأعمال الذين يعملون لديهم، يجعل العامل الوافد أكثر جاذبية من البحرينيين في نظر أصحاب الأعمال، الذين يستطيعون التنقل بحرية. وعندما يعطى الوافدون الحقوق نفسها، فإنهم سيحرمون من ميزة إضافية يتفوقون بها على البحرينيين عند التنافس على وظائف القطاع الخاص. علاوة على ذلك، يجب على أصحاب الأعمال من القطاع الخاص أن يجعلوا الوظائف وظروف العمل أكثر جاذبية، لأنهم سيحتاجون إلى التنافس فيما بينهم على العمالة الوافدة. كل هذا سيعطي البحرينيين فرصة أفضل للنجاح في الفوز بوظائف القطاع الخاص. يضاف إلى ذلك أنه سيساعد في تحسين شروط العمل الاستغلالية التي يعمل فيها الكثير من الوافدين.

4- رفع معايير العمل لجميع العاملين بتبني وفرض التعليمات التي تلتزم بمعايير منظمة العمل الدولية. والمقترح في هذا السياق هو إلزام جميع أصحاب الأعمال بتلبية معايير ظروف العمل التي تنص عليها منظمة العمل الدولية. ويجب أن تطبق بالصرامة نفسها على الوافدين والمواطنين على حد سواء، فإن أثرها الرئيسي سيكون جعل العمالة الوافدة أقل جاذبية، لأنه لن يسمح لأصحاب الأعمال بتشغيلهم في أماكن عمل تتسم بظروف عمل رخيصة وغير مقبولة لا يقبل بها غالبية البحرينيين.

5- إلغاء أهداف البحرنة. ينص المقترح على إزالة القيود التي تلزم أصحاب الأعمال بتوظيف البحرينيين. سيكون لأصحاب الأعمال الحرية في توظيف أي شخص متوافر في سوق العمل، تلبية فقط لاحتياجاتهم ولأداء العاملين لديهم. وستكون لهذه السياسة عدة نتائج مهمة. أولاً، لن يتمتع أصحاب الأعمال بحرية توظيف أفضل العاملين للوظائف المتاحة فحسب، بل ستساعد هذه السياسات أيضاً البحرينيين على التنافس في وظائف القطاع الخاص عن طريق تحسين أدائهم وإنتاجيتهم.

ثانياً، إزالة نظام البحرنة يستأصل الكثير من أنشطة السوق السوداء، مثل توظيف العمال الوهميين (أي عندما يدرج أصحاب الأعمال البحرينيين كعاملين لمجرد تلبية أهداف البحرنة) والشركات الوهمية (أي تأسيس الشركات لمجرد جلب العمالة الوافدة وتحويلها إلى القطاعات التي تكون مستويات البحرنة المستهدفة فيها أعلى). الشركات والمشروعات التي تلتزم بالقواعد ستستفيد، بينما تلك التي تعتمد على السوق السوداء ستجد أن نموذج العمل الذي تقوم عليه أنشطتها لم يعد مربحاً. ثالثاً، لن يضطر أصحاب الأعمال، كلما احتاجوا إلى تراخيص عمل جديدة، إلى الدخول مع الحكومة في مفاوضات مطولة تفتقر إلى الشفافية ولا يمكن الوثوق بنتائجها. بل سيسمح لأصحاب الأعمال القيام ببساطة بشراء تراخيص العمل بالأسعار السائدة، أو توظيف البحرينيين الذين غدوا أكثر تنافساً في السوق. إنهاء إدارة الحكومة البيروقراطية لتفاصيل السوق.

6- تطبيق إجراءات واضحة وثابتة لإنهاء الخدمة لجميع العاملين. والخطوات المقترحة تهدف إلى توضيح قواعد إنهاء الخدمة لكي تكون إجراءات عملية الإنهاء واضحة للجميع، ويسهل تقدير كلفتها، مع معاملة جميع الأطراف المعنية بعدل وإنصاف. ومن المرجح أن تتضمن القواعد الجديدة لإنهاء الخدمة فترة اختبارية في بدء التوظيف يحق خلالها للطرفين إنهاء الخدمة من دون تحمل أية كلفة، كما أنه في حال إنهاء الخدمة بعد انقضاء الفترة الاختبارية تحدد اللوائح بوضوح مهلة الإخطار بإنهاء الخدمة، وشروط الإنهاء. وسيسمح النظام للعاملين بأن يفهموا بوضوح حقوقهم وواجباتهم في إطار العمل، كما سيمكِّن أصحاب الأعمال من اللجوء إلى إنهاء خدمة العاملين لديهم عند الضرورة.

صندوق العمل لتمويل الإصلاحات المالية

رسوم العمالة التي تحصّل من أصحاب الأعمال الذين يوظفون العمالة الوافدة ستوضع في صندوق العمل. وستكون قيمة الصندوق كبيرة، إذ تشير التقديرات الأولية إلى أن عائدات الصندوق يمكن أن تصل إلى 200 مليون دينار سنوياً عند التطبيق الكامل للسياسات المقترحة أعلاه. يقدم هذا الصندوق فرصاً مهمة للاستثمار في المجالات الرئيسية اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي.

استقلال الصندوق عن الدولة

والخطة المقترحة تنص على أن يظل الصندوق منفصلا عن موازنة الحكومة ومستقلاً عنها. ويدار الصندوق على يد مهنيين متخصصين، ويُمنح هيكلية تنظيمية متميزة، مع مشاركة ملائمة من أصحاب الشأن الرئيسيين، كما يصمم بصيغة تضمن أن أمواله لا تستعمل إلا للغرض المحدد لها. علاوة على ذلك، ستسمح شفافية العمليات ومراجعة الحسابات لكل أصحاب الشأن الرئيسيين بمساءلة القائمين على الصندوق عن استعمال هذه الأموال.

وتستثمر أموال الصندوق في أربعة مجالات رئيسية:

- العاملون البحرينيون. يمكن استعمال أموال الصندوق في تمويل مساهمات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعة والأجور، ودعم الأجور، بالإضافة إلى استعمالها في تمويل برامج التوظيف المختلفة المصممة لزيادة منافسة البحرينيين في سوق العمل، مثل برامج التدريب الرامية إلى الارتقاء بالمهارات والمعرفة.

- المؤسسات التجارية: يمكن أن تستعمل الأموال لدعم التعديلات الهيكلية للشركات والمشروعات التجارية، وخصوصاً في فترة الإدخال التدريجي للسياسات الجديدة، كما يمكن استعمالها للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية ذات أفضل احتمال لتحقيق النمو في المستقبل.

- البحرينيون العاطلون: يمكن أن توجه الأموال إلى مساعدة البحرينيين العاطلين للالتحاق بوظيفة، من خلال تقديم الإعانات المالية لتوظيف العاطلين وتدريبهم في محل عملهم.

- الوافدون: يمكن أن يوضع جزء صغير من الأموال جانباً في إطار برنامج تعويضات مؤجلة للوافدين، لتشجيعهم على تفادي السوق السوداء أثناء إقامتهم في البحرين. وعند مغادرة البحرين، يتأهل الوافدون للحصول على حصتهم في الصندوق فقط إذا كانوا التزموا بالقانون أثناء إقامتهم في البحرين.

تنطبق السياسات على الجميع

تنطبق السياسات المقترحة على الجميع في ثلاثة أوجه اقتصادية. يتلخص المبدأ العام في إقامة سوق عمل موحدة، ومجموعة بسيطة من اللوائح والقوانين تضمن الالتزام بالسياسات المقترحة.

- عبر مختلف قطاعات الاقتصاد، تنطبق مجموعات السياسات المقترحة بالقوة والمقدار نفسيهما على جميع قطاعات الاقتصاد، من دون تمييز. فالهدف هو إزالة جميع الاحتمالات والحوافز التي تشجع نشاطات السوق السوداء، والتي قد تنشأ إذا طبقت أجور وسياسات توظيف مختلفة على القطاعات المختلفة.

- عبر مختلف مستويات الأجور، تسري مجموعة السياسات المقترحة على جميع الأجور باختلاف مستوياتها، وذلك على رغم أن الكثير من هذه السياسات تهدف بشكل محدد إلى مساعدة شريحة العاملين منخفضي الأجور. ثانياً، يتفادى التطبيق الموحد نشوء أي حوافز لإساءة الاستخدام عن طريق الادعاء بأن العمالة الوافدة ستكون عالية الأجور بغرض تجنب دفع رسوم العمالة، وبعد ذلك يتم استعمالها في وظائف منخفضة المهارات. علاوة على ذلك، سيساعد التطبيق الموحد البحرينيين ذوي المهارات المتوسطة والعالية أيضاً على أن يصبحوا أكثر تنافساً.

- عبر القطاعين العام والخاص. مجموعة السياسات المقترحة تسري أيضاً على القطاع العام، لتضييق الفروق بين التوظيف في القطاع العام والقطاع الخاص. قد يتم تطبيق استثناءات معينة لأفراد قوات الأمن والدفاع من غير المدنيين، كما يحدث في بلدان أخرى، لتوفير مرونة إدارية أكبر لأغراض الأمن القومي.

السياسات ستدخل حيز التنفيذ تدريجياً

السياسات المقترحة لن تطبق في وقت واحد أو فوراً. في حين أن مجموعة السياسات المقترحة يجب أن تطبق بأسرع ما يمكن، لتبكير جني ثمارها، فإن عملية وضعها موضع التنفيذ يجب أن تتم بحيث يتوافر الوقت اللازم لتحقيق أهداف عدة رئيسية، ومن ضمن ذلك:

- تخطيط الشركات والمؤسسات: يجب إعطاء مؤسسات القطاع الخاص مهلة كافية للتخطيط والتكيف مع الكلف والقواعد الجديدة.

- إعداد أجهزة الحكومة لتولي مهماتها: بناء وتعزيز قدرات الحكومة اللازمة لتطبيق السياسات الجديدة وفرض الالتزام بها، وذلك من خلال الاستثمار في إعادة تصميم إجراءاتها، والاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، وتدريب الموظفين الحكوميين المعنيين.

- التوظيف: التقليل بأقصى قدر من فقدان الوظائف بين البحرينيين في المستقبل القريب أثناء الفترة الانتقالية.

- التأثيرات في الاقتصاد ككل: ضمان استقرار الأوضاع في جميع أركان الاقتصاد مع امتصاص الأسعار للتغيرات الجديدة في هيكل كلفة العمالة.

من أجل موازنة كل هذه الاحتياجات، تم تقسيم عملية التطبيق المقترحة إلى مرحلتين، تركز المرحلة الأولى بصورة حصرية على تهيئة مختلف الجهات الحكومية للتعامل مع السياسات الجديدة. وبعد أن تصبح كل الأنظمة المعنية جاهزة للعمل، يجري إدخال حزمة السياسات نفسها حيز التنفيذ خلال فترة 3 سنوات. الشطر الأكبر من حزمة السياسات سيطبق فوراً، باستثناء رسوم العمل الشهرية وإلغاء أهداف سياسة البحرنة. رسوم العمل الشهرية ستسري بالتدريج على مدى ثلاث سنوات، إذ تتراوح قيمة الزيادة الشهرية بين 10 و25 ديناراً شهرياً لكل عامل وافد. سيعطي ذلك الوقت اللازم للمؤسسات التجارية لتخطط كيفية استيعاب الزيادة المنتظرة في الكلفة وتهيئ نفسها لتحملها. أهداف البحرنة ستعلق فوراً، لكن المؤسسات التجارية ستلزم بالإبقاء على العدد نفسه من البحرينيين العاملين لديها إلى حين انتهاء السنة الثالثة، وعندئذ تلغى سياسة البحرنة. وستعمل هذه الإجراءات على ضمان أن الاقتصاد لا يتعرض لفقدان أعداد كبيرة من البحرينيين لوظائفهم في الأجل القصير أثناء الفترة الانتقالية.

نتيجة هذا المنهاج هي أن التأثير الكامل للسياسات لن يحدث إلا بعد 4 سنوات تقريباً من اتخاذ القرار بشأن تبنيها. وإلى ذلك الحين، ستتوافر لجميع المشاركين في السوق فرصة كافية لتهيئة أنفسهم لهذه التغيرات. علاوة على ذلك، سيكون تطبيق إصلاحات سوق العمل مصحوباً بتطبيق الإصلاحات في الاقتصاد والتعليم والتدريب. وسيسهم ذلك في ضمان أنه، عندما يحين موعد السريان الكامل لمفعول إصلاحات سوق العمل، ستكون الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات الاقتصاد المهمة جاهزة من خلال مبادرة الإصلاحات الاقتصادية، كما ستكون برامج التعليم والتدريب أسهمت في توفير قوة عمل بحرينية تتمتع بقدرات ومهارات متزايدة المستوى.

الآثار الاقتصادية

ستكون آثار رسوم العمل المقترحة واسعة النطاق وستمس العاملين وأصحاب الأعمال والاقتصاد ككل.

- العاملون: سيتم خفض البطالة في شريحة العاملين منخفضي المهارات خفضاً كبيراً - من نسبة متوقعة تبلغ 21 في المئة العام 2013 في غياب الإصلاحات، إلى نسبة 4 في المئة نتيجة التطبيق الكامل للسياسات الإصلاحية.

- أصحاب الأعمال: ستؤثر الزيادة في كلفة العمالة على قطاعات مختلفة بطرق مختلفة، وذلك بحسب هيكل الكلف في كل صناعة. وبشكل محدد، فإن الصناعات التي تترتب كلفها بالدرجة الأولى على قوة عاملة كبيرة من الوافدين منخفضي المهارات ستتأثر بأكبر قدر، بينما الصناعات التي تعتمد بشكل رئيسي على عمالة وطنية أو عمالة ذات مستويات مهارة عالية فستتأثر بدرجة هامشية فقط. القطاعات الأكثر تأثراً، مثل البناء والسياحة، ستكون بالتأكيد قادرة على استعادة جزء من الزيادة في الكلفة من خلال مزيج من تحسينات معدلات الإنتاجية وزيادة أسعارها.

- التأثير في مختلف أركان الاقتصاد: لأن كلفة الشركات ستزيد، فإن جزءاً من هذه الكلفة ستنتقل إلى المستهلكين في صورة أسعار أعلى. وبالتالي فإن أسعار المستهلكين ستتعرض للزيادة في دفعة واحدة تتراوح نسبتها بين خمسة وتسعة في المئة. ولكن زيادة الأسعار لن تحدث في وقت واحد، بل ستحدث على مدى السنوات الثلاث التي ستستغرقها الزيادة التدريجية في رسوم العمل. إضافة إلى ذلك، سيستمر نمو إجمالي الناتج المحلي بمعدلات عالية، لكن من المحتمل أنه سينخفض بمعدل واحد في المئة سنوياً ليصل معدل النمو إلى ثلاثة في المئة سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

قدرة البحرين على التنافس في المنطقة

من المستبعد أن تكون للزيادة في كلفة العمالة منخفضة المهارات آثار سلبية عميقة على قدرة البحرين على المنافسة. بل يمكنها، على العكس، أن تساعد في تغيير وجهة اقتصاد البحرين نحو اجتذاب المزيد من المشروعات التي تضيف قيمة حقيقية وتوظف عاملين ذوي مهارات عالية.

وثمة دلائل على ذلك: فنسبة المستثمرين الأجانب في البحرين الذين شملهم المسح ذكروا أن العمالة الرخيصة هي سبب رئيسي للاستثمار فيها لا تتجاوز 14 في المئة؛ وأكثرية المستثمرين أشد انجذاباً للفرصة التي تمنحها لهم البحرين في الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، وكذلك نظام الحوافز الجذاب الذي تطبقه. علاوة على ذلك، يصب نحو 90 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر في البحرين في قطاعات مثل الخدمات المصرفية والمالية والعقارات، والنقل والاتصالات، وهي قطاعات لا تعتمد على العمالة منخفضة الكلفة. أما نسبة العشرة في المئة المتبقية فيتجه معظمها إلى قطاع صناعة الأنسجة والملابس، وهو قطاع على رغم اعتماده الشديد على العمالة منخفضة الكلفة، سيصبح على أي حال غير قادر على المنافسة عندما تنتهي الحصص المنصوص عليها في «اتفاق الألياف المتعددة» في العام 2005.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر التجربة في أجزاء أخرى من العالم أن انخفاض كلفة العمالة مقارنة بالدول المجاورة ليس من أهم العوامل في جذب تدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية. ففي جنوب شرق آسيا، على سبيل المثال، نجد أن كلفة العمالة في الفلبين وماليزيا وهونغ كونغ أقل بنسبة 30 في المئة إلى 90 في المئة عن سنغافورة وكوريا الجنوبية المجاورتين، وعلى رغم ذلك مازالت البلدان الثلاثة تجذب الاستثمارات الأجنبية بمعدلات أقل بكثير عن الأخيرتين.

الحد الأدنى للأجور ليس بديلاً

الحد الأدنى للأجور سيكون مكلفاً جداً للبحرين، ولن يكون له أثر في خفض البطالة بين البحرينيين منخفضي المهارات. إذا فرضت البحرين حدّاً أدنى معياري للأجور ينطبق على البحرينيين والوافدين على حد سواء، فإن 80 في المئة من إيرادات زيادة الأجور ستذهب إلى العمالة الوافدة، والمرجح أن يتدفق القسم الأعظم من هذه المبالغ إلى خارج البلاد على شكل تحويلات مالية. أما وضع حد أدنى تفاضلي للأجور - واحد للبحرينيين وواحد أقل للوافدين - فسيرسخ ببساطة فروق الكلفة بين البحرينيين والعمالة الوافدة، بما سيزيد من ضعف قدرة البحرينيين منخفضي المهارات على التنافس مع العمالة الوافدة على وظائف القطاع الخاص. ولذلك، يصبح دور أهداف سياسة البحرنة أكثر أهمية في ضمان توظيف البحرينيين، لكن تطبيقها سيزداد صعوبة أيضاً. معدلات البطالة في صفوف البحرينيين لن تتحسن.

من الصحيح أن الكثير من الاقتصادات الناجحة يطبق نظام الحد الأدنى للأجور. ولكن، هذه الاقتصادات بها عمالة وافدة أقل بكثير في أسواق العمل. يضاف إلى هذا أن الحد الأدنى للأجور عادة ما يتحدد عند مستويات توافر شبكة أمان فقط لنسبة مئوية صغيرة من قوة العمل (بمعدل 7 في المئة في عدد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية) بدلاً من أن تكون وسيلة لتحسين رفاهية نسبة كبيرة من العمال.

رسوم العمل و مستوى المهارات

إن منافع تطبيق رسوم العمل بشكل تمييزي على قطاعات اقتصادية معينة أو مستويات مهارة محددة للوافدين تفوقها بكثير كلفة إدارة وفرض مثل هذا النظام المجزأ. فنظام البحرنة الحالي، على سبيل المثال، له أهداف تمييزية تتفاوت ليس فقط بحسب القطاع الاقتصادي، بل تتفاوت للتمييز بين شركة وأخرى. والنتيجة كانت نظاماً يفتقر إلى الشفافية، وتكثر فيه الأحكام الخاصة، ويصعب على أصحاب الأعمال العاديين فهمه، ومعرض للضغوط والتأثيرات غير الملائمة. كما أدى نظام البحرنة أيضاً إلى قيام قدر كبير من أنشطة السوق السوداء، إذ تدَّعي بعض الشركات الاشتغال في قطاع معين لكنها توظف العمالة الوافدة إليها في قطاع آخر. ويمكن أن نتوقع نشوء مشكلات مماثلة إذا تفاوتت رسوم العمل من قطاع إلى قطاع. بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت رسوم العمل أقل للوافدين من أصحاب المهارات المتوسطة والعالية، فيمكننا توقع دخول بعض العمالة الوافدة إلى البحرين بحجة أنها تتميز بمهارات متوسطة أو عالية بغرض دفع رسوم أقل لها، لكنها في الحقيقة ستعمل في وظائف منخفضة الأجر.

إن النظام الذي يعامل الجميع بالتساوي ولا يترك إلا مجالاً ضيقاً للتقديرات الخاصة، سيحظى بأفضل فرص التطبيق والتنفيذ، وسيكون الأقل كلفة في إدارته. وصممت مجموعة السياسات المقترحة على هذا الأساس. ولتفادي القدر نفسه من أنشطة السوق السوداء ولضمان أن المعاملة المتساوية هي السائدة، لا تفرق مجموعة السياسات المقترحة بين مختلف قطاعات الاقتصاد أو مستويات مهارة الوافدين. درست تأثيرات الإصلاحات المقترحة على كل القطاعات الاقتصادية ووجد أنه من الممكن استيعابها. علاوة على ذلك، سيقل تأثير الإصلاحات على العمالة الوافدة ذات المهارات المتوسطة والعالية مع زيادة الرسوم، إذ إن قيمة الرسوم ثابتة وليست نسبة مئوية من الأجور. ولذلك سيجد أصحاب الأعمال الذين يريدون توظيف عمالة وافدة ذات مهارات عالية أن كلفتهم سترتفع بقيمة هامشية فقط، وبالتالي لن يحجموا عن جلب المواهب الدولية إلى البحرين.

تأثر قطاع البناء بالإصلاحات المقترحة

كلفة التشغيل في قطاع البناء ستزيد بنحو 14 في المئة نتيجة إصلاحات سوق العمل المقترحة، وسيكون باستطاعة القطاع تعويض معظم هذه الزيادة عن طريق تحسين الإنتاجية وتحويل جزء من الكلفة الإضافية إلى المستهلكين من خلال زيادة الأسعار.

وعلى رغم أن كلفة العمالة ستزيد بنسبة نحو 67 في المئة في قطاع البناء، فإن كلفة العمالة لا تمثل سوى 21 في المئة من الكلفة الإجمالية في جميع شرائح هذا القطاع (استناداً إلى أرقام القطاع الإجمالية الواردة في «الحسابات الوطنية»). والمحصلة النهائية هي ارتفاع الكلفة الإجمالية لقطاع البناء بنسبة 14 في المئة فقط.

وسيكون من السهل على القطاع التكيف مع زيادة الكلفة بهذا المستوى، وخصوصاً في ضوء مستوى الإنتاجية المنخفض نسبياً الذي يسجله هذا القطاع في البحرين. فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن معدل الإنتاجية في قطاع البناء السكني في البحرين لا يعادل سوى 25 في المئة من مستوى الانتاجية في قطاع البناء في الولايات المتحدة الأميركية. وحتى إذا وصل التحسن في الإنتاجية في البحرين إلى مستوى دبي فقط (الذي يعادل نحو 35 في المئة من معدل الإنتاجية في الولايات المتحدة)، فإنه سيعوض الزيادة المتوقعة في كلفة العمالة، بل وسيتجاوزها.

عندما تلغى سياسة البحرنة

إن مساواة الكلفة بين العمالة الوافدة والبحرينيين، من خلال استعمال رسوم العمل والسياسات الأخرى، ستسمح للبحرينيين بالتنافس مع العمالة الوافدة على أرضية متكافئة. وطالما استطاع البحرينيون البرهنة على تحلِّيهم بأخلاقيات العمل والسلوكات الجيدة والمهارات الأساسية، فإن أصحاب الأعمال لن يروا أي مزايا في الكلفة يجنونها من توظيف العمالة الوافدة. بل على العكس، سيكون لدى أصحاب الأعمال من القطاع الخاص حافز قوي لمحاولة توظيف البحرينيين قبل توظيف العمالة الوافدة. علاوة على ذلك، تتضمن مجموعة السياسات المقترحة سلسلة من برامج العمل والتوظيف التي ستدعم توظيف البحرينيين من خلال إعانات الأجور، وتحسين التوفيق بين أصحاب الأعمال والعاملين المحتملين، والتدريب الأساسي للإعداد للتوظيف. أصحاب الأعمال سيوظفون البحرينيين لأن ذلك هو الأفضل لهم من الناحية التجارية، وليس لأن الحكومة تجبرهم على ذلك.

أثناء الفترة الانتقالية، لن تلغى سياسة البحرنة دفعة واحدة، كي لا يتعرض البحرينيون لتقلبات لا داعي لها في أوضاعهم. بل إن أصحاب الأعمال في القطاع الخاص سيلزمون بالإبقاء على العدد الحالي من العمال البحرينيين لمدة ثلاث سنوات، إلى أن يتم التطبيق الكامل لأجور العمالة.

الأموال المحصلة من رسوم العمل

الأموال المحصلة من رسوم العمل المقترحة ستجمع في «صندوق عمل»، إذ تستعمل لأغراض معينة، مثل مساندة البحرينيين في تأمين الحصول على وظائف في القطاع الخاص، والاستثمار في القطاع الخاص للمساعدة على التأقلم مع السياسات الجديدة، بالإضافة إلى دفع عجلة النمو في القطاعات الواعدة. من العناصر المحورية للسياسات المقترحة أن الأموال ستستعمل بهذه الطريقة.

ولضمان تنفيذ ذلك، سيتميز الصندوق بعدة سمات رئيسية. أولاً، تتم إدارته وإعداد حساباته بشكل منفصل عن موازنة الحكومة العادية، باعتباره صندوقا مستقلا. ثانياً، يخضع الصندوق لإدارة مهنية متخصصة لضمان تحقيقه لعائدات جيدة وخضوعه لتخطيط رشيد. ثالثاً، تركيبة الهيئة المشرفة عليه ستتضمن أصحاب الشأن الرئيسيين، الذين سيكونون قادرين على المشاركة في عملية اتخاذ القرارات. رابعاً، تتميز إدارة واستعمال أموال الصندوق بالشفافية، بحيث يكون من الواضح لجميع أصحاب الشأن كيف تستعمل الأموال، ولكي تُمكن مساءلة صانعي القرار بشأن ما يتخذونه من قرارات. وأخيراً، توضع آليات للرقابة والإشراف لإعطاء مستوى إضافي من الثقة في أن الأموال تستعمل في الواقع بشكل ملائم.

هل تتمتع الحكومة بالقدرة الإدارية اللازمة لتطبيق مجموعة السياسات المقترحة؟

تجهيز الإمكانات الحكومية اللازمة لتطبيق حزمة السياسات يعدّ من العناصر الحاسمة في نجاح خطة التطبيق. ويبذل حالياً جهد كبير في تمييز التغيرات والتحسينات اللازم إدخالها على العمليات والإجراءات الحكومية لضمان نجاح التطبيق. في إطار منهجية التطبيق المقترحة، يخصص العام 2005 بكامله لإعداد الحكومة لإدارة السياسات الجديدة والإشراف على تطبيقها، ويشمل ذلك الاستثمار في تطوير البنية الأساسية لتقنية المعلومات، وإعادة تصميم العمليات والإجراءات والمؤسسات الحكومية لزيادة فعالية التنفيذ، وتقديم التدريب إلى العاملين الحكوميين المعنيين. علاوة على ذلك، يتم تكليف هيئة رفيعة المستوى بمهمة الإشراف على التطبيق ودفع عملية تحقيق النتائج.

هل ستطبق مجموعة السياسات ؟

إن السياسات المقترحة صممت بعناية لتعمل سوية كمجموعة متكاملة. وبالتالي يجب الجمع بين رسوم العمل والسياسات الأخرى إذا كانت البحرين ستحقق تأثيراً مستداماً في مشكلة خفض البطالة. كل واحد من هذه العناصر ضروري، لكن لا يكفي أي منها بمفرده. علاوة على ذلك، تهتم حزمة السياسات المقترحة بتحقيق التوازن بين احتياجات مختلف الأطراف المعنية، إذ تضمن أن كلفة ومنافع الإصلاحات تتوزع بينها بشكل يسهل استيعابه. إن تطبيق بعض السياسات دون الأخرى يخل بذلك التوازن، ويفرض على بعض الأطراف كلفة لا تتعوض بالمنافع التي يجنيها. وهي لهذا السبب حزمة مترابطة يجب أن تطبق مجتمعة بلا استثناء.


ولي العهد في افتتاح ورشة إصلاح سوق العمل:

من نريد أن نكون كبحرينيين؟

تساءل ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة عن الصورة التي يريد أن يكون عليها البحرينيون، وذلك في مداخلته التي افتتح بها ورشة إصلاحات سوق العمل، التي نظمها مجلس التنمية الاقتصادية أمس، في قصر الشيخ حمد في القضيبية.

وانتقد ولي العهد معالجة «بعض المشكلات الاقتصادية»، واصفا إياها «بالعشوائية، والتضارب». وقال: «نتحدث عن إصلاحات سوق العمل، وهي بداية مسيرة الإصلاح الذي يتزامن معه إصلاح الاقتصاد والتعليم والتدريب».

وهنا نص الكلمة

شهد العالم العربي خلال الخمسين سنة الماضية تغييرات هائلة. وفي خليجنا العربي أدى اكتشاف النفط إلى تغيير جذري في نمط حياتنا، وانه من الواضح أن واقع الحياة في المنطقة لا يلبي تطلعات شعوبها. ولذا فإن جميع حكومات ومؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي تبحث عن مفهوم أفضل للمستقبل، ومن الواضح للكثيرين الآن، أن مفاهيمنا القديمة وسياساتنا الاقتصادية ترتكز على تاريخ انطوت صفحاته.

وفي ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، وبفضل دعم حكومته برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الموقر، وشعب المملكة الكريم، نحن نقف في طليعة التطور في المنطقة. لقد أدى برنامج الإصلاح الذي قاده جلالة الملك إلى حركة إحياء سياسي وثقافي واسعة النطاق لم تشهدها البلاد منذ سنين طويلة، فلم يتمتع أبداً المجتمع المدني وأجهزة الإعلام بمثل هذه القوة من قبل. وهذا يجعلني أشعر بكثير من الفخر والاعتزاز بأنني من أبناء هذا الوطن. وإننا إذ نواصل دفع عجلة التقدم في البحرين إلى الأمام مع التوسع في حوار وطني يسهم فيه الجميع، فإن هذا وحده ليس كافياً من أجل المضي قدماً في عملية الإصلاح الشامل. وإذا لم نضع الإصلاح الاقتصادي الحقيقي في محور اهتمام الحوار الوطني الموسع، فسوف نكرر الخطأ العربي القديم وستكون الكلمات خاوية بلا معنى، وتظل النوايا دون عزيمة والسياسات دون تطبيق. ولهذا نحن نجتمع هنا اليوم، لكي نكون شركاء في وضع رؤية اقتصادية جديدة لمملكة البحرين، رؤية تستكمل الإصلاحات التي غيّرت واقعنا خلال السنوات القليلة الماضية.

من الآن فصاعداً، لا أريد أن أسأل أبداً عن مستقبل اقتصادنا فأتلقى إجابات مختلفة، ولا أريد أن أرى النجاح الاقتصادي يمر على مواطنينا ولا يحظون منه بفرصة ولا نصيب، ولا أريد أن أشهد مواهب الشباب تهدر لأنهم لم يجهزوا لمواجهة واقع الاقتصاد في بلادنا.

عندما أسمع عن نجاح المشاريع التجارية أشعر بالاطمئنان، ولكن بعد أي جولة أتفقد فيها أحوال مدن وقرى المملكة وأتحدث مع الناس أشعر بعدم الرضا.

لا يرضيني أن أجد من بين كل ثمانية بحرينيين هناك شخصاً عاطلاً عن العمل. لا يرضيني أن يكون كثير ممن نجحوا في الحصول على وظيفة يحصلون على رواتب ضعيفة. إني أشعر أيضاً بعدم الرضا بأن متوسط الأجور التي يتسلمها البحرينيون قد انخفض بنسبة ست عشرة بالمئة (16) خلال السنوات العشر الأخيرة.

لقد أصبح من الواضح لي انه إذا استمرت البحرين على هذا المنوال، فلن ننجح في تحقيق آمالنا وتطلعات الأجيال القادمة. إن العمل على تحديد المسار الصحيح للبحرين يبدأ اليوم. ومازال أمامنا الكثير لكي نستطيع أن نعطي الحلول الدقيقة والنهائية. فلن تأتي هذه الحلول إلا من خلال الحوار البنّاء الواعي المبني على الحقائق الثابتة.

أتمنى أن يكون هذا الاجتماع بداية لحوار وطني شامل حول مستقبلنا الاقتصادي، وما أصبو إليه هو إعداد خطة اقتصادية وطنية نستطيع من خلالها أن نضع الآليات والسياسات التي تمكن اقتصادنا من الوصول إلى كامل إمكانياته. ولن يتحقق هذا الأمل دون مساعدتكم، إني أتفهم شعور العديد منكم بشأن الطريقة التي تم بها معالجة بعض المشاكل الاقتصادية من قبل بعض الجهات، فغالباً ما اتّسمت هذه الطريقة بالعشوائية والتضارب. وكثيراً ما أدى حل مشكلة ما إلى خلق المزيد من المشاكل. وهذا يرجع إلى تغيير التوجهات دون استشارة أو عناية كافية. ونتيجة لذلك غاب الوضوح وفقدت الثقة. وكثيراً أيضاً ما تم الاكتفاء بمعالجة أعراض المشاكل، تاركين جذورها دون علاج. واليوم لا نرى في اقتصاد البحرين سوى قطاعات قليلة تحقق النجاح المطلوب، والحقيقة هي أن الغالبية العظمى من أصحاب الأعمال والعاملين في القطاع الخاص غير راضين عن الأوضاع الحالية. علينا أن نضع حداً لكل ذلك وإنهاء هذه الأوضاع.

- يجب أن يكون المستقبل مختلفاً.

- يجب أن يكون للبحرينيين الأولوية.

- يجب أن يتم تنشيط الاقتصاد.

- يجب تطوير نظامنا التعليمي إلى أعلى مستويات الامتياز.

لا أعتقد أن من الصواب أنه بينما يظل واحد من بين كل ثمانية بحرينيين عاطلاً عن العمل تذهب وظيفتان من بين كل ثلاث وظائف جديدة إلى العمالة الوافدة. وللأسف فإن هؤلاء الذين يواجهون هذه المشكلة يشعرون بأنهم منسيون. لا يمكن السماح لهذا الوضع بالاستمرار، إنها مسألة عدالة وإنصاف. نأمل أن يحصل كل بحريني على فرصة ليثبت نفسه، ونحن نحتاج القيام بالمزيد لضمان تحقيق ذلك. إني واثق من قدرات المواطن البحريني، وأنه إذا عومل هذا المواطن على نحو لائق، وأعطي الحوافز المناسبة، فسوف يكون مخلصاً في عمله ووفياً له ومنتجاً كما يجب أن يكون. وأيضاً، نحتاج إلى تخصيص مزيد من الوقت والموارد لضمان أن أنظمة التعليم والتدريب في البحرين مستعدة لمواجهة التحدي. يجب ألا تقتصر العملية التربوية على تدريس المهارات الأساسية فقط، يجب أن نضمن تزويد البحرينيين بالسلوكيات التي تؤهلهم للنجاح. وإن أردنا أن يكون البحرينيون هم الخيار الأول لشغل الوظائف في القطاع الخاص، فمن الضروري تزويدهم بما يلبي متطلبات العصر الحديث. فهم يحتاجون إلى اكتساب مهارات عالية تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد والمجتمع.

إن إصلاح سوق العمل أمر ضروري ولكنه ليس كافياً. لأن التحدي الحقيقي أمام الاقتصاد البحريني هو كيفية النهوض به إلى أعلى مستويات القيمة المضافة. وأن تركز البحرين على أن تكون الأفضل وليس الأرخص. ولا تستطيع البحرين الدخول في منافسة مع الهند أو الصين من حيث تكلفة العمالة.

يتوجب علينا أن ندعم القطاع الخاص، وأن نجعله محرك النمو الاقتصادي وذلك يتطلب تغيير المهارات التي يعتمد عليها حالياً، كما يتطلب إلغاء القيود التي تحد من حريته وتعرقل نموه، ونحتاج إلى التغلب على الاتكالية والاعتماد على الغير وإعادة ترتيب أولويات الاستثمار لدعم الإنتاجية.

ويعتبر هذا الاجتماع المتميز الذي يجمع في قاعة واحدة نخبة من قيادات المملكة لمناقشة مستقبل الوطن هو خطوة هامة على الطريق الصحيح، وأتمنى أن نكون جميعاً على مستوى التحدي، وأن نتجاوز المصالح الشخصية، وأن نضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار.

واليوم نحن نتحدث عن إصلاحات سوق العمل. وهي بداية مسيرة الإصلاح الذي يتزامن معه إصلاح الاقتصاد وإصلاح التعليم والتدريب.

إذاً كيف سنقيّم النجاح بعد نهاية هذا الاجتماع؟ سأعتبره نجاحاً إذا وفقنا جميعاً في فهم أننا أمام مشكلة كبيرة تحتاج إلى حل، وهي مشكلة لا يمكن أن تحل إذا سرنا على نفس الطريق الذي نسير عليه حالياً.

سوف أعتبره نجاحاً إذا اتفقنا على أن السبيل إلى بناء مستقبل زاهر يتطلب الالتزام بإعطاء الأولوية للبحرينيين.

وختاماً السؤال الذي يجب علينا أن نضعه أمامنا هو: من نريد أن نكون كبحرينيين؟


المشاركون: قبول حذر ومخاوف من الفساد ومن تأثيرات سلبية على تنافسية الاقتصاد

تنوعت ردود فعل المشاركين في ورشة العمل التي عُقدت أمس لمناقشة دراسة مؤسسة «ماكينزي» الخاصة باصلاحات سوق العمل بين مؤيدين لخطوات الاصلاح المرتقبة وذلك لما تتوقعه الدراسة من حل لمشكلة البطالة المزمنة والمرشحة للتفاقم مستقبلا حتى تصبح البطالة 35 في المئة خلال عقد، وبين معارضين يقلق بعضهم التغييرات الجذرية وما قد يترتب عليها من سلبيات مفاجئة لم يتم وضعها في الاعتبار وقد يصعب علاجها فيما بعد والبعض الآخر يقلقه، ببساطة، الكلفة التي سينطوي عليها التحول إلى النموذج الجديد لسوق العمل وما قد ينطوي عليه من خسائر مادية متمثلة في رفع كلفة العمالة الأجنبية، بينما يذهب البعض بقلقه إلى الكلفة التي ستمرر في النهاية إلى المستهلك الأخير مضيفة عليه أعباء جديدة لم تكن في الحسبان.

وعبر وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي لـ «الوسط» عن دعم وزارته الكامل للمقترح الذي تقدمه الدراسة لسوق العمل ، وأكد على اهتمام القيادة السياسية بإصلاح الوضع مشيرا إلى أن سمو ولي العهد ليس بعيدا عن السلطة التنفيذية التي تقف وراء المشروع الاصلاحي المقترح، بينما سأل وزير التجارة على صالح الصالح عن الانعكاسات على الوضع الاقتصادي. وقال «هو حل مؤلم. ونتمنى أن لا يؤثر على الوضع الاقتصادي ، كما يجب أن يتم التنفيذ بالتوافق».

وأضاف «أنا متفائل لأن الأمور تعالج بشفافية أما الحلول فمبكر القول ما هو الحل الأفضل. لأن الحلول المستعجلة قد تكون لها أضرار سلبية، بالنسبة للمرحلة الانتقالية تبدو أنها مدة كافية، ونحن بصفتنا مسئولين لا ندري الآن، لا بد من دراستها».

ورداً على سؤال عن امكان استثناء قطاع المقاولات والانشاءات قال: «لا أدري الآن. الحكومة سيأتي لها المشروع، وستناقشه.ولا بد من تدخل تشريعي، والوقت ممكن التعامل معه».

أما محافظ مؤسسة نقد البحرين الشيخ أحمد آل خليفة فأيد المقترح مشيرا إلى أن «أهداف الدراسة جيدة، وهي لا تُطرح لأول مرة، وإنما طبقت في دول أخرى، ونجحت». وأشار إلى أنه « لا توجد مشكلة في قطاع المصارف فالبحرينيون يقبلون على هذا القطاع، وهم مؤهلون ولا توجد مشكلة أمام البحريني مؤكدا على أن فتح السوق لن يؤثر على البحرينيين».

ومن جانبه أيد وزير العمل السعودي غازي عبدالرحمن القصيبي البدء باصلاح سوق العمل وقال لـ «الوسط» المشكلة العاجلة هي مشكلة البطالة، ولا يصح أن تنتظر أي إصلاح آخر. وأشار إلى أنهم في المملكة العربية السعودية بدأوا الإصلاح وسيقل عدد العاملين المستقدمين بمعدل مئة ألف، الأمر الذي يقلل العرض وبالتالي يرفع الكلفة.

خطوة مقدرة ولكن...

وكانت أهم الموضوعات التي وجدها 150 مشاركا في ورشة الأمس ، مقلقة وتستحق مزيداً من الدراسة والاهتمام، التخوف من استمرار الفساد الإداري الذي تعاني منه الأجهزة الحكومية، السؤال عما اذا كانت هناك نية من قبل الحكومة لتعويض الخسائر التي ستتعرض لها القطاعات المختلفة في المرحلة الانتقالية، كما كان التخوف من تضرر المقدرة التنافسية للصناعات المحلية على المستوى المحلي والمستوى الاقليمي أحد البنود المقلقة التي عبر عنها المشاركون، وتخوف البعض من التأثيرات السلبية على النمو الاقتصادي ودعا المشاركين إلى اعتماد الشفافية بالاضافة إلى التأكد من ايصال الرسالة لجميع قطاعات الشعب، وركز البعض على أهمية التطبيق الموازي للاصلاحات المرتقبة في سوق العمل والاصلاحات الاقتصادية بالاضافة إلى اصلاح برامج التعليم والتدريب وأكد البعض على أهمية البدء فورا في البند الأخير من الاصلاحات نظرا لأن نتائجه لا يمكن تلمسها الا على المدى الطويل، ولفت البعض إلى ضرورة دراسة الأبعاد الاجتماعية لبرامج الاصلاح وما قد يترتب عليها في الاتجاهين، وإلى وضع خطة طوارئ لاستيعاب أي فشل أثناء التطبيق.

رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد كانو فضل عدم اصدار حكمه النهائي ولكنه سأل «نحن سندفع الكلف المقترحة ولكن ماذا سنحصل في المقابل؟ ربما كان من الضروري البدء بالتدريب أولا حتى يكون هناك من نوظفه في السوق» أما رجل الأعمال يوسف الصالح فقال «لا يوجد تنسيق بين الوزرات، وأحيانا تبدو خطوطها متعارضة، فكيف سيتم تنفيذ المقترحات.طالما نادينا بأهمية تشكيل مجلس للتخطيط لضمان حد أدنى من التنسيق؟».

وأيد رجل الأعمال خالد الزياني خطوة الاصلاح لسوق العمل واعتبرها «خطوة جريئة لتصحيح جذري لوضع الاستعباد الذي يتعرض له الأجنبي والإبعاد للمواطن». ومثله ثمن النائب الثاني لرئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عصام فخرو «الخطوة لتحرير سوق العمل وإصلاح الاقتصاد والتعليم».

ولكن قال «نختلف عن أسلوب التطبيق، ونرى أن تبدأ الاصلاحات الاقتصادية، ثم التعليم والتدريب، ثم تحرير سوق العمل. أو أن تسير متزامنة». وأيده في تثمين الخطوة رئيس الاتحاد العمالي عبدالغفار عبدالحسين وقال «تابعنا هذه الخطوة منذ البداية، منذ حلقة العام الماضي، وقدمنا رؤى، وكثير من الرؤى أخذ بها، تطرقنا إلى موضوع الأجر والمرأة. وأكد على تاييده للمقترح مشيرا «قد يتضرر منه كل من صاحب العمل والعمال، لكن الوضع الحالي سيقودنا إلى الانحدار، والنموذج المقترح سبق أن اتبع من طرف دول أخرى وقد يكلفنا بشكل مؤقت.

ثم سيأتي بنتائج. شرط تطبيقه دون مراعاة النفوذ والمصالح الخاصة والمحسوبيات». وعلى رغم أن رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني أكد على أهمية ايجاد حل لوضع البطالة الا أنه قال «إن الوضع ليس بسيطا، وهو بحاجة إلى مزيد من الدراسة والتأني». وسأل «هل يمكن أن يصدر بإجراءات أم بقوانين؟، لابد من تشريعات وتدخل برلماني. والصورة غير واضحة حاليا».

ثمن البطالة مكلف وفي ندوة الحوار التي اختتمت بها ورشة الأمس وأدارها رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري، دافع أستاذ الإدارة في جامعة بنسلفانيا بيتر كابيللي، عن ضرورة اعتماد نموذج جديد في التعامل مع مشكلة البطالة التي يعاني منها سوق العمل وقال «من الصعب العيش مع البطالة فالثمن سيدُفع بشكل أو بآخر» مشيرا إلى «أن البطالة مشكلة مدمرة وقرار التعايش معها سيكون ثمنه في مراحل لاحقة المعاناة من الجرائم، والاضطرابات السياسية وبالتالي فان الحل هو في ايجاد فرص جديدة للعمل».

ولفت إلى صعوبة التوقع أن تصل انتاجية البحريني إلى مستوى انتاجية الأجنبي القادم من ظروف معيشية متدنية وذلك لأن الأخير مستعد لمضاعفة دخله ثلاث مرات كما هو حادث بغض النظر عن ظروف وساعات العمل . ورد كبير الاقتصاديين ومدير برنامج التنافس الدولي في منتدى الاقتصاد العالمي أوجيستو لوبيز كلاروس، على مخاوف التأثيرات السلبية لرفع كلف الانتاج باستخدام النموذج الجديد، وخصوصاً أن المملكة محاطة بأسواق منخفضة الكلف، رد قائلا إن المقدرة التنافسية تتكون من عدة عناصر، والسعر هو أحدها فهناك أيضا الضرائب، جودة البنى التحتية، ادارة الاقتصاد بشكل عام بالاضافة إلى جودة رأس المال البشري بشكل عام، مشيرا إلى بعض الاقتصادات الآسيوية المعروفة بتنافسيتها العالية برغم من أنها محاطة باقتصادات منخفضة الكلف كالصين مثلا.

وفي هذا الصدد عبر النائب رجل الأعمال عثمان شريف عن تخوفه من كساد الصناعة المحلية وتفضيل الصناعة المستوردة منخفضة الثمن عليها ، هذا عدا فقدانها القدرة التنافسية في الأسواق المحيطة منخفضة الكلف. كذلك رد كلاروس على التخوف من عدم قدرة القطاع الخاص على خلق 100 ألف وظيفة المتوقعة للمرحلة المقبلة قائلا: «إن الحكومة يجب أن تتوقف عن انتاج السلع والخدمات وأن يترك هذا للقطاع الخاص وأن تقصر دورها على الرقابة والتشريع وقال إن المقترحات الجديدة من شأنها أن تسعد القطاع الخاص مشيرا إلى أنه تسنى له الاطلاع على نتائج استطلاع حديث عن أكثر المشكلات التي يواجهها القطاع الخاص الذي حدد أربعة صعوبات هي قوانين العمل المقيدة، عدم مهارة العمالة المتوافرة في سوق العمل، البيروقراطية بالاضافة إلى الافتقار إلى أخلاقيات العمل.

وعلى رغم النقاط المقلقة التي أثارها المشاركون التي تحللت من بعض حدتها مع نهاية الورشة وتأكيدات مقدمي المشروع الا أن المتحدثين اتفقوا في ردودهم على عدم توقع فشل النموذج المقترح بسبب سوء النموذج الحالي والاستمرار فيه يجب أن لا يكون واردا في كل الأحوال وأشار كلاروس إلى الوضع المتدني الذي كانت عليه اقتصادات أوروبا الشرقية والتي وضعت نصب أعينها التخلص من مشكلاتها بحافز الدخول إلى الاتحاد الأوروبي ونجحت في مساعيها وإن دفعت ثمنا.

العدد 749 - الخميس 23 سبتمبر 2004م الموافق 08 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً