العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ

قرض وكادر جديد وحلم بيوم العيد

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

قالوا: «صبرنا على المر سنوات طويلة، وعندما كدنا نفقد الأمل والاستسلام للقدر عادوا فدسوا لنا شيئا من الروح في أوردتنا، واحتاروا بين وأدنا والسماح لنا بممارسة حياتنا كما تعودنا عليها وبين نثر حفنة من السكر على سنوات عمرنا التي ضاعت هباء فنصحو على حياة جديدة وأمل جديد»!

كان ذلك لسان حال مجموعة من المدرسات (على الأقل من أوصلن صوتهن إلى الصحيفة) اللاتي صدمن بكادرهن الجديد... إذ بعد طول الانتظار والأمل الذي دب في نفوسهن بتغيير وضعهن والحصول على الترقيات والمكافآت التي هي حق مشروع لهن وأقل ما يمكن أن يجازين به نظراً إلى حجم الحمل الملقى على عاتقهن وعاتق كل من التحق بهذا السلك المجهد للعقل والجسد والروح (سلك التدريس)... بعد كل ذلك يفاجأن بأن الترقية والدرجة التي تكرمت الوزارة أخيرا بمنحن إياها ما هي إلا خمسة عشر دينارا (وكم فلس) تضاف إلى رواتبهن الجوعى... علما بأن هذه (الخمسة عشر دينارا وكم فلس) كانت من نصيب أوفرهن حظا!

فأية صدمة هذه وقعت على رؤوسهن... أوبعد الجدل الذي دار حول هذا الكادر وبعد اللغو واللغط واستنفار البعض هذا يدافع وهذا يستنكر... أكانت هذه المعركة كلها من أجل خمسة عشر دينارا وأقل؟!

وتتساءلن ونتساءل نحن معهن: خمسة عشر دينارا ثمنا لماذا؟ وما الذي ستبدله وتحققه هذه (الرزمة من الدنانير) التي يتوق إلى حملها كل مطحون جائع؟... أخال المدرسين بعد هذه الترقيات (المهولة) ساكنين للقصور، ومتزوجين من حور العين، ومالكين للمصارف، والكل يتودد إليهم علهم يفوزون ببضعة قروش ذهبية مما يملكون!

حكاية المحتفين بكادرهم الجديد هذه تحيلنا إلى حكاية أخرى واحتفال آخر للكادحين... ولعلهما في النهاية سيتوحدان في احتفال واحد فتعلو الزغاريد ويجلجل الصخب!

حكاية هؤلاء مغزاها شريحة واسعة من المجتمع... فقراء وأغنياء، شباب وكهول، نساء ورجال... فالكل في القروض سواء... والكل يدفع ربع راتبه على أقل تقدير إلى المصارف والشركات التي تتفنن كل يوم بحيلة تغزو بها جيوب المستضعفين فتسلب ما فيها وما ليس فيها... والكل راض سعيد بحال الغنى ليلة والفقر ليال... إلا أن الرحمة كانت تعرف طريقها إلى هذه المصارف في شهر من الشهور ومناسبة أو اثنتين من المناسبات، لبعد نظرها ومعرفتها جيدا بأن من تغزوهم كل شهر لن يصمدوا أمامها في فترة من الفترات... فلنرأف بحالهم ولنعاود مهمتنا بعد انقضاء هذه الفترة بنشاط أكبر وهمة ما بعدها همة!

لكن الرحمة يبدو أنها ضلت طريقها هذا العام إلى تلك المصارف، وكأنها تكاتفت مع الكادر الجديد ليشنا حملتهما على هؤلاء المستضعفين... ولا يسعنا والحال بهذه الصورة إلا أن نحذّر هؤلاء من طوفان الفقر المقبل في الطريق... فكل التوقعات تشير إلى أنه سيصل إلينا في شهر رمضان المبارك هذا العام وفي أيام العيد... فيا من عقدتم آمالكم على رحمة المصارف على جيوبكم وعلى إعفائها إياكم من قسطكم الشهري لها... أفيقوا من غفوتكم وتداركوا البقية الباقية من دراهمكم المعدودة ووفروها ليوم يبدو أنه غير مبارك إلا من رب العالمين!

أولا يحق لنا الاحتفال بعامنا الجديد؟... إنه فعلا جديد... جديد لأنه أفقدنا حتى ما تعودنا عليه ورضينا به قانعين ورسمنا بسمة على شفاهنا وإن كان القلب محروقا... واليوم أبى بعضهم الحفاظ على الإرث القديم فتسارعوا متهافتين لتغيير كل العادات... ووعدونا بيوم أبيض ننسى فيه سواد ما مضى من أيامنا، وفي لحظة الإيفاء بالوعد في اليوم الموعود دهسونا من حيث لا يعلمون فأنسونا حتى ضباب الفرحة الذي كنا نستأنس به في أيامنا الحالكة... فشكرا لناصري حقوق المستضعفين ورافعي هموم الكادحين.

مع القراء

شكاوى الإسكان التي غالبا ما تكتظ بها هذه الصفحة جعلت البعض يستنفر ويتحمس إلى إلقاء همه هو الآخر على صفحاتها ويضم صوته إلى صوت سابقيه، إذ يقول أحدهم إن لديه طلبا في الإسكان منذ سنة 1985 حول بعد ذلك إلى طلب منزل سنة 92 وإلى الآن لم يبلغ مراده!! وكلما راجع الوزارة تحيله إلى انتظار سنة ليس لها وجود لا في التقويم الهجري ولا الميلادي... وكونه أصبح من الوجوه المألوفة لدى موظفي الوزارة، أخذت الرأفة بقلب أحدهم لينصحه بالقول: «عندك واسطة تعال، ما عندك عليك انتظار دورك» ولترأف بحالك من شدة الشمس التي استمتعت بسلخ جسدك كل يوم!

قلت بلسان حال الجميع: غيرك مئات ولتلقي نظرة واحدة على كم الرسائل المتشابهة التي تصل يوميا إلى الصحيفة... ويبدو لي أن قسم العلاقات العامة في الوزارة الذي كان على اتصال شبه دائم بالصحيفة لأخذ بيانات الشاكين قد سئم أخيرا من هذه الشكاوى المتشابهة وهو ليس بيديه حيلة لرفع الظليمة عن أصحابها فقرر السكون والهدوء والاستماع وإيانا إلى تصريح مسئول هنا وآخر هناك.

اصبر يا صاحبي فكلنا في الهواء سواء... وإن كنت شابا فقدرتك على التحمل أقوى وأصلب، فلا ضرار من الانتظار عشرين سنة وأكثر... إذ يبدو أن الإسكان لديها وجهة نظر معقولة جدا في ذلك، مفادها عدم انتفاع أي شاب بخدماتها، وذلك حماية وسلامة لهم، وما عليهم إلا الانتظار حتى يبلغوا من العمر سنا يستطيعون فيه تحمل المسئولية بشكل أفضل، كما أنك إن حصلت على الوحدة وأنت «رجلك والقبر» فبذلك ستضمن الدولة الحفاظ على ممتلكاتها في صحة جيدة ردحا من الزمن، وهكذا تتوارثها الأجيال من دون تصديع رأسها وهدر المال العام في تصليح وتسبيك وطلاء و... و... و... أليست وجهة نظر معقولة وتستاهل البحث والدراسة وبعدها الثناء والتبجيل؟! فسامحوهم (ترى يبغون مصلحتكم!)

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً