العدد 2798 - الثلثاء 04 مايو 2010م الموافق 19 جمادى الأولى 1431هـ

تمييع الحقائق في زمن الانفتاح

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

الهموم التي يعانيها الجسم الصحافي في البحرين كثيرة ولا يمكن حصرها على عجالة في هذه الزاوية المحدودة الأضلاع، فالجعبة تزخر بهموم وشجون لا يتسع كل الوقت لبثها.

وفيما تحتفل الدول المتقدمة بسقف حريتها اللامحدود، وإحرازها التقدم تلو الآخر على سلم التصنيف العالمي للصحف الأكثر حرية، لاتزال وزارات لدينا تحجم عن إمداد الصحافيين بالمعلومات وتلقي في طريقهم الأشواك، ومن المسئولين من يحكم قبضته على جميع قطاعات وإدارات وزارته منعاً لتسرب أي تصريح لهذه الجهة الصحافية أو تلك، خوفاً من تزعزع مقعده أو ربما إزاحته من منصبه.

أما سطوة بعض إدارات العلاقات العامة والإعلام، فقد بدأت تبرز في كل تعليق أو خبر صحافي، فلا نشر إلا بعد استصراح المعنيين في الإدارة وإلا فالويل والثبور لمن يخالف وخيار القضاء هو الفيصل والحكم، فيما التوجيهات الملكية تؤكد أنه لا حبس لأي صحافي بسبب تعبيره عن رأيه في عهد الشفافية والإصلاح والانفتاح.

ولا غرابة في أن تكون ردود تلك الإدارات دفاعية ولا تحتوي على أية معلومة مفيدة ذات قيمة مضافة يمكن للقارئ الاستفادة منها والبناء عليها، إذ لا يتجاوز أثرها حد التلميع وإضفاء هالة من التنزيه على الجهة التي تمثلها، فهي لا تخطئ بل منتقديها هم المذنبون، وبالتالي تصبح البحرين هي المدينة الفاضلة التي تحدث عنها «أفلاطون»، والتي لا يمكن أن يشوب عمل وزاراتها وشركاتها الخطأ أو الزلل.

والويل والثبور للصحيفة التي تمتنع أو تفكر في تأجيل الرد يوماً أو يومين، فقانون الصحافة واضح وصريح، النشر يجب أن يكون في ذات الموقع والحجم الذي نشر فيه الخبر، وإلا فإن المجلس التشريعي على أهبة الاستعداد لتغليظ العقوبات وتشديدها، حتى وإن تطلب الأمر جرجرة الصحافيين كالمجرمين استناداً إلى قانون العقوبات.

نعيش عصر الفضائيات والتقدم التكنولوجي الذي لم يترك الفرصة لاحتكار المعلومة والزجّ بها خلف القضبان حتى لا تكون متوافرة بين يدي العامة، فيما واقع الممارسة الصحافية على الورق يشهد تراجعاً العام بعد الآخر، كما لو أن المركب يسير إلى الوراء وعقارب الساعة تدور بعكس الاتجاه.

نحتاج إلى إخضاع بعض الأجهزة الإعلامية وإدارات وأقسام العلاقات العامة الرسمية والأهلية، لدورات مكثفة في كيفية التعامل مع الصحافة كسلطة رابعة من صميم عملها مراقبة الأداء وتصويب السلوكيات والممارسات الخاطئة، وأن نصحح المفاهيم المترسخة التي تصور الصحافيين على أنهم جواسيس ومتصيّدون في الماء العكر يجب تجنبهم وصد الأبواب في وجوههم.

وفي الوقت الذي يشيد فيه عاهل البلاد في كلمته بـ «دور الصحافة المحوري في الارتقاء بالأداء الحكومي عبر المتابعة والرقابة والنقد»، تشهد محاكمنا جلسات أبطالها الصحافيون رُفعت ضدهم دعاوى من قبل جهات رسمية لاتزال تتمسك بالعقلية القديمة «إما أن تكون معي وإلا فأنت خصمي»، متجاهلة الإرادة الملكية التي لا تقبل أن يعاقب صحافي بالسجن لممارسته حقه الدستوري في التعبير عن رأيه بمنتهى الحرفية والمسئولية.

أصبحنا نعيش في زمن تشوبه الحساسية المفرطة من الكلمة المكتوبة التي تحسبها بعض الجهات ذات الحساسية المفرطة، قذفاً وتشهيراً ومسّاً بكرامتها وعليائها التي لا تقبل التخلي عنها، في حين أن من دعائم قيام دولة المؤسسات والقانون وجود صحافة حرة نزيهة راصدة لمواطن الزلل والخلل، لا أقلام تميّع الحقائق وتقلب الوقائع لأغراض شخصية ومصالح ذاتية.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2798 - الثلثاء 04 مايو 2010م الموافق 19 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:19 م

      زمن التطور

      نعم, على الرغم من التطور في تقنية الاتصالات, وتعدد قنوات المعرفة الا ان البعض لا يزال يعيش و كانها السبعينات من القرن الاضي. نحن نعيش الان في زمن لايمكن فيه كبت و طمس مصادر المعرفة. الصحفي لايمكن ان يكون اداة في يد السلطه ولو حصل, فانه يفقد مصداقيته و بوجود الشبكة الالكترونية و بتنوع مصادر الاخبار و المعرفة, فان الحقيقة تظهر واضحة مثل الشمس مهما حاولت السلطه طمسها. قد تتمكن في خداع بعض الناس و لكن حتما ليس كل الناس كل الوقت. انهم يخادعون انفسهم و الزمن ات عليهم.

    • زائر 2 | 10:33 ص

      هم المشروع الاصلاحي

      صاحب المقال ما زال يعيش في أوهام
      تحياتي / أبو سيد حسين

    • زائر 1 | 1:21 ص

      صح لسانك

      اذا اراد الكاتب اليوم ان يستمر ويحصل على مزايا وهو فى بداية مشواره فليفعل مثلما فعل بعض الصحفيين الذين باعوا ضمائرهم وراحوا يمجدون ويمجدون فى مناسبة وغير مناسبة حتى فاحت منهم خبائث ضمائرهم وللأسف وهم معروفون على الساحة الصحافية ...فى بعض الصحف حيث لا يرد لهم طلب اليوم ..

اقرأ ايضاً